إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية / نظرية توازن القوى وتوازن المصالح




موقع عسكري بعد قصفه
موقع عسكري قبل قصفه
مبنى التجارة العالمي ينهار
أحداث 11 سبتمبر
مطار عسكري بعد قصفه
مطار عسكري قبل قصفه
انهيار البرج الجنوبي

ميزانية وكالة المخابرات المركزية
ميزانية العمليات المغطاة
هيكل نظام الردع النووي
مكتب مخابرات البحرية
مكتب التحقيقات الفيدرالي
الإنفاق الدفاعي
النسبة المئوية للأفراد
التوازن في الحرب الباردة
التوازن في ظل نظام أحادي القطبية
التوازن في ظل الوفاق الدولي
التحليل الزمني لمسارات الطائرات
تنظيم وكالة مخابرات الطيران
تنظيم وكالة الأمن الداخلي
تنظيم وكالة الأمن القومي
تنظيم وكالة المخابرات المركزية
تنظيم مخابرات الجيش
تنظيم مجتمع المخابرات الأمريكية
تنظيم مكتب المخابرات والأبحاث
تقديرات العمليات المغطاة
عناصر ومكونات أبعاد التوازنات
عناصر قوى الدولة
قوات حلف الناتو
منطقة مركز التجارة العالمي
الهجوم على مركز التجارة
الرحلة الرقم 11
الرحلة الرقم 175
تحليل الهجوم على البنتاجون
بطء الدفاع الجوي
خطوط سير الطائرات
شكل مهاجمة مبنى البنتاجون

الأحلاف العسكرية
الحدود الجغرافية للأحلاف والمعاهدات



الفصل الأول

2. حلف وارسو (WTO) Warsaw treaty organization: (انظر خريطة الأحلاف العسكرية ، وخريطة الحدود الجغرافية للأحلاف والمعاهدات)

    أدرك الاتحاد السوفيتي أن انضمام ألمانيا الغربية إلى حلف الناتو عام 1955، والموافقة على إعادة تسليحها سيؤدي إلى قدرتها على إعادة بناء قواتها المسلحة بمساعدة الدول الغربية في أوروبا. وأيقن أن أول ما سيتم عقب ذلك، هو استعادة ألمانيا وحدتها، وضم ما اقتطع منها من أراضي وأقاليم. وهذا يُعَدّ تهديداً خطيراً للمصالح السوفيتية. وإزاء ذلك، أبرم الاتحاد السوفيتي مع دول أوروبا الشرقية معاهدة تحالف جماعية، عُرفت باسم ميثاق وارسو Warsaw Pact

    وكان الاتحاد السوفيتي قد ارتبط من قبل في تحالفات ثنائية، عَدّها نواة لهذا الحلف الجديد، والذي أُطلق عليه اسم "حلف وارسو". فقد تحالف مع تشيكوسلوفاكيا عام 1943، ويوغسلافيا عام 1945، ورومانيا والمجر عام 1948، ثم مع الصين عام 1950. وقد تحول الاتحاد السوفيتي من سياسة التحالفات الثنائية إلى سياسة التحالف الجماعي للأسباب الآتية:

أ.  إتاحة الفرصة للاتحاد السوفيتي للتواجد المشروع في شرق أوروبا، من خلال إنشاء قيادة موحدة لتنفيذ سياسة الحلف وبنود اتفاقه، تحت إشراف الاتحاد السوفيتي، الذي تولى وزير دفاعه قيادة جميع جيوش الدول الأعضاء، وجعل من الصعوبة انسحاب أي عضو حتى وإن أدى إلى التصدي لهذا الانسحاب بالقوة العسكرية.

ب. إعطاء قوة ودرجة في التوازن مقارنة بحلف شمال الأطلسي، خاصة عند التعرض لأي مساومات دبلوماسية أو محادثات تسلح أو تسوية نزاعات في أي بقعة في العالم.

    أبرمت معاهدة الصداقة والتعاون والمساعدة المتبادلة وهو الاسم الحقيقي لميثاق وارسو أو حلف وارسو في 14 مايو 1955. ووقع عليه كل من: الاتحاد السوفيتي، وألبانيا، وبلغاريا، وتشيكوسلوفاكيا، وجمهورية ألمانيا الشرقية، والمجر، وبولندا، ورومانيا. وتحددت التزامات الدول في ديباجة وإحدى عشر مادة. وهكذا وقف حلف وارسو بقيادة الاتحاد السوفيتي في توازن ومساواة مع حلف شمال الأطلسي في فترة زمنية تُعَدّ قصيرة. وقد حقق هذا الحلف انتصارات سياسية ودبلوماسية على المستوى الدولي في مواجهة حلف شمال الأطلسي. وقد انسحبت ألبانيا من الحلف نهائياً عام 1968.

    وقد ركزت هذه المعاهدة مسؤولية الحلف الدفاعية في أوروبا فقط، ما جعل من غير الممكن انضمام دول أخرى مثل: الصين الشعبية، وكوريا الشمالية، وفيتنام الشمالية، وكوبا، وكلها دول شيوعية. وقد تفوق حلف وارسو فيما يخص التسليح التقليدي، بحيث اعترف له حلف شمال الأطلسي من خلال خبرائه العسكريين بأنهم لديهم من الأسلحة التقليدية ما يكفي لغزو أوروبا مرات عدة، على الرغم من أعباء المواجهة للاتحاد السوفيتي والتي وصلت إلى وجود 49 فرقة عسكرية قوامهم مليون جندي في حماية الحدود مع الصين.

    وقد تألف الحلف تحت قيادة لجنة سياسية استشارية، تضم أمناء سر الأحزاب الشيوعية في الدول المكونة لهذا الحلف، إضافة إلى عضوية رؤساء الحكومات ووزراء الخارجية ووزراء الدفاع. ولكن جهازاً بهذا الحجم لم يكن ليستطيع أن يجتمع، إلا في ظروف استثنائية نادرة. وتُعَدّ لجنة وزراء الدفاع هي أعلى سلطة عسكرية في الحلف، يتفرع من قيادتها هيئة للأركان، ويتولى الضباط السوفيت مناصب القائد العام ونائبه ورئيس الأركان بصفة دائمة، وتتكون قوات الحلف من الآتي:

أ. القوات السوفيتية وموزعة في أربعة مجموعات:

(1) المجموعة الأولى في ألمانيا الشرقية ومكونة من 19 فرقة مدرعة ومشاة ميكانيكية، تحتوي علي 5000 دبابة، 350 ألف جندي، إضافة إلى 900 طائرة مقاتلة.

(2)  المجموعة الثانية في بولندا وتتكون من فرقتين مدرعتين، تحتوي على حوالي 650 دبابة، 30 ألف جندي، إضافة إلى 350 طائرة مقاتلة تنتشر في 14 قاعدة جوية من أصل 57 قاعدة جوية سوفيتية موجودة في بولندا.

(3)  المجموعة الثالثة في تشيكوسلوفاكيا وبها فرقتان مدرعتان، 3 فرق ميكانيكية، تحتوي على 1400 دبابة، 70 ألف جندي، إضافة إلى قيادتين جويتين.

(4)  المجموعة الرابعة في المجر وبها فرقتان مدرعتان، وفرقتا مشاة ميكانيكية، تحتوي على 1200 دبابة، 50 ألف جندي.

(5)  في داخل الاتحاد السوفيتي نفسه يتواجد 30 فرقة مدرعة وميكانيكية، مكونة من 350 ألف جندي، إضافة إلى 3 فرق محمولة جواً.

ب. القوات الحليفة وتضم مجموعتين:

(1)  المجموعة الأولى تشكل من ألمانيا الشرقية وبولندا وتشيكوسلوفاكيا، وتتكون من 29 فرقة مدرعة وميكانيكية قوامها 470 ألف جندي، 9500 دبابة، 1520 طائرة مقاتلة.

(2)  المجموعة الثانية تشكل من المجر ورومانيا وبلغاريا، وتتكون من 24 فرقة مدرعة وميكانيكية وخمسة لواءات مدرعة بإجمالي 330 ألف جندي، حوالي 4000 دبابة.

    وإضافة إلى هذه القوة العسكرية التقليدية الكبيرة، لم يغفل حلف وارسو القدرة النووية. ففي هذا المجال، قطع الحلف شوطاً كبيراً، حيث عزز قدراته بأسلحة وقذائف صاروخية متنوعة منها الصواريخ (إس إس-20). ويمتلك هذا الصاروخ قدرة كبيرة على المناورة، كونه محملاً على عربات مدرعة، ويصل مداه إلى 5700 كم، وهو مزود بثلاث رؤوس نووية قوة الواحدة منها 500-600 كيلو طن. ويوجد منها 250 صاروخاً يعمل نصفها لصالح المسرح الأوروبي. هذا إضافة إلى الطائرة (تو-22) وهي قاذفة إستراتيجية ويطلق عليها الاسم (باكفاير) ولها القدرة على تحريك جناحيها بما يعطيها قدرة عالية على المناورة وتصل سرعتها إلى 2 ماخ، وتقدر حمولتها بحوالي 12 طن. أما في مهام قصف السفن فهي تحمل صاروخين (إس-6 كنج فيش) مزودين برأس نووية تكتيكية بمدى 450 كم، ويصل مدى العمل للطائرات 2900-3800 كم، بينما تقدير المدى لهذه الطائرة بواسطة المخابرات المركزية الأمريكية يصل 5300 كم. وتستطيع هذه الطائرة قذف الأهداف الأوروبية كافة، دون الحاجة إلى التزود بالوقود، ويصل عدد الطائرات الموجودة من هذا النوع 75 طائرة.

    إلى جانب هذه القوات التقليدية الكبيرة، نجد أن نظرية الردع، التي تشكل القاعدة الأساسية للفكر الإستراتيجي النووي الغربي، ليس لها نظير في الفكر السوفيتي. ويشدد السوفيت على الدفاع وليس الردع، لذا فهو يعتمد على أن زيادة قوته الدفاعية تحوي مضمون رادع تلقائي، وتركز على أن القدرة على صد الخصم واستيعاب الضربة الأولى هي الأساس في تحقيق الانتصار الحاسم في الحرب. ويرى المارشال "سوكولفسكي" أن نظريات التطويق أو الردع المتبادل ليست إلا شركاً يستغله الغرب للاستمرار في سباق التسلح والتحضير للحرب النووية.

3. حلف جنوب شرقي آسيا (السياتو- مانيلا):

    وُقِعَت في سبتمبر 1954، معاهدة حلف جنوب شرقي آسيا، بين كل من الولايات المتحدة الأمريكية، وبريطانيا، وفرنسا، وإستراليا، ونيوزلندا، وباكستان، وتايلاند، والفلبين. وحددت منطقة جنوب شرقي آسيا وجنوب غرب الباسفيكي كمناطق مسؤولية يشملها الحلف ويمارس فيها نشاطه الدفاعي. وقد جاء في البروتوكول الملحق بالمعاهدة موافقة إجماعية من الدول الأعضاء على امتداد مسؤولية الحلف إلى كمبوديا ولاوس وجنوب فيتنام، مع دعم هذه الدول اقتصادياً لبناء نفسها ودعم حريتها واستقلالها في مواجهة التهديد الشيوعي. وقد ظهر هذا الحلف إلى حيز الوجود، كنتيجة حتمية لحرب الهند الصينية، التي تحملت فيها فرنسا خسائر كبيرة، حيث تقدمت بعد ذلك باقتراح أن تضطلع الدول القريبة بدراسة الأوضاع الإستراتيجية والعسكرية في المنطقة، للوصول إلى ترتيبات للأمن الجماعي يواجه المد الشيوعي، وقد كان لفرنسا ما أرادت بعد استسلامها في موقعة ديان بيان فو.

    ولعل عدم قناعة الولايات المتحدة الأمريكية والكونجرس الأمريكي بالتورط في مثل هذه المعاهدات وتفضيلها المعاهدات والاتفاقيات الثنائية، أدى إلى وجود فقرة خاصة في المعاهدة توضح أن إدراك الولايات المتحدة الأمريكية لهذه المعاهدة ينبع من فهمها أن التدخل الجماعي ينحصر فقط في حالة ما إذا كان العدوان شيوعياً فقط، أما في حالات العدوان الأخرى فإنها ستلجأ للتشاور مع حلفائها.

    فضلت الهند الابتعاد عن الحلف نتيجة ما تم من دعم لعلاقاتها مع الصين الشيوعية، طالما أن الصين تنظر إلى هذا الحلف على أنه موجه ضدها. كما أن سياسة الحياد التي انتهجتها الهند، وشاركها كل من: بورما، وسيلان، ودول أخرى بالمنطقة تتبع النهج نفسه، أدت إلى وجود قناعة بعدم الاشتراك في هذا الحلف، بل والابتعاد عنه. وقد قال نهرو إن هذا الحلف كان خطأً فادحاً، لأنه يحاول أن يجر نفوذ القوى الأجنبية الكبرى إلى إقليم جنوب شرقي آسيا.

    وقد تبنى الحلف في الفقرة الثانية من المادة الرابعة تفسير العدوان غير المباشر، على أنه النشاط الهدام، وبعد الدراسة اتفق على أنه يمثل كل تخريب يوجه من الخارج مستهدفاً السلامة الإقليمية أو الاستقرار السياسي لأي دولة من الدول الأعضاء.

    وقد قُيِّم الحلف بضعفه العام وعدم تمتعه بفاعلية عالية لأسباب عديدة، الأمر الذي أدى إلى تصفيته عام 1978 من خلال قرار صدر عام 1976.

4. حلف المعاهدة المركزية (السنتو): 

    أوضحت تطورات الحرب الكورية مدى التحدي الشيوعي في آسيا، ما جعل الولايات المتحدة الأمريكية تعيد تقييمها لنظمها الدفاعية في منطقة الشرق الأوسط. ووجدت أنه لن يتحقق الدفاع عن المنطقة ضد الزحف الشيوعي، إلا بإيجاد نظام دفاعي متكامل يدمج وينسق بين جملة التحالفات الثنائية في المنطقة التي عقدت مع دول الغرب. ونظراً إلى أهمية الإقليم إستراتيجياً، واحتوائه على أضخم احتياطي بترولي في العالم، علاوة على رفض مصر مشروع القيادة الرباعية الذي كان الغرب يسعى لإنشائه عقب إلغاء مصر معاهدة التحالف المشترك مع بريطانيا، كل هذا أدى إلى ظهور فكرة الحزام الشمالي عام 1953، والتي تضمنت تأسيس حلف جديد تكون نواته الدول الشمالية المتاخمة للاتحاد السوفيتي، وخاصة تركيا وباكستان وإيران والعراق.

    بدأت تركيا وباكستان في عقد ميثاق دفاعي مشترك في أغسطس 1954، ثم الميثاق التركي العراقي في فبراير 1955. وقد انضمت بريطانيا إلى الميثاق التركي العراقي في أبريل 1955، ثم انضمت إليهم باكستان في يوليه 1955، ثم إيران في نوفمبر 1955. وعلى الرغم من أن حكومة ايزنهاور هي التي تقدمت باقتراح هذا الحلف، إلا أنها فضلت عدم الانضمام إليه، على أن يقتصر دورها على المشاركة في اللجان الاقتصادية والعسكرية. ولكنها فوضت بريطانيا لقيادة هذا الحلف، على أن يظل في يدها سلطة اتخاذ القرارات العامة. وسُميت هذه المعاهدة "حلف بغداد"، والذي كان مقره أنقره. وقد رفضت معظم الدول العربية الانضمام للحلف، وعارضته بشدة مصر والاتحاد السوفيتي الذي عده تهديداً للمصالح الأمنية الحيوية له.

    وحقيقة الأمر أن حلف بغداد أو كما سمي بعد ذلك حلف المعاهدة المركزية (السنتو) كان ضعيفاً منذ البداية، وذلك بسبب الإستراتيجية الناجحة للاتحاد السوفيتي في المنطقة والتقارب الذي حققه مع كل من تركيا وإيران، كما أن باكستان انشغلت عن الحلف بصراعها مع الهند، الذي دفعها إلى تكوين مصالح مشتركة مع الصين الشيوعية.

5. المعاهدات الأمريكية ـ اليابانية: 

    أولى هذه المعاهدات هي معاهدة الأمن المتبادل بين الدولتين عام 1951. وفيها أخذت الولايات المتحدة الأمريكية حقوقاً كبيرة، بلا حدود، في وضع قواتها وتحريكها من والي اليابان، لدعم أمن اليابان ومنطقة الشرق الأقصى ضد التهديد والزحف الشيوعي. وقد أنهت هذه المعاهدة الاحتلال العسكري الأمريكي رسمياً من اليابان. ولكن حل محله شكل آخر من أشكال الوجود المستمر حتى عام 1958، حيث سُحبت القوات البرية الأمريكية تماماً من اليابان، استناداً إلى قدرة اليابان على تأمين نفسها بعد تكوين قوة عسكرية ذاتية، مخالفة بذلك سياستها القومية، إلا أنها رأت في ذلك ما يفيد مصلحتها القومية.

    ونتيجة ظهور المعارضة اليابانية، ومناداتها بسحب القوات الأمريكية من قواعدها في اليابان، وإنهاء المخزون النووي الموجود على أراضيها، حاولت الولايات المتحدة الأمريكية امتصاص هذه المعارضات. فقامت بعقد معاهدة جديدة وقعت عام 1960، وكان أهم ما في هذه المعاهدة هي التشاور بين الولايات المتحدة الأمريكية واليابان في الموضوعات التي أثيرت من المعارضة اليابانية، إضافة إلى الحيلولة دون إحياء الروح العسكرية اليابانية من خلال عدم توسيع دائرة التزاماتها الدفاعية.

    طرأت بعض المتغيرات في المنطقة فيما يخص الإستراتيجية اليابانية، ما أدى إلى إعادة التفكير في تعديل هذه المعاهدة وإنشاء معاهدة جديدة، وكانت هذه المتغيرات تنحصر في الآتي:

أ. نمو القوة النووية للاتحاد السوفيتي والصين اللتين تجاوران اليابان، حيث ترتب على ذلك الوضع فقدان قيمة الحماية الأمريكية لليابان لعنصر التفوق لتأكيد هذه الحماية، ومن ثَم، لم يعد هناك مبرر لهذه العرقلة لاستقلال وسيادة اليابان.

ب. سعي اليابان لتحقيق تقارب مع الصين الشيوعية، خاصة في القطاع الاقتصادي والتبادل التجاري، وما سوف يتحقق من عائد على الدخل القومي الياباني لم يكن ليتحقق في ظل التبعية للولايات المتحدة الأمريكية وانتهاج سياسة عدائية للصين، حيث كانت المعاهدة الثانية الموقعة عام 1960 تمثل استفزازاً صارخاً للصين والاتحاد السوفيتي في صراعهما مع الولايات المتحدة الأمريكية بالمنطقة.

ج. ظهور تلميحات سوفيتية لعقد معاهدة صلح مع اليابان وتسوية الخلافات بشأن جزر الكوريل الجنوبية وما بدر من اليابان من رغبة في إقامة علاقات ودية معها.

د. القوة الاقتصادية الهائلة لليابان التي تحققت له خلال الفترة السابقة والتي لن تتناسب مع وضعه تحت السيطرة الأمريكية دون أسباب مقنعة.

    وعلى ضوء هذه الحسابات التي كانت لها تأثيرات كبيرة على توازن القوى بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي وعلى مصالح اليابان، تعددت المجادلات السياسية للوصول إلى أفضل الأشكال التي تحقق هذا التوازن، إلى أن توصل إلى التوقيع على المعاهدة الثالثة الجديدة في 17 يونيه 1971، بعد 10 سنوات هي مدة صلاحية وعمر المعاهدة الثانية. وبموجب هذه المعاهدة الجديدة، أعادت الولايات المتحدة الأمريكية إلى اليابان جزيرة أوكيناوا، بعد احتلال دام 25 عاماً، إلا أن المعاهدة سمحت ببقاء 42 ألف جندي، و87 قاعدة ومنشأة عسكرية، وعدد من أسراب قاذفات القنابل في داخل الجزيرة.

    إلا أن الولايات المتحدة الأمريكية ظلت على أفكارها من أن اليابان لها القدرة على أن تلعب دوراً أساسياً في حماية المصالح الأمريكية، ضد التزايد المتصاعد للوجود والسيطرة السوفيتية في المنطقة. إمّا من خلال السماح للولايات المتحدة الأمريكية بزيادة قواتها وقواعدها في المنطقة خاصة في اليابان، أو أن تزيد اليابان من المخصصات الدفاعية لتصل إلى المستوى الذي تراه الولايات المتحدة كافياً لتنفيذ إستراتيجيتها. لكن اليابانيين رأوا أن زيادة المخصصات الدفاعية يمثل عبئاً إضافياً على ميزانيتها وهو ما يلقى معارضة شديدة من داخل اليابان، علاوة على أنه سيخيف دول المنطقة من تنامي القوة العسكرية اليابانية، التي تُعَدّها تهديداً لها خاصة كوريا الشمالية والفليبين وإندونيسيا وتايلاند وفيتنام، التي قد يدفعها ذلك إلى ردود أفعال تعقد الأمور أكثر مما هي عليه الآن بالنسبة لليابان.

    وعندما أدلى ناكاسوني إلى صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، أنه يرغب في أن تصبح اليابان حاملة طائرات غير قابلة للغرق، حتى يمكنها أن تدافع عن نفسها بسهولة ضد الحشد العسكري السوفيتي في شمال آسيا، لقيت هذه التصريحات استحساناً من الرئيس الأمريكي ريجان. إلا أن موسكو أعلنت، من خلال وكالة تاس السوفيتية، أن إستراتيجية حاملة الطائرات هذه، التي ذُكرت، سوف تجعل من اليابان هدفاً لضربة انتقامية، قد تكون أسوء من كارثة هيروشيما ونجازاكي. وهكذا، بعد أن كانت اليابان تسعى إلى التصالح وتحسين العلاقات مع الاتحاد السوفيتي، عادت مرة أخرى لتكون حليفاً للولايات المتحدة الأمريكية ضد السوفيت، وهو ما جر عليها مشاكل كثيرة.

6. ميثاق ريو للدول الأمريكية:

    عُقد في ريو دي جانيرو بالبرازيل عام 1947 مؤتمر الدول الأمريكية الخاص بدراسة الوسائل التي تدعم السلام بالقارة الأمريكية. وأثناء هذا المؤتمر، وُقِّع ميثاق (ريو) أو معاهدة المساعدة المتبادلة بين الدول الأمريكية. وقد وقعه كل من: الولايات المتحدة الأمريكية، وكوبا، وهندوراس، والمكسيك، وجواتيمالا، والسلفادور، ونيكاراجوا، وهاييتي، وجمهورية الدومنيكان، وكوستاريكا، وبنما، وفنزويلا، والاكوادور، وكولومبيا، وبيرو، وبوليفيا، وبارجواي، والبرازيل، وشيلي، والأرجنتين، وأورجواي، بإجمالي 21 دولة في الأمريكتين.

    ورد في ديباجة هذا الميثاق أو هذه المعاهدة أن الهدف من عقد هذه المعاهدة هو كفالة السلام لكل الدول الأمريكية، من طريق تقديم المساعدات الضرورية لأي دولة تتعرض لخطر الاعتداء عليها من الخارج. وقد أعلنت الدول الأعضاء في هذا الميثاق نبذها وإدانتها للحرب كأداة للسياسة، وتعهدت بالامتناع عن استخدام القوة أو التهديد باستخدامها في علاقاتها الدولية، تمشياً مع مبادئ ميثاق الأمم المتحدة، وأيضاً اتباع السبل السلمية لحل أي منازعات تنشأ بينها. كما نصت المادة الثانية من الميثاق على إحالة المنازعات إلى الأمم المتحدة، لحلها في حالة عدم التوصل إلى اتفاق بشأنها من خلال هذه المعاهدة.

    اتفقت الدول الأمريكية المشتركة في هذه المعاهدة على مبدأ أن أي اعتداء على إحدى هذه الدول يُعَدّ اعتداءً على باقي الدول، وهو الأمر الذي يستوجب تدخلاً جماعياً لمواجهة هذا الاعتداء، تطبيقاً لمبدأ حق الدفاع الشرعي عن النفس. ونصت المادة الثالثة من الميثاق على أن تشارك الدول الأعضاء في تحمل المسؤولية في اتخاذ تدابير جماعية لمواجهة العدوان، بشرط الموافقة على هذه التدابير بأغلبية الثلثين، ويستبعد من التصويت الدول الأطراف في هذه المنازعات، وذلك لحين انتهاء مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة من الاتفاق بشأن التدابير التي تتناسب مع طبيعة النزاع المعروض.

    وقد نص الميثاق أيضاً على بعض التدابير، التي يجب اتخاذها ضد هذا العدوان، وهي إجراءات أساسية ومن هذه التدابير ضد الدول المشتركة في النزاع:

أ.  استدعاء رؤساء البعثات الدبلوماسية.

ب. قطع العلاقات الدبلوماسية مع الدولة التي تقترف العدوان عند ثبوت مسؤوليتها عنه.

ج. قطع العلاقات الاقتصادية بصورة كلية أو جزئية مع الدولة المعتدية.

د.  قطع الاتصالات الهاتفية والبرقية والمواصلات البرية والبحرية.

هـ. استخدام القوة المسلحة.

    إضافة إلى ذلك، فإن هذا الميثاق لم يلزم أعضاءه الإحدى والعشرين دولة، بالمشاركة في الجزء الخاص باستخدام القوة المسلحة أو أي تدابير عسكرية، بل يشترك من يوافق على ذلك من بين الأعضاء. وقد وضع هذا النص، في محاولة لإقناع مجلس الشيوخ الأمريكي بالتصديق على سريان هذه المعاهدة، وذلك بسبب نوايا المجلس في الرفض إذا ما تبين تورط الولايات المتحدة الأمريكية عسكرياً في أي نزاع قد يحدث.

    وقد أوضحت المادة التاسعة من الميثاق أو المعاهدة تفسيراً للتصرفات التي يمكن عدها عدواناً وهي:

أ.  الاعتداء العسكري من دولة ضد دولة أخرى، دون وجود استفزازات عدائية مسبقة من جانب الدولة المُعتَدى عليها.

ب. عبور أو غزو حدود دولة ما، بواسطة دولة أخرى.

ج. غزو أحد الأقاليم الواقعة تحت السلطة والسيطرة لدولة ما، بواسطة دولة أخرى.