إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية / ثورة 23 يوليه، في مصر




وثيقة التنازل عن العرش
وداع علي ماهر
محمد نجيب وعبدالناصر
محاصرة قصر عابدين
مع ضباط الكتيبة (13) مشاة
لقاء مع الإخوان المسلمين
مقر مجلس قيادة الثورة
مقر رأس التين بالإسكندرية
اللواء محمد نجيب وعلي ماهر
الملك فاروق والسفير البريطاني
الملك فاروق في احتفال
البيان الأول للثورة
اليخت الملكي المحروسة
الرسالة الموجهة للملك فاروق
اجتماع مجلس قيادة الثورة
تعليمات بعودة اليخت المحروسة
دبابة أمام قصر المنتزه
زيارة للوحدات العسكرية





الفصل الخامس

تأهب رجال سلاح المدفعية

        لم تنقطع اجتماعات ضباط المدفعية، قبل بدء الحركة بأيام، وحرصاً على دواعي السرية والأمن، تحدد لاجتماع الضباط، يوم 22 يوليه مكانان في السادسة مساء، بمصر الجديدة، أحدهما منزل النقيب محسن عبدالخالق، وثانيهما منزل النقيب فتح الله رفعت.

        وعندما غادر عبدالمنعم أمين، وكمال الدين حسين، منزل خالد محيي الدين، عقب الاتفاق، الذي تم فيه مناقشة الخطة النهائية، اتجها معاً إلى منزلي الضابطين، اللذين تجمع فيهما ضباط المدفعية الأحرار، حيث عقدا اجتماعين متواليين، لم ينتهيا إلا قرب الثامنة مساءً.

        وتلقى ضباط المدفعية، خلال الاجتماعين، المهام التي كلفوا بها، وحُددت لهم واجبات وحداتهم بالتفصيل، وفقاً لخطة العمليات، واتفق على حضور الضباط بوحداتهم، قبل منتصف الليل، ليبدأ التحرك، في الواحدة صباحاً، وهي ساعة الصفر المحددة بالخطة. ونظراً لأن معظــم الضباط الأحرار بالمدفعية كانوا من الرتب الصغيرة (نقيب، ملازم)، فقد لاحظ عبدالمنعم أمين أن بعضهم كان يخالجه التردد، بالنسبة لتبرير سبب وجودهم في وحداتهم، في هذه الساعة من الليل، إذا ما فاجأهم أحد، قبل ساعة الصفر.

        وذكر عبدالمنعم أمين أنه، إزاء هذا التردد، الذي كان يشكل خطورة على روح الضباط المعنوية، بادر بتوقيع أوامر كتابية للضباط، باعتباره الضابط العظيم، المنوب لسلاح المدفعية، يأمرهم فيها بالحضور في وحداتهم، عند منتصف الليل، مذيعاً قيام حالة طوارئ. وكان عبدالمنعم أمين يعمل، وقتئذ، قائداً ثانياً للدفاع المضاد للطائرات، الذي تقع رئاسته في منطقة العباسية، ولم يكن بالطبع ضابطاً عظيماً لسلاح المدفعية، في تلك الليلة، ولكنه وقع الأوامر الكتابية للضباط بهذه الصفة على مسؤوليته كان لذلك تأثير فاعل في رفع الروح المعنوية للضباط، ولم يكن هذا الأمر المزور، كما قدَّر عبدالمنعم أمين، وهو يشكل جناية عسكرية وهي التزوير في أوراق رسمية، بأمر ذي بال، إذا ما قورن بالادعـاءات الأخرى التي كانت ستوجه ضده ـ إذا ما فشلت الحركة ـ والتي عقوبتها الإعدام.

  1. وحدات سلاح الطيران، التي اشتركت، ليلة 22 يوليه وصباح 23يوليه 1952، في الانقلاب

        وقد قامت خطة الانقلاب على إرجاء أي دور للطيران، حتى صباح 23 يوليه 1952، ففي حالة نجاح الانقلاب، يخرج السرب 43، الساعة السابعة صباحاً، بعد نجاح الانقلاب، للطيران فوق القاهرة، كمظاهرة لتأييد وتدعيم، حركة الجيش. إلا أن خطة الانقلاب حددت دور ضباط الطيران، ليلة 22 يوليه 1952، بالوجود في مطارات القاهرة، للاستيلاء عليها، ومنع تحركها ضد حركة الجيش.

        وفيما يلي أسماء الضباط الأحرار من الطيارين، الذين اشتركوا، فجر يوم 23يوليه، وصباح اليوم نفسه:

ملاحظـــات

الوحدة

الاسم

الرتبة

م

 

محطة مصر الجديدة

محمد وجيه أباظة

قائد جناح

1

 

محطة مصر الجديدة

عبدالحميد عبدالسلام الدغيدي

قائد أسراب

2

حضر الساعة 4 فجر يوم 23 يوليه عام 1952

محطة غرب القاهرة

عمر الجمال

قائد جناح

3

 

محطة ألماظة

محمد صادق القرموطي

قائد أسراب

4

حضر الساعة 4 فجر يوم 23 يوليه عام 1952

محطة ألماظة

محمد شوكت

قائد أسراب

5

حضر الساعة 4 فجر يوم 23 يوليه عام 1952

محطذة غرب القاهرة

محمد حمدي أبو زيد

قائد أسراب

6

توجه إلى المحطة الساعة 7 صباح 23 يوليه عام 1952

محطة غرب القاهرة

فوزي دسوقي

قائد سرب

7

توجه إلى المحطة الساعة 7 صباح 23 يوليه عام 1952

محطة غرب القاهرة

محمد صفوت

قائد سرب

8

توجه إلى المحطة الساعة 7 صباح 23 يوليه عام 1952

محطة حلوان

محمد سعيد الشال

قائد سرب

9

تولى عمليات سلاح الطيران

العمليات

علي لبيب

قائد سرب

10

قام بالطيران فوق القاعدة منذ الساعة 7 صباحاً

السرب 43

جلال محمد زيد

قائد سرب

11

قام بالطيران فوق القاعدة منذ الساعة 7 صباحاً

السرب 43

يحيي محمد حسين

قائد سرب

12

قام بالطيران فوق القاعدة منذ الساعة 7 صباحاً

السرب 43

مسلم محمد نوفل

قائد سرب

13

قام بالطيران فوق القاعدة منذ الساعة 7 صباحاً

السرب 43

محمد عز الدين البيادي

قائد سرب

14

قام بالطيران فوق القاعدة منذ الساعة 7 صباحاً

السرب 43

يوسف سعودي

قائد سرب

15

قام بالطيران فوق القاعدة منذ الساعة 7 صباحاً

السرب 43

محمد سعيد شرابي

قائد سرب

16

          والملاحظ أن السرب 43 قام بالطيران، فوق القاعدة، منذ الساعة السابعة صباح يوم 23 يوليه 1952، من دون العلم بنجاح الحركة الفعلي.

  1. قوة الاعتقالات (وحدة المعتقلات)

          هي قوة، تكونت من عدة ضباط، للقيام بحركة اعتقال كبار ضباط الجيش لشل أي مقاومة منتظرة. وحددت الكلية الحربية لتكون وحدة المعتقلات، وإعداد 40 غرفة بها، لتكون محل لكل معتقل. ونظراً لتسرب أخبار حركة الجيش للملك، قبل ساعة الصفر، (الساعة الثانية عشر مساء)، فقد تم اعتقال هؤلاء القادة، عند مداخل وحداتهم، أو عند مدخل قيادة الجيش، أو في مدخل مكتب الفريق حسين فريد، رئيس هيئة أركان حرب الجيش، وفي أماكن أخرى متفرقة. كما كان من واجبات هذه القوة، القيام بالأعمال الخاصة، التي تكلفها بها قيادة الحركة (قيادة الانقلاب).

          وفيما يلي أسماء الضباط الأحرار، من قوة الاعتقالات، الذين اشتركوا ليلة 22 يوليه:

ملاحظات

الوحدة

الاسم

الرتبة

م

 

الكلية الحربية

محمد أحمد البلتاجي

صاغ

1

 

الكلية الحربية

عبدالحليم عبدالعال

صاغ

2

 

كلية أركان حرب

إسماعيل فريد

يوزباشي

3

 

كلية أركان حرب

عباس عبدالوهاب رضوان

يوزباشي

4

 

الكلية الحربية

محمد حمدي عاشور

صاغ

5

 

الكلية الحربية

حسين محمد أحمد حمودة

صاغ

6

 

الكلية الحربية

كمال الدين محمود رفعت

يوزباشي

7

قام بإبلاغ البكباشي جمال عبدالناصر بتحرك قيادات الجيش ـ وكان نوبتجي بإدارة المخابرات في مبنى قيادة الجيش

مخابرات حربية

سعد حسن توفيق

يوزباشي

8

 

 

حسن محمد التهامي

يوزباشي

9

 

الكلية الحربية

كمال الدين محمد الحناوي

يوزباشي

10

تأهب قوة الاعتقالات

          يذكر الصاغ حسين محمد أحمد حمودة أنه، في صباح 22 يوليه 1952، ذهبت للكلية الحربية لتصحيح أوراق الإمتحان، فقابلني الصاغ عبدالحليم عبدالعال، وقال لي لا تغادر منزلك، اليوم بعد الظهر، حتى يحضر لك مندوب بالتعليمات النهائية

          وفي الساعة التاسعة مساء 22 يوليه، حضر لمنزلي اليوزباشي كمال رفعت، والصاغ حمدي عاشور، واليوزباشي القويسني، فقالوا انزل معنا، وعلى الفور توجهت معهم، إلا أن كمال رفعت، استأذن وتركنا لتنفيذ واجبات أخرى. وعندما وصلت أنا وحمدي عاشور والقويسني، إلى المستشفى العسكري العام، بكوبري القبة، قال اليوزباشي القويسني: "يا جماعة أنا غير مقتنع بالعمل ده واسمحوا لي أن أروح" فقال لي حمدي عاشور: "إيه رأيك يا حسين في كلام القويسني"، فقلت: "يا قويسني روَّح أحسن مادامت هذه رغبتك"، فانصرف القويسني على الفور. وقلت لحمدي عاشور لا فائدة من وجود شخص متردد معنا ليست لديه إرادة العمل، لأن ضرره سيكون أكثر من نفعه.

          وبعد وصول حسين حمودة وحمدي عاشور إلى الكلية الحربية، صعدا إلى ميس الضباط وجدا الضابط المنوب ليلاً، اليوزباشي المهندس شاهين، نائماً. ووقف حسين حمودة يرقب شارع الخليفة المأمون، من شرفة ميس ضباط الكلية الحربية بكوبري القبة. وحوالي الساعة العاشرة والنصف مساءً، وقفت سيارة تاكسي، أمام باب الكلية الحربية، ونزل منها اليوزباشي كمال الحناوي، فناديته قائلاً: "اطلع يا كمال" فطلع إلينا وظللنا ننتظر حضور أحد غيرنا، من الضباط الأحرار[6]، من مدرسي الكلية الحربية، مدة نصف ساعة تقريباً، ولما لم يحضر أحد قلت لكمال الحناوي "تعال يا كمال نذهب لمبنى السرية الرابعة" فذهبنا، إلى مبنى السرية الرابعة، ومررت على الحراسة الموجودة حول مبنى هذه السرية، وطلبت من حكمدار الحرس مفاتيح الحجرات، وأمرته بأن يضع في كل حجرة مفتاحها من الخارج، وبعد التأكد من إتمام هذه العملية أمرته بفتح حجرة حجرة، وقفلت الشيش، ثم دقيت مسامير، طول المسمار الواحد حوالي 10سم، في الشيش من الداخل ومن الخارج، ليتعذر فتحه. وتركنا مفتاح كل حجرة فيها، من الخارج. وبعد التأكد من إتمام هذه العملية، ذهبت مع كمال الحناوي، إلى ميس الضباط، ونظرت مرة ثانية إلى شارع الخليفة المأمون.

          وحوالي الساعة 11.30 قبل منتصف الليل سمعنا صوت لواري، وقفت أمام المستشفى العسكري، بكوبري القبة ونزل منها جنود مشاة، وسمعت أوامر تصدر لهؤلاء الجنود بالفتح والانتشار، لاتخاذ تشكيل الاقتحام. وسمعت أمراً آخر، بتركيب السونكيات في البنادق، ثم سمعت أمراً آخر بالاقتحام.

          ومع أصوات الرصاص، سمعنا صوتاً عالياً ينادي: "حرس سلاح". وكان هذا الصوت صادراً من الحارس، أسفل الشرفة، حيث "حرس البوابة الرئيسية للكلية الحربية". فأسرعت أنا وحمدي عاشور وكمال الحناوي، بالنزول سريعاً إلى مقر حرس البوابة الرئيسية للكلية، وأمرنا الحرس بعدم القيام بأي تصرف إلا بأوامر من الصاغ حمدي عاشور، وكان أقدمنا، وفتحنا الباب الرئيسي للكلية الحربية، في انتظار المعتقلين. وفي هذه الأثناء، استيقظ الضابط النوبتجي، اليوزباشي المهندس شاهين، على صوت الرصاص، ونزل بسرعة إلى باب الكلية الرئيسي، فوجدنا فقال ما الخبر؟ فقلت له هناك حالة طوارىء، والصاغ حمدي عاشور، وكان أقدمنا، هو المسؤول عن الكلية الحربية الآن.

          فوقف الضابط النوبتجي لا يدري ما يدور حوله. وما هي إلا لحظات، حتى حضر إلى باب الكلية، أول فوج من الأسرى، كان من بينهم الفريق حسين فريد، رئيس هيئة أركان حرب الجيش، واللواء الشعراوي، قائد سلاح الطيران، واللواء زكي ارناؤوط، قائد سلاح المهمات، وعدد كبير من كبار ضباط الجيش المصري، من رتبتي اللواء والأميرآلاي، كانوا مجتمعين برئاسة الجيش بكوبري القبة، والتي تقع في مواجهة الكلية الحربية. فداهمتهم قوات الثورة، وهم مجتمعون وألقت القبض عليهم، وأرسلتهم تحت الحراسة، إلى المعتقل بالكلية الحربية. وكان الحارس عليهم، الصاغ عبدالحكيم عامر والصاغ عبدالحليم عبدالعال يوسف.

          فاستقبلت طابور الأسرى، من كبار ضباط القوات المسلحة، وأوصلتهم إلى مبنى السرية الرابعة، حيث وضعت كل واحد منهم في حجرة وقفلنا الباب من الخارج، وضوعفت الحراسة حول المعتقل، بقوات من احتياطي الخدمات بالكلية الحربية. وظلت الكلية الحربية طوال ليلة 23يوليه، تستقبل المعتقلين من الضباط، ونحن كخلية النحل لم نهدأ حتى الصباح.

  1. وحدات سلاح خدمة الجيش والمهمات التي اشتركت ليلة 22 يوليه

          هي عبارة عن قوة، من سلاح خدمة الجيش، لتزويد السيارات بالوقود. قامت هذه القوة باحتلال محطة الإذاعة، بأبي زعبل، بقيادة الصاغ مجدي حسنين. كما قاد الصاغ إبراهيم الطحاوي قوة، تمكنت من تزويد المشاة بسيارات النقل. كما كُلفت قوة من سلاح المهمات، تتألف من 50 جندي، مع كل منهم 100 طلقة، بقيادة الصاغ دسوقي، لتعزيز حراسة مبنى القيادة.

  1. تشكيلات المناطق الخارجية

          بعد نجاح الحركة في السيطرة على قيادة الجيش، ووصول اللواء محمد نجيب إلى مركز قيادته، واحتلت الوحدات مراكزها، التي تحاصر بها المنطقة العسكرية، وتعزلها تماماً عن القاهرة، أصبحت الإذاعة، بشطريها تحت سيطرة قوات الحركة. والاعتقالات تتم حسب الخطة المرسومة.

          حققت الخطة أهدافها في القاهرة. وبدأت القيادة العامة تتصل بالمناطق الخارجية، في القناة والعريش لإبلاغ الضباط بانتصار الحركة. ولم يتيسر الاتصال بصلاح سالم، في منطقة رفح، إلا مع الصباح. ولم تكن التعليمات للمناطق الخارجية، تقضي بأكثر من محاولة عزل القيادات الكبيرة والسيطرة على الوحدات، دون تحريكها.

          كان الموقف في الإسكندرية مختلفاً تماماً عن القاهرة؛ الملك هناك، والحرس الملكي، والقائد العام للقوات المسلحة، والوزارة الجديدة، التي أقسمت اليمين منذ ساعات، برئاسة نجيب الهلالي، أي أن فرصة السيطرة لها، على المدينة كانت أكثر يسراً من القاهرة، وخاصة لأن قوات الجيش، التي كان بها عدد من الضباط الأحرار، كانت أقل نسبياً، من القوات الخاضعة لسيطرة الملك، والخالية تماماً منهم، مثل السلاح البحري، والحرس الملكي، وخفر السواحل.

          يقول أحمد حمروش: "أرسلت إشارة إلى قادة الوحدات، بالذهاب إلى وحداتهم، وعندما حضروا، لم نسلك أسلوب القاهرة في اعتقالهم، لأن التعليمات كانت تقضي بمحاولة السيطرة، وتأمين المنطقة وعدم تفجير تناقضات، بين الإسكندرية والقاهرة. وظل الموقف معلقاً: الضباط الأحرار ينشطون في الاتصال بزملائهم، واستدعائهم للوحدات، والقادة في مكاتبهم، عاجزون عن التصرف، للغموض الذي يحيط بهم.

          وكان الفضل، في تحديد الموقف هو البيان الأول للحركة، الذي أُذيع على الشعب باسم اللواء محمد نجيب ـ القائد العام للقوات المسلحة، وقرأه بصوته البكباشي محمد أنور السادات.

ويعلق جمال حماد على منطقة الإسكندرية، وأهميتها بقوله

          "كانت الإسكندرية تعد أخطر المناطق، بالنسبة لوضعها الفريد، إذ أن فيها الملك، والحكومة وقوات الحرس الملكي والقائد العام للقوات المسلحة، وقوات السلاح البحري وخفر السواحل، بخلاف وحدات الجيش المرابطة بها، ولذا كانت في الواقع، أشد المناطق حساسية. وكان جمال عبدالناصر قد أرسل أحد أشقائه إلى النقيب أحمد حمروش، الضابط بالآلاي المضادة للطائرات بالإسكندرية، لمقابلته بالقاهرة. وقد ذكر حمروش أنه التقى جمال عبدالناصر، في حوالي الخامسة والنصف، مساء 22 يوليه، أمام منزله بكوبري القبة، وكانت مفاجأة له، عندما أخطره بأن الجيش سيتحرك، في الليلة نفسها وكلفه بالاتصال بالضباط الأحرار، في الإسكندرية. وكان جمال عبدالناصر يتوقع، بالطبع، أن يبادر أحمد حمروش، بعد أن حمَّله الرسالة، بالسفر فوراً إلى الإسكندرية للاتصال بالضباط الأحرار هناك والعمل على تنفيذ توجيهاته، ولكن أحمد حمروش أضاع الوقت الثمين، في مقابلات بالقاهرة مع زملائه، من أعضاء منظمة حدتو في بيوتهم، مما جعله لا يصل إلى الإسكندرية إلا بعد منتصف الليل". "فلم يعرف ضباط الإسكندرية بقيام الحركة، إلا بعد استماعهم إلى البيان الأول للثورة، من الراديو في السابعة والنصف صباح يوم 23 يوليه.

          وعُقد مؤتمر لضباط الإسكندرية، في آلاي الأنوار الكاشفة، استقر فيه الرأي على تعيين المقدم عاطف نصار قائداً للمنطقة الشمالية، والرائد عبدالحليم الأعسر أركان حرب للمنطقة. وبدأت القيادة الجديدة تمارس مسؤوليتها، من رئاسة المنطقة، بمعسكر مصطفى باشا، بعد أن قاموا بإبعاد جميع القيادات القديمة، بمن فيهم الفريق محمد حيدر باشا، وتم لها السيطرة على مصلحة التليفونات وشبكاتها، والميناء البحري، ومطاري الدخيلة والنزهة، وجميع المرافق الحيوية بالمدينة. وتم توجيه المدافع الساحلية، على قصري رأس التين والمنتزه، لمنع فاروق من الهرب، كما وُجهت بعض قطع من المدفعية، إلى عدة قطع بحرية، كان الاعتقاد أنها ستساند الملك، ولكن ضباط البحرية سرعان ما أعلنوا جميعاً تأييدهم للثورة. وتم عزل اللواء محمود بدر، قائد البحرية، وتعيين العقيد بحري حمدي ناشد قائداً بالنيابة. وانضمت قوات الإسكندرية بأكملها إلى الحركة".

          "لم تعرف معظم المناطق الخارجية أنباء نجاح الحركة، إلا متأخراً، فإن منطقتي العريش، والقناة لم يعرفا بنجاحها، إلا من محادثة تليفونية، في الثالثة صباحاً، عندما أبلغ العقيد أحمد شوقي الرائد توفيق عبدالفتاح، في منطقة القناة، بنجاح العملية، ثم طلب منه جمال عبدالناصر، إبلاغ الرائد صلاح سالم، في رفح لتعذر الاتصال به تليفونياً، ولم ينجح توفيق عبدالفتاح في ذلك، إلا في أول ضوء يوم 23يوليه. وبمجرد أن علم صلاح سالم، بنجاح الحركة، بادر بالاتصال بالعقيد رشاد مهنا وبقائد الجناح جمال سالم، في العريش وأبلغهما بذلك. وكان رشاد مهنا يعمل قائداً لمدفعية الفرقة الأولى بالنيابة لوجود القائد في فرقة ضباط عظام بالقاهرة. ونظراً لأن، جمال سالم كان ضابطاً طياراً، ولم يكن في إمكانه السيطرة على وحدات الجيش بالعريش، لعدم وجود صلات وثيقة، بينه وبين الضباط، ومن ثم تم الاتفاق بين صلاح سالم ورشاد مهنا، على أن يتولى صلاح مسؤولية السيطرة على وحدات الجيش في رفح، بينما يتولى رشاد مهنا، مسؤولية السيطرة على وحدات الجيش بالعريش. وبادر رشاد مهنا بإبلاغ نبأ نجاح الحركة، إلى جميع آلالايات المدفعية وكتائب المشاة، المرابطة في منطقة العريش، بمعاونة النقيب محمد أحمد غنيم، أركان حرب مدفعية الفرقة".

          وقام رشاد مهنا باعتقال العميد مجدي الزارع، قائد لواء المشاة بالعريش، ووضعه تحت الحراسة، حتى تم ترحيله بالقطار إلى القاهرة.

          وفي رفح سيطر الرائد صلاح سالم بالتعاون مع العقيد عبدالفتاح فؤاد، على وحدات منطقة رفح، وأبلغ اللواء أ.ح محمد إبراهيم سيف الدين، قائد الفرقة الأولى، بنبأ قيام الحركة، ونظراً لأنه كان يتمتع بشخصية قوية ومحبوبة، لم يحاول أحد المساس به، وبادر اللواء سيف الدين بإرسال برقية تأييد إلى اللواء محمد نجيب، باسم وحدات الفرقة الأولى في سيناء. واقتنع قائد الفرقة بضرورة تركه قيادة الفرقة بسلام، فقد كان الوضع شديد الحساسية والخطورة، نظراً لوجود القوات الإسرائيلية على الحدود. وسافر اللواء سيف الدين إلى القاهرة، وحضر إلى مقر القيادة، بكوبري القبة، وفوجئ جميع الضباط، الموجودين فيها، بحرس القيادة يخرج، تحت السلاح وبالبروجي يضرب نوبة سلام اللواء، وأسرعوا إلى الشرفة ليروا اللواء الوحيد، منذ 23يوليه، يدخل إلى مقر القيادة، بسيارته وتجرى له مراسم التحية، فقد كان جميع زملائه ما زالوا في المعتقل بالكلية الحربية.

وفيما يلي أسماء الضباط الأحرار بتشكيلات المناطق الخارجية

أولا: منطقة سيناء : وتتكون من وحدات القنطرة، والعريش، ورفح:

1. القنطرة

الوحدة

الاسم

الرتبة

م

من المشاة

توفيق عبدالفتاح

يوزباشي

1

من المشاة (الكتيبة الأولى مدافع ماكينة)

وحيد جودة رمضان

يوزباشي

2

2. العريش

الوحدة

الاسم

الرتبة

م

من المدفعية

محمد رشاد مهنا

قائمقام

1

من سلاح الفرسان

........حنفي

صاغ

2

من سلاح الطيران

محمد بهجت مصطفى

قائد أسراب

3

3. رفـــــح

الوحدة

الاسم

الرتبة

م

من المدفعية

صلاح سالم

صاغ

1

من سلاح المشاة

عبدالفتاح فؤاد

بكباشي

2

ثانياً : منطقة الإسكندرية:

1. المدفعية الساحلية

الاسم

الرتبة

م

أحمد عاطف نصار

مقدم

1

محمد الشافعي عبدالهادي

مقدم

2

عباس محمد عوض الله

رائد

3

محمد أمين فوزي

نقيب

4

علي أحمد فرج

رائد

5

أحمد إحسان

نقيب

6

أحمد رمضان فرج

نقيب

7

مدحت مرسي محمود

نقيب

8

حسن أحمد البدري

نقيب

9

أحمد إبراهيم السعدني

ملازم أول

10

إبراهيم أنور حسين

مقدم

11

2. المدفعية المضادة للطائرات

أ. الألاي الثاني المضاد للطائرات:

الاسم

الرتبة

م

عبدالحليم الأعصر

رائد

1

محمود محمد الغراب

رائد

2

أحمد سلامة غنيم

نقيب

3

محمد سعيد بسيوني

نقيب

4

توفيق عزت أبو الفتوح

نقيب

5

أحمد علي منيسي

ملازم أول

6

عباس فهمي عثمان

رائد

7

محمد رفعت الشرقاوي

نقيب

8

مصطفى فهمي العيسوي

رائد

9

صلاح قنصوه

مقدم

10

محمد سعيد السباعي

ملازم أول

11

أمين حلمي الثاني

مقدم

12

ب - الألاي الثاني أنوار كاشفة:

الاسم

الرتبة

م

أحمد حمروش

نقيب

1

طلعت سعد شعت

نقيب

2

عبدالمنعم خضر

نقيب

3

محمد عبدالهادي حسونة

نقيب

4

رشدي حسان

ملازم أول

5

3. المشاة

الاسم

الرتبة

م

عبدالرؤوف حسن نافع

مقدم

1

أحمد حسن نافع

نقيب

2

محمد علي محمد الورداني

نقيب

3

محمد حسن مبروك

ملازم أول

4

محمد حبيب حمزة

نقيب

5

إبراهيم بغدادي

نقيب

6

هلال سليمان

نقيب

7

عبدالعزيز فهمي عبدالرحيم

نقيب

8

أحمد الزمر

ملازم أول

9

ممدوح جاد تهامي

ملازم أول

10

4. الإِشارة:

الاسم

الرتبة

م

عبدالله رضا أباظة

نقيب

1

صلاح الدين حسن حنفي

نقيب

2

5. القوات الجوية

الاسم

الرتبة

م

عبده على سليم

قائد جناح

1

كمال عزت

قائد سرب

2

القوات التي واجهتها قوات الانقلاب

        نتيجة لتسرب خبر تحرك قوات الانقلاب، إلى الملك فاروق، والفريق حيدر باشا، تم استدعاء الفريق حسين فريد، رئيس أركان الجيش، وتكليفه بالتوجه إلى القيادة للقضاء على أي حركة. وعلى الفور استدعى حسين فريد قادة الأسلحة والمناطق بالقاهرة.

وأصبح الانقلاب يواجه الوحدات والقوات الآتية:

  1. الفرقة الثانية مشاة، بمعسكرات هايكستب، وتضم ثلاثة ألوية، مجموعها نحو 4000 جندي، بقيادة اللواء عبدالرحمن مكي، وقائد ثان الفرقة، العميد عبدالرؤوف عابدين.
  2. اللواء السادس مشاة المتمركز بحديقة الأزبكية، منذ حوادث 26 يناير 1952.
  3. قوة من البوليس الحربي احتلت أكشاك المداخل، وعليها بكباشي عبدالرحمن حسن.
  4. الكتيبة الثالثة مشاة، بقيادة البكباشي طاهر الشربيني، الذي تلقى تعليمات من رئيس الأركان، حسين فريد، بمنع أي تحركات بالقوة.
  5. اللواء السابع المشاة، المتمركز بمعسكر العباسية، بقيادة العميد رشدان. وكان هذا اللواء يتكون من ثلاث كتائب هي: الكتيبة 19، والكتيبة 20، والكتيبة 21.
  6. قوة من لواء الأساس، بمعسكرات هايكستب، تضم نحو ثلاثة آلاف جندي. وكان ضابط عظيم محطة هايكستب، البكباشي أحمد المعتز بالله الكامل، الذي اتخذ موقف المقاومـة، باعتبار أن ما يحدث هو عملية تمرد داخلية. وقد قام الصاغ عبدالقادر مهنا بإعتقاله، كما إعتقل أركان حرب عمليات اللواء وهو البكباشي أنور القاضي.
  7. قوة من البوليس الحربي، تضم نحو مائة فرد، اصطدمت بالسرية المهاجمة لمبنى رئاسة الجيش، وتم تطويقها، ثم انضمت إلى السرية.
  8. قوة من سلاح الحدود لقطع طريق السويس هايكستب، وتحصين مقر قيادة السلاح، بكوبري القبة. وقد تصدت لها سرية من الكتيبة الثالثة عشرة بقيادة الصاغ صلاح سعدة.


 



[1]  مقابلة مع اللواء أح محمد فريد عبدالقادر بمنزله بمصر الجديدة يوم الأربعاء 4مارس عام1998. واللواء محمد فريد عبدالقادر نقل إلى وزارة الخارجية عام 1961 بدرجة سفير ولم يكن من الضباط الأحرار.

[2]  إلا أن جمال حماد يذكر أنه عقيد وليس لواء.

[3]  حيث يوضح أن اللواء محمد نجيب لم يدعى إلى اجتماع رئيس الأركان لأنه كان كشف مرضى بمنزله. (وهذه هي الحقيقة).

[4]  والصاغ حسين محمد أحمد حمودة من الضباط الأحرار الذين قاموا بحركة الجيش ليلة 23يوليه عام1952 واليوزباشي سعد حسن توفيق كان من طليعة الضباط الأحرار ومن أعضاء الخلية الرئيسية التي تكونت عام 1943 بواسطة عبدالمنعم عبدالرؤوف وحسين محمد أحمد حمودة وجمال عبدالناصر وكمال الدين حسين وخالد محيي الدين وصلاح خليفة والصاغ محمود لبيب.

[5]  ملاحظة : سوف نتناول ما حدث من أقوال الرئيس جمال عبدالناصر في المكان المخصص لذلك.

[6]  يذكر حسين حمودة فى الصفحة رقم 79 أن الفريق محمد فوزي رئيس هيئة أركان حرب الجيش أثناء نكسة عام1967 ووزير الحربية والقائد العام للقوات المسلحة بعد نكسة عام1967 كان ضابطاً بالكلية الحربية وبرتبة بكباشي وقت قيام الثورة في يوليه عام 1952 وكان من الضباط الأحرار وعلم بالخطة ولم يحضر للتنفيذ كما أخبرني بذلك زكريا محيي الدين.

[7]  نقلاً عن مقابلة تمت بين المؤلف أحمد عطية الله ويوسف صديق بمنزله 25شارع القدس الشريف المهندسين يوم 20مارس عام1973. ويذكر حمدي لطفي في مؤلفه سابق الذكر أن يوسف منصور ذكر له أن مقدمة الكتيبة كان عدد أفرادها 75جندياً و12ضابطاً يشكلون القوة الإدارية للكتيبة.

[8]  وقد قام الملازم أول محمد أحمد علي غنيم بإعتقال جمال عبدالناصر وعبدالحليم عامر ولولا تدخل يوسف صديق منصور ما أفرج عنهم، اُنظر في ذلك لمعي المطيعي.

[9]  كانت هذه الكلمة (انقلاب) هي التعبير المبكر لحركة الجيش عام 1952 حيث لم تكن معالم الثورة قد ظهرت مراحلها بعد.

[10]  يؤكد الدكتور فطين أحمد فريد أنه اتصل بالسيد فهمي عمر بمنزله يوم الثلاثاء 10مارس عام1998 الساعة الثامنة مساءً حيث أكد له أن أول من أذاع البيان هو البكباشي أنور السادات.