إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية / مجلس الشورى، في المملكة العربية السعودية









الملحق الرقم (9)

ملحق

خطاب جلالة الملك في الدعوة لانتخابات مجلس الشورى عام 1346

في الاجتماع الذي عُقد بالديوان الملوكي بأجياد، لإجراء انتخاب أعضاء مجلس الشورى، خاطب الملك الحضور، قائلاً:

          أريد أن أشرح لإخواننا أهل مكة أسباب هذا الاجتماع، نحن نحب من صميم القلب أن يكون اختلاطهم معنا، والتصاقهم بنا أكثر مما هو واقع الآن، لأن هذا إشعار بتمكن القلوب وطمس ما فات. كما أنه يقضي على الدساسين، الذين يصطادون في الماء العكر.

          إن التباعد بين الراعي والرعية، يدع مجالاً للنفعيين، فيجعلون الحق باطلاً، ويصورون الباطل حقاً. حيث إذا لم تكن هنالك صلة بين ولاة الأمور والأهلين، وجاء أي شخص من أرباب المقاصد السيئة، وقال لولاة الأمور إن المسألة الفلانية كيت وكيت، فمن أين يعلم ولاة الأمور أن الأمر على الضد من ذلك، وأن هذا النفعي قد قلب الحقائق؟

          أمّا إذا اختلط الشعب مع ولاة الأمور، فإن هؤلاء النفعيين الدساسين، يخشون من مخاطبة أمرائهم بعكس الواقع، ويخافون من أن ينكشف الغطاء، فتُعرف نياتهم السيئة.

          إن بعض الشياطين هم حبذة ولاة الأمور، لأن هؤلاء المحبّذين يخافون على مراتبهم وكراسيهم. وجل ما يرمون إليه، هو قضاء مآربهم بأية واسطة كانت. فاختلاط الرعية مع الحكام، يقضي على أولئك من جهة، ويسهّل الأمور ويحل المشكلات، من جهة ثانية. هذا ما قصدنا إليه، وهذا ما نريده. فليس بيننا وبين أحد حجاب، فباب قصرنا مفتوح لكل إنسان، ونحن ولله الحمد ما زلنا نوصي مأموريننا كلهم، بتمشية أمور الناس، وتسهيل مصالح الرعية.

          لا ريب في أن كلّما توحش الإنسان، وابتعد عن الناس، كان ذلك سبباً لراحة نفسه؛ ولكن دينه وشرفه ينهيان ذلك. فالدين لا يأمر بالاعتزال، والشرف لا يأمر بالابتعاد عن الناس. لأن الاختلاط والتقارب والتعارف، أطيب للنفوس وللبلد، ولقضاء الحاجات، ولإصلاح الأمور. وثقوا بأننا ما فتئنا نَجِدُّ في إصلاح الأحوال، وسنصلح هذا العام أشياء كثيرة. ]وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ[ (التوبة: الآية 105). وابن آدم إذا عمل الخير، يكون قد أدّى الواجب فبرأت ذمته.

          ومما لا جدال فيه، أن صلاح أحوال الولاة، صلاح لأحوال الرعية. فالواجب يقضي علينا أن نتلمس الخير، الذي نرى فيه صلاحاً للمسلمين من جهة، ويقربنا من الله.

          قد بدلنا بعض مأموري الحكومة، ولم يكن ذلك ناشئاً عن قصور، أو أي شيء آخر. فنحن لم نر فيهم ما يوجب أقل ريبة، وإنما تبدل الأمور أحسن. فأنا أشكرهم على الأعمال، التي قاموا بها وأنجزوها، وقد ألفّنا لجنة منكم للنظر في أمور الدوائر، ودرس تشكيلاتها، وتركنا المسؤولية على عاتق هذه اللجنة، لأن أهل مكة أدرى بشعابها. وإنا لنرجو أن يقوموا بالواجب أحسن قيام.

          ثم نظرنا في أمر مجلس الشورى، الذي هو عليه مدار الناس، فأحببنا أن نترك أمر انتخاب أعضائه للأهلين، وكان بودنا أن يشترك الأهلون كلهم في انتخابهم، ولكن ضيق الوقت وكثرة أشغال الأفراد هذه الأيام، يحولان دون أمنياتنا. فانتدبنا من كل حارة فريقاً من أخيارها، ولا أقول إن المدعوين هم وحدهم أخيار. المسلمون هم كالعضو الواحد. دعوناكم لانتخاب أعضاء لمجلس الشورى الجديد. فالواجب يقضي أن لا ينقاد الإنسان في مثل هذه الحالة إلى قلبه، لأن القلب يكون دائماً ميّالاً. يجب أن تنتخبوا الأكفاء من أهل الخبرة، حيث إذا قام هذا المجلس على أساس قويم، تجني البلاد من ورائه الفوائد الجزيلة. يجب أن تنتخبوا من تعتقدون فيهم الإخلاص في العمل، والمقدرة في الدفاع عن حقوق الأهلين. لأن الحكومة تأخذ حقها على كل حال. أمّا الأهلون فهؤلاء أعضاء مجلس الشورى، هم الذين سيكونون وكلاء الشعب، فإن أحسنتم اختيارهم وانتقاءهم، أحسن هؤلاء الدفاع عن حقوقكم، فأحسنتم بذلك للبلاد والعباد. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته".