إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية / نظرية توازن القوى وتوازن المصالح




موقع عسكري بعد قصفه
موقع عسكري قبل قصفه
مبنى التجارة العالمي ينهار
أحداث 11 سبتمبر
مطار عسكري بعد قصفه
مطار عسكري قبل قصفه
انهيار البرج الجنوبي

ميزانية وكالة المخابرات المركزية
ميزانية العمليات المغطاة
هيكل نظام الردع النووي
مكتب مخابرات البحرية
مكتب التحقيقات الفيدرالي
الإنفاق الدفاعي
النسبة المئوية للأفراد
التوازن في الحرب الباردة
التوازن في ظل نظام أحادي القطبية
التوازن في ظل الوفاق الدولي
التحليل الزمني لمسارات الطائرات
تنظيم وكالة مخابرات الطيران
تنظيم وكالة الأمن الداخلي
تنظيم وكالة الأمن القومي
تنظيم وكالة المخابرات المركزية
تنظيم مخابرات الجيش
تنظيم مجتمع المخابرات الأمريكية
تنظيم مكتب المخابرات والأبحاث
تقديرات العمليات المغطاة
عناصر ومكونات أبعاد التوازنات
عناصر قوى الدولة
قوات حلف الناتو
منطقة مركز التجارة العالمي
الهجوم على مركز التجارة
الرحلة الرقم 11
الرحلة الرقم 175
تحليل الهجوم على البنتاجون
بطء الدفاع الجوي
خطوط سير الطائرات
شكل مهاجمة مبنى البنتاجون

الأحلاف العسكرية
الحدود الجغرافية للأحلاف والمعاهدات



الفصل الأول

المبحث الثالث

إستراتيجيات ونظريات توازنات القوى والمصالح

يحكم توازن القوى بين الدول أو بين مجموعة من الدول اتباع الأسس والمبادئ لهذا التوازن المطلوب، سواء كان توازناً للقوى أو توازناً للمصالح القومية.

    ولا يكفي أن تتقيد مجموعات الدول أو دولة ما بالأسس والمبادئ، وإنما في كل حالة من حالات التوازن، وطبقاً للمواقف المتباينة والمتحركة دائماً، تتبع الدول أو التكتلات، سواء كانت عسكرية أو اقتصادية أو اجتماعية أو سياسية، مجموعة من الإستراتيجيات والنظريات، التي تطوع علاقاتها لمفاهيم محددة ترتبط بالتوازن في المقام الأول. ولذلك فإنها قد تدخل في أحلاف أو  في معاهدات أو في تكتلات، وقد تعقد اتفاقيات أو تجري محادثات كلها، بهدف الوصول إلى نقطة التوازن المطلوبة للقوى أو للمصالح.

أولاً: عناصر ومكونات أبعاد التوازنات: (انظر شكل عناصر ومكونات أبعاد التوازنات)

1. البعد البنائي:

ويُقصد به القوى السياسية والاقتصادية والعسكرية والحضارية، وهي عناصر القوى الشاملة القومية للدولة أو لمجموعة دول. وقد عَرّف علماء الجيوبوليتيك مفهوم القوة أنه مرادف للسيطرة. وقد أسهم "راتزل" في ظهور الجيوبوليتيكا العضوية، حيث آمن أن الدولة تحتاج إلى القوة للنمو والتطور. أما "كيلين" فقد ذهب إلى أن القوة تكمن في الكيانات الكبيرة، بل أبعد من ذلك فقد أشار إلى أن القوة أفضل من القانون.

والقوى القومية الشاملة لدولة أو لمجموعة دول ما يمكن قياسها، حيث هي مستندة أساساً إلى مصادر وموارد الدولة الطبيعية، وأيضاً التي يمكن توفيرها والحصول عليها، وهناك قوى أخرى غير ملموسة.

أ. عناصر قوى الدولة/ الدول القومية الشاملة: (انظر شكل عناصر قوى الدولة)

(1) العنصر الجيوبولوتيكي:

ويُقصد به الدراسة الدقيقة لجميع العوامل المؤثرة والموارد الطبيعية للدولة أو للدول التي يمكن توفيرها أو الحصول عليها، لتحقيق الأهداف والمصالح القومية.

(أ) الموقع الجغرافي:

يُعَدّ الموقع الجغرافي للدولة أو لمجموعة الدول أحد العوامل المؤثرة على القوة وعلى توجهات النظام السياسي. وهو ينقسم إلى أربعة أقسام، وهي الموقع الفلكي بالنسبة لخطوط الطول والعرض، بما فيها من تأثيرات مناخية، ثم الموقع بالنسبة للبحار والمحيطات، وهو يتدخل في تحديد إستراتيجية الدول، ويأتي الموقع الإستراتيجي في المرتبة الثالثة، حيث يتحكم في حركة المواصلات العالمية والتجارة الدولية، ثم يأتي القسم الأخير وهو الموقع بالنسبة للدول المجاورة، بما يحدد شكل العلاقات مع هذه الدول نتيجة طول الحدود معها.

(ب) مساحة الدولة/ الدول:

تلعب مساحة الدولة دوراً كبيراً في حسابات القوة القومية، حيث تحدد شكل إستراتيجية الدولة أو الدول من حيث (اتباع إستراتيجية معينة محايدة ـ متوازنة العلاقات ـ الارتباط بقوى أخرى ـ  تبني سياسة النفس الطويل ـ تبني إستراتيجية الحرب الخاطفة ـ نقل العمليات العسكرية خارج الأراضي)، والمعروف أن المساحة تهيئ القوة، وأن القوة تصون المساحة.

(ج) الحدود السياسية:

وتؤثر الحدود السياسية، من حيث كبرها أو صغرها، على القوة السياسية والعمل الدبلوماسي، وشكل قواتها المسلحة، والتأثير بالسلب أو بالإيجاب على المقدرة الاقتصادية ودورها في حرية الانتقال والتبادل التجاري والثقافي والتكنولوجي.

(د)    أبعاد أخرى:

يلعب شكل الدولة والقوة البشرية وموارد الثروة الطبيعية أدواراً مؤثرة وكبيرة في قوة الدولة/ الدول القومية الشاملة.

(2) القوة الاقتصادية:

وهي تعني الموارد الاقتصادية، ولا يمكن إغفال أهمية القوة الاقتصادية في الوقت الراهن، فبعد أن كانت السياسة تقود الاقتصاد، أصبح الاقتصاد الآن يقود ويحرك السياسات. والموارد الاقتصادية تنقسم إلى: موارد متاحة فوراً، وهي المواد الإستراتيجية والثروات الطبيعية، وموارد يمكن توفيرها بعد وقت محدود، والتي يحتاج إعدادها إلى (72 ساعة حتى 3 أسابيع). وتُعَدّ قوات الاحتياط والمعدات والأسلحة والذخائر التي يتم فك تخزينها من هذا النوع من الموارد. أما النوع الثالث من الموارد فهي التي يمكن الحصول عليها بعد تعديل المنتج الأصلي، ويصل زمن إعدادها إلى أكثر من 3 أسابيع، ومنها تحويل الإنتاج المدني إلى عسكري، وتأهيل طلبة الجامعات للانضمام إلى التنظيمات العسكرية، وتحويل بعض المعدات المدنية إلى معدات عسكرية.

والنوع الأخير من الموارد وهو المنتظر الحصول عليه، وهو لا يمكن التخطيط لاستخدامه ضمن السياسات الاقتصادية، ولكنه يُعَدّ من مضاعفات القوة بعد الحصول عليه.

وتنقسم الدول في العالم من الناحية الاقتصادية إلى:

·   دول محدودة الموارد ومتخلفة.

·   دول محدودة الموارد ومتقدمة.

·   دول تعتمد على مورد اقتصادي واحد.

·   دول متوازنة الموارد الاقتصادية.

·   دول غنية بالموارد الاقتصادية.

(3) القوة العسكرية:

وتُعَدّ القوة العسكرية هي الركيزة الأولى، وتنقسم إلى قوة تقليدية وقوة نووية، ويؤخذ في الحسبان عند قياس هذه القوة نوعيتها ـ كفاءتها ـ القاعدة الصناعية الحربية.

ويُقصد بالقوة النووية إجمالي الذخائر النووية ووسائل نقلها وإطلاقها، وتنقسم الدول من حيث امتلاكها هذه القوة إلى:

·   دول تمتلك القوة النووية.

·   دول في مقدورها امتلاك هذه القوة.

·   دول ليس في مقدورها امتلاك هذه القوة.

وفي حالة امتلاك دولتين للقوة النووية ينشأ ما يُسمى بتوازن الرعب، أما عند امتلاك إحدى الدول لهذه القوة وعدم امتلاكها في دولة أخرى فينشأ ما يُسمى بالردع النووي.

(4) القوة السياسية:

ويُقصد بها مدى الثقل والتأثير الإقليمي والدولي، ولها ثلاثة أبعاد أساسية وهي إعمال التأثير والنفوذ، ثم الإمكانات والأدوات المستخدمة في توجيه هذا التأثير، وأخيراً مدى الاستجابة من الدول الأخرى لعملية التأثير لهذا النفوذ.

(5) الإرادة القومية:

وتُعَدّ مصدراً رئيسياً لقوة الدولة/ الدول، وهي تعني أساساً القدرة على اتخاذ القرارات وتنفيذ الخطط، وفقاً لما تراه مناسباً للمصالح القومية، ودون الخضوع للضغوط الخارجية. ومن المعروف أن تفاعل كل من النظام الحاكم والشعوب ينتج الإرادة القومية، ويؤدي ذلك إلى زيادة الاستقرار السياسي وكفاءة المؤسسات السياسية والدستورية وتنمية الرأي العام وتوحيده، وصولاً إلى إذكاء روح الولاء والانتماء.

وتتأثر الإرادة القومية بالعوامل العرقية والخبرة التاريخية التراكمية ومستجدات النواحي الثقافية وقدرة استيعاب التكنولوجيا، وأخيراً البعد العقائدي والديني.

إذاً من تحليل قوى الدولة/ الدول القومية الشاملة، يمكن أن نصل إلى مكونات هذا البعد البنائي، والذي ينحصر في عنصرين هما: توازن المكانة، وتوازن المقدرات.

ب. توازن المكانة:

يُقصد به تناسق وتوافق المقومات الأساسية للدولة/ الدول، ويصبح لكل دولة/ مجموعة دول مكانة، ومن ثَم، فإن إطلاق تعبير (توازن المكانة لدولة/ لدول ما) يعني اتزان العوامل الجغرافية والتاريخية والاقتصادية والعسكرية والتقدم العلمي والتكنولوجي والثقافة والحضارة، وعند عدم توازن المكانة لدولة/ لدول يؤدي ذلك إلى إضعاف قدرتها في إحداث التأثيرات السياسية في الساحة الدولية.

ج. توازن المقدرات:

يُقصد به حجم تعادل المقدرات لدولة/ لدول في النسق الدولي ودرجة ميل التغير في هذه المقدرات، وهذا التوازن له نمطان مختلفان، الأول هو توازن القوى، والثاني هو توازن الرعب.

(1) توازن القوى:

وهو نظرة سياسية للمحافظة على ميزان القوة بين مجموعة من الدول، حيث لا يسمح لدولة ما أو مجموعة متحالفة من الدول بالانفراد بالهيمنة في العالم واستغلال إمكانياتها العسكرية والاقتصادية في السيطرة على دول أخرى أو فرض إرادتها عليها، أو التدخل ضد مصالحها. ويتحقق هذا التوازن بحشد قوى الدولة منفردة، أو بالتحالف مع غيرها من النماذج السياسية ضد منافسيها.

وحالة توازن القوى تؤدي إلى استقرار التفاعلات السياسية الدولية، وعدم توازن القوى يؤدي إلى نشوب الصراعات والحروب، إما لتحقيق مصالح وأهداف توسعية، أو طلباً لاستعادة حالة التوازن، لذا فإن توازن القوى يبدو وكأنه قانون داخل العلاقات الدولية.

(2) توازن الرعب/ التوازن النووي:

وهي حالة لا يملك فيها أي طرف تدمير الطرف الآخر، خوفاً من التدمير المتبادل. ولا يتطلب ذلك تكافؤ عددي في الوسائل النووية، ولكن وجود الحد الأدنى يُعَدّ كافياً لحدوث هذا التوازن.

وقد ينشأ هذا التوازن في غياب توازن القوى، وعلى الرغم من ذلك فإنه يؤدي إلى نوع من الاستقرار في حالة توفره، كما أن عدم وجود حالة توازن الرعب لا تؤدي بالضرورة إلى عدوانية السلوك للطرف الأقوى الذي يمتلك قوى نووية.

2. البعد السلوكي:

يتحدد سلوك القوى الدولية إزاء بعضها بعضا، بناءً على درجة التشابه أو الاختلاف في قيمتها السياسية والاقتصادية والعسكرية والاجتماعية. ويتكون البعد السلوكي من عنصرين أساسيين، هما: توازن تدخلات القوى، وتوازن سباق التسليح.

أ. توازن تدخلات القوى:

يمكن تحقيق التدخلات، من خلال الأحلاف، أو التدخل المباشر. وتُعَدّ الأحلاف ظاهرة سلوكية لتنسيق أنشطة الدول لتحقيق أهدافها المشتركة. ويُقصد بتوازنات تدخلات القوى العظمى والكبرى أن سلوك وعلاقات الدول الكبرى والعظمى مع التكتلات السياسية في أي منطقة من العالم، والذي ينبع من امتلاك التفوق الحضاري والاقتصادي والعسكري، يُعَدّ أحد الأدوات الرئيسية لحماية مصالحها في المنطقة المحددة من العالم، بحيث يكون هناك نوع من الاستقرار والتوازن بين القوى العظمى والكبرى من خلال هذا التدخل.

ب. توازن سباق التسلح:

وفي هذا النوع من التوازن، تناصب دولتان أو مجموعة من الدول العداء بعضها بعضا، وتحاول كل منها تحسين كفاءة وتسليح قواتها العسكرية بالإنفاق العسكري الزائد. ويُعَدّ هذا السباق في التسلح نمطاً سلوكياً تسعى من خلاله الدولة أو مجموعة الدول، إلى تحقيق التوازن، بل تحقيق التفوق.

وهذا يدعو الدولة المعادية إلى السعي لتحقيق الأهداف نفسها، ومن ثَم، يصبح هناك حركة وتفاعلات لها خاصية محددة، ويصبح ذلك هو سلوك السياسة الخارجية لهذه الدول. ويتحقق هذا التوازن في حالة تعادل الإنفاق العسكري، أيضاً معدلات الزيادة فيه، إلى جانب تساوي القدرة العسكرية التقليدية وغير التقليدية في الكم والنوع للأطراف كافة الداخلة في هذا السباق.

ويُنسب إلى توازن سباق التسلح عناصر عدة منها:

(أ) أن يتضمن التسليح سباقاً في الكم والنوع.

(ب) أن يضطلع كل طرف في هذا السباق بتجسيد ورفع كفاءة قواته المسلحة.

(ج) توفر شرط التنامي السريع في كم الأسلحة.

(د) وجود دولتين أو كتلتين في حالة عداء.

3. البعد القيمي:

يتعلق هذا البعد بمدى إدراك الدولة/ الدول للتوازن الموجود داخل المجتمع الدولي، وفي ظل المتغيرات الدولية، ومدى قابلية الدولة أو الدول لهذا الشكل من التوازن.

وتدرك القيادة للدولة/ الدول طبيعة التوازن الموجود حولها، من خلال معرفة تأثير هذا التوازن على أهدافها القومية، ومدى ملاءمة الزمن اللازم لتحقيق هذه الأهداف، ويوضع في الحسبان دائماً القوة القومية والأهداف القومية والنوايا المستقبلية والإستراتيجية للقوى المضادة.

ويمكن من خلال التكافؤ والتعادل تحقيق التوازن، إلا أن درجة الرضا والقبول أو الرفض لوضع الدولة/ مجموعة الدول في المجتمع الدولي تظل هي المعيار الأساسي لتأثير هذا التوازن وفعاليته، وقد قسم "أورجانسكي" التكتلات السياسية من حيث درجة القبول والرضا إلى مجموعات عدة:

(1) دول قوية وراضية.

(2) دول قوية وغير راضية.

(3) دول ضعيفة وراضية.

(4) دول ضعيفة وغير راضية.

تبدو أبعاد ومكونات عناصر التوازن الإستراتيجي (البعد البنائي ـ البعد السلوكي ـ البعد القيمي) مترابطة، فلا يوجد توازن دون بعد بنائي أساسه التعادل والتكافؤ، وأيضاً دون بعد سلوكي أساسه مرونة وحركة بين الكتل السياسية، وكذلك دون بعد قيمي أساسه إدراك التوازن القائم مرتبطاً بحالة الموافقة عليه أو عدم الرضا عنه.

ثانياً: إستراتيجيات التوازن:

1. الإستراتيجية غير المباشرة:

أ. تعني الإستراتيجية غير المباشرة بمفهومها الصحيح تفادي الدخول في مواجهات مع العدو، انتظاراً لظروف أكثر ملاءمة من حيث تحقيق التفوق، ليسهل تدميره. ومن ثَم تعمل الدولة، التي تتبع هذه الإستراتيجية، على دفع الخصم إلى معارك جانبية، لاستنزاف موارده وإضعاف إمكانياته في المواجهة الرئيسية المرتقبة.

ب. ويعتنق الشيوعيون هذه الإستراتيجية أكثر من غيرهم، فهي في جذورهم منذ الثورة البلشفية ويتبعون في ذلك أساليب تكتيكية، منها تفجير صراعات محدودة في أماكن متشعبة، وحرب العصابات، والدعم بالأسلحة لبعض أطراف الصراع، وأسلوب المتطوعين.

ج. تُعَدّ هذه الإستراتيجية مناسبة للحركات العسكرية أو الثورية في إدارة الصراعات الدولية في ظروف عدم تكافؤ دولة ما مع خصومها.

2. الإستراتيجية النووية:

أ. ظهرت الإستراتيجية النووية، نتيجة امتلاك القوى الكبرى في المجتمع الدولي للأسلحة النووية أو أسلحة التدمير الشامل، وتستمد هذه الإستراتيجية مقوماتها من تحقيق التدمير من الضربة الأولى، ثم حدوث تغير نتيجة التطور إلى تحقيق التدمير المؤكد من الضربة الثانية.

ب. نتيجة اتساع الفجوة بين الإمكانيات النووية للقوى العظمى في المجتمع الدولي، أدى إلى صعوبة متناهية لاحتمال استخدام الأسلحة النووية في الوصول إلى حلول للصراعات القائمة.

3. الإستراتيجية البحرية:

أ. يقول الأدميرال بيتر جريتون: "إن الهدف الرئيسي من هذه الإستراتيجية هو ضمان استخدام البحار لتنفيذ أهداف الدولة وحرمان الخصم في الوقت نفسه من هذا الاستخدام".

ب. تهدف هذه الإستراتيجية إلى استخدام القوة البحرية كأداة للردع ولدعم القوات المتحاربة وحماية المصالح الاقتصادية للدولة.

ج. تتنوع أدوات هذه الإستراتيجية لتشمل الحرب البرمائية، والحرب تحت الأعماق، والحرب البحرية المكشوفة، والحرب الجوبحرية.

4. إستراتيجية الحرب الجوية:

أ. هي حرب بها الإمكانيات الهجومية أكثر من الإمكانيات الدفاعية، وتُعَدّ الخصائص الجيوستراتيجية للدولة من العوامل العامة المؤثرة على فرص إدارة إستراتيجية حرب جوية ناجحة، حيث تصبح الدولة في مأمن من مهاجمتها جوياً، كلما اتسع مسرحها، وأمكنها إحكام المراقبة للمسرح الجوي.

ب. تتأثر الدولة أيضاً وتؤثر في إستراتيجية الحرب الجوية بمدى تعاظم وسائل الدفاع الجوي الإلكترونية، وابتعاد الأهداف الحيوية بها عن  مناطق الحدود الملاصقة للخصم، ويشترط أيضاً انتشارها.

ج. يلعب الإخفاء دوراً مهماً في إستراتيجية الحرب الجوية، من حيث التأثير سلباً على تحقيق المهام، إذا ما أحكم إخفاء الأهداف المهمة.

5. إستراتيجية الانتقام الشامل:

أ. وهي إستراتيجية وضعها جون فوستر دالاس وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية في بداية الخمسينيات، وعَدّها تصحيحاً لكل الأخطاء، التي حدثت، نتيجة تطبيق سياسات سابقة ضد الاتحاد السوفيتي، عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية.

ب. ارتكزت هذه الإستراتيجية على أساس تبني الانتقام النووي والسريع العنيف بوسائل وفي أماكن تختارها الولايات المتحدة الأمريكية.

ج. بُنيت فكرة هذه الإستراتيجية، على أساس أن الطريقة المثلى لردع العدو، هي إقناعه مقدماً بأنه إذا لجأ للعدوان، فسوف توجه إليه ضربات انتقامية عنيفة، تجعله في النهاية خاسراً.

د. نُفذت هذه الإستراتيجية حيث برهن استخدامها على عدم قابليتها للحركة أو التصرف في مواجهة الحروب المحدودة والنزاعات المحلية.

6. إستراتيجية الاستجابة المرنة:

أ. قام الجنرال ماكسويل تيلور رئيس هيئة الأركان المشتركة للجيش الأمريكي ـ ببلورة هذه الإستراتيجية منذ الستينيات، وكان الدافع وراء هذه الإستراتيجية هو توفير قدر من الحركة والمرونة الدبلوماسية في مختلف النزاعات، مع تطور المقدرة العسكرية بما يكفل لها مواجهة التحديات، ولذا لابد من تنوع وسائل الردع والقتال، سواء كانت نووية أو تقليدية، إستراتيجية أو تكتيكية.

ب. هيرمان كاهن ـ خبير الأمن الأمريكي ـ سَمّاها إستراتيجية الردع المتعدد الأشكال. وجوهرها الاحتفاظ بالقدرة المستمرة على تدمير العدو تدميراً تاماً بالضربة الأولى. ثم سَمّاها الرئيس جون كيندي بعد ذلك، بإستراتيجية القوة المضادة المقيدة، إلا أنه ركز على أهمية استيعاب الضربة الأولى، ثم أخيراً الرد الانتقامي الذي يضمن تدمير العدو.

ج. تطورت هذه الإستراتيجية عام 1980، بما عُرف بإستراتيجية التصدي الشامل، وقد حدث هذا التحول الانتقالي نتيجة بعض المفاهيم الإستراتيجية الجديدة التي بدأت تفرض نفسها، وقد ارتكزت هذه الإستراتيجية على مبادئ أساسية هي:

(1) الكفاية الإستراتيجية: بمعنى حيازة قوات قادرة على العمل تحت مختلف الظروف، يتوفر لها القدرة على الرد بالشكل الذي يضمن تدمير العدو.

(2) اختيار الهدف: ويعني تحديد شكل العمل ونوع الأهداف المطلوب تدميرها بشكل يتناسب مع الغرض من إحداث هذا التدمير، بحيث توجه الضربات ضد المواقع العسكرية دون أن تمس الأهداف المدنية، أو أن توجه الضربات ضد الأهداف كافة مدنية وعسكرية.

(3) التحرك السريع: ويعني إمكانية الانتقال السريع والانتشار لهذه القوات.

7. إستراتيجية التدمير المؤكد:

أ. وتعني هذه الإستراتيجية كلاً من: القدرة على التدمير الشامل، والقدرة على حصر نطاق التدمير. وقد كثر الجدال والحوار، بشأن كيفية تحقيق التوازن بين هاتين القدرتين.

ب. فالقدرة على التدمير الشامل تشكل رادعاً حاسماً لأي هجوم معادٍ، حيث ستجعل هذا العدو يفكر في التدمير الذي سينال قطاعه العسكري، وهذا يدخل في إطار الممكن، حيث إن التعامل مع البنية المدنية أسهل من التعامل مع البنية العسكرية، كما أن عملية تحديد الأهداف أكثر ثباتاً واستقراراً، وهي أقل ميلاً إلى سباق التسلح، فالأهداف المطلوب تدميرها لا تحتاج إلى كم كبير من التسليح ذو التقنية العالية.

ج. تبني قدرة التدمير الشامل المؤكد على أساس الثأر والتدمير الشامل بالضربة الثانية.

د. أما القدرة على حصر نطاق التدمير، فهي باهظة التكاليف، حيث تضاعف من سباق التسلح كماً وكيفاً، وهي تلزم الجانبين بتطوير قدراتهما التدميرية، وتعمل أيضاً على استفزاز العدو لأنها تتبنى المبادأة بالضربة الأولى.

هـ. حصر نطاق التدمير في المجال العسكري، يعني ترك القطاع المدني رهينة يمكن تدميرها في المراحل التالية، وهذا السبب يجعل فرص الحل السلمي بالطرق السياسية أكثر توقعاً، وهذا الأسلوب أكثر إقناعاً للعدو ويمكن تصديقه.