إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية / انهيار الاتحاد السوفيتي






جمهوريات الاتحاد السوفيتي
جمهورية مولدافيا
جمهورية أوزبكستان
جمهورية أوكرانيا
جمهورية لاتفيا
جمهورية ليتوانيا
جمهورية أرمينيا
جمهورية أستونيا
جمهورية أذربيجان
جمهورية تركمنستان
جمهورية جورجيا
جمهورية روسيا الاتحادية
جمهورية روسيا البيضاء
جمهورية طاجيكستان
جمهورية كازاخستان
جمهورية قيرقيزستان
رابطة الكومنولث الجديد



المبحث التاسع

المبحث التاسع

أطراف الصراع العربي ـ الإسرائيلي

مع الجمهوريات المستقلة

       لا يقتصر الأمر على هشاشة كيان رابطة الدول المستقلة وتفجر التناقضات بين أعضائها، وإنما يمكن القول كذلك: إن تلك الرابطة قد مرت بأزمات اجتماعية واقتصادية، ولعل أهم ملامح تلك الأزمات هو عدم وضوح طريق التنمية المستقبلي باستثناء تلك الشعارات العامة عن التحول نحو الاقتصاد الحر، مع عدم وجود برنامج محدد للتحرك على أساسه في المستقبل. يرتبط بذلك نقص حاد في المواد الغذائية، وارتفاع متواصل في الأسعار نتيجة هذا النقص وإلغاء الدعم، مع هبوط متواصل في سعر الروبل مقوماً بالدولار.

       كانت الأولوية الأولى للجمهوريات المستقلة هي، إعادة ترتيب البيت داخل كل جمهورية على حدة، وقد برزت هذه الأولوية في كافة السياسات والمواقف، خاصة في ظل ظروف الأزمة التي عانتها هذه الدول، وكان هناك اتجاهان؛ أولهما يقف ضد التوجه الخارجي بشكل عام، والآخر يتجه إلى دعم التعاون مع كافة القوى الدولية والإقليمية.

       أما الأولوية الثانية فقد تركزت في العمل على تسوية مشكلات العلاقات البينية بين الجمهوريات المستقلة، وذلك لأسباب وضرورات اقتصادية وأمنية واضحة، وكذلك بفعل التداخلات الحادثة في التركيب القومي ومشكلات الحدود وما إلى ذلك.

       وتتمثل الأولوية الثالثة في التوجه إلى الغرب مع نزعة الاستدارة للجنوب، وكان الانسحاب من الجنوب قد بدأ في عملية البريسترويكا، وتثير هذه الأولوية، بشكل عام، مسألة العلاقات الخارجية لرابطة الدول المستقلة، فهناك توجه نحو الغرب بصفة عامة، ونحو الولايات المتحدة الأمريكية بصفة خاصة، وينطلق هذا التوجه من أن الولايات المتحدة الأمريكية تمتلك تأثيراً كبيراً في صندوق النقد الدولي والبنك الدولي،علاوة على القضايا المعلقة بينهما في مجالات نزع السلاح والسيطرة على الترسانة النووية السوفيتية.

       وتأتي الأولوية الرابعة، وهي العلاقات مع دول الجوار الإقليمي تحت تأثير عوامل واضحة على كافة المستويات الثقافية والسياسية والاقتصادية، وهنا تبرز فيما يتعلق بالجمهوريات الإسلامية أولوية منطقية للعلاقات مع تركيا وإيران بالمقارنة مع الوطن العربي، بمعنى أن العلاقات مع الوطن العربي تأتي في مرتبة متأخرة في الاتحاد السوفيتي.

العلاقات العربية مع الجمهوريات المستقلة:

       إن الأوضاع الجديدة تطرح التساؤل حول السياسات التي ستتبعها كل جمهورية تجاه العالم العربي، ومدى توافقها أو تعارضها مع ما استقر من سياسة سوفيتية في الماضي، ثم الاحتمالات السياسية والاقتصادية التي ستترتب على ما حدث من متغيرات.

       ومن الواضح أنه ليست هناك اختلافات رئيسية بين الجمهوريات حول الخطوط المهمة للسياسة الخارجية التي أتبعها الاتحاد السوفيتي تجاه العالم العربي، ولكن ذلك لا يمنع من مواقف قد تكون أكثر تميزاً وخصوصية بالنسبة لجمهوريات وسط آسيا الإسلامية الست[1] وأرمينيا وجورجيا.

       وإذا كانت عضوية جمهوريات الكومنولث قد قبلت في مؤتمر التعاون والأمن الأوروبي، فإن الهدف لا يعدو أن يكون ضماناً إضافياً خاصاً بالالتزام باتفاقات الحدّ من التسلح النووي، وعدم الانتشار النووي، واحترام حدود كل جمهورية، حتى لا تبدأ حروب حدودية أخرى بين هذه الجمهوريات.

       ولكن انضمام هذه الجمهوريات إلى مؤتمر التعاون والأمن الأوروبي لن يغير من الوضع الجيوبولتيكي لجمهوريات وسط آسيا الإسلامية، بصفتها تقع في منطقة الشرق الأوسط من جهة وانضمامها إلى منظمة المؤتمر الإسلامي من جهة أخرى. وهذا الوضع الجديد وما ارتبط من نشاط سياسي واقتصادي متميز من جانب تركيا وإيران يثير المخاوف العربية حول احتمالات بناء تحالفات بين دول الجوار، وورثة الاتحاد السوفيتي على حساب المصالح العربية.

       ويمكن في مجال تحديد المخاطر الإشارة إلى ما يلي:

1. أن تشكل هذه المجموعة تكتلاً سياسياً واقتصادياً جديداً تحت زعامة تركيا، ويتمشى مع هذا الاتجاه تشكيل مجموعة دول البحر المتوسط التي اقترحتها تركيا.

2. تعاون هذه الجمهوريات مع إيران في المجال النووي، الذي من شأنه إعطاء دفعة قوية للبرنامج النووي الإيراني.

       إن ما نلمسه من نشاط تركي إيراني يسمح بإثارة مثل هذه المخاوف خاصة وأن الدور التركي يتوافق مع ما هو مطلوب، ويسمح بزعامة تركية إسلامية متجددة في المنطقة لصالح الإستراتيجية الغربية.

       والذي يخفف من المخاطر السابقة:

1. أنه برغم الأواصر الثقافية والعرقية بين هذه الجمهوريات وإيران وتركيا إلا أنها ستتوافق في سياساتها مع سياسة موسكو بالنسبة للعلاقات مع العالم العربي من جهة، ثم ما لها من رغبة قوية في أن تكون لها علاقات متميزة وخاصة مع المشرق العربي بحكم الروابط الإسلامية والثقافية على مدى عدة قرون مع دوله.

2. أن السياسة المصرية متنبهة إلى هذه المتغيرات، ولذلك اتخذت خطوات متلاحقة بالاعتراف السياسي وإقامة علاقات دبلوماسية واقتصادية وإيفاد بعثة حكومية تضم عدداً من الوزراء ورجال الأعمال لإرساء أسس العلاقات مع هذه الجمهوريات بما يتمشى مع أوضاعها الجديدة.

ومن جهة أخرى تحرك الأزهر الشريف وقدّم خمسين منحة للدراسة به تجديداً للروابط بينه وبين المؤسسات الدينية الإسلامية في الجمهوريات الآسيوية ومسلمي القوقاز، ولكن مثل هذا التحرك السياسي والديني لا يكفي لبناء سياسة متكاملة تضع في حسبانها الأوضاع الجديدة في منطقة الشرق الأوسط والتي أفرزتها هذه المتغيرات.

ملامح العلاقات العربية مع الجمهوريات المستقلة

الطرف الأول ورثة الاتحاد السوفيتي:

1. مجموعة دول البلطيق:

       وهي جمهوريات يمكن القول بأنها انفصلت عن الاتحاد السوفيتي في مرحلة سابقة على انحلال الاتحاد أو اختفائه وهذه الجمهوريات سيكون توجهها إلى الشمال أي إلى الدول النوردية[2] حيث ترجع إليها جذورها وتتشابك روابطها البشرية والتاريخية، وهناك محاولة تقودها ألمانيا لإنشاء تجمع لدول بحر البلطيق يضم هذه الجمهوريات. كما أن توجهها سيكون شمالاً وغرباً، ولن تكون هناك من المصالح التجارية أو الاقتصادية الخاصة ما يدفعها إلى التوجه جنوباً في اتجاه الدول العربية، إلا إذا استحكمت الخلافات بينها وبين روسيا الاتحادية فامتنعت عن إمدادها بالبترول والغاز وحتى في هذه الحالة، فإنها لن تلجأ إلى استيراد ذلك من الدول العربية المنتجة للبترول قبل أن تستنفذ إمكانات الاستيراد من النرويج وهي إحدى دول المجموعة النوردية.

2. المجموعة السلافية:

       وتضم جمهوريات إعلان منسك وهي روسيا الاتحادية وأوكرانيا. وبيلاروسيا.

أ.   روسيا الاتحادية:

       أصبحت مشكلات روسيا الاقتصادية تحجب عنها أية اهتمامات أو متابعات خارجية، خاصة مع دول العالم الثالث. وقد بدا هذا واضحاً في تناولها لمشكلة الشرق الأوسط سواء قبل مؤتمر مدريد أو في مؤتمر مدريد أكتوبر 1991، وموسكو يناير عام 1992، حيث ظهر للجميع أن روسيا أصبحت تسير في ظل الولايات المتحدة الأمريكية.

ب. أوكرانيا:

       وعلى قدر الحيرة التي كان يعانيها مسئولو روسيا الاتحادية، كان وضوح الرؤية لدى المسؤولين في أوكرانيا فهم جادون في فصل سياستهم واقتصادياتهم عن الجارة الكبرى روسيا الاتحادية، كما يتميزون عليها بأنهم ليست لديهم عشرات المشكلات العرقية التي تهددهم.

       إن حوالي ربع سكان أوكرانيا من الروس، إلا أن هذه الأقلية الضخمة صوتت لصالح استقلال أوكرانيا، وإن كان يمكن تفسير ذلك بأنه كان تصويتاً لصالح إسقاط الاتحاد السوفيتي. وأوكرانيا دولة غنية زراعياً وصاحبة قاعدة صناعية عريضة وتسير توجهاتها في اتجاه الغرب، إلا أنها تتجه في الوقت نفسه تجاه العالم العربي لتسويق منتجاتها.

ج. بيلاروسيا:

       وتتجه توجهاتها ناحية الغرب والتعاون مع روسيا الاتحادية.

3. مجموعة جمهوريات القوقاز ومولدافيا:

       وتتجه هذه الدول ناحية الشمال أي في اتجاه روسيا الاتحادية وأوكرانيا وإن كانت أرمينيا ستحاول إقامة مصالح مشتركة مع تركيا، كما ستعزز مولدافيا علاقاتها برومانيا. كما ستتجه هذه الجمهوريات لإقامة علاقات تجارية مع الدول العربية.

4. الجمهوريات الإسلامية:

       ويمكن تلخيص أهم الملامح التي تشترك فيها هذه الجمهوريات على الوجه التالي:

أ.   أنها سعيدة بالانفصال عن المركز والدولة الأم وبإجراء اتصالات مباشرة مع العالم الخارجي.

ب.              أنه سيدور تنافس بين أوزبكستان صاحبة الأغلبية العددية من الأوزبك المنتشرين في معظم الجمهوريات الأخرى، وبين كازاخستان صاحبة الثروات الطبيعية ومقر الأسلحة الاستراتيجية والتي يتزعمها رئيس على مستوى عال من التوجه السياسي.

ج. تغيير اتجاه صادراتها ووارداتها عن الشمال الغربي حيث تقع روسيا الاتحادية، حيث إنها جمهوريات لا تطل على بحار مفتوحة وأن تكاليف توجه تجارتها نحو الجنوب باهظة، فبالنسبة لتركمانستان وأذربيجان يمكن لهما الوصول إلى الخليج العربي عبر إيران، وبالنسبة لطاجكستان وقرقيزستان وأوزبكستان وكازاخستان سيكون الوصول إلى بحر العرب عبر أفغانستان وباكستان أو ربما عبر تركمنستان وإيران.

    فمحاولة تسويق صادراتها في غير روسيا هي محاولة محفوفة بالصعاب نظراً لعدم وجود الطرق المناسبة وفداحة تكاليف إنشاء هذه الطرق وتكاليف النقل نفسه، هذا إذا وجدت أسواق أخرى لصادراتها.

د.   أنها في حاجة إلى استثمارات ضخمة للبدء في تصنيع المواد الخام التي تنتجها مثل القطن، بدلاً من إرسالها إلى روسيا لتصنيعها. كما أنها تحتاج رؤوس أموال ضخمة لتسهيل مواصلاتها واتصالاتها وإنشاء وتدعيم بنيتها التحتية.

هـ. حاجة هذه الجمهوريات، وكلها ذات مستوى تعليم مرتفع بما فيه التعليم الفني والجامعي، إلى تدريب الكوادر على فنون الإدارة الحديثة، وفي هذا تتفوق تركيا علي أية منافسة من أية دولة أخرى حيث أنها يمكنها تدريب هذه الكوادر بسبب اللغة.

و. حاجة هذه الجمهوريات إلى العودة إلى جذورها الروحية، أي إلى الدين الإسلامي واللغة العربية القريبة له، وهنا يبرز دور الأزهر.

ز. أن كل هذه الجمهوريات تحتوي على أقليات روسية كبيرة، تكاد تعادل السكان الوطنيين في كازاخستان، وهم يمثلون الخبرة الإدارية والفنية في المصانع ودور الحكومة ويستمرون في أداء دور مهم في تسيير أمور هذه الجمهوريات لوقت طويل.

    هذا ويهمنا أن نلاحظ الآتي:

(1) أن هذه الجمهوريات، عدا كازاخستان، قد وافقت على انضمامها في السادس من فبراير 1992 إلى منظمة التعاون الاقتصادي E.C.O التي تضم تركيا وإيران وباكستان.

(2) أن كل رؤساء الجمهوريات الإسلامية، فيما عدا طاجكستان، زاروا تركيا ووقعوا معها اتفاقيات تعاون، كما أن تركيا عينت سفراء لها في كل الجمهوريات الإسلامية.

       وبذلك تبرز تركيا مرة أخرى محوراً للجمهوريات الإسلامية، وان كانت إيران يمكن أن تعادل هذا التفوق بعض الشيء حيث أنها تعدّ معبراً لبعض هذه الجمهوريات إلى البحر، فضلاً عن اشتراكها في المذهب الشيعي مع أذربيجان.

الطرف الثاني الدول العربية:

       ويمكن تقسيم هذه الدول بالنسبة لعلاقاتها مع الاتحاد السوفيتي السابق كالآتي:

1.   دول تعتمد على السلاح السوفيتي والدعم السياسي السوفيتي وهي سورية التي نجحت بسبب حرب الخليج في فتح الجسور والمعابر مع الولايات المتحدة الأمريكية والغرب.

2.   دول ذات علاقة طيبة مع الاتحاد السوفيتي وتشمل الجزائر واليمن وليبيا والسودان.

3.   دول ذات علاقات اقتصادية واسعة مع الاتحاد السوفيتي وهي مصر التي تعتمد في تسويق كثير من صادراتها غير التقليدية على السوق السوفيتي وحده. كما تعتمد على استيراد الإنتاج الصناعي السوفيتي وبعض المواد الخام الاستراتيجية كالفحم والخشب والورق.

     ومن هنا يأتي الاهتمام بحلفاء الاتحاد السوفيتي من جمهوريات الكومنولث التي يمثل بعضها مصدراً لآلات ومعدات رخيصة وجيدة وقطع غيار لازمة للمصانع.

4.   دول ذات علاقة عادية مع الاتحاد السوفيتي كموريتانيا والمغرب وتونس والكويت والسعودية والإمارات..الخ.

المصالح الاقتصادية العربية مع جمهوريات رابطة الدول المستقلة:

       كانت العلاقات الاقتصادية العربية مع الاتحاد السوفيتي تدور حول ثلاثة موضوعات : التجارة الخارجية، والمعونات الاقتصادية: ونقل التكنولوجيا السوفيتية إلى الصناعة والزراعة العربية. وبصفة عامة، كانت التجارة العربية مع الاتحاد السوفيتي تدور حول نسبة 1% من إجمالي التجارة الخارجية العربية، وبالذات خلال السنوات الخمس الأخيرة من عمر الاتحاد السوفيتي، ولكن تلك النسبة كانت ترتفع في حالة بعض الدول العربية. فقد زادت صادرات سورية إلى الاتحاد السوفيتي من 13.6%، إلى 45% من إجمالي صادراتها خلال عامي 1984، و1990 على التوالي. بينما بلغت وارداتها من الاتحاد السوفيتي خلال العامين المذكورين 9%، 6.5%. وخلال الفترة نفسها تغيرت صادرات وواردات مصر إلى ومن الاتحاد السوفيتي من 6.6% إلى 9%، ومن 3.5% إلى 3.1%، والسودان من 6.5% إلى 6.6 % للصادرات،0.1% إلى 0.5% للواردات، وليبيا من 2.4% إلى 1.7% للصادرات، 2.0% إلى 2.5% للواردات، والمغرب من 2.6% إلى 1.1% للصادرات، 2.7% إلى 3.7% للواردات، والعراق من 0.6% إلى 0.1% للصادرات، 10.9% إلى 0.4% للواردات، وتونس من 0.4% إلى 1.5% للصادرات، من 2.1% إلى 2.7% للواردات. وتوضح هذه الأرقام تدنى نسبة التجارة العربية مع الاتحاد السوفيتي مقارنة بإجمالي التجارة الخارجية العربية، وأن الاتحاد السوفيتي كان مستورداً للمنتجات العربية أكثر منه مصدراً للأسواق العربية، فالصادرات العربية كانت في معظم الحالات أعلى من الواردات من الاتحاد السوفيتي، كما أن سورية ومصر وليبيا والعراق والجزائر والمغرب والسودان تعدّ أهم الشركاء التجاريين العرب للاتحاد السوفيتي السابق، وهناك مصانع عربية محددة تعتمد في استمرارها على تصدير إنتاجها للسوق السوفيتية، منها 250 مصنعاً في مصر وحدها.

       كذلك، فإنه من خلال اتفاقات التعاون الاقتصادي والفني التي عقدها الاتحاد السوفيتي مع عدد من الدول العربية، ساعد في بناء وتوسيع حوالي 445 مشروعاً اقتصادياً في الدول العربية، وتشمل المساعدات السوفيتية أعمال التصميم والتنقيب والبحث العلمي، وتقديم الآلات والخبراء، والمساعدة الفنية والتدريب، وإنشاء المعاهد التعليمية والتكنولوجية، وفي هذا الإطار قدم الاتحاد السوفيتي قروضاً ميسرة طويلة الأجل مثلت حوالي 40% من إجمالي مساعداته التنموية لدول العالم الثالث.

       وقد تضاءل حجم المعونات والمساعدات التكنولوجية السوفيتية للعرب منذ أوائل الثمانينيات أي قبل وصول الرئيس السوفيتي ميخائيل جورباتشوف إلى السلطة، وتزايد هذا الاتجاه منذ عام 1985، انعكاساً لاتجاه الاتحاد السوفيتي والدول العربية إلى الاندماج في السوق الاقتصادية الرأسمالية العالمية، ولكن رغم هذا التضاؤل تظل لبعض الدول العربية، كمصر وسورية والجزائر والمغرب، مصالح اقتصادية مهمة في الجمهوريات التي ورثت الاتحاد السوفيتي.

       من استعراض الخبرة المصرية، نجد أن المصالح الاقتصادية العربية في جمهوريات الرابطة، التي تبلورت إلى شكل معين، خلال فترة حكم الرئيس السوفيتي ميخائيل جورباتشوف ليست مهددة بشكل عاجل أو مباشر.

       فحوالي 80% من التبادل التجاري المصري ـ السوفيتي كان يتم مع مؤسسات تقع في روسيا، وبالتالي فإن هذا التبادل يمكن ضمان استمراره من خلال تطوير آليات للتعاون مع دولة واحدة وهي روسيا، ويلاحظ أن الميزان التجاري المصري السوفيتي عام 1990 كان لصالح مصر بمبلغ حوالي 265 مليون جنيه مصري حيث وصلت قيمة الصادرات المصرية بنحو مليار جنيه مصري، في مقابل الصادرات السوفيتية التي وصلت إلى 773 مليون جنيه مصري.

       ومع إعلان إنشاء رابطة الدول المستقلة عقدت مصر وروسيا في 26 ديسمبر 1991 اتفاقية لتنظيم مبادلات تجارية قيمتها 200 مليون جنيه مصري مناصفة بين الدولتين، كما توجه عدد من رجال الأعمال المصريين إلى إقامة مشروعات مشتركة مع عدد من الجمهوريات المستقلة، وقد أوضحت الجولة التي قام بها الوفد الاقتصادي المصري إلى بعض الجمهوريات المستقلة في 19 يناير 1992 أن الشق الأكبر من المصالح الاقتصادية المصرية يمكن تطويره، بل من الممكن فتح أفاق أخرى لمصالح جديدة فقد اتفق الوفد مع المسئولين في حكومة روسيا على استمرار التعاقدات القديمة وتوريد المعدات المتفق عليها بنفس الشروط والأسعار مع إجراء ترتيبات مصرفية جديدة. وفي مجال الكهرباء تم الاتفاق على استمرار روسيا في توريد معدات محطات كهرباء على أن تودع قيمة هذا الجزء في بنك مصري تصرف منه المؤسسة الروسية لشراء بضائع مصرية تصدر إلى روسيا، كذلك تم الاتفاق على إقامة بنك مشترك مصري ـ روسي، وتوريد محطات توليد للكهرباء تعمل بالديزل تسدد قيمتها بالجنيه المصري في صورة سلع مصرية إلى روسيا، كذلك تم اتفاق على توريد محولات ومهمات تطوير السد العالي ومحطات المحولات على أن تسدد قيمتها مقابل بضاعة مصرية بنسبة100%.

       كذلك، اتفقت مصر وأذربيجان على إقامة بنك مشترك، ووقع وزير اقتصاد كازاخستان اتفاقية تجارية في مصر في فبراير 1992، وعبرت الجمهوريات الأخرى عن رغبتها في تطوير علاقات اقتصادية مع مصر، فقد أكدت أوكرانيا أنها ستلتزم بتنفيذ العقود التي تم وقعت عليها مصر والاتحاد السوفيتي القديم، على أن يستمر نصيب أوكرانيا فيها بالأسعار والشروط ذاتها التي كان متفقاً عليها من قبل.

       والواقع أن المصالح الاقتصادية العربية مع الجمهوريات المستقلة يمكن أن تتطور إلى أفاق أرحب إذا تمت بلورة استراتيجية عربية تجمع بين المقدرة المالية الخليجية على توفير الائتمان والقدرة الاقتصادية لدول المشرق العربي وشمال أفريقيا على توفير السلع والخدمات، لبناء علاقات اقتصادية جديدة، خاصة أن الخطر الأساسي الذي يواجه المصالح الاقتصادية العربية مع تلك الجمهوريات هو خطر دخول قوى اقتصادية كبرى لتقديم الائتمان الميسر. وعلى سبيل المثال فقد قدمت ألمانيا واليابان وتركيا تسهيلات ائتمانية لبعض الجمهوريات لاستيراد سلع وخدمات منها، كما أن كوريا الجنوبية وتايوان وهونج كونج دخلت هي الأخرى حلبة المنافسة، كما أن المصدرين العرب، اعتادوا التعامل مع سلطة مركزية سوفيتية واحدة في إطار اتفاقات حكومية للتجارة والدفاع وهو أمر لم يعد قائماً.

محددات التعاون الخليجي مع جمهوريات آسيا الوسطى الإسلامية

1. محددات العلاقات السياسية.

       في أعقاب انهيار الاتحاد السوفيتي، برزت العديد من الصعاب في مجالات العلاقات السياسية الخليجية مع دول آسيا الوسطى الإسلامية للآتي:

أ.   أن هذه الجمهوريات لم يتجاوز حصولها على الاستقلال سوى فترة قصيرة، وقبل ذلك كانت تتبع للاتحاد السوفيتي وما يحمله ذلك من أبعاد أيديولوجية متمثلة في الماركسية، وما تحمله من تيارات علمانية لا تولى الدين أي أهمية.

ب.              أن مجموعة الدول الخليجية ارتبطت بعد استقلالها بارتباطات اقتصادية وسياسية وأمنية بالعالم الغربي، ولم يكن ذلك إلا على حساب العلاقات مع الاتحاد السوفيتي في فترة الحرب الباردة.

ج. أن مرتكزات العلاقات بين دول الخليج والاتحاد السوفيتي السابق ارتبطت أساساً بمرتكزات اقتصادية وثقافية.

       أما عن موقف دول الخليج من استقلال الجمهوريات الإسلامية، فقد كان مؤيداً لهذا الاستقلال بل بادرت بالاعتراف بها فور استقلالها.

2. محددات العلاقات الاقتصادية:

       يؤدي العامل الاقتصادي دوراً مهماً في مجال العلاقات السياسية بين دول الخليج وبين هذه الجمهوريات ليس فقط بالنظر إلى الحاجة الملحة لهذه الجمهوريات للمعونات والمساعدات الاقتصادية، ولكن بالنظر كذلك إلى أن هذه الجمهوريات ستكون مصدراً للعمالة الفنية المدربة، يضاف إلى هذا أن هذه الجمهوريات تعدّ سوقاً خصبة للاستثمارات المالية لدول الخليج، فهي بمثابة الأرض البكر التي يمكن استغلال كل رقعة فيها.

       هذا وقد برزت الحاجة إلى أهمية دعم العلاقات العربية بصفة عامة والخليجية بصفة خاصة مع هذه الجمهوريات، خاصة مع قيام إسرائيل بافتتاح 60 مكتباً دبلوماسياً وقنصلياً وتجارياً في جمهوريات رابطة الكومنولث، كما اتجهت كل من تركيا وإيران لدعم علاقاتها في كافة المجالات معها، وهذا ما يؤكد على أهمية تحقيق التقارب والتعاون الاقتصادي بين الدول العربية وجمهوريات آسيا الوسطي الإسلامية في المجالات التالية:

أ. المجال الصناعي والزراعي:

       فمن المعروف أن اقتصاديات بعض هذه الجمهوريات يعتمد على النفط، خاصة أذربيجان، علاوة على استخراج المواد الخام الحديد، والنحاس، وزراعة القطن، والشاي، والتبغ، والأرز، والدول الخليجية مطالبة بملء الفراغ الاقتصادي في هذه المنطقة بما تمتلك من استثمارات يمكن أن تتجه إلى استخراج النفط والصناعات الكيميائية والتعدين والسياحة.

ب. المعونات الاقتصادية:

       حيث يمكن تخصيص نسبة صغيرة من دخل البترول مساعدات اقتصادية لهذه الدول ويمكن أن يتم ذلك من خلال الاتفاقات الثنائية أو من خلال صندوق الدعم الإسلامي للتنمية.

ج. إنشاء بعثات قنصلية وتجارية:

       بما يشجع إلى زيادة حجم التجارة البينية الخليجية مع دول آسيا الوسطى، خاصة وأن هذه الجمهوريات تتمتع بنسب كبيرة في إنتاج المواد الخام خاصة الفوسفات، واليورانيوم، والنحاس، والرصاص، والقصدير، والكروم، والزئبق وغيرها، وهذا سوف يؤدي إلى فتح المجال أمام التبادل التجاري بينها.

3. في المجال الديني:

       يؤدي العامل الديني دوراً أساسياً في إقامة العلاقات السياسية، نظراً لاعتبارات العقيدة الواحدة والثقافة الإسلامية، ويمكن أن يتم هذا التعاون في إطار اتفاقيات ثنائية أو جماعية، تتولى دول الخليج العربي بمقتضاها تقديم منح دراسية وإرسال الدعاة والمصاحف والكتب الدينية وإنشاء المساجد وإقامة المعاهد الدينية والمراكز والجامعات الإسلامية، وكذلك إيفاد أعداد كبيرة من علماء الدين ومدرسي اللغة العربية والمقرئين.

4. التعاون في المجال التصنيع الحربي.

       تمتلك هذه الجمهوريات قاعدة كبيرة لتصنيع الأسلحة والمعدات، ومن خلال إبرام العديد من الاتفاقيات معها، يمكن إيجاد قاعدة تصنيع حربي قوية لدى العالم العربي بصفة عامة ودول الخليج بشكل خاص كما يمكن التعاون في إطار تبادل الخبرات العسكرية وفي مجال العلوم والفضاء والاستخدام النووي للأغراض السلمية بإنشاء مفاعلات نووية لهذا الغرض.

العلاقات الإسرائيلية مع الجمهوريات المستقلة

       اتجهت إسرائيل، منذ انهيار الاتحاد السوفيتي، إلى زيادة حجم التعاون في كافة المجالات مع جمهوريات الكومنولث بصفة عامة، وجمهوريات آسيا الوسطى وما وراء القوقاز بشكل خاص.

       وتحاول إسرائيل، في هذا المجال، تحقيق مكاسب اقتصادية، حيث يعدّ ذلك هدفاً رئيساً للتغلغل في هذه الدول، من أجل تحقيق أهداف سياسية، علاوة على التأكيد على أنها دولة عصرية ذات تقدم تكنولوجي وحضاري على مستوي عال، وتشير إلى امتلاكها تجربة فريدة ورائدة يمكن أن تستفيد منها جمهوريات آسيا الوسطى والقوقاز، أضف إلى ذلك أنها تسعى لتنفيذ أهداف أخرى وهي تغيير سياسات هذه الجمهوريات تجاهها لتضمن استمرار فتح باب الهجرات اليهودية إليها، وزيادة التقارب معها في المجالات السياسية والاقتصادية والعلمية، خاصة في مجال الفضاء ومن ثم سعت إسرائيل إلى تأكيد هذا التعاون في النواحي التالية:

1. في المجال الاقتصادي:

       أن الطاقة الهائلة الكامنة في سوق هذه الجمهوريات والتي يبلغ عدد سكانها 40 مليون نسمة تجتذب بشدة رجال أعمال ومستثمرين ورجال صناعة من دول كبيرة. وبطبيعة الحال فقد استطاعت إسرائيل أن تجند خبرات سوفيتية من اليهود، الذين هاجروا إلى الولايات المتحدة الأمريكية ودول أوروبا الغربية للاستفادة منهم واتخاذهم وسطاء، تتعاون معهم، وباستخدام رؤوس أموال أمريكية، من أجل تحقيق كسباً مادياً،علاوة على تغلغل رؤوس الأموال الغربية داخل هذه الجمهوريات وفتح الأسواق أمامها، فهي تسعى لأن يكون لها تواجد وركائز قوية داخل هذه الجمهوريات. وتتركز الاهتمامات الإسرائيلية في المجالات التالية:

أ. استيراد أخشاب البناء:

       حيث تعد منتجات الأخشاب في هذه الجمهوريات مناسبة لعمليات البناء والأثاث، لذا تهتم إسرائيل بالحصول على هذه الأخشاب، وفي المقابل تقدم الخبرة والاستثمارات والمواد الغذائية ومنتجات النسيج والمنتجات الزراعية.

ب. إقامة مشاريع زراعية وصناعية مشتركة:

       فقد أُقيمت في جمهوريات أزربيجان وكازاخستان وأوزبكستان وجورجيا وأرمنيا عدة مشروعات زراعية متكاملة، علاوة على تصنيع الأسمدة الكيميائية ومواد ومعدات الري ويشترك في هذه المشروعات اقتصاديون من الكيبوتزات الإسرائيلية، وقد تم الاتفاق مع بعض هذه الجمهوريات على الاستيراد من إسرائيل المواد الأساسية اللازمة للزراعة مثل أنابيب الري، والمعدات الزراعية، علاوة على توريد الخبرة في مجال زراعة المحاصيل وأسلوب الري باستخدام وسائل ومعدات وأساليب إسرائيلية حديثة، بالإضافة إلى استخدام الطاقة الشمسية في المنازل.

ج. بيع فائض المعدات:

       تتوافر لدى إسرائيل مصانع ذات كفاءة عالية في تحقيق فائض إنتاج في مجال التعبئة والتغليف سواء كانت عبوات ورقية أو من البلاستيك، وقد قامت هذه المصانع بالاتفاق مع هذه الجمهوريات على القيام بعمل مشترك، يتم من خلاله تصدير المنتجات إلى الدول الغربية، ثم يباع فائض المعدات الإسرائيلية في أسواق هذه الجمهوريات، وفي نطاق شروط صفقات الشراكة المميزة التي يستفيد منها الاقتصاد الإسرائيلي بالحصول على 50% من العائد، علاوة على الحصول في مقابل المعدات على نصف ملكية المشروع.

       وترى إسرائيل أن سوق هذه الجمهوريات يمثل مجالاً حيوياً للتوسع التجاري. وهكذا تسعى إسرائيل بكل جهودها معتمدة على خبرتها العريقة في السوق الغربية وعلى إنتاجها المتميز لمصنوعات نجحت فيها وبمعاونة رؤوس الأموال الغربية، لفتح أسواق تجارية في هذه الجمهوريات.

2. التعاون في مجال البترول:

       ترى إسرائيل أهمية حصولها على النفط الخام من إنتاج هذه الجمهوريات وبأسعار مقبولة تغطي لها معظم احتياجاتها في مقابل تصدير الفائض من المواد الزراعية والغذائية، وقد خططت إسرائيل للتعاون مع هذه الجمهوريات في مجالات الصناعات الاستخراجية وصناعة البتروكيماويات في مقابل الحصول على نسبة من الإنتاج، والقيام بتسويق هذه المنتجات في سوق الدول الغربية وتعاونت إسرائيل مع الولايات المتحدة الأمريكية الدخول في مشروعات بترول بحر قزوين من أجل استخراج وتسويق هذا البترول ومد خط أنابيب من مصادر الإنتاج إلى البحر المتوسط، وقد خلق هذا المشروع تواجداً ضخماً لكل من الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل في هذه المنطقة، مما أزعج إيران بشكل كبير وعدّته تهديداً لأمنها القومي.

       هذا وتدرك إسرائيل أن أمامها فرصة رحبة للتعاون الاقتصادي مع جمهوريات الكومنولث، وفرصة لإقامة اتفاقيات تعاون تجارية معها. وتعطي إسرائيل أهمية كبيرة للحصول على المواد الخام وفتح أسواق لها داخل هذه الجمهوريات.هذا وتمتلك جمهوريات آسيا الوسطى بمفردها ما يمثل النسب التالية من المواد الخام من إنتاج الاتحاد السوفيتي السابق نفط 52% ـ فوسفات 92% ـ القطن 96% ـ اليورانيوم 90% ـ النحاس 76% ـ الرصاص 86% ـ الكروم 90%.

       وتتوقع إسرائيل أن هذه المواد ستحقق لها كسباً كبيراًُ من خلال فتحها لأسواق تجارية مع هذه الجمهوريات، كما أن تجارتها الخارجية تزداد بمعدل كبير معها، خاصة وأنها تستطيع الحصول على الأموال من المؤسسات المالية العملاقة في الغرب وبخاصة المملوكة لليهود.

3. التعاون في المجال العلمي والتقني:

أ. في مجال العلوم:

       استطاعت إسرائيل اجتذاب نحو 650 عالماً في مجالات أبحاث الفضاء والمجال النووي ومجالات أخرى، من بعض جمهوريات الكومنولث، علاوة على هجرة أكثر من 1500 عالم من روسيا الاتحادية. وأنشأت لهم مراكز علمية في كل صرفند، وبيت جان، وبئر السبع، وعتليت، ويافا. هذا وتعطي إسرائيل اهتماماً كبيراً في مجال الفضاء، حيث وقعت اتفاقاً مع جمهورية كازاخستان لإطلاق الأقمار الصناعية المشتركة، هذا بالإضافة إلى مجالات أخرى للتعاون تهدف إلى تطوير التكنولوجيا الإسرائيلية.

ب. في المجال التقني:

       تستند إسرائيل في هذا المجال على البنية التحتية في العديد من المجالات التي تتم عن طريق:

(1)      تبادل الزيارات بين الخبراء والفنيين للتدريب وتطوير علاقات التعاون في المجال التقني.

(2)      المشاركة في مؤتمرات علمية من جانب إسرائيل في هذه الجمهوريات خاصة في مجالات الهندسة التطبيقية، وميكنة الأرض، والأبحاث الجيولوجية.

(3)      التعاون في مجالات البحث العلمي والتطوير والإنتاج في مختلف المجالات، خاصة الزراعة.

(4)      إقامة المعارض الإسرائيلية في جمهوريات الكومنولث وبصفة أساسية في مجالات الزراعة والصناعة والمعدات الطبية والمعدات الإلكترونية.

(5)      إقامة مشروعات مشتركة في عدة مجالات تعتمد على البناء العلمي والتكنولوجي لإسرائيل من أجل دعم علاقاتها الاقتصادية وتصدير معداتها المتطورة.

(6)      استخدام المعونات الاقتصادية الأمريكية – المشجعة لهذا التعاون – لتقديم الخبرات الفنية من أجل دعم نفوذها داخل هذه الجمهوريات.

4. التعاون في مجال التصنيع الحربي:

       تدرك بعض هذه الجمهوريات خاصة جمهوريات آسيا الوسطى والقوقاز، أن هذا هو عصر التكنولوجيا والانفتاح على العالم. ومن ثم ترى أهمية الاستفادة من التقدم الإسرائيلي في مجال صناعة السلاح وتطويره، خاصة أنه قد ثبت لبعضها، أهمية بناء قوات مسلحة قوية لمواجهة الصراعات التي تواجهها في الحاضر أو المستقبل، وبطبيعة الحال سيفتح ذلك لإسرائيل سوقاً لبيع أسلحتها، خاصة وأنها ذات سعر منخفض نسبياً عن السوق العالمية وتتميز بالتكنولوجيا المتقدمة، وفي المقابل ستؤدي هذه الفرصة لدعم الاقتصاد الإسرائيلي.

       منذ بداية عام 1993، سعت بعض جمهوريات آسيا الوسطى والقوقاز إلى التعاون في مجال التسليح مع إسرائيل، للحصول على التكنولوجيا الإسرائيلية. كما قامت عدة علاقات للتعاون بين بعض المصانع والشركات الإسرائيلية مع هذه الجمهوريات، خاصة ما يتعلق بالتصنيع الحربي ومنها على سبيل المثال:

أ.      تطوير بعض نظم التسليح وإدخال التحسينات والتعديلات اللازمة على البعض منها.

ب.      إنشاء شركات مشتركة تعمل في مجال تطوير نظم التسليح، مع الاستفادة من المواد الخام المتيسرة بها.

ج.      تصدير بعض النوعيات من الأسلحة الإسرائيلية الصنع مثل الأسلحة الخفيفة والقواذف الصاروخية للدبابات وبعض معدات التسليح المتوسطة والمعدات الإلكترونية والبصرية.

د.    قيام برامج مشتركة لتطوير بعض النوعيات من الطائرات، خاصة ما يتعلق منها بأجهزة التوجيه والمراقبة وتشغيل الأسلحة.

       هذا وتقوم هيئة صناعة الطائرات الإسرائيلية، بتطوير المفاعلات الروسية عن طريق تزويدها بأجهزة رادار وتكنولوجيا غربية، كما تسعى الهيئة لاجتذاب عملاء جدد من دول أوروبا الشرقية. وبهذا تستطيع إسرائيل أن تنفذ من زاوية التسليح كنقطة بداية يتبعها مجالات أخرى عديدة.



[1]  وهي تركمانستان، وأذربيجان، وطاجيكستان، وقيرقيزستان، وأوزبكستان، وكازاخستان.

[2]  مثل السويد والنرويج والدانمرك.