إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية / الثورة التونسية (2010-2011)




محمد البراهيمي
ليلى الطرابلسي
محمد الغنوشي
أحد مظاهر الاحتجاجات
المنصف المرزوقي
الثوار يرفعون علامة النصر
الباجي قائد السبسي
الجنرال رشيد عمار
الرئيس يزور الشاب بوعزيزي
الشاب محمد بوعزيزي
الشعب التونسي يحتشد
بداية الانتفاضة
حمادي الجبالي
راشد الغنوشي
شكري بلعيد
شعارات الثورة على أرض تونس
شعارات ثورة الياسمين
علي العريض
فؤاد المبزغ


موقع تونس في العالم العربي



الفصل الأول

المبحث الثالث

القوى المؤثرة على أحداث الثورة

تتعدد القوى المؤثرة على أحداث الثورة التونسية، وكان لكل منها دوره، سواء الذي ينبع من الذات، أو ردّ فعل للأحداث، أو بالتعاون مع الآخرين. ومن البداية نقرر أن القوى الإسلامية لم تكن هي صاحبة فكر الثورة أو التي بدأتها أو فجرتها، ولكنها ـ كما الحال في الثورة المصرية ـ انتهزت الفرصة للاستيلاء عليها وتوجيهها لمصلحتها.

وكانت هذه القوى هي الأكثر تنظيماً، ولديها القدرة على تولي القيادة وحشد الجماهير لصالحها، منتهزة فرصة عدم وجود قيادة للثورة توجهها، ولم يكن الشباب الذي أجج الثورة لديه المعرفة بمعالم الطريق الصحيح، فاستسلم لقيادة التيارات الإسلامية.

وتأججت بدايات الثورة في تونس بعيداً عن العاصمة، وزحفت إليها بالتدريج على مدى عشرين يوماً، بمعني أن تفاعل الجماهير جاء بالتدريج، مع اختلاف الأوضاع من منطقة إلى أخرى، وبما يجعل انتقال الثورة بطيئاً بقدر ما، وليس كما حدث في الثورة المصرية، التي اشتعلت في العاصمة أولاً، ثم انتقلت إلى عموم القطر في اليوم التالي مباشرة، وأفقدت النظام السيطرة على الدولة.

كما يُلاحظ أن الثورة التونسية لم تُهدر فيها الدماء أو "تسيل أنهاراً"، كما هو الحال في بعض المناطق الأخرى، ولكن الخسائر كانت محدودة، بما يشير إلى أن الثورة ـ في مجملها ـ كانت ثورة بيضاء إلى حد ما.

القوى التي كان لها دور رئيس في إشعال الثورة

1. الشعب التونسي

هو صاحب حضارة قديمة أثرت في بناء شخصيته الوطنية التي ورثها عن الحضارة الفينيقية القديمة، ثم حضارة قرطاجنة، واكتسب من خلالها صفات القوة وحب الذات والقدرة على اجتياز المصاعب، كما تأثر بالشخصية العربية التي امتزجت بسماحة الأديان، ووضعت قوانيناً للفروسية والأخلاق والتضحية من أجل الوطن، وقد زاد من هذه الخاصية الموقع الجغرافي لتونس بين أشقائها العرب.

ثم جاء الغرب من أوروبا، واكتسب الشعب التونسي الثقافة الأوروبية، سواء من خلال التنقل أو الاستعمار الفرنسي لتونس، إضافة جديدة للشخصية التونسية، التي اهتمت بالفنون والآداب والتعليم، حتى أن نسبة الأمية في الشعب التونسي تكاد تكون منعدمة.

في الوقت نفسه، فإن اللغة الفرنسية سادت بين الشعب التونسي، وأصبحت هي اللغة الثانية بعد اللغة العربية في دستور عام 1959، ومن خلال اللغة الفرنسية أضيفت للشعب التونسي ثقافات وعادات أوروبية، امتاز بها عن باقي الشعوب في شرق أفريقيا. أدى كل ما سبق إلى أن يصبح المجتمع التونسي مجتمعاً متجانساً، لا يتحول فيه الصراع بسهولة إلى صراع طائفي أو عشائري، ولا تتحول فيه الصراعات الطبقية والسياسية إلى صراعات على مستوى الهوية أو تمس الوطنية.

وهذا لا يمنع من أن تونس شهدت العديد من الثورات ضد الاستعمار الفرنسي، كما أن ردود فعل هذا الشعب من الانقلاب، الذي قام به رئيس الوزراء التونسي السابق "زين العابدين بن علي" لعزل الرئيس "الحبيب بورقيبة" وتولي سلطة الحكم، كانت محدودة وتجاوب الشعب معها، ولم تحدث حروب أهلية أو اعتصامات أو تظاهرات.

2. الجيش التونسي

حدد الدستور التونسي مهمة الجيش في الدفاع عن البلاد والتصدي للتهديدات الخارجية، ولم يكلف بأي مهام للحفاظ على الأمن الداخلي أو الشرعية الدستورية، وكان هذا التحديد مقصوداً لإبعاد الجيش عن السياسة، وعدم تمكينه من القيام بانقلابات ضد النظام، وفصل العلاقة بينه وبين الشعب لصالح النظام.

ومع تقييد مسؤوليات الجيش، اتسعت سلطات قوات الأمن التي يشرف عليها الرئيس مباشرة، من أجل المحافظة على النظام السلطوي، الذي مورس في عهدي الرئيسين بورقيبة، وبن علي. ومن ثم كان الجيش بقياداته وقواته بعيداً عن السياسة الداخلية، ولم يكتسب خبرة الدفاع عن النظام في مواجهة الانتفاضات الشعبية، أو في ضبط البلاد في أوقات الأزمات، هذا إلى جانب أن تنظيم الجيش التونسي وقدراته لا تؤهله إلى الانتشار في ربوع تونس، أو مواجهة موجات عارمة من الثوار، ولكن قدراته تتحدد في الدفاع عن العاصمة، أو تأمين الأهداف الحيوية بالتعاون مع قوات الأمن.

وقد أدى عدم وقوف الجيش التونسي مع النظام مدافعاً عنه إلى نجاح الثورة. كما كان لرفضه التدخل لقمع الثورة، حين عجزت قوات الأمن عن التصدي للجماهير، العامل الرئيس في الإطاحة برأس النظام وهو الرئيس "زين العابدين بن علي".

ولم ينس الشعب التونسي لجيشه عدم استجابته لأوامر النظام بفتح النيران على المتظاهرين، حينما انتشر في العاصمة في الأيام الأخيرة للثورة، واكتفي بحماية المنشآت العامة، مفضلاً سقوط النظام على أن يرتكب مذبحة بحق المدنيين، وفي أعقاب نجاح الثورة، كان للجيش التونسي العديد من المهام التي يقوم بها لحفظ الأمن في البلاد، وبدأ نوع من التقارب بين الشعب والجيش، الأمر الذي أوقفه التيار الإسلامي بمجرد صعود حزب النهضة إلى الحكم، في أكتوبر 2011.

في السياق نفسه، حرص هذا التيار في شغل الجيش وعناصر الأمن بمهام بعيداً عن العاصمة، حتى يتمكن من السيطرة بدفع الميليشيات التي يدربها للمحافظة على هذا التيار، وهو أحد أسس بناء تنظيم الإخوان المسلمين، حيث نجح في تصعيد مشكلات حدودية في الغرب والجنوب حتى تخلو له العاصمة ويسيطر عليها.

3. الشباب التونسي

وهو جزء فاعل من الشعب التونسي، وأيضاً جزء أصيل من الجيش التونسي، حيث يمثل المجندون الأغلبية العظمي فيه. والشباب التونسي، هو أكثر فئات الشعب التي تعرضت للتهميش، وأعمال العنف والاعتقالات من أجهزة الأمن، إلى جانب عدم وجود وظائف للخريجين من الشباب وانتشار البطالة بينهم، ولجوء خريجي الجامعة منهم إلى امتهان المهن المتواضعة عملاً لهم، حتى يجدوا لقمة العيش.

كما عانى الشباب من الفساد الذي استشرى في الدولة، حيث أصبحت المحسوبية والرشوة والقرب من المسيطرين على النظام تمثل جواز المرور إلى الوظائف والمناصب. مع اتساع الفوارق بين الطبقات، وبين أجزاء الدولة نفسها، حيث كان ما يتوفر لسكان العاصمة لا يقارن بما يخصص لباقي المحافظات والمدن.

وقد حاول الشباب التمرد في العديد من المرات والمناسبات، ولكن وسائل القمع والحكم السلطوي كانت أكبر من قدراتهم. وكان النظام في كل مرة يحاول طرح الحلول، واستمالة الشباب بأسلوب إعلامي، ويزايد من خلال البطولات الرياضية التي يحصل عليها الشباب التونسي، ويجعل منها دلالة على ما تتمتع به الدولة من قوة وتقدم، ولكن لم يدرك هذا النظام أن لحظة الانفجار لابد أن تكون قادمة، وأنها سوف تبدأ من المناطق الأكثر تهميشاً في الجنوب. وهو ما حدث فعلاً.

ولم تتمكن فئات الشباب من بناء تنظيم أو اتحاد يضمهم، من أجل توحيد الرؤى أو البحث عن الذات، أو دفع سقف مطالبهم، ولكن كل ما حققوه هو انضمام بعضهم إلى أحزاب أو تنظيمات دينية أو شيوعية، كانت تعمل على استقطابهم والسيطرة عليهم أكثر مما تحقق آمالهم، لذلك لم يكن مستغرباً أن الثورة بدأت بإشعال شاب النار في نفسه، وكرر الفعل شاب آخر، ثم بدأت الثورة بالشباب المهمش في المناطق البعيدة عن العاصمة، واستشعر بها الشباب الأقرب والأقرب، حتى وصلت العاصمة نفسها، والشباب بطبيعته الثائرة والمتمردة، هو الذي يحاول أن تحقق الثورة أهدافها، وهو الذي يتحمل ما يقوم به النظام لإحباط إرادته، ولكن هذا الشباب ـ بالتعاون مع فئات الشعب المختلفة ـ هو ما يرفض حالياً نظام حكم "النهضة" ويستعد للقيام بالثورة الثانية فيما لم تتحقق مطالبه.

4. النقابات والأحزاب والتجمعات التونسية المؤثرة في الثورة

تتعدد الحركات الشعبية إلى جانب الأحزاب التي كان لها تأثير على الثورة، وعلى مسار التحول الديموقراطي للدولة، ويختلف هذا التأثير في شدته طبقاً للحجم والقوة وتاريخ الحركة أو الحزب. وقد أفرزت الثورة العديد من الأحزاب والتجمعات الجديدة ذات التأثير، ولكن يبقي الاتحاد العام للشغل، وحركة النهضة عاملين مؤثرين على الأوضاع الحالية، ومستقبل النظام التونسي.

أ. الاتحاد العام التونسي للشغل

منظمة نقابية تأسست في 20 يناير 1949 في عهد الاستعمار الفرنسي القديم، وهو نقابة وطنية عمالية تضم جموع العاملين والمهنيين في تونس، وظلت تعمل بعد الحصول على الاستقلال، وقويت مع الزمن وبحجم التطور الصناعي في تونس، وعملت كوادرها باستمرار على تطويرها، والتمسك الوطني منهم بأن تظل نقابة مؤثرة في المجتمع بعيدة عن العمل الحزبي.

في السياق نفسه فقد حاول النظام مراراً إضعاف هذا الاتحاد، من خلال بناء نقابات أو اتحادات موازية، مثل الاتحاد التونسي للشغل في عقد الخمسينيات، والاتحاد الوطني التونسي للشغل في الثمانينيات، والجامعة العامة التونسية للشغل عام 2006، ولكنه صمد أمام الجميع ولم يفقد مكانته الاجتماعية.

الدور الذي قام به الاتحاد منذ تأسيسه وحتى الآن.

(1) في فترة الاستعمار الفرنسي لتونس، كان للاتحاد نشاط بارز في المقاومة، ونظم العديد من الإضرابات، وقام بالتنسيق مع الحزب الحر الدستوري الجديد، أكبر الأحزاب الوطنية وقتها. واشتهر الاتحاد من خلال زعاماته الوطنية التي ضحت بنفسها من أجل التحرر.

(2) مع بدايات منح تونس الاستقلال (1955 – 1956)، ساند الاتحاد الزعيم "الحبيب بورقيبة". ومن خلال ذلك، حصل النقابيون من الاتحاد على العديد من المناصب الوزارية، في أول حكومة بعد الاستقلال. ولكن ما لبث أن اشتعل الخلاف بين الاتحاد والحزب الحر الدستوري الحاكم، ما أدى إلى صدامات سقط فيها العديد من القتلى والجرحى، فيما عُرف "بالخميس الأسود"، عام 1978.

(3) بتولي الرئيس "زين العابدين بن علي" مقاليد الحكم، استمرت الصراعات بين الاتحاد والنظام الحاكم، وهو ما أدى إلى أن يصبح اتحاد الشغل جبهة قوية للمعارضة الشعبية، تقع تحت طائلة المراقبة من النظام الحاكم، ويتعرض قادتها للاعتقال ومنع صعودهم إلى مراكز الزعامة أو المناصب العليا.

(4) في أعقاب نجاح الثورة التونسية، أعاد الاتحاد قوته وتأثيره في الشارع التونسي، وهو ما أدى إلى صدامات مع الإسلاميين، وقيام الاتحاد بتنظيم العديد من الإضرابات في عدة مدن تونسية، لإعلان رفضه استيلاء التيار الإسلامي على الحكم.

ب. حركة النهضة التونسية

وهي إحدى أذرع تنظيم الإخوان المسلمين العالمي، ويرأسها "راشد الغنوشي" اللاجئ إلى بريطانيا لمدة 20 عاماً فيما قبل الثورة (اُنظر صورة راشد الغنوشي)، وهي حركة إسلامية تؤمن بشعارات التنظيم العالمي للإخوان في بناء دولة الخلافة الإسلامية، وحاولت بعد الثورة دعم قدرتها بالسيطرة على بعض التيارات الإسلامية الأخرى "السلفية وغيرها"، من أجل بناء ائتلاف قوي في مواجهة التيارات الليبرالية في تونس.

تأسست الحركة عام 1972، حركة سرية، ثم أعلنت عن نفسها رسمياً، في 6 يونيه 1982، وظلت تعمل حركة دعوية مُراقبة من النظام، ما أدى إلى هجرة العديد من قياداتها إلى الخارج، ومنهم "راشد الغنوشي" رئيس الحركة، الذي أقام في فرنسا. وفي أعقاب نجاح الثورة التونسية، وعودة القيادات الإسلامية المهاجرة، أُعلن عن تأسيس "حزب النهضة" حزباً سياسياً، في أول مارس 2011، وجاء التصديق على هذا التأسيس من قِبل الحكومة الإسلامية، التي قفزت إلى السلطة برئاسة "محمد الغنوشي".

مع التحولات الديموقراطية في تونس، دعم حزب النهضة نفسه بالتحالف مع حزبين. الأول حزب المؤتمر من أجل الجمهورية، وهو حزب يمثل يسار الوسط ويحظى بشعبية مقبولة من الجماهير. والحزب الآخر هو التكتل الديموقراطي من أجل العمل والحريات، وهو حزب اشتراكي ديموقراطي يمثل الاتجاه الاشتراكي السابق، الذي كان يتحالف مع الكتلة الشرقية.

ومن هذا التحالف نجح "المنصف المرزوقي" في الوصول إلى رئاسة الدولة التونسية (اُنظر صورة المنصف المرزوقي)، بينما سيطر حزب النهضة على الحكومة.

لم يستمر نفوذ التيار الإسلامي مع الأحزاب المتحالفة معه كثيراً، حيث استشعر الشعب التونسي أن ثورته ضاعت، واقتنصها التيار الإسلامي الذي لم يشارك في الثورة من الأساس، لذلك هب ليستعيد ثورته، وبدأ الصدام بين الشعب وهذا التيار، في أغسطس 2013.

ج. جهاز الأمن التونسي "الشرطة"

وهو الجهاز الرئيس المسؤول عن إجراءات الأمن في تونس، بدءاً من تأمين الشرعية الدستورية" التي تتعلق بسيطرة الرئيس على زمام الدولة"، مروراً بالحفاظ على الأمن الداخلي، انتهاءً بالتصدي للجيش في مواجهة أية انقلابات. لذلك فإن رئيس الجمهورية "زين العابدين بن علي" كان حريصاً على دعمه واختيار قياداته ووضعه تحت سيطرة كاملة لإرادته وتحقيق أهدافه.

اتسم هذا الجهاز باستخدام العنف ضد المواطنين، والتوسع في تطبيق أساليب التجسس والاعتقالات، وفرض السيطرة بأساليب قمعية، ولذلك فإن خيوط الثقة والتواصل بينه وبين الشعب كانت شبه مفقودة.

وبالرغم من قسوة هذا النظام في تعاملاته مع المواطنين، إلا أن هيكلة الجهاز الأمني لم تكن سليمة على الإطلاق، ولم تتأسس على نظريات علمية سليمة، وهو ما أدى إلى انهيار هذا الجهاز أمام تصاعد أحداث الثورة، وفقد قدرته على المواجهة، ما أُضطر معه رئيس الدولة إلى إصدار الأوامر إلى الجيش بالنزول في العاصمة للسيطرة على أحداث العنف.

في أعقاب سيطرة التيار الإسلامي على السلطة، فإن جهاز الأمن لم يعد إلى سابق عهده في السيطرة على الأمن الداخلي، نظراً لأن هذا التيار يهدف إلى سيطرة ميليشياته على الأمن، لذلك فلم تهتم الحكومة باستعادة جهاز الأمن لقدرته، بل حاولت تشتيت جهوده في مناطق بعيدة عن العاصمة.

د. الأجهزة الأمنية والرقابة الأخرى

تتعدد الأجهزة الأمنية والرقابية في تونس، مثل جهاز الاستخبارات العامة (القومية)، وجهاز المخابرات الحربية، وأجهزة الرقابة الأخرى، وكلها تقع تحت السيطرة الكاملة لرئاسة الجمهورية، وتنفذ تعليمات الرئيس، وتنقل إليه كل المعلومات التي تحصل عليها.

وهذه الأجهزة تسير على نهج الأجهزة المماثلة في فرنسا، ومعظم كوادرها السابقة نالت قسطاً من التعليم والتدريب في معاهد فرنسية متخصصة، إلا أن هيكلة تلك الأجهزة بالأسلوب العلمي السليم لم يتحقق، وكانت تعتمد على قدرة الأفراد وانتماءاتهم إلى النظام، أكثر مما تعتمد على نظام العمل الاستخباراتي نفسه، ولذلك لم تتمكن من الحصول على المعلومات الصحيحة التي فجرت الثورة وأطاحت بالنظام كله.

هـ. أسرة الرئيس

تولى الرئيس "زين العابدين بن علي" الحكم لمدة تزيد على 23 عاماً (اُنظر صورة زين العابدين بن علي)، وهي فترة طويلة أحاطته بالعديد من المنتفعين والفاسدين، الذين يعملون لصالحهم ولصالح الرئيس على حساب الشعب، كان في مقدمة المنتفعين، أسرة الرئيس نفسه، التي تغلغلت في أركان الدولة واحتلت المناصب الرئيسة، كذلك أسرة زوجته الثانية "ليلي الطرابلسي" (اُنظر صورة ليلى الطرابلسي)، التي بسطت سيطرتها على الدولة من خلال العديد من المنظمات والجمعيات، سواء التي أنشأتها أو الموجودة بالفعل، مثل جمعية بسمة، التي تهدف إلى تعزيز الاندماج الاجتماعي، وتوفير فرص العمل للمعاقين، كذلك منظمة المرأة العربية التي تهدف إلى تمكين المرأة من تعزيز التقدم في الدول العربية، وجمعية "سيدة" لمكافحة السرطان (والتي تحمل اسم والدتها)، من أجل تحسين الرعاية لمرضي السرطان في تونس.

ومع ما تحمله أسماء هذه الجمعيات من هدف نبيل، إلا أن الهدف الرئيس منها كان فرض السيطرة والانتشار الإعلامي، سواء في الداخل أو الخارج، وتعمل من خلاله على تمكين عائلتها من احتلال المناصب الرفيعة في المجتمع التونسي، ونهب أموال الشعب دون رقيب أو حسيب، وهو ما كان يشعر به الشعب التونسي قبل الثورة، وما كشفت عنه التحقيقات بعد الثورة.