إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية / ثورة 23 يوليه، في مصر




وثيقة التنازل عن العرش
وداع علي ماهر
محمد نجيب وعبدالناصر
محاصرة قصر عابدين
مع ضباط الكتيبة (13) مشاة
لقاء مع الإخوان المسلمين
مقر مجلس قيادة الثورة
مقر رأس التين بالإسكندرية
اللواء محمد نجيب وعلي ماهر
الملك فاروق والسفير البريطاني
الملك فاروق في احتفال
البيان الأول للثورة
اليخت الملكي المحروسة
الرسالة الموجهة للملك فاروق
اجتماع مجلس قيادة الثورة
تعليمات بعودة اليخت المحروسة
دبابة أمام قصر المنتزه
زيارة للوحدات العسكرية





الملحق الرقم (23)

ملحق

جلسات المفاوضات السودانية

الجلسة الأولى في 20 نوفمبر 1952

       كان الهدف منها تحقيق الحكم الذاتي في السودان وتقرير مصيره من خلال توفير فترة انتقال كفيلة بتصفية الحكم الثنائي في السودان ويتحقق في هذه الفترة للسودانيين السيادة والبدء فوراً في الانتخابات بمعرفة لجنة انتخابات مشتركة سباعية من ثلاثة سودانيين وعضو بريطاني وعضو مصري وعضو أمريكي وعضو باكستاني أو هندي. كما اتفق الطرفان على ضرورة تكوين لجنة خماسية تسمى لجنة الحاكم العام من عضوين سودانيين وعضو مصري وعضو بريطاني وعضو هندي أو باكستاني. وحرص الجانب البريطاني في هذه الجلسة على أن يتناول هذه المواضيع بأسلوب عام دون تحديد لأولويات تكوين هذه اللجان ولا وضع اختصاصات محددة لها. واقترح في نهاية الجلسة إصدار مشروع تصريح مشترك يتناول هذه النقاط. وذكر في هذا المشروع اختصاصات لجنة الانتخابات فقط على أن تتولى دراسة القواعد الانتخابية لتصدر فيما بعد جدول تنظيم الانتخابات القادمة في جميع أنحاء السودان وتحديد الشروط الواجب توافرها في الناخبين. وترفع هذه اللجنة تقريرها عن سير الانتخابات للحكومتين المصرية والبريطانية وتضع لائحة نظام عمل هذه اللجنة وتكون قرارات هذه اللجنة بأغلبية الأصوات وفي حالة تساوي الأصوات يرجح الجانب الذي صوت فيه الرئيس. وترك المجال لتحديد اختصاصات باقي اللجان وأسبقية تكوينها إلى الجلسة التالية.

الجلسة الثانية للمفاوضات يوم 24 نوفمبر 1952

       رأى الجانب البريطاني ضرورة الحد من سلطات لجنة الحاكم العام بحيث تكون واجباتها استشارية فقط لا تلزم الحاكم العام بأي شيء وتستمر سلطاته كما هي. وأصر الجانب المصري على جعلها لجنة تشترك مع الحاكم العام في قراراته، حتى في حالة اختلاف اللجنة مع رأي الحاكم العام فلابد من الرجوع إلى حكومة الدولتين مصر وإنجلترا قبل انتخابات البرلمان وبعدها. وبذلك يجب أن يكون تشكيل اللجنة سابقاً لانتخابات البرلمان من أجل ضمان عدم تلاعب إدارة وبوليس حكومة السودان الخاضعة للحاكم العام. وكان رأي الجانب البريطاني أن يُرجأ تعيين لجنة الحاكم العام إلى ما بعد عملية الانتخابات وتمسك الجانب المصري برأيه حتى ولو أدى ذلك إلى توقف وقطع المفاوضات. وفي الوقت نفسه طالب الجانب المصري بضرورة تحديد اختصاصات واضحة للجنة الحاكم العام. وظهر في هذه الجلسة الاختلاف الحاد في وجهتي النظر المصرية والبريطانية عندما تمسك الجانب البريطاني بضرورة استثناء جنوب السودان من تحديد سلطات الحاكم العام منها، حيث أن للجنوب أوضاعاً خاصة لحساسية العلاقات بين أهل الجنوب وأهل الشمال وأن حكومة السودان منذ توليها السلطة في السودان، وهي حريصة على حماية أهل الجنوب من أهل الشمال ورفض الجانب المصري هذه التعديلات حيث أن التاريخ يثبت أن سبب هذا التخلف وهذه التناقضات هو أسلوب حكومة السودان البريطانية في تنفيذ سياسة التفرقة العنصرية بالجنوب، وأن حكومة السودان منذ عام 1899 وهي تؤكد على ضرورة فصل شمال السودان عن جنوبه، وأكد ذلك استعمال اللغة الإنجليزية بدلاً من العربية في مدارس جنوب السودان.

        وتمسك الجانب المصري بأن الدستور الجديد للحكم الذاتي يجب ألا يذكر فيه أي شيء عن التفرقة بين أهالي السودان؛ لأن السودان كان ولا يزال كلاً لا يتجزأ وهذه أمانة في أيدينا، ويجب الوفاء بهذا الالتزام ويجب ألا يذكر كلمتي "شمال" و"جنوب". واقترح الجانب المصري مشروعاً ينص فيه على وحدة السودان ويؤكد مبدأ ضمان العدالة والمساواة لجميع أهالي السودان كما أن الجانب المصري رفض كلمة أقلية بالنسبة لأهالي جنوب السودان فهم كيان رئيس في نسيج المجتمع السوداني. واقترح الجانب المصري اقتراحات خاصة بتحديد اختصاص صريح للجنة الحاكم العام بأن يكون واجبها المشاركة مع الحاكم العام في قراراته وكذلك اقتراحات بضرورة تكوين لجنة الحاكم العام قبل الشروع في الانتخابات وعلى شروط تعيين لجنة الانتخابات. وأشار الجانب البريطاني على سبيل التحذير أنه يعتقد أن هناك اضطرابات قد تقع في الجنوب إذا لم يكن للحاكم العام بعض السلطات لحماية الجنوب ثم أشار إلى أنه يجب الرجوع للحكومة البريطانية للموافقة على هذه الاقتراحات. ثم كان هناك خلاف حول مركز نائب الحاكم العام وكان رأي الجانب المصري أن يتولى الاختصاص في حالة غياب الحاكم العام أكبر العضويين السودانيين سناً واقترح الجانب البريطاني أن يتولاه قاضي القضاة. وأنهى الجانب المصري المناقشة في هذه النقطة باقتراح تساؤل لم لا يكون نائب الحاكم العام مصرياً وإزاء ذلك وافق الجانب البريطاني على أن يكون سودانياً.

استئناف الاجتماعات

        واستؤنفت الاجتماعات فعقد الاجتماعان الثالث والرابع، وتشعب الحديث حول نقط الخلاف الرئيسية وتمسك الجانب البريطاني بضرورة النص على اختصاصات إضافية للحاكم العام في جنوب السودان بحجة أن المعلومات وصلت للجانب البريطاني بأن المديريات الجنوبية قلقة أشد القلق من ناحية وضعها. وبالغ الجانب البريطاني في مبرراته بضرورة التأكيد على اختصاصات الحاكم العام للحكم المطلق في الجنوب. ومن هنا جاءت الفكرة لعضو الوفد صلاح سالم بضرورة السفر إلى الجنوب للالتحام مع شعب الجنوب هناك.

رحلة عضو الوفد المصري لمفاوضات صلاح سالم إلى جنوب السودان

        انتهز عضو الوفد المصر (وعضو مجلس الثورة) صلاح سالم فرصة توقف المفاوضات بعد الجلسة الرابعة حتى يصل للمفاوض البريطاني آراء حكومة بريطانيا في نقط الخلاف واقتراحات مصر كلها. وقام صلاح سالم برحلة إلى جنوب السودان يوم 28 ديسمبر 1952 اصطحبه فيها الشيخ الباقوري وعبدالفتاح حسن قائد القوات المصرية في السودان. وقاموا من الخرطوم إلى جوبا على متن طائرة عسكرية مصرية، ومن هناك تنقلوا بين المديريات الجنوبية الثلاث بالسيارة، لمدة عشرة أيام لمسافة ثلاث آلاف كيلومتر في الأدغال. وأقامت معظم قبائل وأهمها وأكثرهاً عدداً وهي قبائل (الدنكا) و (اللاتوكا) و (الباريا) استقبالاً شعبياً حافلاً ومرحباً بالمصريين. ورقص شباب القبائل في هذه الاحتفالات إمعانا في تكريم الوفد المصري وخلع صلاح سالم ملابسه مثلهم وأخذ يرقص في حماس، مما أشعل حماس الراقصين والحاضرين من أغلبية أهل الجنوب. وأُخذت له صور تذكارية تاريخية لهذه الرقصة، التي ذاع خبرها عالمياً عندما تناقلت نشرها وكالات الأنباء العالمية. وأحدثت هذه الرحلة دوياً كبيراً أزعج السلطات البريطانية في الجنوب مما جعل أحد مأموري الأقاليم يحاول منع صلاح سالم من التجول، فهدده صلاح سالم علناً على مرأى من الشعب الجنوبي المحتشد للتحية، وكاد أن يضربه وتحداه بقوله أنه وحكومة مصر هي التي تقوم بتعيين رئيسه الحاكم العام البريطاني، وكان هذا التصرف الجريء مكان تقدير وإعجاب من القبائل الجنوبية التي طال تحملها للإهانة من الحكام الإنجليز ورفع ذلك من روحهم المعنوية؛ لأنهم لأول مرة يشاهدون على الطبيعة تحدي السلطة البريطانية وتراجعها أمام شجاعة أحد المصريين؛ لأن المأمور الإنجليزي أول ما شعر بجدية تهديد صلاح سالم أسرع إلى الاختفاء. وزاد تأييد شعب الجنوب للسياسة المصرية وما تنادى به، وانتهز صلاح سالم الفرصة وتمكن من الحصول على توقيعات من غالبية زعماء قبائل الجنوب الكبيرة، وتعدادهم أكثر من ثلثي سكان جنوب السودان، وكذلك حصل على توقيعات زعماء باقي القبائل من رؤساء المجالس البلدية وأعضائها في جميع المدن الرئيسية وذلك بتأييد مشروع الحكم الذاتي ووحدة الشمال والجنوب كوجهة نظر مصر وقد صار توقيع خمسة من أعضاء الجمعية التشريعية للجنوب الستة وهم الذين انتخبتهم الإدارة البريطانية لتمثيل الجنوب بالجمعية التشريعية.

        ولقد أكدت روعة استقبال صلاح سالم والوفد المرافق له في الجنوب أن ادعاءات الجانب البريطاني بوجود بوادر قلق في الجنوب ليس لها أساس من الصحة، وأن زعماء القبائل في الجنوب يؤيدون مصر واتجاهات مصر نحو التأكيد على وحدة السودان بعكس الحقيقة التي سجلها التاريخ لمساوئ الحكم البريطاني في السودان، وما افتعله في الجنوب من أجل العمل على فصل الجنوب عن الشمال حيث أحاط الإنجليز الجنوب بستار حديدي بعد فتح السودان عام 1898. وفكروا في إقامة دولة جنوبية مستقلة أو ضمها إلى المستعمرات البريطانية في شرق أفريقيا باعتبار أن سكان الجنوب في رأيهم أفريقيون زنوج.

إجماع الأحزاب السودانية على أسس الحكم الذاتي (10 يناير عام 1953)

        تمكن صلاح سالم بعد هذه الرحلة في 10 يناير 1953 من الاتصال بكل الأحزاب السودانية الوحدوية والاستقلالية والتفاوض معها وإقناعها بالتوقيع معاً على اتفاق كامل يعبر عن إجماعهم على تحقيق الحكم الذاتي الشامل وإقرارهم بتقرير المصير دون أي وصاية من الحكومة البريطانية. واتفقت هذه الأحزاب على:

  1. انسحاب القوات العسكرية المصرية والبريطانية من السودان قبل إجراء انتخابات الجمعية التأسيسية. وإسناد مهمة الأمن الداخلي للقوات السودانية، على أن تخضع هذه القوات السودانية للبرلمان السوداني وللحكومة القائمة وليس للحاكم العام.
  2. الاعتراف بوحدة السودان شماله وجنوبه وأي خلاف يحدث يُحال إلى دولتي الحكم الثنائي (مصر وبريطانيا) على أن يصل رد الحكومتين خلال شهر فيكون قرار لجنة الحاكم أو التشريع الذي يقره البرلمان نافذاً، إلا إذا اتفقت الحكومتان على خلاف ذلك.
  3. تشكل لجنة الحاكم العام بمرسوم مصري عقب التوقيع على الاتفاقية مباشرة وقبل إجراء الانتخابات. وفي حالة غياب الحاكم العام تحل لجنة الحاكم العام محل الحاكم العام وبرئاسة العضو المحايد الهندي أو الباكستاني.
  4. عندما لا تتوافر الشروط الوظيفية في أي من السودانيين عند السودنة يمكن للحكومة السودانية الجديدة اختيار أي شخص من جنسية أخرى محايدة.
  5. بمجرد التوقيع على اتفاقية الحكم الذاتي (الدستور) تشكل لجنة الانتخابات من ثلاثة سودانيين وواحد مصري وواحد بريطاني وواحد أمريكي وعضو محايد هندي أو باكستاني وتجرى الانتخابات مباشرة في كل السودان وتشرف لجنة الانتخابات على إجرائها.
  6. أجمعت الأحزاب على مقاطعة الانتخابات حالة خلو اتفاقية الحكم الذاتي وتقرير المصير من أي من النقاط السابقة.

وقع على هذا الاتفاق كل من:

        صديق المهدي وعبدالله خليل وعبدالرحمن علي طه عن حزب الأمة وإسماعيل الأزهري والدرديري محمد عثمان ومحمد نورالدين عن الحزب الوطني الاتحادي وزين العابدين صالح عن الحزب الاشتراكي والشريف الرحمن يوسف الهندي ويحيى عبدالقادر عن حزب الوطن ووقع صلاح سالم كشاهد.

استئناف المفاوضات

        في يوم 22 ديسمبر 1952 طلب السفير البريطاني مقابلة محمد نجيب وتم بينهما ما يشبه جلسة تفاوض بعد أن طال توقف المحادثات، على أثر تصلب الجانب المصري في موضوع الجنوب وفي موضوع اختصاصات لجنة الحاكم العام. وأُعيد تكوين اللجان والانتخابات ولمح محمد نجيب إلى طول مدة التوقف وأنه يأمل في الوصول إلى اتفاق نهائي قبل إجراء الانتخابات التي يجب أن تنتهي قبل نهاية 1952. وأنه يأمل أن توافق حكومة بريطانيا على وجهات نظر مصر. وكانت هذه هي الجلسة الخامسة قبل عودة صلاح سالم من رحلته في جنوب السودان.

        في الاجتماع السادس يوم 12 يناير حضره الدكتور محمود فوزي بدلاً من رئيس الوزراء محمد نجيب وكذلك حضره صلاح سالم بعد عودته من رحلة جنوب السودان واستمع الوفدان إلى حديث صلاح سالم عن رحلته إلى الجنوب وأبلغ فيها صلاح سالم أن المعلومات وصلت باضطهاد السلطات البريطانية للشعب السوداني وعضو باكستاني (سيان ضياء الدين) كما شُكلت، لجنة الانتخابات من ثلاثة سودانيين وعضو مصري بريطاني وعضو هندي.

  • تم تشكيل لجنة للسودنة مهمتها سودنة الإدارة بإحلال السودانيين محل البريطانيين والمصريين في الوظائف التي ترى ضرورة إحلالهم فيها، وأهمها البوليس والإدارة وقوة الدفاع.
  • وضع مشروع بقانون لانتخاب جمعية تأسيسية.
  • انسحاب القوات العسكرية المصرية والبريطانية من السودان فور صدور قرار البرلمان في الشروع في اتخاذ التدابير على أن يتم ذلك في فترة لا تتعدى ثلاثة أشهر.
  • وضع مشروع بقانون لانتخاب جمعية تأسيسية لإجراء الاستفتاء على تقرير المصير (الاستقلال أو وحدة مع مصر بأي صورة) ثم وضع دستور جديد.