إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية / ثورة عام 1958، في العراق




نوري السعيد
الملك فيصل الأول
الرئيس عبدالسلام عارف
الرئيس عبدالكريم قاسم
عبدالإله بن علي





الفصل الرابع

الفصل الرابع

أحداث الثورة

      كانت استعدادات سفر الملك فيصل الثاني إلى لندن للقاء خطيبته قائمة على قدمٍ وساقٍ. وكان الملك متشوقاً للسفر، وحدد يوم الثامن من يوليه 1958، موعداً لسفره. ولكن في يوم 7 يوليه رجاه وزير المالية أن يؤجل سفره إلى يوم 9 يوليه؛ للتوقيع على قانون الخدمة الإلزامية، وقانون توحيد النقد والبنك المركزي لدول حلف بغداد. ووافق الملك بعد إلحاح، ثم في يوم 8 يوليه أرسل شاه إيران برقية من واشنطن، يقول فيها إنه قابل الرئيس أيزنهاور، ولديه معلومات يريد أن يبلغها لمجلس دول حلف بغداد؛ واقترح لقاء رؤساء دول الحلف، ورؤساء وزرائهم، في إستانبول يوم 14 يوليه 1958، واضطر الملك إلى تأجيل سفره مرة ثانية من 9 يوليه إلى 14 يوليه. وهيأ القدر بذلك نهاية حكم امتد من 21 أغسطس 1921 إلى 14 يوليه 1958، في مجزرة جماعية مثيرة.

      أمَّا الأمير عبدالإله، الوصي على العرش، فكان في استانبول يقضي فصل الصيف. ولكنه عاد إلى العراق في موسم شديد الحرارة، وحين سُئل لماذا اختار حرّ العراق على هواء استانبول العليل؟ أجاب أنه علم، من بعض اتصالاته، ومن معلومات توافرت لديه، أن بعض المفسدين قد يقومون ببعض حركات التخريب، أثناء غيابه، وغياب الملك كذلك، عن العراق؛ ومن ثم فقد أراد أن يكون هو في العراق، أثناء غياب الملك.

      أمَّا نوري السعيد فقد كان مع زوجته وأسرته في لندن، في شهر يونيه 1958، وكان قد طلب من الملك أن يرسل إليه برقية للحضور إلى بغداد، عند عزمه مغادرتها، فأرسل إليه الملك تلك البرقية. وهكذا جمع القدر بين الثلاثة الكبار معًا، في وقت واحد، ليكون الانقلاب والانقضاض عليهم، من جانب جماعة من الضباط كانت تترقب وجود الثلاثة الكبار معاً لكي تضرب ضربتها.

      وقبل سرد أحداث الثورة، يجدر العلم أنه حدثت محاولات عدة، قام بها تنظيم الضباط الأحرار، قبل يوم 14 يوليه 1958، للإطاحة بالنظام الملكي، ولكنها كلها لم يحالفها النجاح، ومن هذه المحاولات:

المحاولة الأولى (نوفمبر 1956)

      فكر الضباط الأحرار في اللواء الرابع عشر من الفرقة الأولى، والذي كان يجري بعض التدريبات آنذاك بالقرب من بغداد، في ضرورة الإسراع لإسقاط النظام الملكي. بادر العقيد الركن عبدالوهاب الشواف، آمـر الفوج الثالث من اللواء الرابع عشر، إلى عقد اجتماع للضباط الأحرار في الفوج لوضع خطة للسيطرة على اللواء، واعتقال آمره، ومن ثم التحرك نحو بغداد، غير أنهم اتفقوا على تأجيل تنفيذ هذه الخطة؛ بعد أن تبين أن نجاحها غير مضمون تماماً. ومع ذلك فإن هذه المحاولة قد أثارت حماساً عالياً بين صـفوف كثير من الضباط. وتسربت أخبار هذه الخطة إلى الجهات العليا، فأصدرت تعليماتها بنقل اللواء إلى منطقة نائية؛ بحجة إجراء حركة تنقلات في الوحدات[1].

المحاولة الثانية (ديسمبر 1956)

      جرت هذه المحاولة عقب عودة اللواء التاسع عشر من الأردن، الذي كان آمره عبدالكريم قاسم، واتصل العقيد الركن عبدالوهاب الشواف، من اللواء الرابع عشر، بعبدالكريم قاسم، وقررا القيام بالحركة عند بدء مراسم الاحتفالات بعودة الوحدات من الأردن. ولكن لدى علمهم بخبر عزم نوري السعيد عدم حضور هذه الاحتفالات جعلهم يؤجلون القيام بالحركة إلى موعد آخر؛ لأن الضباط الأحرار قرروا عدم القيام بأية حركة إلاّ إذا كان الثلاثة الكبار (الملك فيصل وعبدالإله ونوري السعيد) مجتمعين؛ لعدم تكرار مأساة عام 1941.

المحاولة الثالثة (أكتوبر 1957)

      تقرر في خريف عام 1957 القيام بمناورات باستخدام الذخيرة الحية، في منطقة بيخال في شمال العراق، وكان الغرض من هذه المناورات هو الدعاية لحلف بغداد، وعرض الأسلحة الأمريكية التي تم تزويد الجيش بها. وتقرر حضور الثلاثة الكبار لمشاهدة هذه المناورات، فاجتمعت اللجنة العليا للضباط الأحرار، وتدارست الموقف، وقـررت وضع خطة للقيام بالثورة، خلال هذه المناورات، خاصة وأن الوحدات المشاركة في المناورات يقودها الضباط الأحرار، ومنهم العقيد عبدالسلام محمد عارف، الذي كان يقود الفوج الثاني من اللواء العشرين، وكذلك اللواء الثالث الذي كان يقوده العقيد الركن خليل سعيد.

      وكانت الخطة تتضمن اعتقال الثلاثة الكبار، ثم تتحرك الوحدات الأخرى في بغداد للسيطرة على المراكز المهمة، بعد إرسال كلمة السر إليها. ولكن الآمال خابت عندما تقرر سفر عبد الإله إلى اليابان وفرموزا في زيارة رسمية، ولم يحضر نوري السعيد المناورات، فتأجلت الحركة إلى موعد آخر.

المحاولة الرابعة (6 يناير 1958)

      تدارست اللجنة العليا موضوع تنفيذ الثورة في عيد الجيش، الموافق 6 يناير 1958، أثناء الاحتفالات التي تجرى بهذه المناسبة في معسكر الرشيد، بحيث يتولى التنفيذ الوحدات المشاركة في هذه الاحتفالات التي كان يقودها الضباط الأحرار، وهي اللواء التاسع عشر، الذي كان يقوده عبدالكريم قاسم، وكتيبة المدفعية الثقيلة التي كان يقودها العقيد الركن محسن حسين الحبيب، والفوج الثاني، الذي كان يقوده العقيد محمود عبدالرزاق. وبعد مناقشات عديدة كانت أمام اللجنة خطتان لتنفيذ الثورة وهما:

1. خطة عبدالكريم قاسم:

وفيها تقوم دبابتان، عند مرورهـما أمام منصة التحية، التي سيقف عليها الملك وعبد الإله ونوري السعيد، بفتح نيرانهما عليهم، ثم يعمد الضباط الأحرار إلى اعتقال المسؤولين والسيطرة على الوحدات العسكرية، والزحف نحو بغداد لإعلان الثورة، غير أن اللجنة لم توافق على الخطة؛ خوفاً من وقوع ضحايا بريئة، واحتمال إصابة عدد من الضباط الأحرار الحاضرين للاحتفال.

2. خطة العقيد الركن ناجي طالب:

وفيها تتولى كتيبة المدرعات التي يقودها العقيد عبدالرحمن عارف، والتي ستتحرك من منطقتها في أبي غريب نحو معسكر الرشيد، بمناسبة احتفالات عيد الجيش في 6 يناير 1958، أثناء مرورها ببغداد، تطويق قصر الرحاب والإذاعة والجسور، واعتقال الثلاثة الكبار، وإعلان الثورة. بينما تبدأ الوحدات الأخرى المتمركزة في معسكر الرشيد في الزحف نحو بغداد. ولكن هذه الخطة لم يتم الاتفاق عليها؛ بسبب رفض العقيد عبد الرحمن عارف لها، بحجة صغر حجم القوة المنفذة للانقلاب، مما قد يؤدي إلى فشلها في تأدية هذه المهام العديدة.

المحاولة الخامسة (11 مايو 1958)

      جاءت الفرصة الملائمة عند ورود خبر مرور اللواء الخامس عشر، الذي يرأسه الزعيم أحمد محمد يحيي ببغداد، أثناء تحركه من معسكر التدريب بالحبانية ـ ضمن وحدات الفرقة الأولى ـ إلى البصرة. وكان العقيد عبدالغني الراوي، وهو من الضباط الأحرار، يعمل رئيساً لأركان هذا اللواء، فاجتمع عدد من الضباط الأحرار في منزل الرائد حسن مصطفى النقيب وتقرر القيام بالحركة، ووضعت خطة تنفيذ الثورة، وكذلك البيانات التي كانت ستلقى لهذا الغرض، مع إبـلاغ الضباط الأحرار بالوحدات الأخرى للتحرك نحو بغداد، فور النجاح الأولي لمهمة اللواء الخامس عشر. وتحدد موعد الحركة ليلة 11/12 مايو 1958.

      لم تنفذ الخطة لسبب رئيسي؛ وهو أن اللواء الخامس عشر لم يمر ببغداد كما كان مخططاً له، وإنما انتشر بين الفالوجة والرمادي، وتم نقله بالقطار مباشرة إلى البصرة. إضافة إلى اعتراض عدد من الضباط على حجم الأفراد المنوط بهم تنفيذ الخطة، إذ أن عددهم كان لا يكفي لإنجاحها.

      وتُعد خطة 11 مايو 1958، من أوسع المحاولات؛ إذ شارك فيها مائة وأربعة عشر ضابطًا، إضافة إلى اشتراك أعضاء من حزب البعث العربي الاشتراكي[2].

المحاولة السادسة (29 مايو 1958)

      اجتمعت اللجنة العليا، بعد أن تقرر إقامة حفل في 29 مايو 1958، في كلية القادة والأركان، بمناسبة مرور خمسة وعشرين عاماً على تأسيسها، وحضور الثلاثة الكبار، وقادة الفرق، ورئيس أركان الجيش الحفل المذكور، وتدراست اللجنة موضوع القيام بالحركة في هذا اليوم، ولكن تأجل تنفيذها؛ بسبب ورود أخبار بسفر عبدالإله ونوري السعيد إلى خارج العراق.

المحاولة السابعة (22 يونيه 1958)

      وُضعت خطة هذه المحاولة عندما وردت المعلومات، التي تفيد بأن هناك خطة تدريب ليلي، تتضمن تحركاً ليلياً لكل من اللواء التاسع عشر الذي كان يقوده عبد الكريم قاسم، من منطقة تمركزه في معسكر المنصورة، واللواء العشرين بالتحرك من معسكره في جلولاء، على أن ينتهي التحرك الليلي بالوصول إلى منطقة أبو جسره، وأبو صيدا قبل أول ضوء. وتركزت الخطة على دخول بغداد، وإعلان الثورة بعد احتلال المراكز المهمة بها. ولكن تسرب أنباء هذه المسيرة الليلية إلى بعض القيادات المسؤولة في بغداد، ورصدها لتحركاتها، اضطر عبدالكريم قاسم إلى إلغاء هذه الخطة، وإجراء التدريب بصورة طبيعية.

      وبعد هذه الحادثة أحاط عبدالكريم قاسم، والعقيد الركن عبدالسلام محمد عارف، والعقيد الركن عبداللطيف الدارجي جميع أعمالهم بسِرِّية أكثر مما كانت عليه في الماضي، وأقسموا اليمين فيما بينهم على الكتمان حتى لا تتسرب الأخبار مرة أخرى.

ثورة يوليه 1958

أخبار مؤكدة وإهمال مقابل

      سبق أن اتصل الملك حسين، ملك الأردن، بالحكومة العراقية، وأخبرها بمعلومات مؤكدة، عن وجود تنظيم في الجيش العراقي يُعدُّ لانقلاب عسكري. ولكن الفريق رفيق عارف، رئيس أركان الجيش العراقي، ردّ على كلام الملك، بأن لا وجود للحركات الانقلابية في الجيش العراقي.

      وقبل حدوث الانقلاب بأكثر من شهر، ذكر عدنان مندريس، رئيس وزراء تركيا، لنوري السعيد في استانبول، أن لديه معلومات موثّقة، أن انقلاباً عسكرياًّ يجري الإعداد له في الجيش العراقي. ولكن نوري السعيد رفض تصديق ذلك. كذلك ذكر أحمد مختار بابان، رئيس وزراء العراق قبيل الثورة، أن مدير الأمن العام، بهجت العطية، جاءه قبل الثورة بثلاثة أيام، وقدم له تقريراً عن تحركات بعض الضباط الأحرار، بما يشير إلى قرب وقوع انقلاب. فأخبر الأمير عبدالإله بها، الذي بادر إلى الاتصال برفيق عارف، رئيس الأركان، فنفى صحة هذه المعلومات نفياً قاطعاً.

      وقد حدثت مثل هذه الإبلاغات من جهات مختلفة، ولكن الحكومة كانت على ثقة عمياء بأن ذلك لن يحدث. وقد اعترف الفريق رفيق عارف، أثناء المحاكمة، أنه كان متسامحاً كثيراً مع الضباط الأحرار، وكانيغض الطرف عن أعمالهم وحركاتهم، ولم يتخذ أية إجراءات ضدهم مع أنه كان يعلم ما يعملون!… هكذا نامت الحكومة العراقية، ولم تستيقظ إلاّ على دوي المدافع، وهدير الدبابات يوم 14 يوليه 1958.

      صدرت الأوامر، في 3 يوليه 1958، إلى لواء المشاة العشرين، الذي يقوده الزعيم الركن أحمد حقي، بالتحرك من مقره في معسكر جلولاء إلى الأردن، وسمى ذلك بـ "حركة صقر". غير أنه أُرجئ تحرك اللواء لاستكمال بعض معداته، واستمر التأخير لمدة عشرة أيام، وهيأ ذلك ظرفاً أكثر ملاءمة للضباط الأحـرار؛ لأن كلاًّ من عبدالإله ونوري السعيد، اللذين كانا قد غادرا العراق في 3 يوليه، عادا في يوم 12 يوليه إلى بغداد، وأخذ الملك فيصل وعبدالإله يستعدان للسفر إلى استانبول، لحضور اجتماع حلف بغداد في 14 يوليه، ثم قضاء عطلة الصيف.

      ومن ثم فقد اجتمعت اللجنة العليا للضباط الأحرار، وتدارست الموقف في ضوء تلك الظروف الجديدة؛ فقررت وجوب قيام اللواء العشرين بالحركة أثناء مروره ببغداد، غير أن عبد الكريم قاسم وعبدالسلام محمد عارف، لحرصـهما على الانفراد بتنفيذ الثـورة، وعـدم إخـبار أعضـاء اللجـنة العلـيا بموعـد التنفـيذ، وبعـد أن أقسـما يمـيناً على ذلك مع العقيد عبداللطيف الدراجي، سعيا بكل وسيلة ممكنة لعرقلة اجتماعات اللجنة العليا[3]؛ فقد عمل عبدالكريم قاسم على تأجيل اجتماعات اللجنة العليا، في الأيام القليلة السابقة ليوم 14 يوليه، بل وإثارة بعض الخلافات بين أعضائها؛ مما أدى إلى تأجيل الاجتماع دون اتخاذ أية قرارات.

      وبناء على اقتراح عبدالكريم قاسم، عُقد الاجتماع التالي بمنزله في 4 يوليه؛ من أجل وضع خطة الثورة وتوزيع المراكز، ولكن الاجتماع انتهى سريعاً ودون اتخاذ أي قرار؛ بسبب حضور العقيد فاضل عباس المهداوي، وإخباره المجتمعين بعلم الاستخبارات العسكرية بذلك الاجتماع، ونصحه إياهم بفض الاجتماع بأقصى سرعة.

      كانت اللجنة العليا قد قررت أن يكون موعد القيام بالحركة (أي ساعة الصفر)، هو أثناء مرور أية وحدات عسكرية بها ضـباط أحرار ببغداد، وذلك في ضوء خطة مسبقة، وزعت بموجبها الواجبات على أعضاء اللجنة العليا، والضباط الآخرين بالتنظيم، مع التأكيد على وجوب بقاء الضباط الأحرار بوحداتهم ليلة القيام بالحركة، حتى إذا ما تحركت الوحدات مارة ببغداد بادرت الوحدات الأخرى ببغداد بالإسراع لتنفيذ ما عُهد إليها من مهام طبقاً للخطة الموضوعة، وكلٌ حسب الدور المسند إليه.

      ويذكر العقيد رجب عبدالمجيد، أن اللجنة العليا كانت على علم بأن رئاسة أركان الجيش قد أصدرت أوامرها إلى اللواء العشرين المتمركز في (جلولاء) بالتحرك إلى الأردن، وعلى علم بأن هذا اللواء يضم عدداً كبيراً من الضباط الأحرار، على رأسهم العقيد عبدالسلام محمد عارف، والعقيد عبداللطيف الدراجي، بل إن جميع أعضاء اللجنة العليا كانوا يعلمون بالموعد المنتظر للحركة، وتهيأ كل واحد منهم للقيام بواجبه، ولكن كانت هناك محاولات من العقيد عبداللطيف الدراجي، لتضليل اللجنة العليا عن التوقيت الحقيقي للحركة، خاصة خلال الاجتماع الذي تم يوم 10 يوليه في النادي العسكري، وحضره بعض الضباط الأحرار[4].

      يقول عبدالسلام محمد عارف: "شهد يوم الخميس 10 (تموز) يوليه 1958، نشاطاً واسعاً، فقد كان علي أن أمر على جميع الضباط المكلفين بتنفيذ العملية، لأشرح لهم تفاصيل الخطة وتحركاتهم، وقد حاول كثير من الضباط معرفة وقت الحركة ويومها، إلاّ أنني آثرت السرية، فقد كانت غايتنا الكتمان والمباغتة، واكتفيت بتبليغ عدد قليل جداًّ من الضباط، وهم المنوط بهم واجبات التنفيذ، وكان واجبي أن أسيطر على اللواء العشرين، وأعزل قيادته، وأتسلم القيادة، وأنا مازلت آمراً للفوج الثالث في اللواء"[5].

القرار الحاسم

      لم يُتخذ أي قرار نهائي بشأن مصير الثلاثة الكبار في حالة نجاح الثورة، إذ لم يتم الوصول إلى رأي محدد بشأنهم داخل اللجنة العليا، ولكن في صباح يوم 11 يوليه 1958، اجتمع كل من: عبدالكريم قاسم وعبدالسلام محمد عارف والعقـيد عبداللطيف الدراجي، والسيد رشيد مطلك، وتباحثوا في مصير الملك وعبدالإله ونوري السعيد، وتقرر في هذا الاجتماع قتل عبدالإله ونوري السعيد، أما مصير الملك فقد ظل معلقاً باستشارة بعض الزعماء المدنيين، ويبدو أن رشيد مطلك أخبر الثلاثة المجتمعين بضرورة قتل الملك، وكان عبدالكريم قاسم من المتحمسين، أيضاً، لقتل الثلاثة: الملك وعبدالإله ونوري السعيد، وعلى هذا اتخذ قرار نهائي بقتلهم جميعاً[6].

الزحف على بغداد

      كانت الخطة التي وضعها عبدالكريم قاسم، وعبدالسلام محمد عارف للقيام بالحركة، بعد أن صدرت الأوامر للواء العشرين بالتحرك من (جلولاء) إلى الأردن، مروراً ببغداد تتضمن ما يلي:

  1. خداع الزعيم أحمد حقي بتركه مقتنعاً بأن أوامر قيادة الجيش ستنفذ بالتقدم إلى الفالوجة عبر بغداد، ومن الفالوجة يبدأ التحرك إلى عمان.
  2. الطلب من الزعيم أحمد حقي أن يكون على رأس الجزء الأول من القوات الزاحفة، والتي ستتوقف عند الفالوجة، فإذا ما وصلها، تبادر الوحدات التي ما زالت تتقدم على الطريق من جلولاء بالاستيلاء على بغداد، وإحكام السيطرة عليها.
  3. تضليل الزعيم أحمد حقي عن سبب تخلف الوحدات في الطريق، بتقديم معلومات وحجج مختلفة، وإبعاد أية شبهة أو شك، قد يساوره، عن السبب الحقيقي للتخلف، وعن المسافات التي تفصل الوحدات بعضها عن البعض الآخر، أو عدم لحاقها به.
  4. عدم إلقاء القبض على الزعيم أحمد حقي أثناء القيام بالحركة، لكيلا تتسرب أنباؤها إلى القيادة العليا، أو الجهات المسؤولة.
  5. تولي اللواء التاسع عشر، الذي يقوده عبدالكريم قاسم، مهمة تأمين ظهر القوات الزاحفة إلى بغداد، واعتقال اللواء غازي الداغستاني قائد الفرقة الثالثة.
  6. عدم إخبار القوات الزاحفة بما ستقوم به في بغداد من إعلان للثورة؛ لئلا يشتد الحماس عند الضباط والجنود، ومن ثم تصل أخبار ذلك إلى السلطات العليا.
  7. إبلاغ الضباط الأحرار، الذين سيقومون بمهام التنفيذ في بغداد، وعدم إبلاغ أي ضباط آخرين؛ للمحافظة على السرية والمباغتة، ومنعاً لتسرب أخبار الثورة.

سير الأحداث

      كان الزعيم أحمد حقي في مقدمة القوات الزاحفة، وعندما كان يسأل عن انتظام الوحدات في مسيرتها، أو عن سـبب تخلف البعض منها، كان العقيد عبدالسلام محمد عارف يختلق مختلف الأسباب لتبرير ذلك، ويطمئنه أن كل شيء يسير على ما يرام، وأمكن خداعه حتى وصل إلى الفالوجة. كما تولى الرائد قاسم أحمد الجنابي اعتقال اللواء الركن غازي الداغستاني، والسيطرة على مقر الفرقة الثالثة في بعقوبة.

      وكان يجتمع آنذاك، في منزل الرائد عبدالستار عبداللطيف، ستة ضباط بانتظار بدء الحركة، وهم: الرائد جاسم العزاوي، والرائد إبراهيم التكريتي والرائد عبدالستار عبداللطيف، والرائد محمد مجيد، والرائد إبراهيم عباس اللامي". وعندما أخطرهم مندوب عبدالسلام محمد عارف، انطلقوا في سيارتين خاصتين لملاقاة القوات الزاحفة على بعد خمسة عشر كيلو متراً من بغداد، فلحق ثلاثة منهم بهذه القوات، وتولى الباقون منهم مهمة الإرشاد عن المراكز الحيوية التي يجب الاستيلاء عليها. فتفرقت هذه القوات إلى ثلاث مجموعات لاحتلال كل من قصر الرحاب، وبيت نوري السعيد، ودار الإذاعة، ومقر شرطة القوة السيارة، ودائرة البريد والبرق والهاتف، والجسور، ووزارة الدفاع، وبعض المراكز الحيوية الأخرى.

      كان اللواء العشرون، الذي يقوده الزعيم أحمد حقي، مكوناً من ثلاثة أفواج، يقود الفوج الأول العقيد عبد اللطيف الدراجي، والفوج الثاني يقوده العقيد ياسين محمد رؤوف، الذي لم يكن من الضباط الأحرار، ويقود الفوج الثالث العقيد عبدالسلام محمد عارف. وقرر الضباط الأحرار اعتقال العقيد ياسين رؤوف، بعد أن عرض عليه عبدالسلام محمد عارف الاشتراك معهم إلاّ أنه رفض، ومن ثم بادر باعتقاله، وبسبب ذلك تأخرت الحركة بعض الوقت، وصدرت الأوامر إلى الوحدات الفرعية بالتحرك، كل حسب الهدف المحدد له من قبل، بعد أن وزعت عليها الذخائر.

السيطرة على معسكر الرشيد:

      كانت خطة الاستيلاء على معسكر الرشيد من أهم وأخطر خطط الثورة؛ لأن نجاح الثورة كان متوقفاً على نجاح السيطرة على هذا المعسكر؛ لأن الفريق الركن محمد رفيق عارف رئيس أركان الجيش كان من رجال النظام الملكي البارزين، فلو استطاع أن يفـلت من قبضة الضـباط الأحـرار، وأن يتصل بنوري السعيد لباءت الحركة بالفشل.

      وكانت الخطة قد أوكلت مسؤولية الاستيلاء على هذا المعسكر إلى كلٍّ من الرائد جاسم العزاوي، والرائد عبدالستار عبداللطيف، والرائد إبراهيم التكريتي. وبدأ تنفيذ الخطة في الساعة الرابعة من صباح 14 يوليه 1958، بعد أن وصلت الإشارة المتفق عليها بالتنفيذ؛ وهي وصول بعض الدعم لهما (أفراد وعتاد) من العقيد عبداللطيف الدراجي قائد الفوج الأول، وعلى الفور تولى الرائد جاسم العزاوي ومن معه تطويق منزل رئيس أركان الجيش الفريق محمد رفيق عارف، بعد أن تمت السيطرة على الحرس المكلف بحمايته، وطُلب منه الاستسلام، فاستسلم دون مقاومة، ووضِع في سجن خُصص له من قبل. ثم توجه رجال الحركة نحو الباب الرئيسي للمعسكر لمنع دخول أي فرد، مهما كان منصبه أو رتبته، عدا الضباط الأحرار، وأمكن السيطرة عليه بوضع سيارة في مدخله وبعض الدبابات، كما ألقى الضباط الأحرار كلمة وطنية حماسية على الضباط والجنود الحاضرين أُعلن فيها قيام الثورة. كما أُرسلت قوة مدرعة على الفور إلى مركز قوة الشرطة السيارة، فاستولت عليه دون أية مقاومة، ثم أُرسلت قوة أخرى إلى دار السفارة الأمريكية لحراستها، وحمايتها من غضب الجماهير، ولمنع لجوء نوري السعيد إليها.

الهجوم على قصر الرحاب

      بدأ الهجوم على قصر الرحاب في الساعة السادسة من صباح يوم 14 يوليه 1958، بعد أن صدرت الأوامر إلى الرائد منذر سليم من لواء المشاة العشرين بأن يتوجه، على رأس سريته، إلى القصر، حيث يقيم الملك وعبدالإله، ويسيطر عليه، ويحول دون فرارهما. ووصلت السرية، في التوقيت المحدد لها، بالقرب من القصر وحوله، في انتظار الهجوم عليه. وفي حوالي السادسة والربع فُتحت النار باتجاه القصر، وأصابت الأعيرة النارية غرفة نوم عبدالإله في الطابق الأول، وحطمت زجاج النافذة. وذكر الملازم فالح حنظل، من ضباط الحرس الملكي خارج القصر، أنه كان هو الذي أخبر الحراسة الداخلية بأن وحدات من الجيش قد سيطرت على بغداد، وأن انقلاباً قد حدث.

      أُصيب حرس الباب النظامي للقصر بالذهول، وهم يسمعون طلقات الرصاص تنهال عليهم، بينما كان عبدالإله في غرفة نومه، يكلم العقيد طه البامرني، آمر الحرس الملكي، مستفسراً عن الموقف، ويطلب منه أن يكسب أكبر وقت ممكن حتى يمكنه الاتصال بالقوات التي مازالت موالية.

      في الوقت الذي ازدادت فيه مقاومة الحرس الملكي للمهاجمين، وصل بعض الضباط الأحرار إلى مدرسة المشاة القريبة من القصر، وانضم إليهم نحو 60 ضابط صف، وبعض الأسلحة والذخائر، كما تم نصب مدفع عيار 106مم، مضاد للدروع أمام القصر، واشتدت نيران المهاجمين للقصر، بينما توقف إطلاق النار من جانب الحرس الملكي. وعندئذ تقدم النقيب محمد علي سعيد، والنقيب حميد السراج، وعدد من ضباط الصف، ودخلوا حديقة القصر من بابه الجانبي، وفي غضون ذلك أطلق النقيب عبدالستار سبع العبوسي ثلاث قنابل عيار 106مم تجاه القصر، ولم تلبث ألسنة اللهب أن تصاعدت من الشرفة.

      وعلى الفور أمر عبدالإله، أفراد الأسرة المالكة كافة بالنزول إلى أقبية القصر، وسراديبه، والاحتماء هناك. وأخبر العقيد البامرني، عبدالإله، بأن الهجوم قد ازداد، وأن أعداداً كبيرة من الجنود يشاركون في الهجوم، وأنه لم يتمكن من الوصول إلى أحد من الضباط المهاجمين لإقناعه بالتفاوض. ومن ثم لم يعد لعبدالإله والملك بارقة أمل في السيطرة على الموقف، خاصة وأن العقيد طه البامرني آمر الحرس الملكي، انضم هو الآخر إلى الحركة، وأصدر أوامره إلى قوات الحرس بوجوب التسليم، وعلى الفور تم تسليم أفراد الحرس لأسلحتهم. وخرجت العائلة المالكة، وخلفها يسير الملك وعبدالإله. وطلب الضباط الأحرار إليهم السير عبر حديقة القصر، والخروج من الباب الرئيسي لنقلهم إلى وزارة الدفاع بالسيارات العسكرية. وأثناء سيرهم في حديقة القصر، دخل النقيب عبدالستار سبع العبوسي من الباب الرئيسي، حاملاً رشاشه، فأطلق النيران على العائلة المالكة، ثم توالى إطلاق رصاص المهاجمين فسقط الملك، وعبدالإله، والملكة نفيسة، والدة الأمير عبدالإله، والأمـيرة عابدية، وجُرحت الأميرة هيام زوجة عبدالإله، ومعها خادمتها، كـما جُرح، من الضـباط الأحـرار، كلٌّ من النقيب حميد السراج، والنقيب مصطفى عبدالله. كما أصيب النقيب ثابت يونس بطلقة في رئته، وفارق الحياة.

      أما سبب إطلاق النيران على العائلة المالكة، حسب رواية النقيب محمد علي سعيد، فهو ما قاله النقيب العبوسي: "بأنه تذكر حوادث حركة مايو 1941 التحررية، وما لاقاه الضباط الأحرار من إعدام وتنكيل، فأراد ألاّ تتكرر المأساة مرة أخرى، ويعود عبدالإله ليشنق ضباط الثورة".

      نُقلت جثث العائلة المالكة في سيارة تابعة للقصر، إذ توجهت إلى وزارة الدفاع، غير أن الجماهير الثائرة اعترضت السيارة، وسحبت منها جثة عبدالإله، ثم علقتها على بوابة وزارة الدفاع في شارع الرشيد، وفي المكان نفسه الذي أُعدم فيه أحد قادة ثورة 1941، العقيد صلاح الدين الصباغ عام 1945. أما الأميرة هيام، قرينة عبدالإله، فقد نقلت إلى المستشفى الملكي (الجمهوري)، إذ تم إنقاذ حياتها.

      كان رجال الثورة يقبضون على الوزراء، وكل من يشتبهون فيه، ويحشرونهم مقيدي الأيدي في سيارات، ومعهم الحراس مدججين بالسلاح إلى أن يصلوا بهم إلى منطقة "أبو غريب"، حيث مبنى المدرعات، ويحشرونهم في غرف ضيقة مغلقة النوافذ، في شدة حر يوليه، ويحرمون عليهم الشرب، أو الخروج لدورات المياه. وقد تسبب ذلك في موت البعض، وعلى رأسهم معاون مدير أمن بغداد العام "نائل"، ثم أسرعت قيادة الثورة بعد ذلك بتشكيل محكمة أسمتها محكمة "الشعب"، وهي محكمة عسكرية مقرها وزارة الدفاع، يتولاها مدع عام يسمى المهداوي، كانت تحكم بالإعدام شنقاً بالجملة على العشرات.

هروب نوري السعيد

      عُهد إلى الرائد بهجت سعيد صباح يوم 14 يوليه 1958، بالتوجه بسريته إلى بيت نوري السعيد واعتقاله، ولحق به المقدم وصفي طاهر ليدله على البيت، إذ سبق أن عمل مرافقاً لنوري السعيد عدة سنوات. غير أن هـذه المهمة باءت بالفشل؛ لأن نوري السعيد كان قد فرّ هارباً بملابس النوم[7]. وحمل مسدسه معه. استطاع أن يستقل قارباً متوجهاً إلى الرصافة، غير أنه عدّل عن وجهته، وذهب إلى منزل الدكتور صالح مهدي البصام، والذي لا يبعد كثيراً عن منزله. ومن هناك تم تهريبه بسيارة مرتضى البصام، شقيق صالح البصام، بعد أن وُضع في الصندوق الخلفي للسيارة، وتوجه به نحو الصالحية، ثم إلى الكاظمية، منزل الحاج محمود الاسترابادي صديق العائلة، وأمضى لدى عائلة الاسترابادي ليلة واحدة. وفي اليوم نفسه أصدرت حكومة الثورة بياناً تدعـو فـيه الشعب إلى إلقـاء القبض على نوري السعيد، حـيًّا أو ميتـًّا، ورصدت جائزة قدرها عشرة آلاف دينار لقاء ذلك.

      وفي اليوم التالي، 15 يوليه، غادر نوري السعيد بيت الاسترابادي، متنكراً بعباءة نسائية، تصحبه زوجة الحاج محمود الاسترابادي وخادمتها، في حوالي الساعة الواحدة بعد الظهر، واستقلوا سيارة الاسترابادي التي كان يقودها مظـفر ابن الحاج محمود الاسترابادي، فأوصلهم إلى منزل هاشم جعفر، شقيق الوزير السابق الدكتور ضياء جعفر، غير أن ابن هاشم جعفر عندما علم بوجود نوري السعيد في المنزل، أسرع إلى وزارة الدفاع وقابل عبدالكريم قاسم، وأخبره بمكان وجود نوري السعيد، فأرسل على الفور مفرزة لاعتقال نوري السعيد، غير أن نوري السعيد عندما علم بخروج عمر ابن هاشم جعفر، ترك المنزل وتوجه، بصحبة زوجة محمود الاسترابادي والخادمة، إلى منزل صديقه محمد العريبي في منطقة البتاويين. وعند استفساره لدى أحد المحلات عن المنزل، عرفه صاحب المحل وأخذ يصرخ: "نوري السعيد امسكوه"، وتجمهرت الجماهير حوله، فأخرج مسدسه، وأخذ يطلق النار يميناً ويساراً، ولكن الجماهير، بالاشتراك مع الجنود الموجودين في مكان الحادث، تبادلوا إطلاق النار معه؛ فسقط نوري السعيد قتيلاً[8]. ويقال إنه هو الذي أطلق الرصاص على نفسه، وقبل أن يموت أجهز عليه المقدم مصطفى طاهر بطلقات مدفعه الرشاش. ونُقلت جثته إلى وزارة الدفاع، حيث اطلع عليها عبدالكريم قاسم، وعدد من الوزراء، وقادة الفرق، وبقيت هناك إلى أن حل الظلام، وخلت الشوارع، فتم نقلها إلى مقبرة باب المعظم، حيث دفنت هناك. لكن بعض العناصر نبشوا القبر في اليوم التالي وأخرجوا الجثة، وسحلوها في شوارع بغداد، ثم أحرقوها.

احتلال الإذاعة وصدور البيان الأول للثورة

      وصل العقيد الركن عبدالسلام محمد عارف إلى دار الإذاعة في الصالحية، واحتلها دون إطلاق رصاصة واحدة، واتخذ له مقراًّ مؤقتاً في مبنى جمعية الشبان المسلمين بجوار الإذاعة، ثم انتقل بعد ذلك إلى دار الإذاعة، وانتظر حتى الساعة السادسة صباحاً، موعد بدء البث، ليحضر الموظف المختص ويفتح الإذاعة. وأُذيع البيان الأول للثورة مباشرة عدة مرات، ثم مراسم تأليف مجلس السيادة، ومجلس الوزراء. وكانت البيانات هذه قد أعدها مسبقاً عبدالكريم قاسم بالاتفاق مع العقيد عبدالسلام محمد عارف، والعقيد عبداللطيف الدراجي. "البيان الأول للثورة"، (انظر ملحق البيـان الأول للثورة).




[1]  ويذكر عبد السلام محمد عارف في مذكراته: لقد كان الاعتداء الأثيم على مصر عاملاً من أهم العوامل التي دعتنا إلى عقد اجتماع سريع مع خـلايا الضباط الأحرار، وفي هذا الاجتماع قررنا أن نضرب ضربتنا. وقمت بتوزيع الواجبات على الأفراد، وتحدد لكل منهم دوره، ولم يبق سـوى التنفيذ، وقـبل أن تحين ساعة الصفر، خرجت من وزارة الدفاع قوائم تشمل نقل وإبعاد وإحالة للتقاعد لعدد كبير من الضباط مذيلة بالتنفيذ فوراً.

[2]  يذكر أحمد فوزي في كتابه "غرب أم غروب": اجتمع في تلك الليلة ما يقرب من مائة وثمانين ضابطاً في أبي غريب لتنفيذ العملية.

[3]  كثرة تأجيل الحركة من قبل اللجنة العليا، خاطب عبدالسلام محمد عارف أعضاء اللجنة قائلاً: ` سوف نقوم بالحركة لوحدنا ـ يقصد هو وعبدالكريم قاسم ـ ولا نريد منكم مساعدة، وإنما نطلب فقط ألا تقفوا ضدنا، وألا تجعلوا من أنفسكم أبطالاً عند نجاحها`. عبدالسلام محمد عارف.

[4]  يذكر العقيد شمس الدين عبد الله أنه كان جالساً مساء الخميس 10 يوليه 1958، مع جماعة من الضباط الأحرار في النادي العسكري، وجاء العقيد عبدالسلام محمد عارف، ودار الحديث عن الثورة وموعدها، فقال عبدالسلام محمد عارف إن خطة الثورة تم تأجيلها؛ لأن ظرف الثورة لم يكتمل بعد، ومن الصعب تنفيذها في الوقت الحاضر.

[5]  وهو يذكر كذلك أنه أخبر الآتيين بعد بتوقيت الحركة: ( عبدالكريم قاسم – العقيد عبداللطيف الدراجي ـ العقيد عادل جلال ـ الزعيم أحمد صالح العبدي ـ العقيد عبدالرحمن عارف ـ المقدم وصفي طاهر - الرائد جاسم العزاوي ـ الرائد إبراهيم التكريتي ـ الرائد إبراهيم عباس اللامي).

[6]  والمعروف أن عبدالكريم قاسم كان من المتحمسين لقتل الثلاثة الكبار بما فيهم فيصل، وقد سبق أن وضعت خطة للثورة في 6يناير 1958 والتي كانت تقضي بقتل الثلاثة.

[7]  طوقت السرية بيت نوري السعيد إلا أنها لم تجده، فقد هرب إلى جهة مجهولة، بعد أن أخبرته خادمته البدوية أنها شاهدت بعض الوحدات العسكرية في الطريق.

ويقال إن المقدم وصفي طاهر جاء مبكراً، قبل الفجر، إلى قصر نوري السعيد، وأخبره بما سيحدث. ويبدو أنه فعل ذلك، حتى إذا فشلت الثورة، يكون قد أسدى جميلاً إلى نوري السعيد. بينما يذكـر مجيد خدوري: لما كان المقدم وصفي طاهر أول الداخلين إلى بيت نوري السعيد فقد لمح خادمته البدوية التي سبق أن عرفها من قبل، وأشيع أن وصفي لا شك أخبر البدوية بالهجوم الوشيك على بيت نوري السعيد، ونقلت بدورها الخبر إلى نوري حتى ينجو هو بنفسه في حال إخفاق الثورة.

[8]  ذكر العقيد رجب عبدالمجيد: أن نوري السعيد استعمل مسدسه للدفاع عن نفسه، وأن أحد الجنود تمكن من أخذ المسدس منه، وأطلق عليه الرصاص.

[9]  كان اثنان من الضباط العراقيين قـد اتصلا بعبد الحميد السراج، حددهما السراج بأنهما عبدالكريم قاسم وعبد السلام محمد عارف، إذ شرحا له موقف الضباط الأحرار ووجها إليه بعض الأسئلة عن ظروف إجراء انقلاب في العراق، وعن إمكانية نجاحه، والقوى الخارجية التي يمكن أن تسانده، وقد أبلغ السراج ذلك لجمال عبدالناصر.

[10]  ويذكر خروشوف في رسالته إلى عبد الناصر في إبريل 1959، أثر تأزم العلاقات بين البلدين جاء فيها: تذكرون يا سيادة الرئيس ـ أنه عندما حدثت الثورة في العراق بحثنا في موسكو المسائل المتصلة بالأعمال التي يحتمل أن تصدر عن المعتدين ضد الشعوب العربية، وقد خشينا أن يؤدي تأييدنا غير المحدود لمشاعرك، إلى حثك على اتخاذ إجراء عسكري اعتبرناه دائماً غير مرغوب فيه، كما خشينا أن نفسر مثل ذلك التأييد بمثابة موافقة منا على إجراء عمل عسكري.