إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية / مجلس الشورى، في المملكة العربية السعودية









الملحق الرقم (2)

ملحق

نشأة المجلس الأهلي

          خلال إقامة السلطان عبدالعزيز، في مكة المكرمة، دعا علماء البلد الحرام، إلى لقاء عقب صلاة الجمعة، في دار آل بناجه. وفي ذلك الاجتماع، حدّثهم عن الشكل، الذي اختاره لتسيير دفة الحكم، في البلد الحرام، فقال:

          "إنني كثير الاهتمام بر احتكم، وأفكر دائماً في الطرق، التي تمكنني من خدمتكم الخدمة الحقيقية، والتي تؤمّن لكم ولعموم أهل هذا البلد المطهر الراحة والاطمئنان، وإن كثرة مشاغلي بتنظيم الأمور في هذه الديار، وفي غيرها من بلداننا، تجعل وقتي يقصر عن سماع شكاوى كل فرد منكم، ومعرفة حاجاته. ولا شك أن بلداً كهذا البلد الكبير الواسع، يحتاج لكثير من الأمور والأحوال، ولا يمكنني الوقوف عليها بنفسي منفرداً، ولا أريد أن استأثر بالأمر في بلادكم دونكم، وإنما أريد مشورتكم في جميع الأمور. يقول العرب إن الرجال ثلاثة: رجل، ونصف رجل، ولا رجل. فأمّا الرجل فهو، الذي عنده رأي ويستشير الناس في أموره، ونصف الرجل من ليس عنده رأي ويستشير الناس، وليس برجل من ليس عنده رأي، ولا يستشير الناس.

     وإن دياراً كدياركم، تحتاج لاهتمام زائد في إدارة شؤونها، وعندنا مثل يعرفه النّاس جميعاً، وهو أن أهل مكة أدرى بشعابها. فانتم أعلم ببلدكم من البعيدين عنكم، وما أرى لكم أحسن من أن تلقى مسؤوليات الأعمال على عواتقكم. وأريد منكم أن تعيّنوا وقتاً يجتمع فيه نخبة العلماء، ونخبة الأعيان، ونخبة التجار جميعاً، وينتخب كل صنف من هؤلاء عدداً معيناً، كما ترتضون وتقررون، وذلك بموجب أوراق تمضونها من المجتمعين، بأنهم ارتضوا أولئك النفر لإدارة مصالحهم العامة، والنظر في شؤونهم. ثم هؤلاء الأشخاص يستلمون زمام الأمور، فيعيّنون لأنفسهم أوقاتاً معينة يجتمعون فيها ويقررون ما فيه المصلحة للبلد. وجميع شكايات الناس ومطالباتهم، يجب أن يكون مرجعها هؤلاء النخبة من الناس، ويكونون أيضاً الواسطة بين الأهلين وبيني. فهم عيون لي وآذان للناس، يسمعون شكاويهم، وينظرون فيها ثم يراجعونني.

          إني أريد من الهيئة، التي ستجتمع لانتخاب الأشخاص المطلوبين، أن يتحروا المصلحة العامة ويقدموها على كل شيء. فينتخبوا أهل الجدارة واللياقة، الذين يغارون على المصالح العامة، ولا يقدِّمون عليها مصالحهم الخاصة، ويكونون من أهل الغيرة والحمية والتقوى.

          تجدون بعض الحكومات تجعل لها مجالس للاستشارة، ولكن كثيراً من تلك المجالس تكون وهمية أكثر منها حقيقية. تُشكل ليقال أن هناك مجالس وهيئات، ويكون العمل بيد شخص واحد، وينسب العمل للمجموع، أما أنا، فلا أريد من هذا المجلس، الذي أدعوكم لانتخابه، أشكالاً وهمية، وإنما أريد شكلاً حقيقياً، يجتمع فيه رجال حقيقيون، يعملون جهدهم في تحري المصلحة العامة.

     لا أريد أوهاماً، وإنما أريد حقائق، أريد رجالاً يعملون. فإذا اجتمع أولئك المنتخبون، وأشكل عليّ أمر من الأمور رجعت إليهم في حله، وعملت بمشورتهم، وتكون ذمتي سالمة والمسؤولية عليهم. وأريد منهم أن يعملوا بما يجدون فيه المصلحة، وليس لأحد من الذين هم أطرافي، سلطة عليهم، ولا على غيرهم.

          وأريد الصراحة في القول، لأن ثلاثة أكرههم ولا أقبلهم! رجل كذّاب، يكذب عليّ عن عمد، ورجل ذو هوى، ورجل متملق، فهؤلاء أبغض الناس عندي.

          فأرجوكم، بعد هذا المجلس، أن تجتمعوا بالسرعة الممكنة، وذلك بعد أن تنظّموا لي قائمة بأسماء، الذين سيجتمعون من  كل صنف من الأصناف الثلاثة، لأقابلها على القائمة، التي عندي. فأتحقق من أن جميع أهل الرأي، اشتركوا في انتخاب المطلوبين.

          وأرجوكم العجلة في العمل، لأُمتع نفسي برؤية هذه البلاد المطهّرة، تتمشى في حياة جديدة، ويسرني أن يكون ذلك بواسطتنا".