إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية / انهيار الاتحاد السوفيتي






جمهوريات الاتحاد السوفيتي
جمهورية مولدافيا
جمهورية أوزبكستان
جمهورية أوكرانيا
جمهورية لاتفيا
جمهورية ليتوانيا
جمهورية أرمينيا
جمهورية أستونيا
جمهورية أذربيجان
جمهورية تركمنستان
جمهورية جورجيا
جمهورية روسيا الاتحادية
جمهورية روسيا البيضاء
جمهورية طاجيكستان
جمهورية كازاخستان
جمهورية قيرقيزستان
رابطة الكومنولث الجديد



المبحث الثامن

المبحث الثامن

انعكاسات الانهيار على طرفي الصراع العربي ـ الإسرائيلي

أولاً: الانعكاسات على الطرف العربي:

الآثار السياسية:

       في ظل السياسة العالمية الجديدة لإدارة الرئيس ميخائيل جورباتشوف، تغيرت مواقفه تجاه الصراعات الإقليمية في الشرق الأوسط، كما كان لإجراءات إنهاء الحرب الباردة تأثيرات مهمة على اتجاهات تسوية تلك الصراعات، فنرى أن الاتحاد السوفيتي قد استخدام نزعة الانسحاب، وفض الاشتباك، والتعاون، كما حدث في قضايا أفغانستان والصراع العربي الإسرائيلي وحرب تحرير الكويت.

       وبينما ساعد إنهاء الاستقطاب بين القوتين العظميين على تمهيد الطريق لتسوية الصراع العربي الإسرائيلي بدءاً من مؤتمر مدريد للسلام في أكتوبر 1991، فقد أدى تبدل السياسة الخارجية السوفيتية لخلق عقبات جديدة أمام هذه التسوية، خاصة موضوع تهجير اليهود السوفيت إلى إسرائيل. كما بدأ الاتحاد السوفيتي في التخلي عن دعم النظم الحليفة له في الشرق الأوسط والقرن الإفريقي، الذي انعكست نتائجه في تأثير الولايات المتحدة الأمريكية في مصائر هذه الأنظمة، فسقط نظام الرئيس نجيب الله في أفغانستان ونظام الرئيس منجستو في إثيوبيا.

1.الآثار السلبية للانهيار:

       أدى تفكك الاتحاد السوفيتي إلى تدهور مكانة الدول العربية، وتراجع أهمية قضاياها وضعف تأثيرها في المتغيرات الدولية، وإلى انفراد الولايات المتحدة الأمريكية بالحل، وفي هذا الإطار كانت الحملة الأمريكية لتدمير الأسلحة النووية والكيميائية والبيولوجية العراقية، وتحرش الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا بليبيا، بالإضافة إلى منع توريد السلاح إلى سورية.

       وقد كان من أهم تأثيرات التوازن الدولي، هو تأييد الدول الاشتراكية لقضايا العالم الثالث سواء في مجلس الأمن أو في الجمعية العامة للأمم المتحدة، أما مع الانهيار السوفيتي فقد تحول التوازن الدولي نحو الاختلال الشديد. وتحولت معادلة الأمم المتحدة تجاه الهيمنة الأمريكية التي انفردت قطباً وحيداً في العالم وأصبح من الميسور للولايات المتحدة الأمريكية أن تستصدر ما تشاء من قرارات سواء من مجلس الأمن، أو الجمعية العامة للأمم المتحدة، وعلى السبيل المثال إلغاء القرار الرقم 379 من مجلس الأمن الذي يطالب ليبيا بالإذعان لمطالب الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا بتسليم المتهمين الليبيين في حادث سقوط الطائرة الأمريكية في نهاية عام 1991[1]. وتتابعت بعد ذلك العديد من القرارات المجحفة بالحقوق العربية.

       وعلى المستوى الاقتصادي، فإنه عشية انهيار الاتحاد السوفيتي، احتدم الجدل في وسائل الإعلام السوفيتية حول العلاقات الاقتصادية السوفيتية مع الدول النامية، وطالب البعض بتصفية هذه العلاقات، رغم أنها كانت عبئاً ثقيلاً على موازنة الدولة وميزان المدفوعات للاتحاد السوفيتي إلى دول المنطقة خاصة الدولة الأفريقية حيث تراجعت إلى 40%. وبعد التفكك وفي 28 يناير 1992، أعلن وزير خارجية روسيا أندريه كوزيريف ـ خلال كلمته الافتتاحية في اجتماع موسكو للمفاوضات متعددة الأطراف ـ : أن مصلحة روسيا الوحيدة في منطقة الشرق الأوسط ذات طبيعة اقتصادية، وأن روسيا لم تعد تصنف دول المنطقة على أساس دول صديقة ودول معادية، ولكنها جميعاً دول متساوية، وهذا يُعدّ تغيراً جذرياً في إستراتيجية الاتحاد السوفيتي السابق عبرت عنه الإستراتيجية الروسية الجديدة، وهو ما يُعدُّ انحساراً للدور الروسي خارج الحدود.

       وقد أدى انهيار الاتحاد السوفيتي كذلك إلى إعلان روسيا استمرارها في سياسة فتح أبواب هجرة اليهود الروس إلى إسرائيل، رغم المعارضة العربية الرسمية والشعبية لهذه الهجرة والتي رآها البعض جريمة العصر ولا ينبغي تجاهل الآثار المرتبة على إضعاف النظام الشمولي وتنامي النفوذ الصهيوني، وتفاقم الأزمة الاقتصادية في روسيا، بيد أن الأهم هو تغير أولويات السياسة الروسية، وتراجع مكانة الأصدقاء العرب، وبالتالي تراجع الدعم للحقوق العربية وزيادة التشدد الإسرائيلي.

2. الآثار الإيجابية للانهيار:

       على الرغم من التأثيرات السلبية السابقة، إلا أن هناك بعض التأثيرات الإيجابية نذكر منها.

أ.     كان لنظام الاستقطاب الدولي الثنائي آثار سلبية على القضايا العربية، فما يوافق عليه الاتحاد السوفيتي ترفضه الولايات المتحدة الأمريكية والعكس صحيح، ومن ثم أدّى التوازن الإستراتيجي السابق إلى استقطاب عدد كبير من القضايا بين الدولتين، وإلى تعطيل حل تلك القضايا.

ب.   إمكان إيجاد حل لمشكلات الصراع العربي الإسرائيلي، مع تفرد الولايات المتحدة الأمريكية في النظام العالمي وقدرتها على التحرك بحرية.

التحول في القيمة الإستراتيجية السياسية للدول العربية:

       للوقوف على طبيعة التحول الإستراتيجي في الشرق الأوسط عقب انتهاء الحرب الباردة، يقتضي في الأساس التركيز على محورين رئيسين:

أولهما رأسي: يتعلق بالتحول في قيمة الشرق الأوسط ومكانته في الإستراتيجية العالمية، ومن خلال هذا المحور تم تصنيف دول المنطقة إلى ثلاث مجموعات وفقا لمعيار الأهمية الإستراتيجية كالآتي:

1.   دول مالكة للمواد الأولية الإستراتيجية، ولا سيما دول الخليج العربية، حيث يوفر النفط أهمية إستراتيجية لهذه الدول.

2.   دول ذات قدرة على تقديم الخدمات الإستراتيجية، وتتمثل أساساً في كل من إسرائيل وتركيا ومصر، وتمتلك هذه الدول نفوذاً وقدرة تتيح لها التأثير في مجريات الأمور في المنطقة.

3.   دول ذات قيمة سلبية، ويغلب على علاقاتها طابع الصراع مع الغرب.

       وإذا قوّمنا إسرائيل في هذا المحور، نجد أنه بالرغم من انهيار الاتحاد السوفيتي، وانتهاء نقطة وثوب إسرائيل تجاه الولايات المتحدة الأمريكية بالمحافظة على مصالحها بالمنطقة من خلال مواجهة التدخل السوفيتي وتحجيمه، إلا أن إسرائيل زادت من حجم علاقاتها مع الولايات المتحدة الأمريكية وتطورت بشكل كبير بما أتاح لها الحصول على التكنولوجيا المتقدمة في كافة المجالات.

ثانيها محور أفقي: ويتعلق بالتحول في موازين القوة الإقليمية القائمة في مرحلة ما بعد الحرب الباردة: فالملاحظة الرئيسة في هذا الصدد هي: أن انتهاء الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفيتي، قد عمَّقاً من الخلل في الميزان الإستراتيجي لصالح إسرائيل وتركيا وإيران، على حساب الدول العربية، ومن الممكن الوقوف على هذه النتيجة من خلال تعرف النتائج المباشرة التي ترتبت على انتهاء الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفيتي وتتمثل في:

1.   اختفاء الحليف الإستراتيجي، وانعدام هامش المناورة الإستراتيجية أمام العديد من الدول العربية التي كانت تعدّ الاتحاد السوفيتي القديم حليفاً إستراتيجياً، وإتاحة الفرصة لامتلاك الغرب قدرة متعاظمة للتحكم في الموازين الإستراتيجية والعسكرية بالمنطقة.

2.   الانفراد الأمريكي بالهيمنة، وفرض القيود على ضبط التسلح لدول المنطقة، والتحكم في حركة تدفق الأسلحة وفي ضبط الصراعات الإقليمية.

3.   توطيد التعاون الإستراتيجي الأمريكي الإسرائيلي، حيث امتد إلى أنظمة التسليح الكبرى وفى مجال صناعة الفضاء والمعلومات والنظام الكوني المضاد للصواريخ الباليستية.

4.   إطلاق حرية الحركة أمام دول الجوار الجغرافي تركيا، وإيران، حيث تسببت تداعيات انتهاء الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفيتي وحرب الخليج، إلى تعميق حالة الفراغ الإستراتيجي القائمة بمنطقة الخليج وآسيا الوسطى.

       ولا شك أن المتغيرات السابقة قد عملت على إضعاف الموقف العربي في الميزان الإستراتيجي بمنطقة الشرق الأوسط، الأمر الذي أضعف من المكانة النسبية للدول العربية في منظومة التفاعلات الإقليمية بالمنطقة، وجعلها أكثر قابلية للابتزاز في تعاملها مع كل من إسرائيل وتركيا وإيران، خاصة فيما يتعلق بقضايا مهمة بالنسبة للعالم العربي مثل؛ الصراع العربي الإسرائيلي، والتعاون الإقليمي في المجالات الاقتصادية والأمنية والمائية، هذا بالإضافة إلى تزايد علاقات التعاون بين تركيا وإسرائيل في العديد من المجالات، وهو ما يُعد تهديداً للدول العربية المجاورة لتركيا العراق وسورية.

الآثار العسكرية:

       بانتهاء الحرب الباردة، واختفاء حلف وارسو، وتوحيد ألمانيا، وبدء انسحاب القوات العسكرية من دول أوروبا الشرقية، وانفصال هذه الدول عن الإستراتيجية العسكرية السوفيتية، بدأ الاتحاد السوفيتي في إعادة تقويم إستراتيجيته العسكرية وأعلن تبنيه لمفهوم عسكري جديد أطلق عليه اسم "الكفاية العسكرية المعقولة". وفسر العسكريون السوفيت هذا المفهوم على أنه "الحالة العسكرية التي تحقق قدرات دفاعية للدولة".

       واستناداً إلى هذا المفهوم بدأ الاتحاد السوفيتي في اتخاذ مجموعة من الإجراءات التي تؤثر في دوره العسكري خارج حدوده والتي تتمثل في:

1.   خفض القوات العاملة بحوالي 0.5 – 0.75 مليون مقاتل، مع خفض الميزانية العسكرية وميزانية البحوث والتطوير.

2.   إغلاق بعض المصانع العسكرية، وتحويل البعض الآخر إلى صناعات مدنية.

3.   البدء في تحرير الاقتصاد العسكري والسماح للمصانع المنتجة للأسلحة التقليدية بعقد صفقاتها في إطار آليات السوق.

       وبانهيار الاتحاد السوفيتي وظهور روسيا الاتحادية وريثاً شرعياً له، ومع البقاء الحالي لقوات مسلحة موحدة وبقيادة واحدة، أعلنت روسيا استمرار تبنيها للمفهوم الدفاعي الكفاية العسكرية المقبولة. ومع انتهاج هذه السياسة، وخفض الإنفاق على التسلح، بدأت تتضح سياسته في إيقاف الدعم العسكري عن الدول التي كان يساعدها سابقاً[2]، وقد أدى ذلك، بطبيعة الحال، نتيجة اعتماد العديد من دول المنطقة على التسلح السوفيتي، إلى حدوث خلل إستراتيجي كبير في ميزان القوى بين العرب وإسرائيل، بل بدأت اهتماماته تتجه بعيداً عن مشكلة الصراع العربي الإسرائيلي.

       ونتيجة لما سبق، بدأت جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق (دول رابطة الكومنولث الجديد) تتخذ مجموعة من الإجراءات، التي أدت إلى التأثير المباشر في الجانب العربي ومنها على سبيل المثال:

1. تأثر الصناعات العسكرية لبعض دول المنطقة التي استندت في الماضي إلى التكنولوجيا العسكرية السوفيتية.

2. انخفاض الدعم العسكري بصفة عامة لدول المنطقة، خاصة الدول العربية التي كانت لها علاقات سابقة معها.

3. لجوء بعض الدول العربية للحصول على السلاح من الولايات المتحدة الأمريكية، أو من دول أوروبا الغربية، وهذا أدى إلى وضعها في دائرة الاستقطاب، حيث فرضت الدول المصدرة للسلاح عدداً من القيود على الدول المتلقية له مثل: نوعية التكنولوجيا، وتوقيتات الإمداد، والصيانة، وقطع الغيار، وحجم الذخائر، والأسعار.. الخ.

ثانياً: انعكاسات الانهيار على إسرائيل:

الآثار السياسية:

       مع تولى ميخائيل جورباتشوف السلطة بالاتحاد السوفيتي في مارس 1985، بدأت تبرز على السطح تغييرات واضحة في السياسة الخارجية السوفيتية، ومنها إعادة النظر في طبيعة التعامل مع دول المنطقة وصراعها الإقليمي، وكيفية مواجهتها، واتخذ تطور العلاقات بين الاتحاد السوفيتي وإسرائيل مساراً جديداً اتسم في البداية بالسرية ولفترة حوالي أربع سنوات، ثم بدأ في أغسطس 1989 يأخذ الشكل العلني كالآتي:

1.   في 11 سبتمبر 1985، قام رئيس المؤتمر الصهيوني العالمي أدجار برونجمان بزيارة سرية إلى الاتحاد السوفيتي، مطالباً فيها بإعادة العلاقة الرسمية مع الاتحاد السوفيتي ثم الدول الشرقية، مع المطالبة بفتح باب الهجرة لليهود السوفيت إلى إسرائيل، وإيقاف كافة أنواع المساندة لمنظمة التحرير الفلسطينية، كما طالب بضرورة مشاركة الاتحاد السوفيتي في أي مؤتمر دولي للسلام.

2.   في أغسطس 1989، انعقد مؤتمر اتحاد الصهاينة، الذي تكون حديثاً بالاتحاد السوفيتي، والذي كان يعدّ أول نشاط صهيوني على أرض الاتحاد السوفيتي، حيث كان ينظر سابقاً للصهيونية على أنها حركة عنصرية، وانتهى المؤتمر باتخاذ القرارات التالية:

أ.       تأسيس حزب سياسي صهيوني في الاتحاد السوفيتي.

ب.     تشكيل جهاز دعائي إعلامي يقوم ببث أفكار الحزب الجديد داخل المجتمع السوفيتي.

ج.     إنشاء مركز دعائي سياسي ثقافي في موسكو لنشر الفكر الإيديولوجي للصهيونية العالمية.

د.      تشكيل مجموعات الدفاع اليهودية للاعتداء على المواطنين السوفيت المعادين للصهيونية والسامية.

هـ.   تأسيس وكالات للدعاية ونوادي للهجرة، وترتيب الدعوات من إسرائيل وإليها.

و.      السعي نحو إبطال قرار الأمم المتحدة الذي يساوى بين الصهيونية والعنصرية.

3.   في30 أكتوبر 1991، وبداية انعقاد مؤتمر مدريد، صدر بيان مشترك في كل من موسكو وتل أبيب بإعادة العلاقات الدبلوماسية، وكان ذلك بداية التطور الإيجابي في حجم العلاقات السوفيتية ـ الإسرائيلية وطبيعتها في مقابل تراجع سوفيتي نحو تأييد قضية الصراع العربي ـ الإسرائيلي ودعمها. وقبيل الإعلان عن انهيار الاتحاد السوفيتي رسمياً بعدة أيام، سلم السفير السوفيتي أوراق اعتماده إلى الرئيس حاييم هيرتزوج في تل أبيب، وتحمل هذه الأوراق توقيع الزعيم السوفيتي جورباتشوف.

4.   في ديسمبر 1992، انعقد أول مؤتمر صهيوني في موسكو والذي سمى "المؤتمر الصهيوني الروسي"، وهو أمر يؤكد التغلغل الفعلي لليهود داخل روسيا وتشكيلهم جماعات ضغط من أجل تحقيق مبادئ المؤتمر الصهيوني السابق. هذا بالإضافة إلى نجاح هذا المؤتمر في دعم علاقاته مع باقي جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابقة، خاصة الجمهوريات الإسلامية الست: كازاخستان، وأوزبكستان، وطاجيكستان، وتركمنستان، وأذربيجان، وقيرقيزستان.

       هذا وقد انعكست السياسات السابقة التي تبناها الاتحاد السوفيتي، منذ تولي جورباتشوف، على تغيير السياسة السوفيتية بل الروسية كذلك بعد الانهيار، تجاه إسرائيل والتي تبلورت في الآتي[3]:

1.   تأييد كافة المبادرات السياسية لحل النزاع العربي الإسرائيلي، طالما أنها تقوم على مبدأ التفاوض المباشر.

2.   التراجع في شروط عودة العلاقات الدبلوماسية التي كانت مرتبطة بانسحاب إسرائيل غير المشروط من الأراضي العربية وإزالة آثار العدوان، إلى ربط عودة العلاقات بقبول إسرائيل المشاركة في المؤتمر الدولي للسلام.

3.   التمسك بنظرية توازن المصالح أساساً لحل النزاع العربي ـ الإسرائيلي، وقبول مبدأ الأرض مقابل السلام.

4.   فتح الباب على مصراعيه أمام الهجرة اليهودية، وهو ما شكل أكبر تحدٍّ يواجه القضية الفلسطينية، حيث أدت هذه الهجرات إلى أحداث تحولات ديموجرافية هائلة في التركيبة السكانية بالأراضي المحتلة. مع منع تسرب علماء الطاقة النووية من جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق إلى دول العالم الثالث وبصفة خاصة الدول العربية.

الآثار العسكرية:

       أدت المتغيرات التي حدثت بالاتحاد السوفيتي، ومن ثم انهياره بنهاية عام 1991، إلى تحقيق الآتي:

1.   تغير السياسة السوفيتية تجاه إسرائيل برفض أي مواجهة عسكرية جديدة بين العرب وإسرائيل.

2.   تبنى سياسة منع واردات السلاح الروسية إلى بعض الدول العربية، بما أدى إلى تأثير سلبي على هذه الدول ومنها: سورية، وليبيا، والجزائر، واليمن، والسودان، وقد جاء هذا المنع في ضوء ضغوط أمريكية وإسرائيلية على الاتحاد السوفيتي السابق وروسيا فيما بعد.

3.   زيادة حجم التعاون في مجال الصناعة الحربية المتقدمة بين إسرائيل وروسيا، من أجل حصول الأخيرة على التكنولوجيا الغربية، وهو ما أدّى إلى زيادة دعم التعاون بين البلدين في المجالات الأخرى[4].

4.   بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وجهت إسرائيل اهتماماتها تجاه الترسانة العسكرية للنظام السابق، كما بدأ رجال الأعمال الإسرائيليين في توجيه استثماراتهم تجاه الصناعات الحربية الروسية. كما عرض بعض تجار السلاح من دول الكومنولث على إسرائيل، شراء أحدث الأسلحة السوفيتية ومنها طائرات الميج 29 وصواريخ دفاع جوي من نوع سام 10 ونظم الرادار الحديثة.

5.   فقد العديد من الدول العربية لحليفهم الإستراتيجي السوفيتي القديم وانعدام هامش المناورة أمامها، مع انفراد الولايات المتحدة الأمريكية بدعم حليفها الإستراتيجي إسرائيل، بما أدى إلى دعم القدرات الإسرائيلية في مجال الفضاء والمعلومات، ومن ثم انعكس ذلك على التفوق الإسرائيلي في ميزان القوى في مواجهة الجانب العربي خاصة في المستويات النوعية والتكنولوجية.

6.   أصبحت الجبهة السورية لا تشكل خطراً كبيراً على إسرائيل، وأصبحت سورية، مضطرة إلى محاولة تجربة الحل السياسي، خاصة بعد انكماش الدعم العسكري الروسي.

7.   بدأت إسرائيل تركز على تصدير كافة معداتها العسكرية والجوية والبحرية، مستفيدة من نتائج حرب الخليج، وحصولها على تكنولوجيا متقدمة من الولايات المتحدة الأمريكية، وانفتاحها على دول أوروبا الشرقية وجمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق.

 



[1]  تدخل الولايات المتحدة الأمريكية في هذه الأزمة بالرغم من أنها في جوهرها خلاف قانوني لا يهدد الأمن الدولي، وبالتالي فإن قرار مجلس الأمن بضغوط من الولايات المتحدة الأمريكية ينتهك مبدأ تحريم استخدام القوة الاقتصادية والعسكرية في حل المشكلات القائمة في العلاقات الدولية، وهذا ما يؤكد لنا أن ثمة عودة جديدة للاستعمار الغربي، يمكن أن نسميها مبدئياً، باستعمار الشرعية الدولية، الذي ينشأ من خلال استخدام الغرب للقوة السياسية والعسكرية والاقتصادية والتكنولوجية في مجلس الأمن، لطرد قواعد القانون الدولي المستقر من مفهوم الشرعية الدولية ومضمونها وآلياتها، وهو أمر يمكن أن يؤدى إلى تقويض النظام الدولي الراهن وبالتالي تقليص دور المنظمة الدولية ` منظمة الأمم المتحدة.

[2]  تم بالفعل إيقاف صفقة متفق عليها مسبقاً مع سورية في عام 1992، بضغوط أمريكية للحد من سباق التسلح في دول المنطقة.

[3]  ساعد على نجاح عقد هذا المؤتمر تواجد نسبة من اليهود تصل إلى نحو 1.5 تقريباً من حجم سكان الاتحاد السوفيتي السابق، كما أن معظمهم يشغل المناصب الهامة في مجالات العلوم والثقافة والفضاء والذرة وهو ما أكده جورباتشوف في حديثه عن اليهود السوفيت.

[4]  أعربت هيئة صناعة الطائرات الإسرائيلية عن استعدادها لتطوير المقاتلات من طراز ميج 21، ميج 23 عن طريق تزويدها بأجهزة رادار وتكنولوجيا غربية، كما سعت الهيئة لاجتذاب عملاء لها من دول أوروبا الشرقية من أجل النفاذ داخل روسيا من زاوية محددة وهي مجال التسليح واتخاذها نقطة بداية تتبعها إجراءات أخرى.