إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية / الأحزاب السياسية في إسرائيل ودورها في الحياة السياسية





نشأة الحركات العمالية من 1906 إلى 1996
نشأة الحركات اليمينية من 1925 إلى 1996
نشأة وتطور الحركات والأحزاب الدينية
الكنيست الثامن عشر




الفصل الخامس

المبحث العاشر

النشاط الحزبي وانعكاسه على النشاط السياسي (2002 – 2006)

أولاً: الائتلاف الحكومي الثلاثون خلال الكنيست السادس عشر (2003 – 2006)

لم يكن قرار رئيس الوزراء الإسرائيلي "أرييل شارون"، في نوفمبر 2002، بحل الكنيست والدعوة لانتخابات عامة مبكرة، صدي للأزمة المتفاقمة في المجتمع الإسرائيلي على الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية والأمنية، بقدر ما كان محصلة لأزمة أشد عمقاً في الأحزاب الإسرائيلية، وخاصة تلك التي تنتمي لمعسكر اليسار. وكانت استطلاعات الرأي العام في إسرائيل تظهر حقيقة أن معظم الرأي العام غير متحمس للذهاب لانتخابات جديدة، إلى جانب رضائه عن الأداء العام لحكومة "أرييل شارون"، الأمر الذي جعل الصحف الإسرائيلية توجه اتهاماً صريحاً لحزب العمل بأنه لن يسعى لانتخابات جديدة، إلا من أجل مصالح ضيقة تتعلق برغبة المتنافسين داخله. وقد استغل "أرييل شارون" الفرصة جيداً، وبدلاً من تشكيل حكومة يمينية ضيقة، كان بوسعه أن يستكمل بها الفترة الباقية حتى حلول موعد الانتخابات في نوفمبر عام 2003، قرر الدعوة إلى انتخابات مبكرة، محملاً حزب العمل، خاصة، واليسار، عامة، مسؤولية انهيار الحكومة.

تقرر إجراء الانتخابات في 28 يناير 2003، بنظام "الورقة الواحدة"، وإلغاء نظام الورقتين الذي طُبق في انتخابات الأعوام 1996، 1999، 2001، بحيث يجري التصويت على قوائم حزبية يحصل بمقتضاها الحزب، الذي يحظى بأكبر عدد من المقاعد في الكنيست، على الحق في تشكيل الحكومة. وكانت التساؤلات حول مزايا وعيوب كل من النظامين وتأثيرهما على الأحزاب وعلى الكنيست، قد ارتفعت خلال العام 2002. فقد أظهر نظام الورقتين أن فصل التصويت على منصب رئاسة الوزراء عن التصويت على قوائم الكنيست قد أدى إلى عكس المتوقع منه، حيث ازدادت قوة الأحزاب الصغيرة، بدلاً من أن تتدني كما كان متوقعاً، وبدلاً من تحرير من يحصل على الأغلبية كرئيس للوزراء للحد من نفوذ الأحزاب الصغيرة، ازدادت القيود التي كبلته. وتمثل ذلك في ارتفاع نسب تمثيل حزب "شاس" منذ عام 1996، الذي حصل على الأصوات التي كان يحصل عليها اليمين الإسرائيلي من القطاع الديني، والذي أعطي ثقته لرئيس وزراء يميني في انتخابات 1996 و2001، فيما صوت في الورقة الثانية للحزب الذي يعده بميزات أعلى اجتماعياً. وكان "شاس" أكبر المستفيدين من هذا التعديل.

1. انتخابات الكنيست السادس عشر (28 يناير 2003)

جرت، في 28 يناير 2003، انتخابات الكنيست الإسرائيلي السادس عشر، وأسفرت عن مضاعفة تكتل الليكود، بقيادة "أرييل شارون"، لقاعدته البرلمانية، ومن ثم تشكيل الحكومة الجديدة؛ بينما شهدت الانتخابات تراجعاً غير مسبوق لحزب "العمل" إلى ما دون العشرين مقعداً. وقد أثارت نتائج هذه الانتخابات العديد من التساؤلات حول التحولات، التي جرت في توجهات الرأي العام الإسرائيلي وقادته إلى التصويت بكثافة لليمين، وما أفرزته التحولات التي شهدتها البيئتان الإقليمية والدولية من عوامل مساعدة لنجاح اليمين الإسرائيلي، وأخيراً حول تداعيات استمرار اليمين الإسرائيلي في السلطة على عملية التسوية السياسية للصراع العربي ـ الإسرائيلي، وعلى المسار الفلسطيني تحديداً.

أ. البيئة المحلية للانتخابات

أدى إعلان حزب "العمل" الخروج من حكومة "شارون"، إلى شيوع حالة من الاضطراب في الساحة السياسية الإسرائيلية. وبدت تحركات مجمل أطراف الساحة السياسية محكومة باعتبارات وحسابات شخصية، أكثر من كونها خلافات حول رؤى محددة، بشأن الأوضاع الاقتصادية أو سبل التعامل مع القضية الفلسطينية والتطورات الجارية على مسرح الشرق الأوسط.

بعد خروج حزب "العمل" من حكومة "شارون"، تقلصت المقاعد البرلمانية للحكومة إلى خمس وخمسين مقعداً من بين مائة وعشرين، هي إجمالي عدد مقاعد الكنيست. وكان أمام "شارون" خياران، الأول أن يواصل العمل بعد ترميم حكومته بأعضاء من أحزاب اليمين الإسرائيلي من خارج الائتلاف، والثاني المبادرة بالاستقالة وتقديم موعد الانتخابات القادمة لتجرى في غضون 90 يوماً، بدلاً من موعدها المحدد مسبقاً، وهو شهر أكتوبر 2003. وكان شارون يفضل الخيار الأول، الذي يجعله يستمر في موقعه كرئيس للوزراء لمدة عام قادم، حيث أدرك أن تقديم موعد الانتخابات، إضافة إلى أنه سيحرمه من رئاسة الحكومة لمدة عام، فإنه يهدده أيضاً بفقدان زعامة الليكود، بعد أن قرر زعيم الحزب السابق "بنيامين نتنياهو" العودة إلى الساحة السياسية مجدداً ومنافسته على زعامة الحزب، ومن ثم على الموقع الأول في قائمة الحزب الانتخابية للانتخابات القادمة التي ستكون برلمانية فقط، بعد إلغاء قانون الانتخابات المباشر لرئيس الوزراء.

عمل شارون جاهداً على ترميم حكومته عبر ضم حزب "إسرائيل بيتنا" بزعامة "أفيجدور ليبرمان"، وهو أحد حزبي اليهود الروس. وكان له في الكنيست سبعة مقاعد، ومن شأن انضمامه إلى حكومة شارون أن يرفع حصتها إلى اثنين وستين مقعداً؛ ولأن "شارون" يدرك العلاقة بين ليبرمان ونتنياهو، ورغبة في وضع الأخير تحت رئاسته، فقد عرض منصب وزير الخارجية عليه، إضافة إلى إسناد منصب وزير الدفاع إلى رئيس الأركان السابق "شاؤول موفاز"، الذي تقاعد من منصبه العسكري في الأول من يوليه 2002، ومن ثم فقد أمضي فترة الشهور الثلاثة التي ينص عليها القانون، قبل دخول الحياة السياسية.

وفي الوقت الذي قبل فيه موفاز على الفور منصب وزير الدفاع، طلب نتنياهو مهلة للتفكير، عاد بعدها ليعلن موافقته على تولي المنصب بشرط تعهد شارون علناً بإجراء انتخابات مبكرة، والالتزام بطرد الرئيس عرفات خارج الأراضي الفلسطينية، ورفض "خريطة الطريق الأمريكية". وفي الوقت نفسه لم يكن متوقعاً أن يوافق ليبرمان على دخول الحكومة دون اتفاق مع نتنياهو؛ فالأول كان مدير مكتب الثاني عندما كان يشغل منصب رئيس الوزراء، كما أنه المسؤول عن تشكيل هذا الحزب، فقد أوعز لليبرمان بالانشقاق على حزب اليهود الروس الأول (إسرائيل بعاليا)، وتشكيل حزب جديد، ومن ثم فلم يكن متصوراً أن يشارك ليبرمان في حكومة شارون، خلافاً لرغبة نتنياهو.

ولذلك رفض ليبرمان تحديد موقفه من الانضمام إلى الحكومة، إلى أن أعلن نتنياهو رفضه قبول منصب وزير الخارجية، وعندها رفض ليبرمان الانضمام إلى حكومة شارون. وبدأ واضحاً أن نتنياهو فضل إفشال جهود شارون حتى يستغل تفوقه عليه، وفق تحليله لما جري في اجتماع اللجنة المركزية للحزب، والتي صوتت وفق ما أراد بشأن فكرة الدولية الفلسطينية المستقلة، ومن ثم ينتزع منه زعامة الحزب في الانتخابات الداخلية التي تقرر أن تُجرى على المنصب، ومن ثم العودة إلى رئاسة الحكومة من جديد على أساس أن اليمين يحظى ـ بصفة عامة ـ بنصيب أوفر من تأييد الرأي العام الإسرائيلي، وحسب استطلاعات الرأي.

لم يجد شارون مفراً، في ظل هذه التطورات من تقديم استقالته، وخوض انتخابات جديدة: أولاً على رئاسة حزب الليكود، وثانياً الانتخابات البرلمانية. وأسفرت الانتخابات الداخلية في الحزب، والتي جرت في التاسع والعشرين من نوفمبر 2002، عن فوز شارون بالمنصب وتوحد الحزب خلفه.

في المقابل بدأ حزب العمل الإسرائيلي فاقداً للتماسك الداخلي، وأنه يعيش أزمة حادة ممتدة. وأدى ذلك إلى سقوط "بن أليعازر" في الانتخابات أمام الجنرال "عمرام متسناع" رئيس بلدية حيفا، الذي فاز بزعامة الحزب في الانتخابات، التي جرت في التاسع عشر من نوفمبر 2002. وبسبب وضعه في مرتبة متأخرة في قائمة الحزب الانتخابية، أعلن "يوسي بيلين" خروجه عن حزب "العمل"، وانضم مع "ياعيل ديان"، التي لم تدخل قائمة الحزب الانتخابية، إلى كتلة ميرتس، واحتلا معاً الموقعين الحادي عشر والثاني عشر في قائمة الكتلة الانتخابية.

ومن جانبها قررت ثلاثة أحزاب يمينية الائتلاف معاً، وخوض الانتخابات بقائمة واحدة: وهي: أحزاب "إسرائيل بيتنا"، و"الاتحاد الوطني"، الذي يضم حركتي "موليديت" و"تكوما".

ب. البيئة الإقليمية للانتخابات

جرت انتخابات الكنيست السادس عشر في إسرائيل في ظل بيئة إقليمية اتسمت بدرجة عالية من التوتر؛ فمن ناحية أدى استمرار العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني إلى توتر شديد في العلاقات المصرية ـ الإسرائيلية، كما أدى رفض إسرائيل المبادرة التي أطلقتها القمة العربية في بيروت، في مارس 2002، إلى زيادة حدة التوتر بين إسرائيل والدول العربية عامة. ومع ازدياد كثافة العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني، وعلى أثر تصاعد الضغوط الشعبية على الحكومة المصرية، اتخذت مصر قراراها بتجميد جميع العلاقات مع إسرائيل، عدا الدبلوماسية التي تخدم القضية الفلسطينية. وقد طال ذلك جميع أوجه التعاون بين مصر وإسرائيل، بما فيها مجال الزراعة.

وكان واضحاً أن تصاعد العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني أوجد حالة من الضغط من قبل الرأي العام العربي، طالبت بضرورة قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل. وعاد الحديث عن إسرائيل بوصفها العدو الأول للعالم العربي.

وعلى الرغم من زيادة حدة التوتر بين مصر وإسرائيل، فإن جهوداً دبلوماسية لم تبذل لضبط التوتر المتصاعد. ويعود ذلك إلى عدم إتاحة حكومة شارون، التي ضمت إلى جانب زعيم حزب العمل "بنيامين بن أليعازر" و"شيمون بيريز"، الفرصة لأي طرف كي يقوم بجهود دبلوماسية. كما أن تجربة مصر المتراكمة في التعامل مع الحكومات الإسرائيلية بعد توقيع معاهد السلام، تقول إن القنوات الدبلوماسية بين البلدين، عادة، تنشط في ظل حكومات حزب "العمل"، وأن مجيء حكومات "الليكود" في إسرائيل، عادة، يصاحبها توتر عام في العلاقات، وتراجع في الاتصالات الدبلوماسية.

من جانب أخر، جرت الانتخابات في ظل حالة من الاستعداد لشن الحرب على العراق، وهي حالة وظفها شارون جيداً لمصلحة إعادة انتخابه. وعلى الرغم من حالة التوتر التي اتسمت بها علاقات إسرائيل وتفاعلاتها مع المحيط الإقليمي، فإن شارون تمكن من توظيف بعض التطورات، التي شهدتها المنطقة، للرأي العام الإسرائيلي بوصفها تعكس نجاحاً لسياساته.

ج. البيئة الدولية للانتخابات

تعني البيئة الدولية للانتخابات الإسرائيلية، العامل الأمريكي على وجه التحديد، وبعدها يأتي الموقف الدولي بصفة عامة، سواء تمثل في علاقات إسرائيل الدولية، أو العلاقة بالأمم المتحدة والمنظمات الدولية.

كان واضحاً أن شارون ركز في علاقاته الدولية على كسب ود وتأييد الولايات المتحدة الأمريكية فقط، ولذلك اتسم تعامله مع باقي القوى الدولية بقدر كبير من التعالي؛ فشارون تعامل مع ممثلي الاتحاد الأوروبي بدرجة كبيرة من الاستعلاء، وتجاهل المنظمة الدولية وتعامل معها باستخفاف شديد، ورفض تنفيذ قرار مجلس الأمن الخاص بتشكيل لجنة تقصي حقائق حول ما جرى في جنين. وعلى الرغم من الاستجابة لمعظم الشروط التي وضعها للجنة، عاد ورفض استقبال اللجنة.

كما كان شارون حاداً في الهجوم على اللجنة الرباعية، التي تضم إلى جانب واشنطن كلاً من روسيا الاتحادية والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، ووصفها بأنها لا شيء.

د. نتائج الانتخابات

جرت انتخابات الكنيست السادس عشر، في 29 يناير 2003، وكانت برلمانية فقط، بعد إلغاء قانون الانتخابات المباشر لرئيس الوزراء. (انظر جدول نتائج انتخابات الكنيست الخامس عشر، والسادس عشر).

وتستطيع رصد الحقائق التالية :

(1) بلغ عدد الأحزاب والقوائم التي خاضت الانتخابات سبعاً وعشرين قائمة، تمكنت ثلاث عشرة قائمة من تجاوز نسبة الحسم، وهي 1.5% من مجموع الأصوات الصحيحة، لدخول البرلمان.

(2) بلغ عدد سكان إسرائيل 6.029.529 نسمة (إحصاء يوليه 2002)، وبلغ عدد من لهم حق التصويت في هذه الانتخابات 4.7 مليون ناخب، شارك منهم 3.200.773، بنسبة 68%.

(3) بلغت نسبة الحسم اللازمة لدخول الحزب إلى الكنيست (1.5% من الأصوات الصحيحة) 47.225 صوتاً، وبلغ العدد المطلوب للحصول على مقعد واحد 25.137 صوتاً.

(4) بلغ عدد العرب الذي شاركوا في الانتخابات 230.669، وتوزعت أصواتهم على "حداش" (93 ألف صوت)، و"التجمع الوطني" (71 ألف صوت)، و"القائمة العربية الموحدة" (65 ألف صوت).

(5) يعد الليكود الكاسب الأول في هذه الانتخابات. فقد نجح في مضاعفة عدد مقاعده التي وصلت إلى (28) مقعداً مقابل (18) مقعداً في الانتخابات السابقة. كما نجح، بعد اندماج حزب "إسرائيل بعاليا" معه، في زيادة عدد مقاعده إلى (40) مقعداً. ويُعد حزب "شينوي" ثاني الأحزاب الكاسبة، حيث رفع حصته من ستة مقاعد إلى (15) مقعداً، أي أنه حصل على تسعة مقاعد إضافية، واحتل المكانة الرابعة على حساب ألد أعدائه حزب "شاس"، الذي يمثل المتدينين من يهود الشرق والمغاربة منهم تحديداً.

(6) يعد حزب "العمل" الخاسر الأول في هذه الانتخابات. فقد تراجعت مقاعده من (26) مقعداً في الانتخابات السابقة إلى (19) مقعداً، وكانت المرة الأولى في تاريخ الحزب الذي تتراجع فيه مقاعده إلى ما دون العشرين مقعداً. ويرفض معظم المحللين ربط هزيمة حزب "العمل" بشخص زعيمه "عمرام متسناع"، ويرجعون الهزيمة إلى تدهور أداء سابقيه من زعماء الحزب، وتحديدا باراك وبن أليعازر، وأن مستناع لم يكن بإمكانه إنقاذ حزب العمل من هزيمة مدوية؛ لأنه "حمل على ظهره حزباً تخلى عن مبادئه من أجل كراسي السلطة".

(7) يمكن القول إن هذه الانتخابات شهدت بداية الذبول الحقيقي لأحزاب اليهود الروس؛ فبعد أن حقق حزبا اليهود الروس (11) مقعداً في الانتخابات السابقة (1999)، تراجعا في هذه الانتخابات، حيث حدث ائتلاف بين حزب "إسرائيل بيتنا" ضمن الاتحاد القومي، واندمج "إسرائيل بعاليا"، بعد تراجع مقاعده من سبعة إلى مقعدين فقط، في تكتل "الليكود".

(8) واصلت حصة الأحزاب الصهيونية من الأصوات العربية تراجعها، حيث بلغت في هذه الانتخابات حوالي 27%، بعد أن كانت 30% في الانتخابات السابقة، وبلغت 92% عام 1953. وأما عن هذه الانتخابات فقد حصل حزب "العمل" على 6%، و"شعب واحد" على 5%، و"ميرتس" على 4%، و"شاس" (الديني اليهودي) على أكثر من 2%، وأخيرا "الليكود" على 1%.

(9) حصلت الأحزاب الصهيونية على نحو 75% من أصوات الدروز، وعلى نحو 50% من أصوات البدو الذين شاركو في الانتخابات الأخيرة.

(10) أبرز الأحزاب التي لم تتمكن من تجاوز نسبة الحسم فهي: "حيروت"، وحزب "الوسط"، و"حركة تسوميت" التي يتزعمها الجنرال "رافائيل ايتان" رئيس الأركان الأسبق، والتي تُعد من أبرز قوى التطرف اليميني في إسرائيل.

(11) بلغ عد النواب الذي دخلوا الكنيست لأول مرة، أي النواب الجدد، واحداً وأربعين نائباً، من بينهم ثمانية عشر من تكتل "الليكود" وتسعة نواب من حركة "شينوي".

(12) لم ينجح أي نائب عربي على قوائم الأحزاب الصهيونية، وكان هناك نائبان درزيان على قائمة "الليكود". كما لم ينجح أي يهودي على قائمة الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة (حداش)، التي يمثل الحزب الشيوعي محورها الرئيسي.

(13) بلغ عدد النساء في الكنيست ثماني عشرة امرأة، من بينهن واحدة عن الحزب القومي الديني (المفدال)، في سابقة جديدة على هذه الأحزاب، التي لا تري للمرأة أي دور في الحياة العامة.

(14) تراجع حزب "شاس" الديني، الذي يمثل المتدينين من يهود الشرق وتحديداً المغاربة، بمقدار ستة مقاعد؛ فحصل على (11) مقعداً، مقابل (17) مقعداً في الكنيست السابق، بينما تقدم حزب المتدينين من يهود الغرب (المفدال) بمقدار مقعد واحد فقط، فحصل على ستة مقاعد مقابل خمسة في الكنيست السابق.

(15) كانت الأحزاب العربية ضمن القوى الخاسرة في الانتخابات، حيث فقدت القائمة العربية الموحدة ثلاثة مقاعد، وحصلت على مقعدين مقابل خمسة مقاعد في انتخابات 1999، بينما توزعت مقاعد العرب البرلمانية عام 1999، عن الأحزاب غير الصهيونية على "القائمة العربية الموحدة" (خمسة مقاعد)، ومقعدين لكل من "التجمع الديمقراطي الوطني"، وحركة "حداش"، والأخيرة فازت بثلاثة مقاعد بينها مقعد يهودي، هذا إضافة إلى أربعة أعضاء آخرين من الأحزاب الصهيونية، اثنان عن "العمل"، والثالث عن "الليكود"، والرابع عن كتلة "ميريتس". وبذلك وصل إجمالي الأعضاء العرب في الكنيست السابق إلى (13) عضواً. وشهدت هذه الانتخابات تراجع عدد النواب العرب إجمالاً، حيث لم يفز أي عربي على قوائم الأحزاب الصهيونية، وكان هناك درزي واحد على قائمة "الليكود"، شغل الموقع الثاني والعشرين على قائمة الحزب الانتخابية. وبلغ إجمالي النواب العرب من الأحزاب غير الصهيونية تسعة نواب.

(16) بعد الانتخابات انضم حزب "إسرائيل بعاليا" إلى "الليكود"، وله مقعدان بالكنيست، ومن ثم ارتفعت مقاعد "الليكود" إلى أربعين مقعداً.

(17) في الاجتماع الأول للكنيست، انتُخب نائب "الليكود"، وزير الاتصالات في حكومة شارون الأولى "رئوفين ريفلين"، رئيساً للكنيست، خلفاً للعمالي "أبراهام بورج"، وحصل على أغلبية كبيرة (104 أصوات) من 120 صوتاً، إذ تغيب تسعة نواب عن الجلسة الافتتاحية وامتنع سبعة آخرون عن التصويت. وبذلك يكون "الليكود" قد سيطر على المناصب الثلاثة الرئيسية في الدولة، وهي: رئيس الدولة، ورئيس الحكومة، ورئيس البرلمان.

هـ. تشكيل الحكومة الإسرائيلية الثلاثون (28 فبراير 2003)

أدى وزراء الحكومة الإسرائيلية الجديدة يمين الولاء أمام هيئة الكنيست، بعد أن تقدم رئيس الحكومة "أرييل شارون"، مساء الخميس 28 فبراير 2003، بعدد 23 وزيراً إلى الكنيست، للمصادقة عليها.

وقد افتتح الجلسة رئيس الكنيست الجديد، عضو الكنيست "رئوفين ريفلين"، الذي انتُخب لهذا المنصب بأغلبية ساحقة. ثم ألقى رئيس الحكومة "أرييل شارون"، خطابة، الذي عرض فيه الخطوط الأساسية لحكومته الجديدة، وقد قاطعه أعضاء من كتلة العمل والكتل الدينية عدة مرات.

وقال شارون في الخطاب: "إن المهمة الأولى للحكومة ستكون مواجهة الوضع الاقتصادي، كما إن الحكومة تنوي التوجه نحو عملية سياسية مسؤولة ترتكز إلى الموافقة على حل النزاع بالطرق السلمية، وعلى التصميم وعدم التنازل عن الأمن".

وأضاف شارون: "إن مسألة إقامة دولة فلسطينية ضمن شروط مقيدة، هي موضع خلاف بين جهات مختلفة في الائتلاف، وإن هذا الموضوع سيخضع للمناقشة وسيحسم في الحكومة.

وبدا من الواضح أن أهم الوزراء هم "سيلفان شالوم" وزير الخارجية. وقد تولى "بنيامين نتنياهو" حقيبة المالية. كما وافق "أيهود أولمرت" على عرض رئيس الحكومة بتعيينه وزيراً للتجارة والصناعة، ويشمل اتفاق استلامه حقيبة التجارة والصناعة، ضم دائرة أراضي إسرائيل، وسلطة البث الإسرائيلية، ومديرية التخطيط إلى الوزارة. كما تم الاتفاق على تعيينه قائماً بأعمال رئيس الحكومة دون تعيين آخرين في هذا المنصب. وعُين أولمرت كذلك عضواً في المجلس السياسي الأمني المصغر، إضافة إلى مشاركته في طاقم المفاوضات السياسية، كما قرر شارون تعيين "تسيبي ليفني" وزيرة للاستيعاب، بينما عين "داني نافيه" وزيراً للصحة. (انظر جدول حكومة شارون التي تشكلت عقب انتخابات الكنيست، في فبراير 2003).

2. سياسة الحكومة تجاه عملية التسوية السياسية

ما أن شكل شارون حكومته الثانية، في أعقاب انتخابات الكنيست السادس عشر، التي جرت في 29 يناير 2003، حتى بدا واضحاً بروز اتجاه يركز على أن شارون قد تغير، وأنه أصبح رجل دولة مسؤولاً، وأن الناخب الإسرائيلي اختاره للمرة الثانية على التوالي كرئيس للوزراء، بدءاً بانتخابات فبراير 2001، ثم الانتخابات البرلمانية في يناير 2003، وذلك بحصول تكتل "الليكود" على المرتبة الأولى، وبفارق كبير عن حزب "العمل". وجرى التأكيد على أن حكومة يمينية بقيادة شارون ستكون حكومة واقعية، ولن تتصرف بتهور في مواجهة التطورات التي تمر بها المنطقة.

ومن هنا لم يكن مستغرباً أن يبدأ شارون ولايته الثانية بمواصلة العدوان على الشعب الفلسطيني، ومتابعة السياسات، التي كان قد بدأها في ولايته الأولى، سواء عبر مواصلة عمليات القتل والاغتيال للكوادر والقيادات الفلسطينية، أو حصار الرئيس "عرفات"، والتوسع في عمليات الاجتياح والتدمير.

وفي الوقت نفسه الذي واصل فيه شارون تصعيد الاعتداءات العسكرية في الأراضي الفلسطينية، حرص على تقديم نفسه بوصفه رئيس الحكومة القادر على صنع سلام حقيقي مع الفلسطينيين. واشترط لذلك أن تتوافر الظروف التي تساعد على التوصل إلى السلام الحقيقي. وفي هذا السياق قدم شارون رؤيته بالقول: "في نهاية المطاف ستنشأ دولة فلسطينية، وأنا لا أعتقد أن علينا أن نسيطر على شعب أخر، ولا اعتقد أن لدينا القوة للقيام بذلك، وإذا وصلنا إلى سلام حقيقي يمتد لأجيال فسنضطر لتقديم تنازلات مؤلمة، ليس مقابل وعود ولكن مقابل سلام". وبعد ذلك حدد شارون شروطه للوصول إلى سلام حقيقي، وتمثلت في أربعة شروط:

أ. بروز قيادة فلسطينية جديدة.

ب. إجراء إصلاحات شاملة في هياكل السلطة الوطنية الفلسطينية، وإعادة دمج الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة وفصل مسؤوليتها عن رئيس السلطة الوطنية.

ج. تعهد القيادة الفلسطينية الجديدة بشن حرب بلا هوادة، على المنظمات الإرهابية.

د. تفكيك المنظمات الفلسطينية المسلحة ونزع السلاح، من أعضاء هذه المنظمات.

وفي هذا السياق، طرحت الولايات المتحدة الأمريكية، باسم اللجنة الرباعية، التي تضمها مع الاتحاد الأوروبي وروسيا الاتحادية والأمم المتحدة، في 30 أبريل 2003، خطة التسوية المعروفة باسم "خريطة الطريق".

تتكون خطة خريطة الطريق بالأساس من ثلاث مراحل، الأولى، وكان يفترض أن تنتهي بنهاية مايو 2003، وتضع التزامات هائلة على كاهل السلطة الوطنية الفلسطينية، ولا تطالب إسرائيل سوى بتسهيل الظروف المعيشية للفلسطينيين، وتجميد كافة الأنشطة الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية، وقد جاء في الخطة "لا تتخذ الحكومة الإسرائيلية أية إجراءات تقوض الثقة، بما في ذلك الترحيل والهجمات ضد المدنيين، ومصادرة أو هدم منازل وأملاك فلسطينيين كإجراء عقابي". أما الاعتبار الثاني، الذي دعت الخطة إسرائيل إلى الالتزام به، فهو وقف كافة الأنشطة الاستيطانية.

وفي المقابل وضع رئيس الوزراء الإسرائيلي أربعة عشر تعديلاً على هذه الخطة حتى يمكنه قبولها. وأعلن شارون بوضوح أنه لا يمكن التوصل إلى تسوية سياسية مع الفلسطينيين، ما لم يعلنوا صراحة الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية، ويتخلوا رسمياً عن حق العودة. وطالب شارون صراحة بأن تتوقف كل أعمال المقاومة، لأنه حسب قوله "لن يتفاوض تحت النيران"، ومن ثم فهو يريد تهدئة تامة، وهو ما حققته حكومة "أبو مازن" بالفعل عندما نجحت في التوصل إلى هدنة مع فصائل المقاومة تلتزم فيها الأخيرة بوقف كافة أعمال المقاومة لمدة ستة شهور، بهدف إتاحة الفرصة أمام المفاوضات.

وبعد فترة التهدئة، والتي كانت تعني في حقيقة الأمر وقف كافة أشكال المقاومة المسلحة، طرح رئيس الوزراء الإسرائيلي مطلبه الثاني، وهو أن تعلن الحكومة الفلسطينية تخليها عن المطالبة بحق العودة إلى إسرائيل، وشطب هذا الحق بشكل نهائي حفاظاً على ما يعتقده بـ "يهودية" الدولة العبرية، وحماية لها من ممارسة اللاجئين الفلسطينيين لهذا الحق، والذي يمكنه أن يقضي على الأغلبية اليهودية، ومن ثم يهدد الطابع اليهودي للدولة.

طالب شارون فترة هدوء تام. وبعد التطورات التي شهدتها المنطقة ـ احتلال العراق ـ تحول الموقف إلى ما يتجاوز المطالبة بوقف المقاومة، حيث بدأ شارون يطالب صراحة بتجريمها، من ناحية، واستغلال الجدل حول الموضوع من أجل الدفع في اتجاه اقتتال فلسطيني داخلي على خلفية ممارسة الحكومة الفلسطينية لعملية نزع السلاح من المنظمات الفلسطينية المقاومة. بعد ذلك أضاف شارون مطلب تنازل الشعب الفلسطيني عن مبدأ حق العودة إلى إسرائيل، وأكد أنه ما لم يعلن الجانب الفلسطيني ذلك صراحة، فلن تستأنف المفاوضات، ولن تكون هناك دولة فلسطينية مستقلة.

3. قمة العقبة وقضية يهودية الدولة

في ختام قمة العقبة، التي جمعت الرئيس الأمريكي برئيسي الوزراء الفلسطيني والإسرائيلي، إضافة إلى العاهل الأردني، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي "أرييل شارون" موافقته المبدئية على قيام دولة فلسطينية. كما أعلن الشروع في تفكيك المستوطنات العشوائية، التي أقامها مستوطنون من تلقاء أنفسهم دون الحصول على موافقات من الحكومة بذلك.

وقد أثار هذا الموقف من قِبل شارون تساؤلات عديدة في العالم العربي، بل في إسرائيل ذاتها، وتتلخص معظمها في التساؤل حول مدى التغيير الذي طرأ على موقف شارون ورؤيته؛ وهل تحول شارون فجأة من متهم بارتكاب جرائم حرب قديمة وحديثة من منتصف الخمسينيات (كالعدوان الثلاثي على مصر) إلى أوائل القرن الحادي والعشرين (فظائع جنين ونابلس)، إلى رجل سلام يقر بقيام دولة فلسطينية مستقلة كحل نهائي للصراع؟! أي يقر بما لم يقر به قادة من اليسار الإسرائيلي!

والحقيقة أن هذه التساؤلات بدأت منذ أن توجه شارون إلى أعضاء حكومته طالباً منهم التصويت بالموافقة على خطة "خريطة الطريق"، التي ستنتهي بقيام دولة فلسطينية مستقلة في العام 2005. وفي طلبه من أعضاء حكومته الموافقة على الخطة، قال شارون إن موافقتهم سوف تجنب الحكومة الصدام مع واشنطن. وقد انتهي النقاش في مجلس الوزراء الإسرائيلي، في 25 مايو 2003، بموافقة (12) وزيراً على الخطة، مقابل رفض سبعة وزراء، بينهم ثلاثة من الليكود، وامتناع أربعة وزراء عن التصويت. وجاء على لسان شارون في هذه الجلسة أيضاً: "لا بد من تقسيم هذه البقعة من الأرض بين إسرائيل والفلسطينيين"، مؤكداً على استحالة الإبقاء على ثلاثة ملايين ونصف مليون فلسطيني تحت الاحتلال.

فعلى الرغم من تراجع التأييد لسياسية شارون، وعلى الرغم من عدم تحقيق هذه السياسة لإنجازات كبرى على الأصعدة كافة، فإن شارون ظل الخيار الأول للرأي العام الإسرائيلي. وفي الوقت نفسه أدرك شارون بوضوح أنه حقق غاية ما يمكنه تحقيقه عبر سياسة القتل والاجتياح وإعادة الاحتلال، ولم يعد ممكناً تحقيق المزيد، أو أن أي محاولة للتوسع في عمليات القتل والإرهاب ستولد مردوداً معاكساً، على صعيد العمليات النوعية للمقاومة الفلسطينية.

وبعد أن تمكن شارون من عبور أزمة الموقف من "خريطة الطريق"، بموافقة حكومته عليها وعقد لقاء العقبة، عمل على تجاوز خطة التسوية عملياً عبر التأكيد على عدم وجود شريك فلسطيني للسلام، وتصعيد العدوان العسكري على الشعب الفلسطيني، واستغلال ردود الفعل الفلسطينية، من أجل زيادة مخاوف الرأي العام الإسرائيلي من النوايا الفلسطينية. وقد انعكس ذلك في تراجع تأييد الرأي العام الإسرائيلي لخطة "خريطة الطريق". فقد تراجعت نسبة تأييد "خريطة الطريق" من 64% في ابريل 2003، إلى 59 % في مايو، ثم إلى 56 % في يونيه، وأخيراً إلى 54% في أغسطس 2003.

4. الجدار الفاصل وفك الارتباط مع قطاع غزة

في أعقاب نجاح الحكومة الإسرائيلية في نشر رؤيتها التي تقول بعدم وجود شريك فلسطيني للسلام، اتجهت هذه الحكومة لتحقيق رؤيتها تجاه تسوية القضية الفلسطينية، عبر بناء جدار فاصل في عمق الأراضي الفلسطينية، تتمكن من خلاله من ضم ما تريد من أراض فلسطينية، وتمزيق ما تبقي منها إلى الشرق من هذا الجدار، لتشكل قطعاً متناثرة تؤلف معاً ما يمكن أن يطلق عليه "دولة فلسطينية متقطعة الأوصال وغير متجانسة وفاقدة الترابط الجغرافي بين أجزائها". وفي السياق نفسه جاءت فكرة فك الارتباط مع قطاع غزة من جانب واحد.

وفي ظل نجاح شارون في استعادة ثقة الشارع الإسرائيلي، بعد الضربات الناجحة التي وجهها لقادة حماس مثل الشيخ "أحمد ياسين"، ود "عبد العزيز الرنتيسي"، وفي ظل توقعات البنك الدولي بأن يتجاوز الاقتصاد الإسرائيلي أزمته خلال عام 2004، مصحوباً بمعدل نمو لن يقل عن 3.5%، إضافة إلى نجاح شارون في الحصول على تعهدات أمريكية غير مسبوقة بدعم إسرائيل في مطالبها الخاصة بإسقاط حق العودة للفلسطينيين، وضم الكتل الاستيطانية إلى حدودها؛ وفي ظل تلك التطورات أصبح قادراً على الصمود في المعركتين اللتين تواجهانه، وهما معركة تمرير خطة الفصل الأحادي الجانب في الحكومة والكنيست، ومعركة النجاة من تقديمه للمحاكمة بتهمه الضلوع في الفساد.

ثانياً: أزمة الائتلاف الحكومي الأولى (2003 – 2005)

مع اضطرار رئيس الوزراء "أرييل شارون" إلى الدخول في مواجهات مع الأحزاب المشاركة في ائتلافه، وذلك بعد أقل من عام من تشكيل الائتلاف، الذي ظهر في شهر مارس 2003، وتكون من أحزاب: "الليكود"، و"شينوي"، و"الاتحاد القومي ("إسرائيل بيتنا"، و"موليدت"، و"تكوما")"، و"الحزب القومي الديني (المفدال)"، أصبح الائتلاف يمثل صدى لأزمة الحياة الحزبية الإسرائيلية، عامة، ومسرحاً لنزاعات الأحزاب المؤتلفة، خاصة. وكان واضحاً بجلاء أن شارون، الذي كان يخسر داخل حزبه "الليكود"، وفي جبهة اليمين المتطرف والمستوطنين، كان قادراً على تعويض خسائره داخل الكنيست وفي أوساط الرأي العام. وهي مفارقة تدعو للتأمل، وتشير بجلاء إلى أن هيمنة المتطرفين على قيادة الأحزاب، مثل "الليكود" و"المفدال" و"الاتحاد القومي"، لم تعن مباشرة سيطرتهم على المؤسسة التمثيلية (الكنيست). كما أن مواقفهم المتشددة لم تقلل من شعبية شارون في الشارع، ومن ثم فإن الأحزاب التي خرجت من الائتلاف (المفدال والاتحاد القومي، وشينوي) منيت في الواقع بخسارتين، خسارة مواقعها في الحكومة، إضافة إلى نشوب النزاعات والانشقاقات داخلها.

بدأت أولى المعارك داخل الائتلاف بين شارون ووزراء "الاتحاد القومي" و"المفدال". وفي سبيله لضمان أغلبية لتمرير خطة الفصل أحادي الجانب داخل مجلس الوزراء، عمد شارون إلى إقالة وزيرين من "الاتحاد القومي" كانا يقودان حركة التمرد في الائتلاف، وينويان حشد التأييد لخطهما المتشدد. وكانت الإقالة في 5 يونيه 2004، قبل يومين فقط من اجتماع الحكومة للتصويت على الخطة. وعلى الرغم من ذلك لم تؤد عملية إخراج "افيجدور ليبرمان" و"بيني ألون" من الحكومة إلى أزمة لشارون، سواء في الائتلاف، الذي عُدِّل بإدخال ثلاثة وزراء جدد من "الليكود" بدلاً من وزراء "الاتحاد القومي"، بما سمح في الواقع بزيادة قوته داخل الحكومة، إضافة إلى أن انسحاب "الاتحاد القومي"، الممثل في الكنيست بسبعة نواب من الحكومة، لم يؤثر في الثقة الممنوحة له ولحكومته في الكنيست؛ إذ ظل الائتلاف مدعوما بـ 61 نائباً (40 "لليكود"، و6 "للمفدال"، و15 "لشينوي")، وهو ما جعل الوزير الليكودي ـ  وزير المواصلات ـ "مائير شطريت" يصرح في 12 يوليه 2004، بأنه لا توجد حاجه للبحث في خيار حكومة وحدة وطنية بشكل عاجل.

على الجانب الثاني، وعلى الرغم من انسحاب أو استقالة "أفي أيتام"، زعيم حزب "المفدال"، من وزارة الإسكان والبناء ومعه نائبه "يتسحاق ليفي"، بالتزامن مع استقالة وزراء "الاتحاد القومي"؛ إلا أن الأزمة ضربت "المفدال" بالدرجة الأولى ولم تؤثر عملياً في شارون وائتلافه. فقد حدث انشقاق في الحزب على هذه الخلفية وأصر الوزير "زفلون أورليف" (وزير العمل والرفاه) على البقاء في الحكومة وعدم الانصياع لأيتام. كما اتخذ الحزب نفسه قراراً بالاستمرار في تأييد حكومة شارون في الكنيست. ولم يعلن "المفدال انسحابه" وحجب ثقته عن الحكومة إلا في 7 نوفمبر 2004، على خلفية تمرير قانون التعويضات للمستوطنين، الذين سيتم اخلاؤهم من تجمعات في غزة وفق خطة الفصل أحادى الجانب. وفي التوقيت نفسه تقريباً، أعلنت الأحزاب المكونة للاتحاد القومي فك الارتباط القائم بينها، وخوض انتخابات الكنيست المقبلة منفردة، مبررة ذلك برغبة كل حزب ("إسرائيل بيتنا"، "تكوما"، "موليدت") في بذل محاولة للحصول على أكبر عدد من المقاعد، مع وعد بالعودة إلى التجمع داخل الاتحاد القومي مرة ثانية بعد الانتخابات؛ ولكن الواضح أن الخلافات بين الأحزاب الصغيرة الثلاثة يدور في المقام الأول حول الموقف من شارون وحكومته، وخطة الفصل أحادى الجانب.

واتساقاً مع هذه النتيجة، فقد أسفرت المعارك الحزبية عن المزيد من التفكك والضعف للأحزاب اليمينية المتطرفة؛ فيما أعطت مؤشراً قوياً على شعبية شارون في الشارع الإسرائيلي، وقدرته، أيضاً، على لجم معارضيه في "الليكود" وداخل الكنيست.

أما المعركة الثانية، والتي كانت قصيرة، فكانت مع حزب "شينوي"، والذي تمكن شارون من زرع الانشقاقات داخله؛ فعلى حين كان ممثلوه في الكنيست (15 نائباً) يعلنون عن موافقتهم على المشاركة في حكومة يشارك فيها حزب المتدينين الاشكناز (يهودت هتوراه) ـ بالمخالفة لخط الحزب المعلن والثابت برفض الدخول في أي ائتلاف يشارك فيه متدينون ـ كان 43% من أعضاء الحزب فقط يؤيدون مثل هذه الخطوة؛ فيما عدت الأغلبية أن الحزب بإعلان استعداده للجلوس في حكومة واحدة مع "يهودت هتوراه"، إنما يخون الثقة التي وضعها فيه الناخبون العلمانيون. وفي مؤشر على تردد الحزب بين القبول بيهودت هتوراه في الحكومة، ورفض ذلك خوفاً من خسارة تأييد العلمانيين للحزب، صوتت الغالبية من كتلته البرلمانية في الكنيست، في 8 نوفمبر 2004، (في جلسه لجنة المالية) ضد تخصيص 350 مليون شيكل لصالح التعليم الديني، ما حدا بشارون إلى البحث جدياً في خيار حكومة مع حزب العمل و"يهودت هتوراه"، مع إخراج "شينوي" من الائتلاف.

واستمراراً للمواجهة بين "شينوي" وشارون، صوت نواب "شينوي" في مطلع شهر ديسمبر 2004، ضد مشروع الميزانية، مما دفع شارون إلى إقالة وزراء الحزب. وكما كان الوضع في حالة أحزاب "المفدال" و"الاتحاد القومي"، لم يستفد "شينوي" من هذه الخطوة، لا على مستوى تحسين شعبيته في الشارع ولا على مستوي التأثير في استقرار شارون في الحكم، ومن ثم كان من المنطقي أن ينجح شارون في إعادة تكوين الائتلاف بمشاركة "الليكود" و"العمل" و"يهودت هتوراه"، متمتعاُ بتأييد 64 نائباُ في الكنيست نظرياً. وقد صادق الكنيست على الحكومة الجديدة في 10 يناير 2005 بأغلبية 58 صوتاً ضد 56 صوتاً.

وهكذا تبرز أهمية تشكيل هذه الحكومة على النحو الذي جاءت عليه؛ فلأول مرة تتشكل حكومة إسرائيلية بأقل من 61 نائباً، وللمرة الأولى، أيضاً، في تاريخ إسرائيل تتشكل حكومة يمينية تحظى على ثقة البرلمان بأصوات يسارية، خاصة حركة "ياحد" التي يتزعمها "يوسي بيلين"، التي تُعد وريثة حركة "ميريتس" اليسارية، في الوقت الذي امتنع فيه نائبان من "القائمة العربية الموحدة" عن التصويت. وتعد تركيبة الحكومة فريدة إلى حد كبير، حيث ضمت حزب "العمل" ذي التوجهات العلمانية، وكتلة "يهودت هتوراه" الأصولية، والتي اشترطت بدورها فترة تجريبية لمدة 90 يوماً، تريد من خلالها اختبار نواياً شارون وهل سيطبق بنود الاتفاق معها، وبشكل خاص تحويل الميزانيات الضخمة من خزينة الدولة للمؤسسات الدينية والتعليمية التابعة لحزبي "ديغل هتوراه" و"أغودات يسرائيل"، اللذين يشكلان الكتلة، وعدم إخضاعه لجهاز التعليم الحكومي؟ في حين جاء انضمام حزب "العمل" لهذه الحكومة كمحاولة لمداواة أزماته الداخلية عبر تأييده خطة شارون، وتوظيف علاقاته الخارجية لتحسين العلاقات الدولية لحكومة شارون، وامتصاص أي ضغوط دولية.

ثالثاً: تحديات ما بعد الانسحاب الأحادي

أتم الجيش الإسرائيلي عملية إخلاء المستوطنات المقررة في قطاع غزة وشمال الضفة الغربية، خلال الفترة الممتدة من 17 أغسطس وحتى 8 سبتمبر، من دون خسائر ووفق ترتيبات أمنية، لا سيما مع مصر بخصوص ممر صلاح الدين، حيث أتفق على نشر 750 جندياً من قوات حرس الحدود. كما حرصت إسرائيل على إبقاء قطاع غزة منطقة خارجة عن المجال السيادي للدولة، وإن تبنت فيه ملامح الاحتلال إلى حد ما؛ لكن مع وضع قوات على أهبة الاستعداد خارج المنطقة، وفي مواقع قريبة يمكن أن تدخل عندما يتطلب الأمر، فضلاً عن بقاء القطاع تحت السيطرة العسكرية الإستراتيجية الإسرائيلية، براً وبحراً وجواً.

وبعد الانتهاء من الانسحاب والفوز في الانتخابات الداخلية لليكود، وظّف شارون الحدث في خطابه في الأمم المتحدة، في 17 سبتمبر 2005، لتكريس صورة مصطنعة عن إسرائيل كصانعة سلام، لكن في حدود الرؤية الإسرائيلية نفسها المعروفة من قبل، حيث شدد في الخطاب على أن القدس الموحدة ستظل عاصمة أبدية لإسرائيل واستعداد حكومته لتقديم ما وصفه بتنازلات مؤلمة للسلام مع الفلسطينيين، ومعترفاً لهم بالحق في الحرية والعيش في وطن قومي ودولة ذات سيادة، وتطوير اقتصادهم وبناء مجتمع ينشد السلام ويستند إلى القانون والنظام، ولكن شريطة مكافحة الإرهاب والقضاء على بنيته التحتية. وتضمن الخطاب، أيضاً، إشارة واضحة منه لنيته الانسلاخ من حزب "الليكود" ومن معسكر اليمين بمجمله، وتشكيل حزب وسط جديد يخوض به الانتخابات المقبلة.

رابعاً: أزمة الائتلاف الحكومي الثانية (2005 – 2006)

تفاعلت قضية الموازنة العامة، التي لم تكن مقبولة من حزب "العمل"، في صيغتها التي قدمتها وزارة المالية حين كان نتنياهو وزيراً ـ وهو الموقف الذي شكل أساس انسحاب "العمل" من الحكومة ـ لتشكل أزمة ائتلافية جعلت شارون يقرر التوجه إلى انتخابات عامة مبكرة، قبل موعدها المقرر في نوفمبر 2006. وفي سياق المناورات السياسية أبدى "العمل"، في السابع من أكتوبر، استعداده للبقاء ضمن الائتلاف الحكومي حتى موعد الانتخابات، شريطة فتح مفاوضات مع الفلسطينيين على أساس "خريطة الطريق"، وحل المسائل المتعلقة بنقاط العبور بين قطاع غزة والعالم الخارجي، ورصد موازنة لمحاربة الفقر في إسرائيل، ومواصلة تنمية الجليل والنقب شمال إسرائيل وجنوبها؛ لكن التطورات المتسارعة والأزمات التي واجهها شارون مع مجموعة المتمردين في "الليكود"، لم توفر فرصة لمناقشة جدية لعرض حزب "العمل". فقط تعطلت مجموعة التعيينات التي تقدم بها شارون إلى الكنيست، ومن بينها تثبيت "أيهود أولمرت" وزيراً للمالية خلفاً لنتنياهو، الأمر الذي أدى به إلى التعجيل بقراره الانشقاق عن الليكود وتشكيل حزب جديد بقيادته. ففي التصويت الذي جري في الكنيست على مجموعة التعيينات التي تقدم بها شارون، حصل على 54 صوتاً (حوالي نصفهم من خارج الليكود)، فيما صوت المتمردون إلى جانب المعارضة وحصلوا على أكثرية 60 صوتاً من أصل 120 نائباً، وهو ما عدّه شارون امتداداً لمحاولات إسقاطه بواسطة أعضاء حزبه، الذين توعدهم بالانتقام وتحمل تبعات قاسية.

وعلى الفور دعا شارون الحكومة إلى جلسة طارئة في الكنيست، وقرر إجراء تعديل جزئي بحيث يصبح أولمرت وزيراً للمالية، مع الاحتفاظ بمناصبه وزيراً للتجارة والصناعة، ومسؤولاً عن شؤون دائرة إدارة أراضي إسرائيل، وعن سلطة البث. وتقرر منح الوزير بلا وزارة "متان فلنائي" منصب وزير العلوم. وتم ذلك بتأييد 71 نائباً.

وفي مطلع نوفمبر، تخطى شارون محاولة لسحب الثقة من حكومته في أولى جلسات الكنيست، في فاتحة جلسات دورته الشتوية. فقد وافق الكنيست على خطاب سياسات الحكومة، الذي كشف فيه عن خطط حكومته لمواصلة الاستيطان في الأراضي المحتلة بالضفة الغربية، وهضبة الجولان، والنقب، والقدس، والجليل، ووادي الأردن. وأن أي تقدم في عملية السلام مرتبط بنزع أسلحة فصائل المقاومة الفلسطينية؛ مؤكداً، في الوقت نفسه، عزمه على مواصلة الاستيطان. وكرر رئيس الحكومة مطالبه من السلطة الفلسطينية للوفاء بالتزاماتها، ووعد بمواصلة بناء الجدار العازل في الضفة. كما شن هجوماً لاذعاً على إيران وسورية، واتهم الدولتين برعاية ما أسماه الإرهاب، ودعم الفصائل الفلسطينية. ورأى شارون أن هذه الأطراف تنتظر فقط الفرصة لضرب إسرائيل؛ لكن الموافقة كانت بأغلبية ضئيلة، بتأييد 51 نائباً مقابل 48 نائباً.

خامساً: تأسيس "كاديما"

جاء التطور الأكثر أهمية في 21 نوفمبر، بتخلي شارون عن حزبه "الليكود"، وطلبه من رئيس الدولة "موشيه كاتساف"، حل البرلمان، تمهيداً لإجراء انتخابات مبكرة، في 28 مارس 2006. ونظراً لاستمرار تمتع شارون بشعبيه عالية بين الجمهور الإسرائيلي، لعدم وجود بديل أخر يمكنه أن يقود البلاد، قرر تشكيل حزب جديد تحت تسميه مؤقتة هي "المسؤولية الوطنية"، ثم تحول لاحقاً إلى حزب "كاديما" (أي إلى الأمام). وضم تشكيلة واسعة من التيارات السياسية، بهدف أن يكون الحزب الجديد بديلاً لكل الأحزاب الكبيرة في الدولة العبرية، وهي خطوة شكلت تهديداً جدياً لحزب "الليكود"، والذي شارك شارون نفسه في تأسيسه عام 1973. وتتلخص أهم الأسباب التي دفعت شارون إلى مثل هذه الخطوة الجريئة في الآتي: رغبته في تفادي التمرد والمكائد السياسية، التي قادها المتمردون عليه في "الليكود"، وعدم الرغبة في تولي رئاسة حكومة أقلية تفرض عليه تنازلات عديدة، وتكون عرضة دائماً للسقوط في الكنيست، وكذلك غياب التعاون مع نواب حزبه في البرلمان لتمرير السياسات التي يؤمن بأنها تخدم المصلحة العليا لإسرائيل، وبالذات على صعيد مشروعه في التسوية مع الفلسطينيين.

أما لحزب "كاديما" الجديد، فقد أكد شارون أنه يتعهد بالعمل من أجل التوصل إلى اتفاقية سلام مع الفلسطينيين، ومعالجة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية، التي يعاني منها المجتمع الإسرائيلي، خاصة البطالة والفقر. كما أن هذا الحزب سيبقي ملتزماً بما جاء في "خريطة الطريق" في صورتها المعدلة، التي تلتزم بـ 14 تحفظاً سبق تقديمها إلى اللجنة الرباعية الدولية، مع الإصرار على أن تُطبق بصورة مرحلية، وليست في صورة صفقة واحدة، ومستبعداً إجراء المزيد من الانسحابات الأحادية الجانب من الضفة الغربية. وتضمن برنامج "كاديما"، أيضاً، مبدأ إعلان دولة فلسطينية في حدود مؤقتة، إذا قبل الفلسطينيون ذلك، كتطبيق لخطة الحل المرحلي طويل الأمد، وهو الحل الذي يهدف عملياً إلى منح الدولة العبرية الفرصة لاستكمال فرض الحقائق الاستيطانية في الضفة الغربية والقدس المحتلة، بما في ذلك المزيد من تهويد القدس، دون أن يكون هناك أي اعتراضات دولية.

وفي الحقيقة فقد راهن شارون على أن انسحابه من "الليكود" وتأسيس حزب جديد، سيحدث تأثيرات وتغييرات في الخريطة الحزبية الإسرائيلية، بما ينعكس إيجاباً على وضع حزبه الجديد؛ فحزب "كاديما" بالطريقة التي نشأ بها، وبالأعضاء البارزين الذين انضموا إليه، أعاد فرز الأحزاب الإسرائيلية، بحيث أصبح "كاديما" الممثل الفعلي للوسط، بينما حزبا العمل على يساره والليكود على يمينه. وبالفعل أظهرت كافة استطلاعات الرأي أن الحزب الجديد، الذي أعلن عنه شارون، سيحقق فوزاً ساحقاً على "الليكود" في الانتخابات.

سادساً: صعود أولمرت

في مفاجأة غير متوقعة، دخل شارون في غيبوبة مرضية طويلة، منذ الرابع من يناير، وامتدت حتى الانتخابات وما بعدها، خضع خلالها لعدة عمليات جراحية. وقد امتدت فترة الغيبوبة لأكثر من مائة يوم، وبذلك انتهت ولايته قانوناً، نظراً لعجزه المستمر، ومنذ 16 أبريل 2006، أصبح خلفه بالوكالة "أيهود أولمرت"، القائم بأعمال رئيس الوزراء بشكل رسمي.

وقد تولى "أيهود أولمرت"، نائب رئيس الوزراء، منصب رئاسة الوزراء بالوكالة. كما تولى منصب رئيس حزب "كاديما"، وأصبح المرشح الأوفر حظاً للفوز في الانتخابات وتشكيل الحكومة، وهو أمر ما كان يطمح إليه أيهود أولمرت وربما لم يفكر فيه، حيث اكتفي دائما بان يكون الرجل الثاني.