إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية / الأحزاب السياسية في إسرائيل ودورها في الحياة السياسية





نشأة الحركات العمالية من 1906 إلى 1996
نشأة الحركات اليمينية من 1925 إلى 1996
نشأة وتطور الحركات والأحزاب الدينية
الكنيست الثامن عشر




الفصل الثاني

المبحث السادس

الحركات والجماعات الدينية غير الحزبية ودورها في الحياة السياسية

إلى جانب الأحزاب الدينية، ثمة حركات وجماعات دينية غير حزبية تُمارس نشاطها، في مواجهة مؤسسات الدولة الرسمية، بقصد التأثير عليها في عملية صنع القرارات السياسية، على وضع تضمن معه تحقيق مطالبها أو بعضها. وقد انقسمت هذه الحركات إلى:

·   حركات وجماعات دينية صهيونية.

·   حركات وجماعات دينية معارضة للصهيونية.

أولاً: الحركات والجماعات الدينية الصهيونية

تتمثل أشهر هذه الحركات والجماعات في ثلاث هي:

·   حركة غوش أيمونيم

·      حركة كاخ

·      حركة ميماد

1. حركة "كتلة الإيمان: غوش أيمونيم"

أ. النشأة التاريخية

ظهرت حركة "غوش أيمونيم"، كجماعة داخل حزب "المفدال"، في أعقاب حرب العام 1967، ثم كحركة غير حزبية، مستقلة عن حزب "المفدال"، في مطلع العام 1974. وكان ظهور هذه الحركة نتيجة لعدة ظروف وعوامل شهدتها إسرائيل، في أعقاب حربي 1967، 1973.

ب. هدف الحركة

الهدف الرئيسي هو استيطان الأراضي المحتلة عام 1967 ـ وخاصة الضفة الغربية ـ وتهويدها، تنفيذاً لما جاء على لسان الحاخام "زيفي يهودا كوك" ـ الأب الروحي، والفكري، للحركة ـ في شأن هذه الأراضي: "إن هذه البلاد لنا ولا توجد هنا أية مناطق عربية أو أراضٍ عربية، بل أراضي إسرائيل، تراث الآباء الخالد، وهى في جميع حدودها الواردة في التوراة تابعة للحكم الإسرائيلي".

ضمت هذه الحركة جملة من المتدينين الشباب من أمثال: "حانان بورات"، و"موشى ليفنغر"، و"يوحنان فريد"، و"أوري اليتسور"، و"حاييم دور كمان"، و"بيني كاتسوفر"، و"يوئيل بن نون"، وغيرهم، بجانب عدد أخر من العلمانيين. وينتمي جميع المتدينين إلى جيل واحد، وثقافة دينية عميقة، وخلفية اقتصادية مستقرة، فهم أبناء لعائلات إشكنازية قديمة ثرية متدينة، تلقوا تعليمهم في المدارس الثانوية الدينية التابعة للدولة، وخاصة مدارس "بني عقيبا"، و"مركاز هآراب"[1].

ومنذ عام 1967، صار "كوك" وأتباعه ـ الذين أنشأوا حركة "غوش أيمونيم" ـ لا يستطيعون الفصل بين الصهيونية واليهودية، وبين "القومية اليهودية" و"الديانة اليهودية"، فكما سخّر "كوك"، الأب حياته للتوفيق بين الدين والسياسة، وبين المتدينين والعلمانيين، فإن "كوك" الابن سار على نفس الطريق، فراح يمسح على الصهيونية "ديباجات خلاصية ومسيحانية"، بل وجاوز الأب بتحديده ثلاث مراحل كبرى لعملية الخلاص، هي:

المرحلة الأولى: عودة يهود الشتات ـ بجهود علمانية ـ إلى "أرض إسرائيل"، وقد بدأت هذه المرحلة مع ما أسماه بـ "توبة الخوف" من الأذى الجسدي في الشتات.

المرحلة الثانية: باتت ممكنة بفضل "التقاء الشعب اليهودي قلب يهودا والسامرة التوراتي"، وهى تستلزم "الاستيطان الكامل في الأرض".

أما المرحلة الثالثة والأخيرة: فسوف تستلزم "توبة الحب"، وفيها "يدب النشاط في صحة اليهود الروحية بفضل احتكاكهم بكامل أرض إسرائيل، فيتوبون إلى الله ويلزمون أوامره ونواهيه"، وكلما تزايد التزام الشعب بالفرائض الدينية كلما اقترب مجيء المسيح والخلاص.

ج. التنظيم الداخلي

مرت الحركة، من الناحية التنظيمية، بعدة مراحل بدأت بتمرد جناح الشباب داخل حزب "المفدال" ـ في أول مؤتمر للحزب عُـقد بعد حرب 1967، في صيف 1968ـ على القيادات التاريخية. وقد تزامن ذلك مع شيوع آراء الحاخام "كوك"، واعتباره مرشداً روحياً لهؤلاء الشباب من جهة ومع قيام هؤلاء الشباب بأول نشاط عملي لتجسيد آراء "كوك"، من خلال واقعة الاستيطان في مدينة الخليل العربية المحتلة، على يد الحاخام "ليفنغر"، من جهة أخرى.

وبنجاح أسلوب "ليفنغر"، المتمثل في "خلق الوقائع على الأرض"، تطابقت أهداف "غوش أيمونيم"، مع أهداف حركة أخرى نشأت بعد شهرين من حرب 1967، هي حركة "أرض إسرائيل الكاملة"، التي ضمت نخبة من الكتاب المعروفين، والمثقفين، والشعراء، والجنرالات، وزعماء كيبـوتزات، وشخصيات صهيونية بارزة أخرى، بهدف العمل على الاستيطان العاجل والدائم، في الأراضي المحتلة عام 1967. وقد خلا بيانها السياسي من أية ديباجات دينية، فجاءت تعبيراً عن الجناح القومي المتشدد من الصهيونية العلمانية. وفي أعقاب الظهور الرسمي لحركة "غوش أيمونيم"، انضم إليها الكثير من أعضاء حركة أرض إسرائيل الكاملة.

جاء الإعلان الرسمي عن حركة "غوش أيمونيم"، في عام 1974، في مستوطنة "كفر عتسيون" شمال الخليل كحركة شعبية احتجاجية على ما صار يسمى في إسرائيل، "زلزال" 1973. تم إنشاء سكرتارية من تسعة أعضاء، وعدد من اللجان[2]، وقُـدّر عدد أفرادها ببضعة آلاف من الشباب، ولم يكن للحركة بطاقات عضوية، ولا هياكل تنظيمية. وقد حددت الحركة مبادئها  فيما يلي:

(1) لا تنازل ولا انسحاب ولا تخلي عن طريق الإيمان بضرورة استيطان جميع أرجاء أرض إسرائيل.

(2) حق اليهود في هذه البلاد ليس خاضعاً لقوانين الشعوب بل هو وعد من الله ومن التوراة، وإذا كانت قوانين الدولة لا تتفق وأوامر الله، فإن الواجب يدعو إلى عدم الانصياع لها لأن الاستيطان في المناطق المحتلة هدف أسمى وتنفيذ لإرادة الله وليس القانون الإسرائيلي.

كان الهدف المعلن للحركة ـ التي قُصد بها أن تكون كتلة من كتل "المفدال"، في بادئ الأمر ـ عدم مشاركة "المفدال"، في أية حكومة ائتلافية إلا إذا اشتمل برنامجها على بند صريح يمنع تقديم أية تنازلات في الضفة الغربية، ولذا فقد أيدت الحركة تشكيل ائتلاف وطني يضم حزب الليكود في ذلك الوقت.

وقد استمدت الحركة جمهورها، من دعاة الاستيطان، وغلاة المتشددين من الحاخامات، والكتاب، وجنرالات الجيش، ومستوطني الضفة الغربية وغزة، وخريجي المدارس الدينية التابعة للدولة، التي أُنشأت في الأراضي المحتلة عام 1967، والمعروفة باسم "اليشيفوت هِسْدِر"[3]. كما ضمت الحركة عناصر علمانية متشددة من أنصار حركة "الصهيونية العمالية"، وحزب "الليكود". بظهور حركة "غوش أيمونيم"، شهدت إسرائيل ميلاد قطاع جديد يمزج بين الدين والقومية، كما أراد الحاخام "كوك" الأب في مطلع هذا القرن، وخلافاً للعلمانيين الذين يسيرون حاسري الرؤوس، ولغلاة المتشددين الحريديم الذين يرتدون اللباس الأسود على الطريقة الليتوانية، وقبعة سوداء "يارمولكا" من النسيج الأسود، صار يوجد "متدينون قوميون" يعتمدون مظهراً يجمع بين التقيد الصارم بالتعاليم الدينية والانتماء التام للحداثة ، فهم يرتدون الجينز أو البنطلون القصير، وقميص يظهر فيه بوضوح خمار الصلاة وقلنسوة منسوجة وملونة بألوان متنوعة.

وانطلاقاً من تلك الأفكار التي استندت إليها حركة "غوش أيمونيم"، وارتباطاً بما آلت إليه الدولة في أعقاب حربي 1967، 1973، مارست الحركة نشاطات مختلفة، لتحقيق هدفها الأوحد، المتمثل في عدم التنازل عن أي شبر من أرض إسرائيل، والعمل على استيطان هذه الأرض وتهويدها. ويتمثل أبرز هذه الأنشطة في التظاهر والاحتجاج، والضغط على الحكومة، وإنشاء مستوطنات غير مرخصة، والقيام بعمليات إرهابية ضد العرب. وعلى الرغم من وجود جماعات أخرى تقوم بمثل هذه الأعمال، فإن أهم ما مّيز حركة "غوش أيمونيم"، هو قيامها بهذه الأعمال بشكل مؤثر ومنظم، ونجاحها في دعم وصول "الليكود" إلى السلطة عام 1977، وزرع بذور التنافس بين قادة حزب العمل "ديان" و"آلون" من جهة، و"رابين" و"بيريز" من جهة أخرى.

وعلى الرغم من أن الحركة غير حزبية، إلا أنها نجحت في لعب دور مؤثر في سياسات الحكومة من أجل تحقيق أهدافها، حيث استطاعت إيصال بعض قادتها إلى الكنيست، على قوائم أحزاب أخرى قريبة من أفكارها، كما كان للحركة دوماً أنصار داخل الأحزاب الأخرى، ومن هؤلاء "آرييل شارون"، الذي وُصف دوماً بـ "الممثل الرسمي لغوش أيمونيم"، في حكومات الليكود.

2. حركة "هكذا: كاخ"

تأسست حركة "كاخ"، على يد الحاخام "مائير كهانا"، في إسرائيل، عام 1973، كامتداد لرابطة الدفاع اليهودية التي أنشأها "كهانا"، في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1968.

أ. النشأة تاريخية

وُلد مؤسس الحركة "مائير كهانا"، في حي بروكلين بنيويورك عام 1932، لأسرة هاجرت من صفد بفلسطين إلى الولايات المتحدة الأمريكية، مع مطلع القرن العشرين. وقد انضم "كهانا" ـ في صباه ـ إلى حركة بيتار، ثم تركها وواصل دراسته الدينية حتى صار حاخاماً، كما حصل على الماجستير في القانون الدولي. وبعد أن فُصل من وظيفته بتهمة "الهوس الديني المفرط"، وفشل في أن يصبح محامياً، هاجر إلى "إسرائيل"، غير أنه فشل في الحصول على وظيفة حاخام، فعاد مرة أخرى إلى الولايات المتحدة الأمريكية، حيث أسس صحيفة "Jewish press" ، ثم صار عميلاً ومخبراً سرياً لدوائر الاستخبارات الأمريكية، وتجسس على اليمين الأمريكي المتطرف، والطلاب اليساريين. وفي العام 1968، شكل "رابطة الدفاع اليهودية"[4]، واتخذ من مقاطعة كوينز بولاية نيويورك مقراً لها، بهدف مواجهة نشاط السود في الدفاع عن حقوقهم المدنية، ومطالبتهم بمقاسمة اليهود الامتيازات، التي كانوا يتمتعون بها على حساب الأقلية السوداء. وقد استخدمت الحركة شعارات مثيرة مثل: "لن تعاد أبداً" (ويُقصد به لن تعاد "المحرقة" أبداً، "ولكل يهودي بندقيته الطويلة"، "أيها اليهود: اشتروا الأسلحة ـ إن النازيين الجدد والشيوعيين والمسلمين .... والذين ينشرون الكراهية ..... موجودون في الولايات المتحدة، وكلهم يهدفون إلى تدمير الجماعة اليهودية.....".

وخلال الفترة من 1969 – 1972، نفذت الرابطة سلسلة طويلة من الاعتداءات، ضد المصالح الفلسطينية والعربية والسوفيتية، في الولايات المتحدة الأمريكية بهدف تحقيق المصالح الإسرائيلية، وتخريب العلاقات الأمريكية ـ السوفيتية. وقد دفع ذلك بمكتب التحقيقات الفيدرالية (FBI) إلى تصنيف الرابطة ضمن المنظمات الإرهابية الرئيسية في الولايات المتحدة الأمريكية، وفي فبراير 1975، أدين "كهانا" بتهمة الحض على اغتيال دبلوماسيين عرب وسوفيت، وحُكم عليه بالسجن لمدة عام واحد، قضى منها ثمانية أشهر[5].

وفي العام 1969، انشق "كهانا" عن حركته في الولايات المتحدة الأمريكية ـ تاركاً إياها تمارس حتى اليوم العنف والإرهاب ضد العرب والمسلمين[6] ـ وهاجر إلى إسرائيل، ليؤسس حركة باسم "قمع الخونة: دوف"، شعارها هو شعار رابطة الدفاع، ثم ما لبث أن حوَّل الحركة إلى حزب سياسي تحت اسم "كاخ : هكذا"، في عام 1972.

ب. أيديولجية "كاخ" وأنشطتها السياسية

هي أيديولوجية رابطة الدفاع اليهودية، وقد حُددت الملامح الرئيسية لهذه الأيديولوجية من خلال أفكار وكتابات "كهانا"، على أسس دينية متشددة وأخرى عنصرية متطرفة.

وانطلاقاً من هذه الأيديولوجية، راحت حركة "كاخ" تمارس نشاطها السياسي في إسرائيل بهدف تحقيق أهدافها ومبادئها. وقد تمثل نشاطها هذا، في عمليات إرهاب وقتل وتخريب وتهديد، قام بها الأعضاء النشطين بالحركة وأنصارها، عن طريق تنظيم مظاهرات عنصرية ضد العرب، أو إنشاء تنظيمات سرية مسلحة.

وجهت الحركة نشاطها، في البداية، ضد عرب 1948، فنظمت حملات ومسيرات لإثارة الكراهية ضدهم والتحريض على طردهم من البلاد، والتضييق عليهم ريثما يتحقق ذلك. واتسمت هذه الحملات بالسوقية والابتذال من جهة، وبقدر كبير من الإثارة الإعلامية المسرحية من جهة أخرى، مما أدى بالسلطات إلى إصدار قرار بحظر دخول "كهانا" إلى المدن العربية المحتلة عام 1948. وقد امتدت نشاطات حركة "كاخ" إلى المناطق المحتلة عام 1967، من الاعتداء على العرب بالقتل أو التهديد به، والإضرار بالممتلكات، وتخريب المزروعات، من مقر قيادة الحركة في مستعمرة كريات أربع بالخليل المحتلة. وقد أدى ذلك إلى ملاحقة عدد كبير من النشطين بالحركة واعتقالهم، بل أن "كهانا"، نفسه أُعتقـل بأمر إداري من وزير الدفاع عام 1980، وسُجن ستة أشهر بتهمة تدبير عملية تخريبية ضد المسجد الأقصى.

أقامت الحركة تنظيماً شبابياً خاصاً باسم "تاناح"، يقوم بتنظيم معسكرات تدريب عسكرية للفتيان بغرض تأهيلهم لاستخدام السلاح وممارسة العنف. وترتبط الحركة بالعديد من التنظيمات السرية المسلحة، أهمها: تنظيم "لجنة الأمن على الطرق" الذي أُنشئ عام 1986، بغرض توفير حماية مسلحة لسيارات وأتوبيسات المستوطنين في الضفة الغربية، ويضم التنظيم مئات الأعضاء، معظمهم من كريات أربع، وأجهزة اتصال ونقل حديثة وأسلحة ومواد تخريبية.

وقد انتقلت الحركة إلى العمل السري، فنظمت حملات إرهابية عديدة ضد العرب وممتلكاتهم، كما أنشأت «منظمة دولة يهودا»، التي مارست العديد من عمليات القتل والتخريب ضد العرب. وترتبط هذه المنظمة بما يسمى بـ "دولة يهودا المستقلة"، التي أعلنها ممثلون عن مستوطنات الضفة الغربية، والجولان، وغزة ـ في يناير 1989 ـ والتي اختارت لها علماً ونشيداً ودستوراً وهيئات منتخبة. انتخب "كهانا" رئيساً فخريا للدولة، و"ميخائيل بن حورين" ـ من مستوطني الجولان وعضو "كاخ" ـ رئيساً للجنتها التنفيذية، التي تألفت من سبعة أعضاء. وقد أعلن مؤسسو الدولة أنهم موالون لدولة "إسرائيل" الحالية وقوانينها ومؤسساتها، ولكن هذا الولاء سينتهي في اللحظة التي تتخلى الدولة عن أي جزء من "أرض إسرائيل"، كما تعهدوا بالسيطرة ـ ولو بالقوة ـ على أية أراض يتم التخلي عنها.

كما اقترن اسم "كهانا"، وحركة "كاخ" بتنظيمات سرية أخرى مثل منظمة "الإرهاب ضد الإرهاب: T. N. T" التي حاربت العرب، ومنظمة "حملة الخناجر: السيكاريكيم"، التي تعمل ضد الشخصيات اليهودية التي تدعو إلى السلام مع العرب.

وإلى جانب أنشطة الحركة الإرهابية تلك، خاضت انتخابات الكنيست في أعوام 1973، و1977، و1981، بيد أنها فشلت في تجاوز نسب الحسم في كل مرة. وفي انتخابات عام 1984[7]، نجحت في الحصول على نحو 26 ألف صوت أي (1.2%) من مجمل الأصوات الصحيحة، فحصلت على مقعد واحد شغله "مائير كهانا"[8]. ولعل أبرز خطوط البرامج السياسية للحركة ما يلي:

(1) ضرورة طرد العرب من "أرض إسرائيل"، لتصبح دولة إسرائيل دولة يهودية حقاً.

(2) ضرورة إبعاد العرب المسلمين "الغرباء"، عن ساحة حرم المسجد الأقصى تطبيقاً لقول التوراة، "فليٌقتل كل غريب يقترب من جبل البيت"، ومقاطعة التجار العرب، وعدم السماح للعرب بالدراسة في الجامعات الإسرائيلية، ومحاربة "الدنس" الناجم عن زواج العرب من اليهوديات.

(3) حرمان العرب في «إسرائيل»، من كافة الحقوق والمساعدات، والزج بهم في معسكرات للقيام بالأعمال الشاقة.

(4) العفو عن أعضاء التنظيمات السرية الإرهابية.

(5) عدم التنازل عن أي جزء من "أرض إسرائيل"، وضم الضفة الغربية، وقطاع غزة، للدولة.

(6) توطين اليهود في كامل "أرض إسرائيل"، وتكثيف الهجرة إليها.

(7) تدمير المسجد الأقصى، وقبة الصخرة.

(8) تثقيف اليهود بالقيم اليهودية، وتطبيق تعاليم التوراة.

عشية انتخابات العام 1988، قررت لجنة الانتخابات المركزية حظر مشاركة حزب "كاخ" في الانتخابات بسبب أفكاره العنصرية، وممارسته التي تثير مشاعر الكراهية والعداء ضد العرب.

ج. ما آلت إليه الحركة بعد مقتل زعيمها

فقدت حركة "كاخ" بمقتل "مائير كهانا" ـ على يد رجل مسلح قيل أنه مصري يحمل الجنسية الأمريكية، في 6 نوفمبر 1990 ـ مصدر قوتها الرئيسي، فقد كان هو المنظم والداعية وجامع الأموال، وقائد الحملات الدعائية، ومتخذ القرارات الأساسية، وموجه الأنشطة السياسية ومحركها الرئيسي. ولم يكن بين معاونيه من يتمتع بنضج سياسي، أو كفاءة فكرية أو جاذبية جماهيرية كما كان "كهانا". لقد كان معاونوه "أدوات تنفيذية له، واستمروا بعد مقتله في إدارة الحركة بالأساليب نفسها، ولكن في نطاق أضيق وبفاعلية أقل". وقد انقسمت الحركة، بعد مقتل "كهانا"، إلى تنظيمين هما:

(1) حركة "كاخ"

مقرها كريات أربع، ويقودها "باروخ مرزل"، كرئيس للحركة، و"نوعام فدرمان"، كناطق بلسان الحركة، و"تيران بولاك"، كرئيس لـ "لجنة الأمن على الطرق". ومن الشخصيات المعروفة داخل الحركة، "شموئيل بن يشاي"، و"بن تسيون غوفشتاين"، والحاخام "أبراهام توليدانو". وقد صارت أنشطة الحركة أكثر شراسة وحدة.

(2) تنظيم "كهانا حّي"

مقره في مستعمرة كفار تبواح في نابلس، ويتزعمه نجل "مائير كهانا"، "بنيامين كهانا"، ويساعده "ديفيد أكسلرود"، ويدير أنشطة التنظيم في الخارج "يكتوئيل بن يعقوب"، المطلوب من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي. ولهذا التنظيم فروع في الولايات المتحدة الأمريكية، وله فرع للفتيان في إسرائيل، يسمى "نوعير مائير" أي "فتيان مائير".

في أعقاب مجزرة الحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل المحتلة، في 25 فبراير 1994، والتي نفذها أحد النشطين برابطة الدفاع اليهودية في الولايات المتحدة الأمريكية، الناطق باسم حركة "كاخ" في "إسرائيل" في فترة معينة، "باروخ غولدشتاين"، وحظر نشاط تنظيمي "كاخ" و"كهانا حي"، وأُعلن أنهما منظمتان إرهابيتان.

وهكذا ، فإن حركة كاخ، حركة سياسية دينية عنصرية هدفها الرئيسي طرد العرب من أرضهم بكافة السبل بما فيها التنكيل والقتل، وهى تستمد أيديولوجيتها من الدين اليهودي، وتحمل بشكل واضح سمات النظم الفاشية، عبادة الزعيم ـ تقديس الأرض والجماعة التي تسكن فيها ـ كراهية اليساريين والليبيراليين والعرب ـ العنف والإرهاب.

نالت الحركة تأيد قطاعات واسعة من الجمهور الإسرائيلي، وخاصة الجمهور الديني، كما تلقت الدعم من العديد من الحاخامات، وعلى  رأسهم الحاخام "زيفي كوك".

3. "حركة الوسط الديني: ميماد"

أ. النشأة التاريخية

هي حركة دينية صهيونية إشكنازية، أسسها الحاخام "يهودا عميطال" ـ رئيس "يشيفا هرعتسيون"، في "غوش عتسيون"، بالقدس ـ في يوليه 1988. وقد خاضت انتخابات عام 1988، وحصلت على نحو 16 ألف صوتاً، إلا أنها لم تتخط نسبة الحسم. وتنبع أهمية هذه الحركة في أنها تتسم بالاعتدال فيما يتعلق بعلاقة الدين بالدولة في إسرائيل، من جهة، وقربها من حزب العمل واليسار الصهيوني عموماً، من جهة أخرى.

انشق "عميطال"، عن حزب "المفدال"، بسبب نزوع الحزب نحو التطرف القومي والديني، واستخدام الدين في عمليات الاستقطاب، والمساومة، عشية كل ائتلاف حكومي، حيث عُرف عن "عميطال"، نظرته المعتدلة في شأن العلاقة بين الدين، والدولة، فهو يرفض انحياز الجمهور الديني إلى اليمين، ويخشى من أن يولد انطباع بأن هناك توافقاً بين التوراة واليمين المتطرف. ويؤمن بأن هدف الأحزاب الدينية المتمثل في تحقيق دولة، تحكمها الهالاخاه، لا يمكن تحقيقه من خلال الأحزاب الدينية الحالية، وهاجم آراء الحاخامات، الذين يُبدون استعداداً للتنازل عن مطالب المتدينين في مجال التعليم، مقابل الحفاظ على "أرض إسرائيل التاريخية"، ورأى أن على الدولة أن تتنازل عن أجزاء من "أرض إسرائيل" المقدسة ـ وليس كل الأرض ـ إذا رأت أن في ذلك صيانة للمصالح العليا للدولة. وللحاخام "عميطال" مواقف معتدلة أخرى؛ فقد أدان مذابح  صبرا وشاتيلا، ورأى فيها تدنيساً لاسم الرب، وحرّم على تلاميذه المشاركة في مظاهرات "غوش أيمونيم" الاستيطانية في الضفة الغربية المحتلة، وفي مستعمرة "ياميت" بسيناء.

عارض "عميطال" حركة "غوش أيمونيم"، ورأى أنها "حركة مسيحانية كاذبة". وهو يؤمن بأفكار الحاخام "أبراهام كوك"، وبأن دولة إسرائيل مرحلة مهمة من مراحل تحقيق الخلاص، إلا أنه يرفض أفكار "كوك" الابن، التي يعدها "متطرفة".

ومن ثم أنشأ "عميطال" حزبه الجديد، آملاً أن يكون جسراً وسطاً، بين الكتل والقوائم الحزبية، وحزباً دينياً قادراً على تعديل شكل العلاقة بين المتدينين والعلمانيين.

ب. أفكار البرنامج الانتخابي للحركة

(1) على الصعيد الداخلي

(أ) الدعوة إلى تعزيز "الشخصية اليهودية الوطنية" للدولة.

(ب) العمل على تضييق الهوة بين المتدينين والعلمانيين.

(ج) تعزيز السلطة الحاخامية الرئيسية.

(د) معارضة تعديل قانون من هو اليهودي.

(هـ) التوسع في التعليم الديني ودعم المؤسسات الدينية.

(و) ضرورة تأدية طلبة المدارس الدينية للخدمة العسكرية.

(ز) تعزيز مركز المرأة في المجتمع والسماح لها بعضوية المجالس الدينية.

(ح) عدم مخالفة النشاطات الاقتصادية لتعاليم التوراة والحد من تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي وتشجيع الاستثمار ومحاربة الفساد وتوزيع الدخل بشكل عادل.

(ط) توسيع الخدمات الاجتماعية والصحية وسن قانون وطني للتأمين الصحي.

 (2) على الصعيد الخارجي

(أ) الإيمان بحق "إسرائيل"، الأبدي في كامل«أرض إسرائيل».

(ب) إمكانية التنازل عن أجزاء من هذه الأرض مقابل سلام حقيقي، إذا كان ذلك في مصلحة الدولة، مع بقاء المستوطنات، والمستوطنين.

(ج) معارضة فكرة الطرد الجماعي للعرب.

(د) عدم خرق القيم الإنسانية أثناء التصدي للانتفاضة.

(هـ) رفض قيام دولة فلسطينية مستقلة.

ونظراً لأن "عميطال"، كان يميل دوماً نحو حزب العمل، وزعيمه الأسبق "رابين"، فقد علق حزب العمل عليه أمالاً كباراً، بيد أنها تبددت مع فشل الحركة عام 1988. ثم أحجمت الحركة عن خوض الانتخابات التالية في عامي 1992، خوفاً من الفشل مرة أخرى. شارك الحزب في الحكومة المؤقتة التي شكلها "بيريـز"، في أعقاب مقتل "رابين"، وشغل "عميطال"، منصب وزير بلا وزارة. وخاضت الانتخابات مع حزب العمل ضمن قائمة "إسرائيل واحدة"، وفازت بمقعد واحد في انتخابات 2003.

ثانياً: الحركات والجماعات الدينية المعارضة للصهيونية

تتمثل أبرز هذه الحركات والجماعات في ثلاث هي:

·      حركة حباد

·   الطائفة الحريدية

·   حركة ناطوري كارتا

ولهذه الحركات، والجماعات، مراكز ومقار في عدد من مدن العالم المختلفة، وخاصة في الولايات المتحدة الأمريكية. وتخوض هذه الحركات صراعات عنيفة مع تيارات وحركات يهودية أخرى، ومنها ما يمارس أنشطة سياسية بارزة في بعض البلدان. ولبعض هذه الحركات نشاط سياسي في إسرائيل، وبعضها الأخر يقاطع الدولة ومؤسساتها بشكل مطلق.

1. حركة "حباد" الحسيدية

أ. النشأة التاريخية

تأسست حركة حباد[9] الحسيدية على يد الحاخام "شنيور زلمان ملادي"[10] (1745 – 1813)، لتشكل تياراً مستقلاً في الحسيدية، لا يتجاهل دور العقل وتعاليم التوراة، ويرفض فكرة "التسامى عن طريق الغوص في الرذيلة". نشأت الحركة في بيلوروسيا، ثم انتقلت إلى لاتفيا، ثم بولندا، ثم الولايات المتحدة الأمريكية، عام 1940. ويوجد أكبر تجمع للحركة اليوم في الولايات المتحدة الأمريكية، ثم في إسرائيل.

ونظراً لأن الحركة تهتم بدراسة التوراة والتأمل العقلي؛ فقد كانت من أوائل الحركات الحسيدية، التي بادرت إلى إنشاء مدارس دينية، كما دافعت عن مصالح اليهود في كل مكان، وقدمت العون للناجين منهم من النازية. وتهتم الحركة كذلك بتقديم الخدمات الدينية والاجتماعية والثقافية، لأتباعها في كل مكان. وللحركة منظمات نسائية، وأخرى خاصة بتربية الأطفال، ويُقدر عدد مراكزها، في قارات العالم الست، بحوالي ألف وخمسمائة مركز (منها مراكز في المغرب، وسورية، وتونس، وأغلب دول أمريكا الجنوبية، وأوروبا وجنوب أفريقيا، وهونج كونج). وتمتلك محطة إذاعة خاصة في نيويورك، وأخرى في فرنسا، تبث برامج دينية ودروساً في التوراة يومياً. وتقدر مصادر الحركة عدد مؤيديها في العالم بأكثر من مليون يهودي، أما أتباعها الملتزمون بتعاليمها فيقدرون بحوالي مائة وخمسين ألف شخص، يتمركزون في الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل.

تخوض الحركة صراعاً عنيفاً مع التيارات اليهودية الأخرى، في الولايات المتحدة الأمريكية، كما تخوض صراعاً مع جماعات أرثوذكسية، وأهمها طائفة ساطمر الحسيدية. في مطلع القرن العشرين شن الأدمور الخامس للحركة حملة شعواء على الحركة الصهيونية، ووصفها بأنها مبادرة سلبية لاستعجال النهاية، بما يتناقض مع التقاليد اليهودية، ورفض نظرية المراحل التي أخذت بها الصهيونية فيما يتعلق بخلاص اليهود، وقد ارتكزت معارضة الحركة الصهيونية على أساس أن على اليهود أن يظلوا في المنفي حتى يظهر المسيح المخلص، فهو وحده المكلف من قبل الرب بإنقاذ "الشعب اليهودي" و"العودة" به إلى أرضه لتأسيس "مملكة إسرائيل".

ومن ثم رفض الأدمور الخامس "شالوم دوف بار"، الحركة الصهيونية وأكد أنه "حتى لو أتبع الصهاينة أوامر الإله بشكل دقيق فإنه لا يجوز لليهودي أن ينضم إليهم لكي يبحث عن الخلاص بجهود ذاتية"، ولهذا أفتى "دوف بار"، بعدم جواز استخدام السبل المادية والسياسية للهجرة إلى فلسطين لتعجيل الخلاص، لأن ذلك يخالف وصايا التوراة. ومع قدوم الأدمور السابع "مناحيم مندل شنيورسون"، راحت الحركة تقترب من الصهيونية، حيث أعلن "شنيورسون"، أن إنشاء الدولة "فضل من الإله، والتفاتة منه نحو اليهود، من أجل خلاصهم"، غير أن الصهاينة ـ في رأيه ـ أضاعوا الفرصة، وبنوا الدولة على "أسس لا يجمعها جامع مع توراة شعب إسرائيل". وكان "شنيورسون" قد أعلن، عند تعيينه، أن "الفترة التي نعيشها هي الفترة التي يجب أن يأتي فيها المسيح". وعندما اندلعت حرب 1967، اعتبر أن النصر الإسرائيلي يشير إلى بداية الخلاص واقتراب ظهور المسيح. وإبان حرب 1973، طالب باحتلال دمشق كشرط لتحقيق الخلاص، وخلال حرب لبنان نادى باحتلال بيروت كبداية للخلاص.

كان "شنيورسون"، يُمهد الطريق لإعلان نفسه "المسيح المنتظر"، كما مهد أتباعه لذلك، فهو عندهم "عبقري العباقرة" و"قدس الأقداس" و"كل أرواح اليهود مربوطة به"، وكانوا لا ينطقون اسمه إلا بعد عبارة "رابينا رابي الجيل، والملك المخلص"، وأثناء الحملة الانتخابية عام 1988، رفع أنصاره صورة كبيرة له كُتب تحتها "مشيح عخشاف"، أي "المسيح الآن". وفي أواسط شهر أبريل 1992، غمرت الملصقات والإعلانات طرق إسرائيل، معلنة أن "شنيورسون"، أوشك على إعلان نفسه "المسيح المخلص بمجرد تلقيه الأوامر الإلهية بذلك"، وكان "شنيورسون"، قد أعلن في مؤتمر عالمي عقده عام 1991، أن "اليهود يريدون إنهاء حالة الشتات التي يعيشون فيها، وأن كل المؤشرات على ظهور المخلص قد ظهرت، وأن الوقت قد حان للخلاص النهائي الأخير بظهور المسيح".

حققت الحركة نفوذاً واسعاً في الولايات المتحدة الأمريكية، وإسرائيل، وفي كل مكان يوجد فيه يهود، إبان رئاسة "مناحيم مندل شنيورسون"، لها في الفترة من عام 1950، حتى العام 1994. ففي خارج "إسرائيل" يسعى مختلف المرشحين للانتخابات في الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا، على سبيل المثال، للحصول على أصواتهم. وكان لـ "شنيورسون"، نفوذاً هائلاً في الولايات المتحدة الأمريكية، وحظي بتقدير الرؤساء وأعضاء الكونجرس وكبار الساسة.

وكان "شنيورسون"، يرى أن "القدرة الإلهية" تتحكم في كل صغيرة وكبيرة في العالم، وأن التوراة كلها مقدسة، وأنها سبقت خلق العالم، ومن ثم كانت دعوته لتأليف قلوب اليهود ودعم التراث اليهودي، من أجل تحقيق وحدة "الشعب اليهودي". وكان يعتقد أن حب "أرض إسرائيل" فريضة لا يمكن على الإطلاق فهم وتطبيق التوراة وإقامة الفرائض دونها. وعلى الرغم من ذلك لم تطأ قدماه "أرض إسرائيل"، وظل يرفض الهجرة إليها ـ على الرغم من معلوماته الواسعة عنها ـ حتى وفاته.

تتمتع الحركة في داخل إسرائيل، بنفوذ كبير، حيث تتبنى مواقف سياسية محددة، ويمارس أتباعها وأنصارها حقوقهم السياسية بحرية، فعلى صعيد الشؤون الداخلية تطالب الحركة بالآتي:

(1) تعديل قانون العودة بهدف ضمان نقاء "الجنس اليهودي المختار"، إذ يرى "شنيورسون"، أن اليهود من جنس أسمى وأعلى من بقية الأمم التي مكانها في الدرك الأسفل، "فأصل أرواح بني إسرائيل هو الروح القُدُس، أما أصل أرواح شعوب العالم فهو من طبقات النجاسة الثلاث"، وهي نظرة عنصرية محضة تفوق نظرة "هتلر" للأجناس.

(2) منع الإجهاض وتشريح جثث الموتى.

وقد كان للحاخام "شنيورسون"، مكانة مرموقة عند ساسة الدولة وكبار المسؤولين فيها، وكثيراً ما كانت شخصيات مثل "بيجن"، و"بيريز"، و"شارون"، و"يوسف بورغ"، و"أهارون ياريف"، وغيرهم تطلب مشورته. وعلى الرغم من أنها حركة غير حزبية، ولم تشارك في أية انتخابات عامة أو محلية، ولم تؤيد رسمياً أية قائمة انتخابية، إلا أن أتباعها كانوا يصوتون دوماً لصالح "بوعالي أغودات إسرائيل"، عدا عام 1965، حينما أمرهم "شنيورسون"، بالتصويت لصالح "المفدال".

وللحركة أراء متشددة تجاه العرب، فهي تؤيد فكرة "أرض إسرائيل الكاملة"، برغم عدم اعترافها علناً بدولة "إسرائيل"، ومن ثم ترفض فكرة الأرض مقابل السلام، وتطالب الحكومات الإسرائيلية بضم الأراضي المحتلة وعدم إرجاع الأراضي التي غنمتها إبان حرب الأيام الستة، وذلك لأن السيطرة اليهودية على كامل "أرض إسرائيل" هي شرط مسبق لا غنى عنه لظهور المسيح المنتظر. وارتباطاً بهذه الأفكار دعا الحاخام "شنيورسون"، إلى ترحيل العرب عن أراضيهم، بل ونادى، في أكتوبر 1968، بقتل العرب صراحة، وقال "إن العرب يبتغون شيئاً واحداً لا غير، وهو القضاء علينا إن عاجلاً أو آجلاً وإن علينا أن نتبع القول المأثور "عجِّل بقتل من يسعى لقتلك"، كما احتج هذا الحاخام بشدة ـ مراراً ـ على بقاء العرب في القدس، وعلى ما أسماه المعاملة الحسنة التي تعامل بها إسرائيل، "مخربي" فتح. وكان "شنيورسون" من القادة الحريديين القلائل، الذين أعربوا عن دعمهم لحركة "غوش أيمونيم"، ومشاريعها الاستيطانية في الضفة الغربية والقطاع.

توزعت قيادة الحركة في إسرائيل، بين عدد من الحاخامات منهم: "شموئيل هيفر"، و"ليب كفلن"، و"مردخاي أشكنزي"، و"لايفشتس" زعيم منظمة "النشيطون: يد الأخوة" الحريدية، التي تحارب كل ما يشكل خطراً على الدين اليهودي، وظاهرة تسرب العناصر الحريدية إلى العلمانية، والتنصير.

وهكذا، فعلى الرغم من أن حركة "حباد" حركة حريدية معارضة للصهيونية، ولا تعترف بالدولة، إلا أنها لم تقاطعها، بل إن طلاب مدارسهم يخدمون بالجيش، بعد انتهائهم من دراستهم، كما أن أنصار الحركة يقتربون دوماً من العلمانيين، بغية توبتهم، باعتبار أن هذا شرط لقدوم المسيح المخلص في نظرهم.

2. حركة الطائفة الحريدية

أ. النشأة التاريخية

ظهرت الطائفة الحريدية، عام 1921، في القدس احتجاجاً على إنشاء الحاخامية الرئيسية. وأطلق عليها وقتذاك اسم "لجنة المدينة للطوائف الإشكنازية"، وكانت تمثل أغلب الحريديم في القدس، بالتعاون مع حركة "أغودات إسرائيل". وظل التعاون بين "الطائفة الحريدية" و"حركة أغودات" حتى العام 1945، حينما صار "المعتدلون" من الحريديم ينضمون تحت راية "أغودات"، بينما أضحت حركة "الطائفة الحريدية"، تمثل "متطرفي" الحريديم. وتتكون الحركة من عدة جماعات حسيدية، منها: طائفة "ذرية أهارون"، وطائفة "ساطمر"، والمدرسة الدينية التابعة لتلاميذ "دوشنسكي"، وقسم من جماعة "المقدسين: هيروشلميم"[11]. وتقدر الحركة عدد أتباعها بثلاثين ألف نسمة، بينما تقدرهم مصادر حزب "أغودات" بثمانية آلاف نسمة، يعيش معظمهم في الضواحي والأحياء الحريدية، وخاصة حي "المائة بوابة: مئشعاريم" بالقدس.

ب. التنظيم الداخلي

تدار الحركة عن طريق عدد من الهياكل التنظيمية، أهمها مجلس الواحد والسبعين، ومجلس الثلاثة والعشرين، والمجلس التنفيذي، ومحكمة الطائفة. وهي تساوي مجالس حكماء التوراة في الحركات والأحزاب الدينية الأخرى.

وعلى عضو الحركة أن يلتزم بالأسس الثمانية عشرة التي تعتبر دستور الطائفة. وأهم هذه الأسس التي تحدد واجبات كل عضو:

(1) الانصياع لأوامر حاخاماته ومحكمة الطائفة.

(2) معارضة الصهيونية ومقاطعة أنشطة الدولة وعدم المشاركة في انتخابات الكنيست أو الانتخابات البلدية.

(3) الإيمان القاطع بأن إقامة الدولة الصهيونية ـ قبل قدوم المسيح ـ إنما هو عقاب من الله، وأن الكنيست تدنيس لأوامر الله، وإهانة للتوراة، لأن قوانينه تتناقض مع شريعة "موسى".

(4) مقاطعة حزب "أغودات إسرائيل"، لتصالحه مع الصهيونية.

(5) مقاطعة مدارس تعليم اللغات الأجنبية، وإرسال الأبناء إلى المدارس المُجازة من الطائفة، والتي غالباً ما تستخدم اللغة الييديشية.

(6) عدم تناول أي طعام أو شراب غير مصرح به من الطائفة.

(7) المحافظة على اللباس الشرعي المحتشم.

وتقدم الطائفة مجموعة من الخدمات الطائفية لأتباعها، عن طريق عدد من المؤسسات، مثل المحاكم الدينية والمطاعم والمسالخ وأماكن التثقيف والتسلية، وصندوق لتمويل المؤسسات التربوية، بدلاً من أموال الحكومة، ولمساعدة العائلات الفقيرة، ولجان للحفاظ على تعاليم التوراة، وغيرها.

ونظراً لأن الحركة لا تعترف بالصهيونية، وتقاطع الدولة فإنها لا تشترك في انتخابات الكنيست، ولا في الانتخابات المحلية، ولا تتلقى الأموال من الحكومة ، بيد أن ثمة جماعات حسيدية ـ من داخل هذه الحركة ـ تتلقى الأموال من التأمين الوطني، وهى تبرر ذلك بأن الأموال المخصصة للمؤسسات التربوية، هي«أموال أيديولوجية»، تحمل رائحة الدولة، بينما أموال التأمين الوطني محايدة، ولا رائحة لها.

مارس أدمور طائفة "ساطمر"، السابق، "يواليش طايطلبويم"، نفوذاً واسعاً داخل الحركة، فقد كان المرشد الروحي للطائفة الحريدية، ورفض فكرة أن كل مكاسب حرب 1967، إنما هي مساعدة الرب لشعب إسرائيل، لأن هذه الفكرة ستؤدي حتماً إلى إثبات أن الصهاينة صادقون وأن أسلوبهم صادق، وأن دولتهم ليست دولة كفار؛ لأن جنودها حرروا "حائط المبكى" وقبر "راحيل"، بينما يرى هو أن شعب هذه الدولة من المارقين عن الدين، ولا يستحق معجزة إلهية لمساعدته. ولدى طائفة "ساطمر"، كما ترفض الحركة مفاهيم مثل "دولة التوراة" أو "دولة الشريعة".

ينحصر نشاط الحركة السياسي في تنظيم الاحتجاجات على تدنيس حرمة السبت وانتشار الإباحية. وواقع الحال يؤكد أن الدولة ـ بمؤسساتها وإمكانيتها ـ قد استطاعت أن تُحد من نفوذ الحركة ونشاطها، وأغرت بأموالها جماعات عدة على الخروج من الحركة.

3. حركة "حراس المدينة: ناطوري كارتا"

أ. النشأة التاريخية

ظهرت حركة "ناطوري كارتا"، كحركة منشقة عن حركة "أغودات إسرائيل"، في العام 1935، بعد أن قام ممثلون عن "أغودات" بإجراء مفاوضات مع المجلس الملّي اليهودي ـ الذي كان يخضع لنفوذ الحركة الصهيونية ـ بهدف التوصل إلى اتفاق بشأن إقامة حاخامية رئيسية موحدة في فلسطين من جهة، والوصول إلى صيغة عمل مشتركة مع حركة "همزراحي"، من جهة أخرى، حيث شكلت العناصر الحريدية، التي تصر على رفض أي تعاون مع الحركة الصهيونية حركة خاصة بها، تحت اسم "رابطة الحراسة المقدسة: أغودات مشمرت هكودش"، ثم تغير الاسم إلى "رابطة الحياة: أغودات هحايم"، ثم إلى الاسم الحالي "حراس المدنية: ناطورى كارتا"[12].

تضم الحركة معظم يهود العالم، الذين يرفضون الصهيونية ويعارضون الدولة، ويُقدر عددهم حسب مصادر الحركة ذاتها ـ بأكثر من نصف مليون نسمة في الخارج، وعشرات الآلاف في إسرائيل، بينما تؤكد مصادر أخرى أن عددهم لا يتجاوز بضعة آلاف في إسرائيل[13]. وقد ظلت الحركة ـ حتى عام 1965 ـ إحدى الجماعات التي تشكل الطائفة الحريدية في القدس، ثم انفصلت عنها، بعد زواج زعيم حركة ناطوري كارتا من فرنسية متهودة مطلقة. ويعد الحاخام "يواليش طايطلبويم" ـ أدمور طائفة ساطمر الحسيدية ـ هو الزعيم الروحى لكل الطوائف الحريدية بما فيها حركة "ناطورى كارتا"، أما أبرز قياديي حركة "ناطوري كارتا"، فهما الحاخامان "عميرام بلوي"، و"أهارون كتسلبويجن"، اللذان يكمل أحدهما الآخر، فالأول يقود المظاهرات ومسيرات الاحتجاج. أما الثاني فيمثل قوة العقل والتفكير.

والحركة مفتوحة أمام كل يهودي يرغب في الانضمام إليها شريطة الالتزام بعقيدتها ومبادئها.

ب. عقيدة الحركة

تتمحور عقيدة الحركة في:

عدم الاعتراف بالصهيونية، ومقاطعة الدولة بشكل نهائي، فالحركة تعتبر نفسها امتداداً للتراث والتقاليد اليهودية، وأنها هي التي تلتزم بالتعاليم الدينية اليهودية دون بقية التيارات والفرق والجماعات اليهودية الأخرى.

عاش اليهود، منذ أكثر من ألفي عام، تحت حكم غير اليهود كعقاب من الله لهم على خطاياهم وذنوبهم.

لا تمثل الصهيونية استمراراً للتراث اليهودي أو تنفيذاً للتعاليم الدينية ، وإنما هي رفض لها وخروج عليها، بل هي واحدة من أخطر المؤامرات الشيطانية على اليهودية. والصهيونية مروق من الدين، لأنها أقامت دولة لليهود، وتعمل على تجميع المنفيين، وهذان أمران من شأن المسيح المخلص الذي سيرسله الرب إلى اليهود، لذا فالدولة ـ في نظر أتباع الحركة ـ ثمرة المروق من الدين وانتهاك التوراة، لأنها قامت على أيدي نفر من الكافرين الذين تمردوا على مشيئة الإله، وهي خيانة للشعب اليهودي الذي تأسس كجماعة دينية في سيناء (لا في أرض الميعاد). ويذهب أنصار الناطوري كارتا، إلى أبعد من ذلك حينما ينظرون إلى كل من الصهيونية، والنازية، على أنهما ينبعان من مصدر واحد فهو فكرة "القومية"، التي ظهرت في أوروبا، بل ثمة من أكد منهم على أنه هناك تفاهم وتعاون بين الحركة الصهيونية والنظام النازي. وهكذا ترى الحركة أن الصهيونية حركة معادية لليهود، لأنها تخلق مشكلة ازدواج الولاء أمام اليهود أينما وجدوا، وتؤجج الاتهامات المعادية لهم، وتزدهر بازدهار معاداة اليهود. وانتصارات الصهيونية ـ في عقيدة الحركة ـ من عمل الشيطان لأنها انتهكت العهود الثلاثة، التي قطعها اليهود للرب قبل خروجهم من المنفى، وهي ـ كما جاءت في التوراة ـ ألا يسببوا الألم للأغيار الذين يُقيمون بينهم وألا يحاولوا احتلال "أرض إسرائيل" بالقوة، وألا يستعجلوا الأمور. ولهذا يرى أنصار الحركة أن العمل داخل إطار الحكومة مستحيل لأمرين: الأول، لأن قيام دولة قبل مجيء المسيح خرق للتوراة ، والثاني، لأن قيم وتعاليم التوراة لا تشكل الأساس الاقتصادي والاجتماعي للدولة.

الشعب اليهودي ليس شعباً بالمعنى الذي قدمته الصهيونية، وإنما هو جماعة دينية ظهرت منذ ثلاثة آلاف سنة، واستمدت وجودها من ميثاق مع خالقها، يلتزم بموجبه كل اليهود بالتوراة وتعاليمها.

وضْع الخالق اليهود في منزلة «شعب الله المختار» ليس الهدف منه تمكين هذا الشعب من السيطرة على العالم، وإنما لخدمة الجنس البشري كله، وقد تم اختيار اليهود لهذا الأمر لأنهم أكثر الناس سلاماً وتواضعاً. وهذا الاختيار يفرض على اليهود عدة واجبات، فالشريعة اليهودية ترى أن ثمة سبعة قوانين أساسية ملزمة لكل البشر كي يصبحوا بشراً (حسب شريعة نوح)، وهناك عشرة قوانين (الوصايا العشر) ملزمة لأتباع الديانات التوحيدية، أما اليهود، فعليهم وحدهم الالتزام بالأوامر والنواهي التي جاءت في التوراة (المتسفوات).

يلخص الحاخام "موشى هيرش" ـ سكرتير الطائفة للشؤون الخارجية ـ موقف الحركة من الصهيونية ومن الدولة في مقال نشره في صحيفة "الواشنطن بوست"، في مطلع أكتوبر 1978، بقوله: "إن الصهيونية تتعارض تعارضاً كاملاً مع اليهودية، فالصهيونية تريد أن تُعرّف الشعب اليهودي باعتباره وحدة قومية، وهذه هرطقة، فقد تلقى اليهود الرسالة من الرب، لا لكي يفرضوا عودتهم إلى الأرض المقدسة ضد إرادة سكانها، فإن فعلوا ذلك فإنهم يتحملون نتائج فعلتهم، والتلمود يقول: (إن هذا الانتهاك سوف يجعل من لحمكم فريسة للسباع في الغابة). وإن المذبحة الكبرى ستكون نتيجة من نتائج الصهيونية".

كما أوضح "هيرش"، أن التوراة أمرت اليهود بالعيش في سلام مع جيرانهم من غير اليهود في فترات الشتات، وأنه يمكن العيش في ظل دولة فلسطينية، وفي هذه الحالة يمكن تشجيع هجرة اليهود إليها!!. ويعّرف "هيرش"، الحريديم بأنهم "يهود فلسطينيون". ويقول أحد حاخامات الحركة "إبراهام جرينباوم"، "إن إسرائيل ستظل دولة الشتات الروحية حتى الوقت الذي تحكم فيه التوراة حياة كل فرد في المجتمع"، ولا يعني ذلك أن هذا الحاخام من أنصار إصدار تشريعات توراتية تحكم الأفراد، فالقانون لا يُغير اعتقادات الأفراد وقناعتهم كما يقول.

وتُؤكد الحركة على أن علاقة اليهودي المتدين بـ "أرض الميعاد" تتمثل في اتجاهه بعواطفه وقلبه إلى هذه الأرض، وخاصة مدينة القدس، ففي كل صلاة تُذكر القدس. وعلى اليهودي أن يستمر في هذا حتى يستجيب له الإله ويأمر بعودة اليهود مع المسيح المنتظر. وتنتقد الحركة اليهود المتدينين والحاخامات، الذين يتعاونون مع الدولة ويؤيدونها مقابل المساعدات المالية الحكومية، وترى أن ذلك تدنيس لاسم الرب وخروج عن تعاليمه.

واستناداً إلى ما سبق يعمد أتباع الناطوري كارتا، إلى مقاطعة الدولة وعزل أنفسهم عنها كلية من جهة، والاحتجاج على نشاطاتها وفضح ممارساتها من جهة أخرى. وامتنعوا عن الدفاع عنها إبان حرب 1948. وطلب "عميرام بلوي" ـ في رسالة بعث بها إلى الأمين العام للأمم المتحدة، في يوليه 1949 ـ وضع القدس تحت وصاية دولية، وإصدار "جوازات الأمم المتحدة" للمتدينين اليهود الذي يرغبون في ذلك، وأعلن قبول أتباع الحركة مغادرة القدس إلى أي مكان أخر يستطيع هؤلاء العيش فيه بموجب أحكام التوراة. واعترفت الحركة بكفاح الشعب العربي الفلسطيني وحقه في كامل تراب فلسطين، وبمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل وحيد وشرعي للشعب الفلسطيني، وأبدت استعدادها للعيش في ظل دولة علمانية تجمع اليهود والعرب.

وقد نددت الحركة باحتلال الضفة الغربية، وقطاع غزة، وأمرت أتباعها بعدم الذهاب إلى هذه المناطق، أو زيارة "حائط المبكى"، لأن القدس فُتحت عنوة، كما أدانت غزو لبنان، ونددت باعتراف منظمة التحرير بدولة "إسرائيل". ويرفض أتباع الحركة أي شكل من أشكال الحياة العلمانية، ويمتنعون عن استخدام المنافع والتسهيلات الاجتماعية والمادية، التي توفرها الدولة، وعن دفع الضرائب والجمارك، كما يقاطعون الانتخابات ولا يخدمون في الجيش، ويتكلمون اللغة الييديشية في التعاملات اليومية، أما العبرية فهي عندهم للصلاة فقط. تقاطع الحركة كذلك قراءة الصحف الإسرائيلية، والاستماع إلى الإذاعة العبرية ومشاهدة الإذاعة المرئية، وتعد "يوم الاستقلال" يوم حداد وحزن، يصوم فيه أتباعها. كما أن للحركة ساعة مركزية خاصة بأتباعها تلتزم بالتوقيت اليهودي الذي تؤمن به الطائفة، ويلتزم به أتباعها قدر المستطاع. ولا يستعين أتباع الحركة بالشرطة لأنها شرطة صهيونية.

ويُنظمون مظاهرات ومسيرات احتجاجية ضد انتهاكات العلمانيين ـ ومؤسسات الدولة وموظفيها بشكل عام ـ لتعاليم التوراة (كتدنيس السبت ونشر الإباحية والاختلاط وغيرها)، والتي تسبب حوادث عنف في بعض الأحيان. وتتولى الحركة تدريس عقيدتها وأفكارها لأتباعها وأبنائها، في مدارس دينية تابعة لها في حي مئشعاريم، كما تنشر أفكارها عبر عدد من الصحف أهمها: "الحائط" و"حائطنا". إضافة إلى نشاطها دعائياً وسط الشعب الأمريكي بهدف إيضاح أن اليهود والصهيونية أمران منفصلان. وتحصل الحركة على مساعدات مالية من يهود بالخارج، وخاصة من طائفة ساطمر الحسيدية، وتطالب الحركة كل يهود العالم بالعودة إلى الدين والإيمان بالافتداء الإلهي.

وقد كان لـ "ديفيد بن جوريون" رأي في هذه الحركة ، حينما أجاب عن سؤال عن سبب عدم معاقبته لأتباعها، بقوله: "إن هناك صعوبة متزايدة باستمرار تحول دون اتخاذ إجراءات مع أناس تنبع أفعالهم من إيمان ديني عميق، وليسوا من مخالفي القوانين بالمعنى المألوف، ومن جهة أخرى، فإن هؤلاء يمثلون عالماً انحدر معظمنا منه، وهو عالم أجدادنا وآبائنا الذي عرفناه من سن الطفولة فكيف تريدون أن يزج المرء بجده الأكبر في السجن، حتى ولو رمى غيره بالحجارة".



[1] يذكر أن مدارس بني عقيبا ظهرت من داخل حركة الكيبوتز الديني، ولا يزال عدد كبير من قياداتها يأتي تقليدياً من الكيبوتزات الدينية. وهي تدير اليوم أكثر من ثلاثين مؤسسة تربوية وغير تربوية، وساهمت في تأسيس الكثير من المستعمرات التعاونية والجماعية، ويبلغ عدد فروعها في إسرائيل (350) فرعاً، وينتمي إليها اليوم ما يقرب من (50) ألف عضو.

[2] من هذه اللجان: اللجنة الاستيطانية برئاسة «بورات»، واللجنة السياسية برئاسة«ليفنغر»، واللجنة المالية برئاسة «يعقوب ليفين»، واللجنة الإعلامية برئاسة «يهودا حزاني»، وغيرها.

[3] نشأت اليشيفوت هسدر في الجيش، بالتعاون مع المتدينين، لإجتذاب خريجي المدارس الدينية وبني عقيباً لتأدية الخدمة العسكرية في هذه اليشفيوت، بعد 1967. صُممت على شاكلة وحدات الناحال العسكرية المتاحة للشباب الراغب في حياة الكيبوتزات (التي يُقسم العمل فيها بين الزراعة والتدريب العسكري) حيث يقسم العمل فيها بين الخدمة العسكرية والدراسة الدينية.

[4] اتخذ كهانا من نجمة داود التي يتوسطها قبضة شعاراً للحركة.

[5] على الرغم من ذلك، لقيت الرابطة دعماً من عدد من الأمريكيين اليهود، بل أن «مناحيم بيجن» أعرب عن دعمه الرسمي لأساليب الحاخام «كهانا» في الولايات المتحدة، في بروكسل في فبراير 1971، أثناء «المؤتمر العالمي للجماعات اليهودية» هناك.

[6] من الجرائم البشعة، التي اتهمت فيها الحركة، اغتيال الدكتور "إسماعيل راجي الفاروقي" - الأستاذ الفلسطيني الأمريكي الجنسية في جامعة تمبل بفلادلفيا - وزوجته في 27 مايو 1986.

[7] تقدمت حركة حقوق المواطنين إلى لجنة الانتخابات المركزية بطعن ضد قائمة كاخ، وقررت اللجنة عدم التصديق على القائمة، بيد أن المحكمة العليا اعترضت على قرار اللجنة بعد أن قدم «كهانا» التماساً لها في هذا الشأن.

[8] هناك عدة ظروف ساعدت على حصول قائمة كاخ على هذه الأصوات، منها وصول حزب الليكود اليميني إلى الحكم عام 1977، وتصاعد نفوذ المتدينين واليمين عموماً، ونمو مشاعر العداء ضد العرب. وقد صوت لكاخ (33%) من أصوات سكان مدن التطوير (حيث يقطن الشرقيون الفقراء)، و (32%) من القرى التعاونية الدينية (الموشاف)، و(23%) من سكان الأحياء الفقيرة بالمدن الكبرى.

[9] كلمة حباد عبرية تمثل اختصاراً للكلمات الثلاث: الحكمة والفهم والمعرفة.

[10] تزعم الحاخام «زلمان ملادي» الحركة حتى وفاته، ثم حل ابنه الحاخام دوف بار (1773-1827) محل أبيه ، ونظراً لأن هذا الحاخام كان من مدينة لوبافتيش الروسية فقد صار هذا الاسم يطلق على أدامرة هذه الحركة حتى اليوم. وقد جاء بعد «دوف بار» صهره الحاخام «مناحيم مندل شنيورسون» (1789 - 1866) ثم نجله، الحاخام «شموئيل مندل» (1834 - 1882) ثم الحاخام «شالوم دوف بار» (1866 - 1920) ، فابنه الحاخام «سوسيف اسحاق» (1880 - 1950) ، ثم الحاخام «مناحيم مندل شنيورسون» (1902 – 1994).

[11] يذكر أن ثمة جماعات تدخل الطائفة ، وأخرى تخرج منها بين الحين والآخر. ومن أهم الانشقاقات، التي شهدتها الحركة انشقاق جماعة ناطورى كارتا، فرع الحاخام «عميرام يلوي» بسبب رفض محكمة الحركة عقد زواج «بلوي» على مطلقة فرنسية يهودية عام 1965، وكذلك انشقاق طائفة «بعلاز» الحسيدية عام 1980، بعد أن أصدر الحاخام الأكبر «اسحاق فايس» أمراً يمنع تعليم الأولاد في مؤسسات تتلقى الأموال من الدولة، وقد رفضت «بعلاز» الانصياع للأمر.

[12] كان الحاخام «الياهو بروش« هو الذي اختار هذا الاسم و«ناطوري كارتا» عبارة آرامية وردت في التوراة.

[13] يقطن أتباع الحركة في فلسطين المحتلة في حي «المائة بوابة: مئشعاريم» بالقدس، وثمة تجمعات أخرى لأتباع الحركة في حي بروكلين بنيويورك، وفي لندن ومونتريال، وغيرها.