إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية / انهيار الاتحاد السوفيتي






جمهوريات الاتحاد السوفيتي
جمهورية مولدافيا
جمهورية أوزبكستان
جمهورية أوكرانيا
جمهورية لاتفيا
جمهورية ليتوانيا
جمهورية أرمينيا
جمهورية أستونيا
جمهورية أذربيجان
جمهورية تركمنستان
جمهورية جورجيا
جمهورية روسيا الاتحادية
جمهورية روسيا البيضاء
جمهورية طاجيكستان
جمهورية كازاخستان
جمهورية قيرقيزستان
رابطة الكومنولث الجديد



المبحث الثالث

المبحث الثالث

التحولات الداخلية والخارجية في عهد جورباتشوف

التحولات الداخلية:

وتضم التحولات الاقتصادية والقومية، علاوة على التحولات الاقتصادية، ونوضحها فيما يلي:

       تحمل الاقتصاد السوفيتي العبء الأساسي في توفير الأساس المادي لتنفيذ سياسة الدولة الخارجية وحماية مصالحها، سواء الاقتصادية أم غير الاقتصادية، فكان عليه أن يضمن توفير قاعدة واسعة من الصناعات العسكرية، وتوفير الموارد اللازمة للإنفاق الضخم،علاوة على تقديم المعونتين الاقتصادية والعسكرية للحلفاء القائمين خاصة في العالم الثالث، مع ضرورة أن يسعى نحو تحسين الظروف المعيشية للشعب السوفيتي.ولكي يتمكن الاقتصاد السوفيتي من تنفيذ ذلك، كان عليه أن ينمو بمعدلات متزايدة، وهذا ما لم يحدث، حيث تعرض لتقلص معدلات النمو، مما أثر سلباً، وبصورة واضحة، في قدرته على ضخ المعونة الخارجية لتكون أداة أساسية لتنفيذ السياسة الخارجية، ومن ثم عجز السوفيت عن منافسة الغرب في توفير بديل كاف للمعونة الاقتصادية.

       ومع تزايد حدة الأزمة الاقتصادية، بدأ الاتحاد السوفيتي يعاني نقص الغداء واحتمالات تعرض مناطق من الدولة للمجاعة، كما أدت هذه الأزمة إلى انخفاض الناتج القومي منذ عام 1985 وبشكل متوالٍ وزيادة حجم التضخم الذي وصل في بعض الإحصائيات إلى 9% وبعض المصادر الأخرى إلى 12% خلال عام 1990.

1. البريسترويكا وإعادة البناء الاقتصادي.

       فلسفة البريسترويكا[1] التي انتهجها جورباتشوف، تقوم على إعادة البناء الاقتصادي للدولة بالدرجة الأولى، والانفتاح على الغرب، والسماح للمنتجين بقدر كبير من الحرية في اختيار المستوردين والتعامل معهم مباشرة دون تدخل كبير من الدولة، حيث تأسست مؤسسات مشتركة تهدف إلى توفير رأس المال والخبرة الأجنبية لتغطية الحاجات الاستهلاكية للدولة منها، مع كل من فنلندا، والولايات المتحدة الأمريكية، وبريطانيا، والنمسا، وألمانيا، وسويسرا، وإيطاليا، والهند، ومصر، وعدد من الدول العربية.

       وتهدف البريسترويكا في الأساس إلى الخروج من الأزمة الاقتصادية التي كان يعانيها الاتحاد السوفيتي، وهي دعوة للحوار يناقش فيها جورباتشوف، بجرأة نادرة، وضع المجتمع السوفيتي وما آل إليه بعد سبعين عاماً من التطبيق الاشتراكي، كما أنها دعوة للتعايش السلمي مع الولايات المتحدة الأمريكية بما يجنب العالم الدمار النووي، كما أن البريسترويكا في الواقع محاولة من أجل تصحيح حركة الاشتراكية العالمية والنظام الاشتراكي الذي تفاقم أمره بسبب الانحرافات التي شابت تطبيق النظرية والتي أدت إلى سيادة الحكم السلطوي، والبيروقراطية التي أعاقت الجهاز الحكومي المهيمن، بالإضافة إلى الجمود الذي صاحب فهم النظرية الاشتراكية، مما استوجب تعديل هذا التفكير.

       وجوهر البريسترويكا تلبية المصالح الحيوية للشعب السوفيتي، ونقله إلى حدود جديدة، ورفعه إلى مستوى نوعي جيد، فهي برنامج للعمل السياسي تختلط فيه الممارسة النظرية، وهي دعوة على التقيد الشامل في مختلف جوانب الحياة الاجتماعية، ومن ثم فالبريسترويكا ذات جوانب ثلاثة هي: "حتمية التعاون الدولي، وضرورة السعي إلى تحقيق الكفاءة الاقتصادية، والعمل على إضفاء مزيد من الديموقراطية".

       كما حدد جورباتشوف في كتابه متطلبات البريسترويكا في الآتي:

أ. مطالب تتعلق بمحتوى القوانين التشريعية ذاتها، حيث يرى أهمية أن يحمى القانون، وبحزم، مصالح المجتمع، ويحرم ما قد يضر بالمصالح القومية، وتعزيز دور المحاكم بصفتها هيئة قضائية وثيقة الصلة بالسكان، مع توفير الضمانات لاستقلال القضاء.

ب. الاهتمام بمشكلات الشباب ووضع رأيهم في الاعتبار، واشتراك المرأة بنشاط أكثر فاعلية في إدارة الاقتصاد وفي التطور الثقافي والحياة العامة.

ج. تتطلب البريسترويكا كفاءة، ونزعة مهنية عالية، ومعرفة دقيقة لمجالات الإنتاج والعلم والتكنولوجيا، وتنظيم العمل، ووضع أسس لقواعد الحوافز ولأساليب الإدارة.

2. البريسترويكا وبداية التفكك الداخلي:

       كانت سياسة ميخائيل جورباتشوف ـ على الصعيد الداخلي ـ تعني نظرياً تحديداً دقيقاً لجوانب الحياة السوفيتية كافة؛ لإعطاء الاشتراكية أكثر الأشكال تقدمية في التنظيم الاجتماعي، ومن ثم جاءت إعادة البناء ضرورة ملحة من أجل إنقاذ الاتحاد السوفيتي من أزماته السياسية والاقتصادية والاجتماعية الخطيرة التي عانتها البلاد وأدّت إلى الركود في مطلع الثمانينات، وقد أدى طرح جورباتشوف لبرنامج التغير وإعادة البناء، إلى اتجاه الشعوب السوفيتية ذات الأعراق المختلفة للتعبير عن مطالبهم الخاصة بضرورة التراجع عن الآثار المترتبة على سياسات جوزيف ستالين في مرحلة ما قبل الحرب العالمية الثانية وأثناءها وبعدها[2].

       ومن هنا يمكن القول أن بريسترويكا جورباتشوف كانت تمثل رياحاً عاتية أزالت الرماد وأظهرت جمرات النار التي تكمن تحت السطح، فاشتعلت عديد من بؤر التوتر في الآتي:

أ . جمهوريات البلطيق:

       تضم منطقة البلطيق ثلاث جمهوريات هي أستونيا، ولاتفيا، وليتوانيا، وتبلغ مساحتها نحو 175 ألف كم2 أي أقل من 1% من مساحة الاتحاد السوفيتي، ويبلغ عدد سكانها نحو ثمانية ملايين نسمة تمثل أقل من 3 % من سكان الاتحاد، وكانت هذه الجمهوريات مستقلة خلال فترة ما بين الحربين العالميتين، إلى أن أقدم الاتحاد السوفيتي على ضمها عام 1940، أثناء الحرب العالمية الثانية بموجب اتفاق سري بين ستالين وهتلر في 22 أغسطس 1939. واستمرت جمهوريات اتحادية سوفيتية دون مشكلات خطيرة؛ نظراً لبطش ستالين وخلفائه في التعامل مع أية حركة انفصالية أو حتى معارضة. وما أن جاء جورباتشوف وطرح برنامجه الذي تعهد فيه بعدم استخدام القمع في التعامل مع مطالب الشعوب، حتى بدأت هذه الجمهوريات في المطالبة بالانفصال عن الاتحاد السوفيتي، والعودة إلى الوضع الذي كان سائداً قبل الضم عام 1940. وبدأت المطالب الانفصالية، بتشكيل جماعات واتحادات وحركات، تطالب بالانفصال عن الاتحاد السوفيتي على أساس أن ضم هذه الجمهوريات للاتحاد جاء قسراً ودون استفتاء شعوبها، بدأت قيادات هذه الجمهوريات في التجاوب مع المطالب الشعبية، وابتداءً من عام 1988، أخذت برلمانات هذه الجمهوريات في إصدار إعلانات السيادة على أراضيها، والحق في الاعتراض على أي قانون يصدر في الاتحاد السوفيتي.

       وبعد ذلك اتجهت جمهوريات البلطيق لاتخاذ إجراءات عملية لتأكيد استقلالها، فأصدر برلمان لتوانيا إعلاناً بالاستقلال عن الاتحاد السوفيتي في 11 مارس 1990، ثم أصدر برلماناً إستونيا ولاتفيا القرار نفسه في 19 مايو 1990، واتجه قادة الجمهوريات الثلاث إلى تنسيق تحركاتهم، فأعلنوا في 11 مايو 1990، قيام تعاون اقتصادي وثيق فيما بينهم؛ تمهيداً لإنشاء سوق مشتركة بين الجمهوريات الثلاث عام 1993، ووقع رؤساء الجمهوريات الثلاث اتفاقاً يقضي بتشكيل جبهة واحدة تهدف إلى التغلب على مقاومة موسكو لمساعيهم في الاستقلال، وإحياء التحالف السياسي الذي كان قائماً فيما بينهم في إطار مجلس البلطيق الذي تأسس عام 1934، عندما كانت الجمهوريات مستقلة.

       اتسم نهج السلطات المركزية في موسكو، بالدعوة إلى الحوار وإجراء استفتاء حول الانفصال كما ينص القانون السوفيتي. وعندما أصرت لتوانيا على المضي قدما في تحقيق الاستقلال التام، اتجهت موسكو إلى فرض عقوبات اقتصادية لإجبارها على التراجع عن قرارها، وأكد جورباتشوف استحالة اللجوء إلى القوة للتعامل مع المطالب الانفصالية، ونجحت الضغوط الاقتصادية، مع حد أدنى من استخدام القوة في تحجيم الاندفاع نحو الاستقلال، حيث أعلنت لتوانيا تجميد قرار الاستقلال انتظاراً لما ستسفر عنه المفاوضات مع الكرملين. وفي عام 1991 اتجهت جمهوريات البلطيق إلى إجراء استفتاء عام حول الاستقلال، فأيد ذلك 90% من سكان لتوانيا في الاستفتاء الذي جرى في فبراير 1991، كما أيده 79% من سكان إستونيا و77% من سكان لاتفيا في الاستفتاء الذي جرى بالجمهوريتين في 3 مارس 1991 حول مستقبل الاتحاد، واستغلت جمهوريات البلطيق الانقلاب الفاشل ضد جورباتشوف في 19 أغسطس 1991، لتؤكد موقفها المطالب بالاستقلال، حيث رفضت الجمهوريات الثلاث الاعتراف بلجنة الطوارئ التي نفذت الانقلاب. وفي 25 أغسطس وبعد فشل الانقلاب أقر جورباتشوف بحق الجمهوريات الثلاث في الانفصال عن الاتحاد السوفيتي وهو ما تم الاعتراف به رسمياً في سبتمبر 1991، وبذلك أصبحت جمهوريات البلطيق الثلاث جمهوريات مستقلة وتقلص عدد الجمهوريات الاتحادية السوفيتية إلى اثنتي عشرة جمهورية.

ب. جمهوريات آسيا الوسطى

       تعاني جمهوريات آسيا الوسطى الخمس: كازاخستان، وقيرقيزستان، وأوزبكستان، وطاجكستان، وتركمانستان، تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية بالمقارنة بباقي جمهوريات الاتحاد السوفيتي، وعلى الرغم من ذلك،كانت هذه الجمهوريات من أبرز الجمهوريات الاتحادية المطالبة باستمرار الاتحاد السوفيتي دولة فيدرالية، ووضح ذلك في تصويت أكثر من 90% من ناخبي هذه الجمهوريات لصالح بقاء الاتحاد، وذلك في الاستفتاء العام الذي جري في 17 مارس 1991، وشاركت الجمهوريات الخمس بالإضافة إلى أذربيجان في صياغة المعاهدة الاتحادية التي دعا إليها جورباتشوف والتي كان مزمعاً توقيعها في 20 أغسطس أي قبيل الانقلاب بيوم واحد. وفي أعقاب فشل الانقلاب أعلنت ثلاث جمهوريات من هذه الجمهوريات استقلالها عن الاتحاد السوفيتي وهي: أوزبكستان، وأذربيجان، وقيرقيزستان، والواقع أن هذه الإعلانات جاءت في محاولة للتجاوب مع التحولات الجارية وبهدف تغيير صيغة الاتحاد، وليس الخروج الفعلي والاستقلال عن الاتحاد السوفيتي، وهو ما أكده رئيس أوزبكستان إسلام كريموف بقوله: "إن قرار الاستقلال لا يعني أن أوزبكستان ترفض بصورة نهائية التوقيع على معاهدة اتحادية جديدة مع جورباتشوف، وإنما لابد من تحويل الاتحاد السوفيتي إلى كونفدرالية". كما أن هذه الجمهوريات أعربت عن تخوفها من تزايد نفوذ روسيا الاتحادية وإعادة بروز الروح القيصرية من جديد، بعد تهديد الرئيس الروسي بوريس يلتسين بإعادة رسم الحدود مع الجمهوريات التي ستخرج من الاتحاد. وقد عبر عن هذه المخاوف رئيس أوزبكستان بقوله: "إن الدور المميز لروسيا في قمع الانقلاب لا يعطيها الحق في أن تمنح نفسها دوراً قيادياً في الاتحاد وتجعلها فوق باقي الجمهوريات". (انظر جدول الجمهوريات الإسلامية في الاتحاد السوفيتي)

ج. الجمهوريات السلافية الثلاث:

       بعد انقلاب أغسطس 1991، اتفق قادة الجمهوريات السلافية الثلاث: روسيا الاتحادية، وروسيا البيضاء، وأوكرانيا على تشكيل كومنولث جديد فيما بينها بالإضافة، إلى كازاخستان[3]، وكان الهدف من هذا الكومنولث إجراء إصلاحات سياسية واقتصادية جذرية وتعزيز الأمن والسلام في العالم، وعلى الرغم أن هذا الكومنولث كان مفتوحاً أمام باقي الجمهوريات، إلا أنهم أعلنوا أنه مرهون بإرادة الجمهوريات الثلاث المؤسسة له، مع ضم كازاخستان دون شروط مسبقة.

د. كازاخستان:

       بدأت سلسلة من التمردات الاجتماعية والمظاهرات من قبل العناصر الكازاخية في مدينة الماتا عاصمة الجمهورية، وذلك منذ 16 ديسمبر 1986، وهو التاريخ الذي تعرض فيه حسين محمد كانييف، سكرتير عام الحزب الشيوعي السوفيتي إلى الانتقاد الشديد من قبل الجلسة المكتملة للجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفيتي وتمت إقالته. وقد جاءت هذه المظاهرات متأثرة بعاملين: الأول هو أن المتظاهرين كانوا متذمرين من تعيين سكرتير عام جديد من غير قوميتهم. وهو ما انعكس في عبارات أطلقها المتظاهرون مثل؛ كازاخستان للكازاخ، كما انعكس ذلك كذلك في اعتداء الكازاخ على غير الكازاخستانيين، والثاني أن المتظاهرين عبروا عن استيائهم لاستغلال جمهوريتهم في تزويد بقية دول الاتحاد بحاجاتها من السلع دون مراعاة للحاجات الفعلية للكازاخ أنفسهم.

هـ. أرمينيا:

       تعود الاضطرابات التي شهدتها أرمينيا إلى يوم 18 أكتوبر 1987، عندما طالب حوالي ألف متظاهر أرميني في مدينة بريفان عاصمة جمهورية أرمينيا، بإعادة منطقتي تاخيشفان وناجورنو كاراباخ إلى جمهورية أرمينيا[4]، بعد أن تم ضمهما إدارياً إلى جمهورية أذربيجان السوفيتية الإسلامية عام 1923، وقد انتهت المظاهرة بمصادمة مع رجال الشرطة. ولم يكن الاحتواء الأمني إلا أسلوباً وقائياً مؤقتاً، إذ سرعان ما اندلعت المظاهرات والمصادمات مرة أخرى بين الأرمن والأذربيجانيين من جهة، وبينهما وقوات الأمن من جهة أخرى، وهو ما دلّ على غليان القوميات داخل الاتحاد السوفيتي.

و. التتار:

       بدأت جماعات من التتار السوفيت اعتباراً من 25 يوليه 1987 بالتظاهر في قلب العاصمة موسكو، وتمثلت مطالبهم في الإعلان الفوري عن تشكيل جمهورية القرم ذات الحكم الذاتي، حيث كان التتار يقيمون لفترات زمنية طويلة في شبه جزيرة القرم حتى عام 1944، عندما أمر ستالين بترحيلهم عن وطنهم الأصلي وتفريقهم في جهات مختلفة، حيث نقلوا إلى آسيا الوسطى وسيبيريا، ثم ألحقت منطقتهم بجمهورية أوكرانيا السوفيتية عام 1954، وقد أسهم ذلك في تعميق الكراهية بين التتار والروس. واستغل التتار إطار العلنية الذي أتاحته تجربة إعادة البناء، فنظموا عدداً من المظاهرات في موسكو بهدف العودة إلى موطنهم الأصلي.

3. سياسة الجلاسنوست:

       كان يوري أندروبوف[5] هو أول من فجر ثورة الجلاسنوست في خطابه عن الأبعاد والأخطار لمأزق الاقتصاد والمجتمع في الاتحاد السوفيتي، وشدد على ضرورة التغيير وضرب الفساد وتشديد الانضباط والرقابة، وكذلك حماية ملكية الدولة، وتحسين التخطيط، وزيادة الحوافز، من خلال تقوية الدولة الشمولية المركزية مع رفضه الحازم لتقويض النظام القديم. إلا أن منهج أندروبوف لمواجهة مأزق التحديث والأمن بدا غير قادر على تحقيق أهدافه، حيث لم يتمكن من تجاوز الأزمة الداخلية الشاملة للنظام الاشتراكي السوفيتي.

4. المسألة القومية في الاتحاد السوفيتي:

       في تقرير للجنة المركزية يوم 21 ديسمبر 1982، ردد أندروبوف ما وصف به لينين الإمبراطورية الروسية القيصرية، من منظور المسألة القومية، بأنها كانت سجن الشعوب، وفي التقرير ذاته زعم أنه منذ ستين عاماً مضت اتحدت شعوبنا طواعية، وردد مقولة: "الشعب السوفيتي" بوصفه جماعة إنسانية جديدة، كما زعم أنه لأول مرة في التاريخ انقلب تعدد القوميات في البلاد من مصدر ضعف إلى مصدر قوة وازدهار، ولكنه اعترف بأن النجاحات التي أحرزت في حل المسألة القومية لا تعني زوال كل المشكلات التي تنشأ من واقع حياة وعمل أمم وأقوام كثيرة في إطار دولة واحدة، حيث تستمر الفروق القومية لفترات تزيد على الفروق الطبقية، كما اعترف كذلك بالظواهر السلبية للغطرسة القومية وأوهام التفرد واتجاهات عدم احترام الأمم والشعوب الأخرى.

       كما أكد يوري أندروبوف على أهمية اللغة الروسية التي دخلت حياة الملايين من الأفراد على اختلاف قومياتهم وحققت التقارب بينهم. ولاشك أن العلاقات القومية في الاتحاد السوفيتي قد شهدت طفرة كبيرة، إلا أن الفروق في مستويات المعيشة والثروة قد بقيت تميز روسيا عن غيرها من الجمهوريات.

       ورغم ذلك فإن الشمولية الستالينية قد وضعت جميع الشعوب، بما فيها الشعب الروسي، في سجن واحد، ويُفسر ذلك النزعة الاستقلالية لدى الشعب الروسي في مواجهة هذا النظام الشمولي. (انظر جدول توزيع السكان والإنتاج والثروة بين جمهوريات الاتحاد السوفيتي)

5. التعددية الحزبية:

       حتى النصف الأول من مارس 1991، أصبح هناك أكثر من أحد عشر ألفاً من الأحزاب والمنظمات السياسية الجديدة على الساحة السوفيتية، إضافة إلى ثلاثين ألف جمعية وهيئة ثقافية وعمالية وإنسانية واجتماعية، ذات نشاط يتصل، بطريقة أو بأخرى، بالعمل السياسي وصراعاته.

       ومع الدعوة إلى البريسترويكا، نشأ العديد من التيارات، منها ما دعا إليه جورباتشوف من إصلاح شامل اقتصادياً وسياسياً بالتدرج من خلال تنمية الوعي الجماهيري والديموقراطي، ومنها ما يطالب بتطوير الحزب الشيوعي دون إضعافه، أما التيار الثالث فيطالب بالاعتراف بإخفاق الماركسية اللينينية الستالينية وإسقاط التيار الاشتراكي والتحول إلى الرأسمالية العصرية.


 



[1]  'قامت البريسترويكا على أسس هامة منها: * الديموقراطية: حيث تقوم على الاعتراف بتعدد المصالح في المجتمع الاشتراكي الواحد وبالتالي تتعدد المصالح والآراء والمواقف. * المصارحة والمكاشفة ` الجلاسنوست`: لإظهار الحقائق والأخطاء وتوجيه النقد البناء. * المركزية الديموقراطية، وهي من أهم الأسس التي يعتمد عليها النظام الاشتراكي لتنظيم المجتمع، وتوضيح رأي الأغلبية الذي ينقل إلى مستوى القمة لاتخاذ القرار. * استقلال المنظمات الجماهيرية حيث تتبع للحزب الشيوعي مباشرة ويقتصر دورها على رفع الكفاية الإنتاجية. * التعايش السلمي: بحشد كل الإمكانيات والموارد البشرية نحو الإصلاح الداخلي، وهو ما يتطلب العمل على إرساء مناخ دولي هادئ

[2]  كان جوزيف ستالين قد اتخذ عدة سياسات أدت إلى حدوث اختلاط وتداخل بين القوميات المختلفة دون انصهارها، إذ حافظت كل قومية على تميزها وذاتيتها، كما أدى الضم القسري لبعض الجمهوريات الصغيرة ذات القوميات والأعراق المختلفة إلى تفاقم مشكلة القوميات في الاتحاد السوفيتي، ومن هنا بدأت تبرز المطالب القومية سواء بالانفصال عن الاتحاد السوفيتي مثل جمهوريات البلطيق، أو المساواة الاقتصادية والاجتماعية مثل جمهوريات آسيا الوسطى الإسلامية، أو العودة الإقليمية للوطن الأم مثل إقليم ناجورنو كاراباخ، أو العودة الديموجرافية للوطن الأم مثل التتار والأتراك.

[3]  سبب الرغبة في انضمام كازاخستان لهذا الاتحاد هو وجود أقلية روسية كبيرة تقدر بنحو 40% من عدد السكان، علاوة على وجود أسلحة نووية على أراضيها.

[4]  تصل نسبة الأرمن في منطقة تاخيشفان إلى 50% من السكان بعد أن كانت تصل إلى 90% عام 1924، وتصل نسبتهم في إقليم ناجورنو كاراباخ إلى 80% من السكان.

[5]  عُيِّن يوري أندروبوف أميناً عاماً للحزب الشيوعي خلفاً لبريجينيف وقد فاجأ هذا التعيين كل الاحتمالات، إذ كان من المتوقع أن يتولى قسطنطين تشيرنينكو هذا المنصب لأنه العضو الأكثر وزناً في الحزب.

[6]  تلخصت معارضة المحافظين في الآتي: * معارضة اتفاقية الحد من الأسلحة الإستراتيجية ` ستارت`. * معارضة أسلوب جورباتشوف للحصول على الدعم والمساعدات الاقتصادية أثناء انعقاد مؤتمر قمة الدول الصناعية السبع بباريس في 17 يوليه 1991، وما تضمنه البيان بشكل غير مباشر، شروط لتقديم المساعدات وهي ` انسحاب الاتحاد السوفيتي من جزر الكوريل اليابانية الأصل - تغيير بنية الاتحاد السوفيتي بحيث يصبح اتحاداً جديداً قائماً على التآخي وليس على الإكراه` . * تدهور الوضع الاقتصادي للبلاد بعد ظهور البريستوريكا وأنه كان من المفروض أن نسبق الإصلاحات الاقتصادية الإصلاحات الأخرى. * أن الخطوات السريعة التي أقدم عليها جورباتشوف سوف تؤدي في النهاية إلى تحول الاتحاد السوفيتي إلى دولة ليبرالية على النمط الغربي، كما أنها سوف تؤدي إلى تفكك الاتحاد إذا تم التوقيع على المعاهدة، الجديدة.

[7]  ضمت هذه اللجنة كلا من` جينادى يانايف نائب الرئيس، وفالنتين بافلوف رئيس الوزراء، ويوريس ياجوف وزير الداخلية، وديمتري يازوف وزير الدفاع، وفلاديمير كريتشيكوف رئيس جهاز المخابرات، وأوليج ياكلانوف مسؤول الصناعات العسكرية، وإلكسندر بترياكوف رئيس اتحاد مشروعات الدولة، وستادو بتشيف رئيس اتحاد المزارعين.

[8]  إعلان الحزب الشيوعي المجري، تصفية نفسه وتشكيل حزب جديد بدلاً منه يكون حزباً اشتراكياً قائماً على الديموقراطية النيابية والحريات المدنية والاقتصاد القائم على أساس السوق.'

[9]  يتكون هذا المجلس من مندوبين لعدد 73 حزب وممثلين لمختلف طوائف الشعب.