إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية / نظرية توازن القوى وتوازن المصالح




موقع عسكري بعد قصفه
موقع عسكري قبل قصفه
مبنى التجارة العالمي ينهار
أحداث 11 سبتمبر
مطار عسكري بعد قصفه
مطار عسكري قبل قصفه
انهيار البرج الجنوبي

ميزانية وكالة المخابرات المركزية
ميزانية العمليات المغطاة
هيكل نظام الردع النووي
مكتب مخابرات البحرية
مكتب التحقيقات الفيدرالي
الإنفاق الدفاعي
النسبة المئوية للأفراد
التوازن في الحرب الباردة
التوازن في ظل نظام أحادي القطبية
التوازن في ظل الوفاق الدولي
التحليل الزمني لمسارات الطائرات
تنظيم وكالة مخابرات الطيران
تنظيم وكالة الأمن الداخلي
تنظيم وكالة الأمن القومي
تنظيم وكالة المخابرات المركزية
تنظيم مخابرات الجيش
تنظيم مجتمع المخابرات الأمريكية
تنظيم مكتب المخابرات والأبحاث
تقديرات العمليات المغطاة
عناصر ومكونات أبعاد التوازنات
عناصر قوى الدولة
قوات حلف الناتو
منطقة مركز التجارة العالمي
الهجوم على مركز التجارة
الرحلة الرقم 11
الرحلة الرقم 175
تحليل الهجوم على البنتاجون
بطء الدفاع الجوي
خطوط سير الطائرات
شكل مهاجمة مبنى البنتاجون

الأحلاف العسكرية
الحدود الجغرافية للأحلاف والمعاهدات



الفصل الأول

ثالثاً: نظريات التوازنات

1. النظرية التقليدية (توازن القوى):

أ. يكمن جوهر النظرية في تحديد أبعاد نظام القوى في العلاقات الدولية، وينبع ذلك من محاولة كل دولة زيادة قوتها القومية على حساب غيرها من الدول، الأمر الذي يؤدي إلى تهديد حرية الدول الأخرى واستقلالها، وهو ما يدفع هذه الدول إلى التجمع لمجابهة هذا التهديد، وهذا ما يُسمى بتوازن القوى الذي قد يكون بسيطاً بين دولتين، أو معقداً عندما يكون بين قوى عدة مختلفة.

ب. هذه النظرية لها بعض الجوانب الإيجابية والسلبية:

(1) الجوانب الإيجابية للنظرية:

(أ) الإبقاء على تعدد الدول داخل المجتمع الدولي، دون انفراد دولة بالسيطرة على العالم، وهذا ما تفسره الحروب الدائمة في العالم.

(ب) استمرار تحقيق السلام وتوزيع متكافئ للقوى في العالم، وعلى الرغم من ذلك فليس هناك أي ضمانات لصيانة السلام الدولي.

(2) الجوانب السلبية للنظرية:

 (أ) لا توجد ثقة في توازنات القوى أو في تطبيقها، ويأتي ذلك من طبيعة القوة القومية والصعوبات التي تقابل عملية التقييم لها.

(ب) لا يبدو أن هذه النظرية تحظى بمكانة النظريات الأخرى الحديثة في العلاقات الدولية. فهي ليست مثل النظرية الاقتصادية الحديثة أو العلوم الطبيعية أو علم الاجتماع. فما يحدث الآن، في مجتمع متعدد الأطراف، ومُعقد العلاقات والمصالح، والتغيير الذي يصادف العلاقات الدولية بصفة شبه مستمرة، جعلها نظرية غير مقبولة الآن، حيث كانت أكثر تلاؤما مع الأوضاع غير المعقدة للمجتمع الدولي في الماضي.

2. النظرية الوظيفية:

أ. وتدور هذه النظرية حول مفهوم الحركات الاندماجية في المجتمع الدولي، وتنفذ بتعميق التعاون في المجالات الاقتصادية والاجتماعية بإقامة أجهزة ومؤسسات دولية فنية متخصصة، وتتأثر العلاقات الدولية نتيجة العلاقات بينها داخل هذه المؤسسات الاقتصادية، وتحقق تقارباً يفوق العلاقات السياسية.

ب. تعرضت هذه النظرية لبعض الانتقادات، منها:

(1) أن النظرية تُعَدّ البُعد الاقتصادي هو العامل الرئيسي للحروب، ولكن الحرب ظاهرة عالمية لها أسبابها ودوافعها الكثيرة الأخرى.

(2) أن فصل العوامل السياسية، والتي توصف بأنها أساسية في دفع عجلة التعاون الاقتصادي يُعد نقطة ضعف أساسية في هذه النظرية.

(3) أن تطبيق النظرية يُعطي الفرصة لإنهاء الصراعات والخلافات السياسية ويُعَدّ مخالفاً لحقيقة الواقع الذي يعيشه العالم، فكثير من التجمعات الاقتصادية لم ينته أو يضمحل الخلاف والصراع بينها.

3. نظرية التنظيم الدولي الإقليمي:

أ. ترتكز هذه النظرية على الدوافع السيكولوجية للشعوب بوصف أن التقارب الدولي الإقليمي يكون أكثر جاذبية للدول من التنظيمات الدولية العالمية.

ب. قد تكون هذه التنظيمات الدولية الإقليمية اقتصادية أو عسكرية، وأيضاً سياسية، ومن أمثلتها الآتي:

(1) المنظمات العسكرية مثل حلف شمال الأطلسي، وحلف وارسو السابق.

(2) المنظمات الاقتصادية مثل الجماعة الاقتصادية الأوروبية، أو ما يُعرف بالسوق الأوروبية المشتركة، ومجلس المعونة الاقتصادية المتبادلة بين الاتحاد السوفيتي ودول شرق أوروبا (الكوميكون).

(3) المنظمات السياسية مثل مجلس أوروبا، ومنظمة دول أمريكا الوسطى، وجامعة الدول العربية.

4. نظرية المنظمات فوق القومية:

أ. تبحث هذه النظرية في ما تمتلكه المنظمات التي تضم عدداً من الدول التي تحتفظ باستقلاليتها، ولكن تبقى سلطة القرار مركزية في قيادة المنظمة، وتنصاع لها الدول حتى وإن لم توافق على هذه القرارات بعض الدول.

ب. تكون لهذه المنظمات تنظيمات خاصة، ومنها على سبيل المثال منظمة الفحم والصلب الأوروبية، ومنظمة السوق الأوروبية المشتركة.

5. نظرية الحكومة العالمية:

أ. تتصور هذه النظرية وجود أو القدرة على إيجاد مؤسسات لها من القدرات ما يجعلها تستطيع أن تدير العلاقات الدولية. والتعريف بهذه النظرية يقول "هو نظام فعال نحو تطبيق قانون عالمي وذلك داخل الدائرة التي تتعلق بحظر ومنع قيام الحروب".

ب. بناءً على هذا الفهم لهذه النظرية، فإنه يجب أن تتنازل الدول كافة عن نظمها العسكرية، بل وأيضاً القرارات المتعلقة بخوض الحرب إلى هذه الحكومة العالمية.

ج. تعرضت هذه النظرية لعديد من الانتقادات، خاصة من أصحاب النظرية الواقعية في العلاقات الدولية كالآتي:

(1) عملية نزع سلاح الدول أمر غير وارد حدوثه، في ظل المصالح والصراعات الحالية بين الدول.

(2) يستند أصحاب نظرية الحكومة العالمية إلى واقع وجود نظم فيدرالية مطبقة، وهذا الواقع يدخل في دوائر جغرافية صغيرة لا ترقى إلى مستوى العالمية.

(3) توجد فروق كبيرة بين شكل الحكومات للدول، التي تقود شعوبها، وترغمهم على طاعتها، وبين الحكومة العالمية التي لا تتمتع بهذا القدر من السلطة.

6. نظرية التقارب المذهبي:

أ. ابتدع هذه النظرية عدد من المفكرين الغربيين، الذين رأوا أن ما ظهر من تطور في المجتمع الاشتراكي والرأسمالي والذي سوف يؤدي إن عاجلاً أو آجلاً إلى حضارة مشتركة تحقق مجتمع الوفرة الذي يُنادي به الجانبان، كما أن اتجاه الرأسمالية إلى بعض الإجراءات الاشتراكية، واتجاه الاشتراكيين إلى بعض الإجراءات في مجال إدارة المشروعات الصناعية، وأيضاً في نظم الحوافز، وهي من الإجراءات الرأسمالية سيؤدي إلى النتيجة نفسها.

ب. وقد هوجمت هذه النظرية من قِبَل الاشتراكيين هجوماً عنيفاً، حيث يرون أن مظاهر التشابه الذي يدعيه من ينادي بهذه النظرية هي ظواهر سطحية لا تغير من حقيقة أوضاع الجانبين شيئاً جوهرياً، وقد انتقدت هذه النظرية من حيث أسسها ومقوماتها، بل اتُهمت بأنها تحاول زعزعة الكيان الاشتراكي وتسميم أفكاره.

7. نظرية الصراع الدولي:

أ. تُعَدّ نظرية الصراع الدولي من النظريات التي تؤكد أن العلاقات الدولية لا تخلو من صراعات هذه الظاهرة المعقدة المستمرة، هذا الصراع الناتج عن اختلاف الأهداف القومية للدول التي تنعكس على سياساتها الخارجية، وإن ظلت أدوات الصراع مثل: التهديد، والتفاوض، والضغط، والاحتواء، إلى آخر هذه الأشكال قائمة وتتغير طبقاً لمتغيرات الموقف الدولي، إلا أنها في النهاية تكون بعيدة عن حافة الحرب والصدام المسلح.

ب. وتتعدد أسباب الصراع الدولي، حيث إن هذه الأسباب قسمت إلى جوانب متعددة كالآتي:

(1) الجانب السيكولوجي: ومنه حب السيطرة والتسلط ونزعة التدمير والعدوانية، ويُعَدّ الإخفاق أو الإحباط من الجوانب العامة المؤدية إلى الصراعات الدولية.

(2) الجانب الأيديولوجي: وهو جانب يرى في اعتناق الأيديولوجيات المختلفة مجالاً كبيراً للصراعات الدولية، ودعاة هذا الجانب يُعَدّونه من أخطر أسباب الصراعات بين الدول.

(3) الجانب الجيوبولوتيكي: وفي هذا الجانب كان راتزل ينظر إلى حدود الدول على أنها مناطق غير ثابتة وأنها قابلة للتعديل، طبقاً لقوة الدولة التي تسعى إلى ذلك، وهو ما يؤدي إلى كثير من الصراعات الدولية.

(4) الجانب السياسي: وهو ما يضيف سبباً رئيسياً لأسباب الصراع، حيث إن أي تكتل أو أحلاف تحدث خللاً في التوازنات للقوى، تؤدي حتماً إلى صراعات دائمة.

(5) الجانب الديموجرافي: ودعاة هذا الجانب يستندون إلى أن التطور السكاني لأي دولة يمر بثلاث مراحل رئيسية، وهي مرحلة النمو ثم الانفجار ثم الاستقرار، ويُعَدّ كل من مرحلة النمو، والانفجار بما لها من تأثير ضاغط على الدول يدفعها إلى خلق صراعات للدول المحيطة، أو التي تجد لديها مصالح تسهم في حل مشاكلها.

8. نظرية توازن الرعب النووي:

أ. إن الدول التي لديها قدرات نووية (انظر جدول المفاعلات في دول المقدمة النووية، وجدول مفاعلات القوى في الدول النامية) وتنجح في تنمية هذه القدرات حتى تصل إلى إمكانية إحداث التدمير بالضربة الثانية بعد نجاحها في صد الضربة الأولى، يضع كلا الدولتين في حالة رعب نووي من الضربات والضربات الانتقامية، ومن ثَم، تلجأ هذه الدول إلى البديل المقبول، وهو الحرب التقليدية بدلاً من كارثة الحرب النووية، وهذا ما يحدث التوازن بين الدول.

ب. وقد انتقدت هذه النظرية بأن نقطة التوازن يمكن الوصول إليها دون وجود قدرات نووية، ومن خلال الردع بالأسلحة التقليدية، كما أن درجة وثوق دولة ما في تأمين أهدافها قد يدفعها إلى المبادرة باستخدام أسلحتها النووية، دون وضع توازن الرعب النووي في حساباتها.

9. نظرية الأمن القومي:

أ. إن التخطيط للطوارئ والأزمات Contingency Planning، وأهم هذه الأزمات هو التعرض لهجوم نووي، وهذه الكارثة القومية المؤثرة على الأمن القومي للدولة تأخذ جزءاً كبيراً من التخطيط لتحديد الأهداف، والتي قد يكون منها ردع هذا الهجوم وما يستتبعه من إجراءات ضخمة يجب اتخاذها، أو قد يكون الهدف ردع الاستفزازات قبل حدوث هذا الهجوم وما يحتاجه هذا التخطيطي إلى حرص في الإجراءات التي تتخذ.

ب. إلى جانب التخطيط للطوارئ والأزمات، فإن التخطيط للمهام التقليدية لا يتوقف، بما فيه توقع الحروب غير النووية، وما يتطلبه العمل على مجابهتها في التوقيت نفسه بما يتخذ من إجراءات لحماية الأمن القومي للدولة.

10. نظرية الحرب المحدودة:

أ. ظهرت هذه النظرية في الخمسينيات، حينما اتضح أنه يمكن أن يصل العالم إلى حافة الحرب النووية، إما عن طريق الخطأ أو الاندفاع إليها بسبب وجود تهديد ضد المصالح القومية لدولة ما، ولتلافي حدوث ذلك ظهرت هذه النظرية التي تدعو إلى تقليص العنف إلى حجم مناسب في مسرح مناسب.

ب. يمكن أن نُطلق اصطلاح الحرب المحدودة على ظروف محددة كالآتي:

(1) حروب بين دول لا تهدف إلى استخدام أسلحة التدمير الشامل، ومعظمها بين دول صغيرة.

(2) قد تحدث حروب محدودة بين دول كبيرة تمتلك قدرات نووية، بهدف تلافي التدمير الساحق للأطراف كافة.

ج. هناك من يدعو إلى تطوير هذه النظرية باستخدام الأسلحة النووية على نطاق محدود، وقد حاول هيرمان كاهان الأمريكي التوصل إلى شكل للحرب النووية المحدودة، يقل فيها الدمار، إلا أن هنري كيسنجر عارض ذلك بدعوى عدم إمكانية السيطرة على أي حرب نووية محدودة.

11. نظرية الحرب الوقائية:

أ. وهي تعني تدمير قدرات العدو والقضاء عليها قبل أن تصل إلى بنائها الكامل، وهنا يمكن العمل على سبيل المثال بتجريد هذا العدو من سلاحه الهجومي المدمر؛ لمنع كارثة قد تقع وتقضي على العالم، من خلال حرب عالمية نووية.

ب. توقفت هذه النظرية عن التطبيق، بسبب صعوبة تبرير قيامها من الناحية الأخلاقية سوى في ظروف خاصة.

12. نظرية حرب الإحباط:

أ. حاولت هذه النظرية أن تجد المبررات الأخلاقية لتلافي أسباب توقف نظرية الحرب الوقائية من حيث تنفيذ الحرب الهجومية، وذلك في حالة وجود نوايا لدى الخصم لتنفيذ هجوم نووي بإحباط هذا الهجوم. ودعائم هذه النظرية تتوقف على مدى يقين الدولة من نوايا الخصم، وهنا تؤثر عوامل الخطأ في التقدير أو في استخدام الأدوات التي يتحقق من النوايا بواسطتها.

ب. قد يتمكن الخصم من النجاح في الخداع والتضليل عن النوايا، ويُعَدّ ذلك هو السبب الرئيسي في صعوبة التطبيق لهذه النظرية، الأمر الذي قد يؤدي إلى كارثة لهذه الدولة التي يُوجّه الهجوم النووي ضدها دون اكتشافه.

13. نظرية الردع:

أ. ومفهوم هذه النظرية هو توفر قدرة ذات ثقل كبير تهدد الخصم بأنه سوف يتعرض لخسائر كبيرة تفوق كثيراً توقعاته، إذا ما أقدم على تصرفات أو محاولة تنفيذ أهداف معينة تضر بمصالح الآخرين.

ب. ويُعَدّ الاعتماد على أشكال وأنواع مختلفة للردع تضيف له قوة وتزيد من فعاليته، وتزداد هذه الفعالية إذا توافرت قدرات أُصرّ على استخدامها، بحيث يكون من نتائج هذا الاستخدام إلحاق أضرار تفوق كثيراً توقعات الخصم.

ج. ويشترط في هذه القوة الرادعة أن يُعلن عنها لتأكيد وجودها بما لا يمس الأمن القومي للدولة الرادعة، وقد كان خروشوف يقول دائماً للغرب "سندفنكم إذا قامت الحرب"، مُشيراً بذلك إلى وجود قوة ردع هائلة لدى الاتحاد السوفيتي.

14. نظرية التصعيد:

أ. ظهرت هذه النظرية كنتيجة طبيعية لتطوير نظرية الحرب المحدودة، وتعني هذه النظرية بفكرة تصعيد الصراعات مع تحديد الحد الأقصى لهذا التصعيد، من حيث القوى المسلحة المستخدمة وأيضاً مسرح العمليات وأبعاده.

ب. من أهم الموضوعات التي تطرحها هذه النظرية هي الحد الذي يقف عنده التصعيد وتوجد عوامل عدة تؤثر في الوصول إلى نقطة نهائية في التصعيد، وهذه العوامل هي:

(1) طبيعة وثقة التقييم الذي يجريه الأطراف المتصارعة لأهداف بعضها بعضا، وأين يمكن تقديم تنازلات لعدم الوصول إلى مرحلة غير مرغوب فيها.

(2) الثقة أو عدم الثقة بين المتصارعين، وتؤدي الثقة إلى انخفاض التصعيد، أما عدم الثقة فيؤدي إلى زيادة التصعيد.

(3) تناسب المصالح ودرجة تحقيقها مع سخونة ودرجة التصعيد، ومدى ملاءمة كل منهما للآخر.

(4) وجود ضغوط خارجية على طرفي الصراع أو أحدهما بما يدفع كليهما إلى التصعيد.

15. نظرية المباريات:

أ. تركز هذه النظرية على التعامل مع صراعات المصالح، كما لو كانت مباريات في الإستراتيجية، وكانت هذه النظرية قد وُضعت عام 1994، بمعرفة أوسكار مور وجون نيومان للاستخدام في المجال الاقتصادي، إلا أنها بعد ذلك ثبت صلاحيتها للمجال السياسي.

ب. وجاء بعد ذلك عدد من المفكرين أمثال: هنري كاهن، وبرنارد برودي، ودونالد برينان، حيث طوعوا هذه النظرية للاستخدام في الصراعات السياسية بصفة عامة، وفي مشكلات الحرب والسلام بصفة خاصة.

ج. وقد بُنيت النظرية على أساس أن الصراعات بين أطراف متعارضة وغير ممكن التوفيق بينها يصبح فيها المكسب لأحدهما، يمثل خسارة للجانب الآخر بالدرجة نفسها والمقياس نفسه، كما أن النصر الذي يحققه طرف ويعقبه خسارة تساوي محصلته صفراً، وهذه الأمثلة السابقة يُطلق عليها الصراعات التنافسية، أما الصراعات غير التنافسية فإنها تكون بين أطراف متداخلة ومتشابكة، ولكن إلى حد ما يمكن التوصل إلى اتفاق للتوفيق بينها، وفي هذه الحالة لا تساوي المحصلة صفراً.

د. طبقاً لهذه النظرية، فإن كل طرف له الحق في أن يسلك الطرق والوسائل المختلفة للوصول إلى الهدف، بشرط أن يكون لديه حاسة التعرف على نوايا الخصم، وكأنها مباراة يلزم التعرف فيها على خطة الخصم لتحديد خطة العمل، إلا أن الصراعات الأيديولوجية والعنصرية والثقافية لا يصلح فيها تطبيق هذه النظرية، كما أنه عند تعدد الأطراف داخل الصراع يصبح الموقف أكثر تعقيداً وتصبح هذه النظرية غير منطقية في الاستخدام.

16. نظرية الدومينو:

           تقوم هذه النظرية على افتراض أن وقوع دولة ما في يد قوة كبيرة سوف يؤدي إلى توالي سقوط الدول المجاورة وكأنه بناء أُقيم رأسياً، فإذا أُزيح جزء منه انهار باقي البناء بالتوالي.

17. نظرية مجتمعات الأمن:

أ. صاحب هذه النظرية هو المفكر السياسي الأمريكي كارل دويتش، وقد افترض في هذه النظرية وجود مناطق أو مجتمعات تسوي منازعاتها فيما بينها بالحلول النصفية، أو فيما يُعرف بالحل الوسط أو الاتفاقات الوسط.

ب. ويشترط دويتش لوجود مجتمع أمني حقيقي ضرورة توفر بعض العوامل التي تساعد على بناء هذا المجتمع، ومنها:

(1) التوافق والتناسب بين الدول المكونة لهذا المجتمع.

(2) التيقن بالحصول على مميزات اقتصادية لا يمكن الحصول عليها، دون الدخول في هذا المجتمع.

(3) ضرورة توفر نظم سياسية وإدارية على أعلى مستوى للمحافظة على الثمار الإيجابية لهذا المجتمع بعد اندماجه.

(4) ضرورة وجود قنوات اتصال دائمة بين أعضاء هذا المجتمع على المستوى الثقافي والاقتصادي والعلمي والديني، مع دخول بعض من رجال المال والأعمال إلى المجال السياسي.

(5) ضرورة أن يتحقق هذا الاندماج بصورة اختيارية وليست إرغامية، وعن قناعة بأن كل الصراعات داخل دول هذا المجتمع سوف تحل بالطرق السلمية.

18. نظرية الانتقام الجسيم:

    جون فوستر دالاس عَرَّف هذه النظرية بأن المعتدي العنيد يجب أن يعرف أن أعماله ستجلب عليه انتقاماً مروعاً يجعله يخسر أكثر مما يكسب، ويجب أن تُحدد أهداف الانتقام، وأن يتفق عليها مقدماً لأن رد العدوان يكون عن طريق تصميم العالم الحر وقدرته على أن يرد رداً رادعاً بوسائل يختارها.

19. نظرية الرد المرن:

أ. وهذه النظرية أسسها الجنرال ماكسويل تيلور، وتبناها ماكنيمارا، وتنص هذه النظرية على أنه لا يجب الرد على العدوان بحرب عنيفة تستخدم فيها كل الوسائل المتاحة حتى الذرية (انظر جدول مقارنة الوسائل النووية للولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي، بيان التغيير في القوة 1963-1978)، وإنما يجب الرد بطريقة مرنة بقدرات تتناسب فقط مع ما حدث من عدوان.

ب. ويُطلق على هذه النظرية تسمية أخرى، حيث تُوصف بأنها نظرية التدرج في الهجوم الانتقامي، وقد انتقدت هذه النظرية بدعوى أنه من غير الممكن أن تكتفي دولة ما بانتقام مماثل للهجوم الذي تعرضت له، وإنما بطبيعة الحال أن ترد بقسوة لإحداث التأثير المطلوب.

20. نظرية الحروب العادلة:

أ. الزعيم السوفيتي نيكيتا خروشوف أول من ابتكر هذه التسمية، وقد اعتنقت الصين بعد ذلك نظرية الحرب العادلة، وأحياناً يطلقون عليها الصراعات الثورية أو حروب التحرر الوطني.

ب. تُعَدّ الحروب العادلة دائماً تقدمية في أهدافها، فهي دائماً تتمثل في تحرير الشعوب من الاستغلال والاستعمار الذي قد يكون اقتصادياً وما يشكله من عقبات في طريق تقدم هذه الشعوب.

21. نظرية التحالف:

أ. النظرية تؤكد أن التحالف هو علاقة تعاقدية بين دولتين أو أكثر يتعهد بموجبها المعنيون بالمساعدات المتبادلة في حالة الحرب، وتظل التحالفات قائمة لتحقيق التوازن في القوى، طالما أن هذا التوازن كان ضرورياً.

ب. ويُعَدّ اختيار دولة ما لنظرية التحالف أو الأحلاف مسألة ملائمة وليس سياسة لها، فالدولة تستغني عن الأحلاف حال اقتناعها بأنها من القوة بحيث يمكنها الصمود أمام التهديدات دون الحاجة إلى حلفاء لها، أو تُعَدّ الارتباط بهذه التحالفات يفوق قدراتها وإمكانياتها ولا يتناسب مع منفعتها ومكاسبها.

22. النظرية السياسية الجديدة:

أ. يُطلق على هذه النظرية أيضاً الطريق الثالث، وقد انطلقت هذه النظرية إلى العالم من خلال ندوة عُقدت في كلية الحقوق بجامعة نيويورك حضرها الرئيس الأمريكي كلينتون، وتوني بلير رئيس الوزراء البريطاني ومجموعة أخرى من رؤساء الوزارات للدول الأوروبية.

ب. وتُعَدّ هذه النظرية السياسية الجديدة ناتج عمل فكري مشترك أسهم في بنائه مجموعة علماء السياسة والاجتماع انصهر مع حقائق عصر العولمة.

ج. وقد نادت هذه النظرية بضرورة فتح الأسواق، وتطبيق مذهب الحرية الاقتصادية على المستوى العالمي، مع الاهتمام الشديد بالحفاظ على الاستقرار السياسي والبعد الاجتماعي، لتجنب العالم الدخول في صراعات ساخنة، وقد تقود هذه النظرية إلى استقرار العالم وتحقيق السلام إذا ما طبقت بعدالة كاملة.

وقد تلجأ الدول عندما تريد تحقيق التوازن باختيار الإستراتيجية والنظرية المناسبة، أو باختيار عدد من الإستراتيجيات والنظريات المناسبة للتطبيق، إلى استخدام القوة أو الوسائل السلمية. ومن هذا المنطلق، فإنها تختار أيضا نوع الصراع الذي سوف تمارسه، والذي يتناسب مع ظروفها وقدراتها وتحقيق مصالحها، ومن هذه الأساليب الحروب والطرق الدبلوماسية.