إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية / مجلس الشورى، في المملكة العربية السعودية









الملحق الرقم (32)

ملحق

كلمة الشيخ محمد بن جبير، رئيس مجلس الشورى،

بمناسبة افتتاح مجلس الشورى أعمال دورته الثالثة

جدة 12 ربيع الأول 1422 هـ، الموافق 4 يونيه 2001م

الحمد لله نحمده ونستعينه، ونصلي ونسلم على أشرف خلقه، محمد بن عبدالله، الذي حمل الأمانة، وأدى الرّسالة، وبيّن للناس طريق الحق والهدى والرشاد.

خادم الحرمين الشريفين، الملك فهد بن عبدالعزيز.

صاحب السّمو الملكي ولي العهد، نائب رئيس مجلس الوزراء، ورئيس الحرس الوطني، الأمير عبدالله بن عبدالعزيز.

صاحب السّمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس‌ مجلس الوزراء، ووزير الدفاع والطيران والمفتش العام

أصحاب السّمو الملكي الأمراء

أصحاب الفضيلة العلماء

أصحاب المعالي الوزراء

أيها الحضور الكرام،

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

يا خادم الحرمين الشريفين

في هذا اليوم المبارك، أقف بين يديكم وأنا أشعر بالكثير من الغبطة والحبور، لما تحقق ـ بفضل من الله ـ ثم بتوجيهكم ورعايتكم، من إنجاز حققه المخلصون من أبنائكم، ممن شرفوا باختياركم لهم أعضاء في هذه المؤسسة، التي أردتم لها أن تكون على ما هي عليه، من حيوية وفاعلية وتأثير. فلقد حققتم‌ حلماً طالما راود خاطركم، منذ أن تلقيتم البيعة. ونفذتم وعداً قطعتموه، منذ أن توليتم المسؤولية. فأصبحت الممارسة الشّورية في المملكة أنموذجاً ملفتاً، حظي بما يستحقه من المتابعة والاهتمام والترحيب، في شتى أنحاء العالم.

وهذا إنما يعود إلى ما هداكم الله إليه من الخير. فعملتم على تطبيق شرع الله في حكمكم، وفي عملكم، وفي ما أنجزتم لبلادكم. زادكم الله عزة ومنعة، ووفقكم وأيدكم بنصر من عنده.

خادم الحرمين الشريفين

لقد اختتم المجلس دورته الثانية في الأسبوع المنصرم، معلناً انتهاء السّنة الثامنة من عمره، في ثوبه الجديد، وفق النظام الذي أصدرتموه ـ حفظكم‌ الله ـ في العام 1412 هـ. ولقد ظل المجلس في كل مراحل عمره وفياً لتاريخه، الذي امتد من عهد المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل ـ رحمه الله ـ وحتى هذا اليوم المبارك، من عهدكم الميمون.

وإن من علامات وفاء هذا المجلس لتاريخه، أن التزم ـ ولله الحمد ـ الصدق في القول، والإخلاص في العمل. فكل الأجيال، التي تعاقبت عليه من أبناء شعبكم، منذ عام 1346 هـ، كان هاجسها تطور البلاد، وكان حاديها الإخلاص للأمانة، التي تقلدتها. يدفعها إلى ذلك الولاء المخلص لولاة الأمر، الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه.

خادم الحرمين الشريفين

إن ما تنعم به بلادنا من خير، يعود الفضل فيه إلى الله ـ عز وجل ـ ثم إلى تمسكنا بعقيدة الإسلام، التي جعلها سبحانه رشداً لعباده في الدنيا، وحسن مال في الآخرة. فهذه العقيدة، هي التي حفظت لنا طمأنينتنا، وهي وقودنا وطاقتنا، التي نستمد منها نورنا وعزمنا في رحلتنا الطويلة مع الحياة، ومع تحديات المستقبل. وإنما كان تطبيق منهج الشورى في الحكم في البلاد، امتثالاً لما أمرنا الله به في كتابه العزيز، إذ قال عز من قائل: ]وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ[ (آل عمران: الآية159)، وقال: ]وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ[ (الشورى: الآية38). ، الآية. فإذا كانت الأمم الأخرى قد اختارت لإدارة شؤون حياتها، أساليب نابعة من تراثها، ومن ثقافاتها المتراكمة عبر السنين فإن بلادنا ـ بفضل من الله ـ لم يكن خيارها سوى الإسلام، وما شرعه الله لعباده في محكم التنزيل، وفي ما ثبت عن‌ رسوله المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ من أقوال وأفعال. ولأننا مخلصون لعقيدتنا، فقد استطاعت الممارسة الشّورية في بلادنا، أن تقدم للعالم اليوم أنموذجاً متميزاً للمشاركة الهادفة، إلى تحقيق العدل والرفاه، بوصفهما هدفين أساسين، من أهداف التنمية والبناء.

خادم الحرمين الشريفين

إن بلادنا اليوم لتزهو ـ ولله الحمد ـ بين أمم الأرض جميعاً، بما حققته من تقدم، وبما وصلت إليه من الرقي، سواء ما تمثل من ذلك في منجزات الخطط التنموية الطموحة، في مختلف المجالات، أو ما تم على مستوى التنمية الإدارية والمؤسسية، على وجه الخصوص. ولعل أبرز ما نسوقه الآن من دليل على ذلك، هو ما وصل إليه ـ بتوجيهكم ورعايتكم ـ مجلس الشورى، الذي شرفتموني برئاسته، من فاعلية بينة، ومن حيوية استطاعت أن تعبر عن نفسها بالمنجزات، التي تحققت حتى هذا اليوم. ولعل المناسبة تستدعي أن أذكر هنا ـ في إيجاز ـ ما تم من تلك المنجزات.

لقد أنجز مجلس الشورى في دورتيه الماضيتين 553 موضوعاً، شملت مختلف أوجه التنمية في البلاد. كما أصدر 435 قراراً، تتعلق بعدد من الأنظمة واللوائح والاتفاقيات والمعاهدات والتقارير السنوية، للوزارات والمصالح الحكومية. وهذه الموضوعات والقرارات، جاءت نتيجة لـ 445 جلسة، عقدها المجلس، خلال السّنوات الثمان الماضية، التي تخللها 124 اجتماعاً للهيئة العامة، و1690 اجتماعاً للجان المتخصصة.

وللالتزام، الذي أخذ به الزملاء الأعضاء أنفسهم، ولشعورهم بعظم المسؤولية الملقاة على عواتقهم، لا نذكر ـ أبداً ـ أن المجلس قد اضطر إلى تأجيل، أو إلغاء، أي جلسة من جلساته، لعدم اكتمال النّصاب. بل إن جلسات المجلس قد زادت في فترات لاحقة، من جلسة واحدة في الأسبوع إلى جلستين. ثم إلى ثلاث جلسات، في بعض الظروف الملحة.

وقد اتسمت دائماً الحوارات والمناقشات في المجلس، بالموضوعية والحياد، وبالصدق وبالإخلاص. وقد سادتها ـ بين الأعضاء ـ روح المودة والاحترام، والقبول الطيب للخلاف في الرأي، بعيداً عن التعصب، أو الانغلاق، أو التشنج، أو الصخب. وكان يحدو الجميع في ذلك، مراعاة المصلحة العامة للبلاد، ووضعها فوق كل اعتبار. هذا في الوقت الذي ضمن فيه المجلس لأعضائه، الحرية الكاملة في المناقشة وإبداء الرأي، وفي الموافقة من عدمها، وفي التأييد أو التحفظ. ولهذا كانت تأتي نتائج التصويت على الموضوعات أو القرارات، بالسّلب أحياناً، وبالإيجاب أحياناً أخرى. ولا نذكر قراراً واحداً، أو موضوعاً واحداً، تحققت له في المجلس صفة الإجماع في التصويت. فقد ظلت هناك مساحة رحبة للقبول وللمعارضة، وهذا مما يعني الاطمئنان الكامل لموضوعية ما يصدر عن المجلس، وحياديته وتوخيه الحق والعدل.

خادم الحرمين الشريفين

أعود فأكرر التنويه بدعمكم المستمر لمجلس الشورى، واهتمامكم ورعايتكم‌ لما يصدر عنه من قرارات. فإن الجميع يقدرون للمقام الكريم الخطوات المتوالية، التي اتخذتموها في سبيل توسيع قاعدة المشاركة، في أعماله. وإننا نتذكر الآن بكل الغبطة، أن الدورة الثانية منه شهدت قراركم الحكيم، بزيادة عدد أعضائه من 60 عضواً في الدورة الأولى، إلى 90، ثم جاءت الدورة الثالثة، التي تفتتحونها اليوم، لتشهد زيادة أخرى في عدد الأعضاء، فيقوم التشكيل الجديد على عدد هو 120 عضواً.

إن هذا يعني، فيما يعنيه، تأكيد قناعتكم بنجاح التجربة الشّورية في المملكة، ويعني ـ أيضاً ـ تأكيد إيمانكم بجدواها، ويعني، كذلك، التعبير عن رغبتكم في دعم الممارسة الشورية وتطويرها، في سياق القواعد الشرعية.

وقد خطى المجلس بتأييد منكم ـ حفظكم الله ـ خطوة نوعية أخرى، على صعيد علاقاته الخارجية، عندما شارك في تأسيس اتحاد مجالس دول منظمة المؤتمر الإسلامي، وفي انضمامه إلى عضوية الاتحاد البرلماني العربي، والاتحاد البرلماني الدولي، حيث وجد المجلس أن مشاركته في تلك المحافل العالمية، ستساعد في نشر ممارسته، وفي إيصال صوت المملكة المعتدل، تجاه قضايا العرب والمسلمين، والتأثير فيها. فلقد كانت قناعتكم دائماً ـ حفظكم الله ـ أن ممارستنا ومواقفنا وصوتنا، هي أمور مشرّفة.

خادم الحرمين الشريفين

إن كلماتي لتعجز عن شكركم، لقاء ما قدمتموه، وتقدمونه، لبلادكم ومواطنيكم، بما يرضي الله ـ عز وجل ـ وبما يحقق طموحاتكم في بناء دولة ناهضة، تحرص ـ كل الحرص ـ على عقيدتها ومبادئها، وتأخذ من أفكار هذا العصر ووسائله وأدواته، بما لا يتناقض، أو يتعارض، مع دينها، أو الرسالة السماوية الخالدة، التي اؤتمنت عليها.

وهي مناسبة أن أرحب باسمكم بالإخوة الأعضاء، الذين شملهم التشكيل الجديد، متمنياً لهم التوفيق والسداد، فيما اختيروا من أجله. كما أشكر باسمكم، أيضاً، الإخوة الأعضاء الذين انتهت مدة تكليفهم، بعد أن تشرفوا بعضوية المجلس في دورته الأولى والثانية، مؤكداً هنا على ما تحلوا به طيلة فترة عملهم، من الإخلاص والمثابرة وحسن الأداء. كما لا أنسى أن أوجه تقديراً خاصاً لأخي وزميلي، نائب رئيس المجلس السابق، معالي الدكتور عبدالله نصيف. وأن أذكره بالخير، وأحيي أخي وزميلي معالي النائب الجديد الأستاذ السيد بكري بن صالح شطا، داعياً الله أن يوفقه، وأن يعينه، على أداء ما ينتظره من مهمات جديدة.

خادم الحرمين الشريفين

اسمحوا لي أن أشكر هنا جميع العاملين في أجهزة المجلس المختلفة، وفي مقدمتهم معالي الأمين العام، على ما بذلوه ـ ويبذلونه ـ من جهود، سهلت على المجلس القيام بواجباته، ويسرت له إنجاز ما تم إنجازه.

وفي الختام، أدعو الله ـ سبحانه وتعالى ـ أن يأخذ بأيدينا جميعاً، إلى ما فيه خير ديننا وصلاح دنيانا، وأن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه، ويرينا الباطل باطلاً ويوفقنا إلى اجتنابه. إنه سميع مجيب.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.