إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية / سورية من الاستقلال إلى حافظ الأسد




هاشم الأتاسي
أديب الشيشيكلي
أكرم الحوراني
جميل مردم
خالد العظم
حافظ الأسد
حسني الزعيم
سامي الحناوي
صبري العسلي
شكري القوتلي
سعد الله الجابري
فارس الخوري





سورية من عصر الإستقلال والإنقلابات

ثالثاً: علاقات سورية بالدول غير العربية في المنطقة

تتباين علاقات سورية بالثلاث دول غير العربية في الشرق الأوسط؛ فهي ودية مع إيران، وتصادمية مع إسرائيل، ومتذبذبة مع تركيا.

والملاحظ أن سورية، لم تفصل، في وقت من الأوقات، ما بين علاقاتها: العربية وغير العربية. ولكن الأزمات السورية – العربية، طالما صاحبها تقارب أو تصادم مع إحدى الدول غير العربية.

1. العلاقات السورية – الإيرانية

تُعَد إيران إحدى دول الجوار الجغرافي للأمة العربية. وهي تؤدي دوراً رئيسياً على خريطة السياسة العربية. وقد انقلبت علاقاتها بسورية، بعد الثورة الإسلامية وبعدها. ففي فترة حكم الشاه، كانت العلاقات السورية – الإيرانية سيئة؛ لكونه الحليف الإستراتيجي لكلّ من الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل.

وبعد الثورة، واتخاذ إيران موقفاً إيجابياً تجاه الثورة الفلسطينية، بدأت العلاقات السورية – الإيرانية تتحسن. وعجلت بتحسنها الحرب العراقية – الإيرانية؛ إذ إن عدوّ عدوّك هو صديقك، وبغداد خصم لدمشق. فانحازت سورية إلى إيران. ولم تتورع عن:

أ. إغراء الاتحاد السوفيتي بالامتناع عن تسليح العراق، خلال السنتَين الأوليتَين للحرب؛ ما أتاح لإيران تجميع قواها، وإحداث توازن، على المستوى الإستراتيجي، مع العراق.

ب. منع تدفق النفط العراقي، منذ أبريل 1984، عبر خط الأنابيب، المار بسورية، إلى البحر المتوسط؛ لإضعاف اقتصاد العراق.

ج. إباحة سورية الطائرات الإيرانية قواعدها الجوية، كما يقول العراق؛ تضرب مطاراته في مناطقه الغربية.

ساعد إيران الوجود السوري في لبنان على نشر مبادئها في مناطقه ذات الطابع الشيعي، من خلال إنشاء تنظيم " حزب الله" اللبناني، على غرار حزب الله في إيران؛ إلى جانب دعم منظمة أمل. ناهيك بإتاحة منفذ بري لطهران إلى إسرائيل.

وكافأت إيران سورية على موقفها بوهبها، خلال سنوات الحرب مع العراق، ولاسيما أولاها،  مليون طن من النفط، سنوياً، تناهز قِمتها 200 مليون دولاراً؛ فضلاً عن تخصيصها بكمية أخرى، يقلّ سعر البرميل منها 3 دولارات عنه في السوق العالمية، فوفرت لسورية، سنوياً، ما يراوح بين 150 و200 مليون دولار أخرى.

بيد أن علاقات التحالف تلك، طيلة حكم الرئيس الأسد، لم تخلُ من اختلافات تنشط الدولتان في السيطرة عليها، ومنها:

أ. الاختلاف في تنظيم المعارضة العراقية، التي يجب أن تحل محل نظام صدام حسين. وقد بدأ ظهوره هذا الخلاف عندما أعلنت إيران خطة من أربع مراحل، لإسقاط النظام العراقي، وإنشاء نظام جديد، على غرار النظام الإسلامي في إيران؛ وهو ما عارضته سورية.

ب. الاختلاف في طبيعة العمل السياسي في لبنان، حيث تحاول إيران إغراء اللبنانيين الشيعة بالسيطرة على النظام؛ وهو ما تعارضه سورية.

ج. الاختلاف في المسؤول عن الأمن في جنوبي لبنان، أهو " حزب الله" أم الحكومة اللبنانية؟ وقد اشتد الجدال فيه، في السنتَين الأخيرتَين من عقد الثمانينيات، وأدى إلى اقتتال عنيف بين الأطراف المختلفة، في الجنوب، لم يوقفه إلا تدخّل مباشر، وحاسم، من الرئيسَين: الأسد وهاشمي رافسنجاني، رئيس إيران آنذاك.

د. الاختلاف في استمرار دعم حزب الله، وأسلوب توصيل ذلك الدعم، وقد انفجر في أعقاب دخول سورية في مفاوضات السلام مع إسرائيل، تحت المظلة الأمريكية "اجتماعات واي بلانتيشن"، في ديسمبر 1999.

2. الأزمات السورية – التركية

ظلت العلاقات السورية - التركية جامدة، لأسباب: تاريخية وجغرافية وعقائدية، حتى تولى الرئيس حافظ الأسد السلطة ، واعتمد سياسة براجماتية، لتحسين العلاقات بين الدولتَين الجارتَين، واحتواء النزاعات بينهما. وقد تبادل الوزراء من الدولتَين الزيارات، التي أدت إلى توقيع كثير من اتفاقيات التعاون، في المجالات المختلفة.

وفي عام 1976، مع التدخل السوري في لبنان، أظهرت تركيا عدم الرضا، واحتجت على هذا التدخل. وفي عام 1979، صعدت سورية من اتهاماتها لتركيا بتقديم الدعم لعدد من الإخوان المسلمين، المناهضين للنظام السوري. ومع تولي تورجوت أوزال رئاسة الوزارة التركية، سيطر البلدان على تصاعد الاختلافات بينهما. وكانت زيارة أوزال إلى سورية تحوُّلاً كبيراً في العلاقات بينهما، وأدت إلى توقيع كثير من الاتفاقيات، في المجالات الاقتصادية المختلفة.

غير أن العلاقات التركية – السورية، بقيت واحدة من أكثر العلاقات توتراً في المنطقة، خلال حكم الرئيس الأسد؛ للأسباب الآتية:

أ. توتر تاريخي ناجم عن وجود إقليم الإسكندرونة ضمن الأراضي التركية.

ب. توتر على الحدود، بسبب اتهام تركيا لسورية بإيواء عبدالله أوجلان، زعيم حزب العمل الكردستاني في أراضيها، ودعم أعمال الحزب بالمال والسلاح.

ج. في أعقاب إنشاء تركيا لسد أتاتورك، انحسرت كمية المياه المتدفقة إلى سورية، من خلال نهر الفرات؛ ما أثر في المشروعات السورية. وقد أنشئت لجنة عراقية – سورية – تركية، للاتفاق على تقسيم مياه النهر.

د. اتفاق تركيا وإسرائيل على التعاون العسكري وإجراء تدريبات مشتركة؛ ما يؤثر مباشرة في الأمن السوري الوطني لأن سورية محصورة بين الدولتَين.

وساء الموقف بين الدولتَين، إلى درجة خطيرة في الأسبوع الأول من أكتوبر 1998، حينما هددت تركيا بالتدخل العسكري ضد سورية، إذا لم توقف دعمها لمقاتلي حزب العمل الكردستاني؛  وطالبتها بتسليم عبدالله أوجلان. وبادرت تركيا إلى حشد كثيف على الجبهة السورية- التركية، وتحريك أسطولها البحري لحصار سورية.

تدارك الأمر الرئيس المصري، حسني مبارك، فداول زياراته بين الدولتَين، حتى نزع فتيل الأزمة. واتفق على عقد لقاء مشترك بين مسؤولي الدولتَين، لمناقشة الموقف، وإيجاد حلول فورية لمشاكله. وقد عقد المؤتمر، في الأسبوع الثالث من أكتوبر 1998، في سيهان، على الحدود التركية-السورية؛ واتخذ عدداً من القرارات، منها:

أ. إيقاف سورية دعمها: المادي والمعنوي، لمقاتلي حزب العمل الكردستاني، سواء في سورية أو لبنان.

ب. عدم سماح سورية لمقاتلي حزب العمل الكردستاني باستخدام أراضيها، للتسلل عبر حدودها إلى الجنوب التركي.

ج. تعهد سورية بعدم إيواء الزعيم الكردستاني، عبدالله أوجلان، أو السماح له بالإقامة بأراضيها.

د. تعيين مندوب من كلّ دولة في سفارة دولته لدى الدولة الأخرى، لمتابعة تنفيذ هذا الاتفاق.

رابعاً: الصراع العربي ـ الإسرائيلي

1. وجهة النظر السورية في تحقيق السلام مع إسرائيل

انضمت سورية إلى مسيرة السلام، من خلال اشتراكها في مؤتمر مدريد للسلام، في نهاية أكتوبر1991، ثم إجراء مباحثات، في نهاية عام 1995، أوقفتها إسرائيل، في 4 مارس 1996، عقب انفجارات القدس وتل أبيب، التي نفذتها المقاومة اللبنانية؛ إلا أنه لم تحدث أيّ خطوات إيجابية في مسيرة السلام.

لذلك فقد كانت مباحثات "واي بلانتيشن"، عام 1999، فرصة لطرح وجهة النظر السورية في تحقيق السلام مع إسرائيل، والتي لا تنفرد بأهداف قطرية؛ وإنما تشمل وجهة النظر اللبنانية كذلك.

وقد كان هناك رغبة سورية جادة في تحقيق السلام؛ حرصاً على تخطي الإحراج، الذي سيسببه انسحاب إسرائيل من الجنوب اللبناني، واستمرار الوجود السوري في لبنان؛ فضلاً عن تهيئة الفرصة لتسليم الرئيس الأسد الحكم إلى نجله بشار، في ظروف مثالية؛ زِد على ذلك الإيحاء بأن الرئيس الأسد " رئيس تاريخي،  حقق لشعبه السلام الأمثل.

وقد أجريت المفاوضات، على مرحلتَين: الأولى، في 15 و16 ديسمبر 1999؛ والثانية، منذ 3 يناير 2000. ورأس الوفد السوري وزير الخارجية، فاروق الشرع؛ والجانب الإسرائيلي رئيس الوزراء، إيهود باراك. وحضر الرئيس الأمريكي، بيل كلينتون الجلسة الافتتاحية، وجلسات أخرى.

وقد اعتمدت المباحثات على كثير من نقاط الاتفاق، التي تحققت من خلال مباحثات غير معلنة، بين إسرائيل وسورية، وسميت: "الوديعة" حيث تعهدت إسرائيل بالانسحاب الكامل من الجولان، وتعهدت سورية بقبول إجراءات أمنية في الجولان.

2. أهداف المفاوض السوري

انحصرت أهداف سورية، خلال المفاوضات، في الآتي:

أ. انسحاب إسرائيل الكامل من الجولان إلى خطوط 4 يونيو1967، وإزالة جميع المستوطنات الإسرائيلية.

ب. انسحاب إسرائيل الكامل من لبنان.

ج. رفض إنشاء محطات إنذار مبكر على أيّ أرض سورية.

د. رفض إملاء أيّ شروط، تمس بسيادة الدولة، مثل تخفيض حجم القوات المسلحة.

هـ. الحصول على استحقاقاتها كافة من المياه، وسيطرتها على مصادرها المائية.

و. اكتمال الانسحاب في غضون سنة واحدة، وليس عدة سنوات.

ز. سير عملية السلام في خط موازٍ لخطوات الانسحاب، فيكتمل إنجازهما معاً.

ح. الحصول على تعويضات، لإعادة الأعمار في الجولان، بعد الانسحاب منها.

3. مطارحات المفاوض الإسرائيلي

أ. إن أمن إسرائيل هو الأساس، الذي ترتكز عليه المفاوضات.

ب. انسحاب إسرائيل الكامل من الجولان، حتى حدود 4 يونيه 1967؛ مع إجراء بعض التعديلات. والتفاوض في تغيير أوضاع الحدود، على الجانب الإسرائيلي، حول بحيرة طبرية، بما يسمح بسيطرة إسرائيلية كاملة عليها[3]. وتساوق عمق السلام وعمق الانسحاب، وارتهان أحدهما بالآخر.

ج. جعْل الجولان منطقة منزوعة السلاح تماما،ً ونشر قوات الأمم المتحدة فيها، ووضع ثلاث محطات إنذار (منها واحدة في جبل الشيخ)، مع تشغيل خطوط الإنذار من الطائرات والأقمار الصناعية؛ فضلاً عن تخفيض عدد القوات السورية في القنيطرة ودمشق.

د. السماح بوصول مياه نهر الأردن كلّها، وبحيرة طبرية بكمالها، إلى إسرائيل؛ وألا يكون لسورية أيّ اتصال بسواحل البحيرة.

هـ. تبادل الدولتَين علاقات سياسية كاملة، بما فيها افتتاح كلّ منهما سفارة في الأخرى، وفتح الحدود بينهما، والتباحث في علاقاتهما الاقتصادية.

و. نشر جيش الدفاع اللبناني في الحدود الدولية، وضمان سورية الهدوء في مناطق الحدود اللبنانية- الإسرائيلية، ومنعها المقاومة من شن أيّ هجمات على الشمال الإسرائيلي.

وقد دارت المباحثات طبقاً لتوصيات أمريكية، حددت موضوعات الانسحاب والترتيبات الأمنية، وطبيعة السلام، والجدول الزمني لتنفيذ الاتفاق؛ إلى جانب وعد أمريكي، يمنح إسرائيل ثمانية عشر مليار دولار، لبناء " صرح السلام" مع سورية.

وانتهت المفاوضات إلى الإخفاق، نتيجة تشدد الطرفين. إذ ترى سورية، أن الجولان سيعود في وقت ما، وهي لا تتعجل عودته. وترى إسرائيل، أن وضعها الأمني، والجولان في قبضتها، يساعدها على تأمين القطاع الشمالي من حدودها.

ولم تكترث إسرائيل لتوقف المفاوضات. وبادرت إلى الانسحاب من الجنوب اللبناني، من جانب واحد؛ لإيقاف حرب الاستنزاف، التي خسرت فيها نحو ألف جندي إسرائيلي.

خامساً: العلاقات بين سورية وروسيا الاتحادية

ورثت روسيا تركة الاتحاد السوفيتي القديم وعلاقاته بالجمهورية العربية السورية. وقد مرت علاقاتهما.بكثير من المواقف المختلفة.

ويلاحظ أن السوفيت، لم يركنوا إلى الحكومات السورية المتعاقبة؛ لعدائها جميعاً للحزب الشيوعي السوري. إلا أنهم ارتاحوا لرغبتها في الحفاظ على استقلال سورية، وتجنّب الشباك الأمريكية.

وبعد حركة حافظ الأسد التصحيحية، وتسلمه قيادة البلاد، في 16 نوفمبر 1970، زاد السوفيت من اهتمامهم بسورية. وطفق إعلامهم يمتدح اتجاهاتها الاشتراكية، سواء على الصعيد الداخلي أو الخارجي، وخاصة تكوين اتحاد الجمهوريات العربية، بين سورية ومصر وليبيا.

وعندما زار الرئيس الأسد موسكو، في فبراير 1971، أقنع السوفيت بأن الإجراءات الليبرالية الاقتصادية الجديدة، التي كان قد اتخذها، لتحرير الاقتصاد السوري من حالة الانغلاق الشديدة، التي يعانيها، لا تعني تغير موقف سورية من متابعة النهج الاشتراكي، والإبقاء على العلاقات والروابط المتميزة مع الاتحاد السوفيتي.

وقد وقعت معاهدة صداقة وتعاون، بين سورية والاتحاد السوفيتي، في يوليه 1980. وساعد دمشق على ذلك عوامل عدة، أهمها سوء علاقاتها ببغداد وعمّان.

وما زالت علاقات سورية بروسيا الاتحادية قوية، وذات أهمية لدى أولاهما؛ إذ إن جيشها، ما برح يعتمد اعتماداً كلياً على السلاح الروسي وقطع الغيار الروسية. وهناك مشكلة واحدة، استعصى حلها وهي مشكلة الديون العسكرية المستحقة لروسيا لدى سورية، التي تبرر عدم دفعها بكونها ديوناً مستحقة للاتحاد السوفيتي، وهو قد تفكك دولاً شتى؛ فكيف يستوفيها الاتحاد الروسي! ويقدر الخبراء قيمة تلك الديون بنحو 12 بليون دولارا.

وقد زار الرئيس حافظ الأسد روسيا الاتحادية، في خريف عام 1998، في إطار تنسيق السياسات الخارجية بين البلدَين؛ وكانت هذه هي آخر زياراته.

سادساً: العلاقات السورية ـ الأمريكية

تتميز العلاقات السورية ـ الأمريكية بالتقلب الشديد. وقد ساءت العلاقات بعد أن رفضت سورية مشروع " روجرز" الأمريكي (25 يونيه 1970)، الذي قبلته مصر والأردن وإسرائيل والاتحاد السوفيتي. أمّا بعد حرب 1973، التي ساعدت كثيراً على تحسين الموقف العربي بصفة عامة، والموقف السوري بصفة خاصة، فقد عادت العلاقات غير الرسمية بين واشنطن ودمشق. ونجح " هنري كيسنجر" في عقد اتفاق فصل القوات على الجبهة السورية؛ وذلك بحضور المندوب السوفيتي، "فينوجرادوف".

كما أن زيارة الرئيس الأمريكي، ريتشارد نيكسون، إلى سورية، في 16 يونيه 1974، أسفرت عن الاتفاق على عودة العلاقات الدبلوماسية، بين دمشق وواشنطن؛ وتقديم ثانيتهما لأولاهما مساعدة مالية، قدرها مائة مليون دولار.

إلا أن العلاقات ما لبثت أن تردت، إثر رعاية واشنطن اتفاق " كامب ديفيد"، وإعلانها أنها وحدها تضمن السلام في المنطقة؛ فأدخلت قضية السلام في الشرق الأوسط ضمن منظور التنافس بين الشرق والغرب، ورهنتها بالسياستَين: الأمريكية والسوفيتية. ولم توافق سورية على هذه المواقف والسياسات الأمريكية، بل نددت برعاية الولايات المتحدة الأمريكية لاتفاق السلام المنفصل؛ وازدادت ارتماء في أحضان الاتحاد السوفيتي.

ثم عادت العلاقات السورية - الأمريكية إلى التحسن، عندما لم تتحفظ الولايات المتحدة من مشروع قرار، قدمته سورية إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، يتعلق بالقضية الفلسطينية.

ثم زار سايروس فانس الشرق الأوسط، بما فيه سورية، في الفترة من 14 إلى21 فبراير 1977. والتقى الرئيس حافظ الأسد؛ ليتبين الوفد الأمريكي ضرورة حسبان دمشق في أيّ مشروع من أجل السلام.

ثم التقى الرئيس جيمي كارتر، في جنيف، الرئيس السوري، يومَي التاسع والعاشر من مايو 1977، تمهيداً لمؤتمر جنيف الدولي. وصدر بيان عن البيت الأبيض، يؤكد أن لسورية دوراً مهماً في المنطقة؛ وأن الرئيسَين تباحثا في طبيعة السلام، ومدلول القضية الفلسطينية، ضمن إطار التسوية الشاملة، وتمثيل الفلسطينيين في مؤتمر جنيف.

وفي فبراير 1978، عقدت قمة عربية مصغرة، في الجزائر، صدر في ختامها تصريح، يحدد السياسة العربية العامة (بعد أن أكدت سورية أنها لن تندد بالقرارَين 242و 338). وقد دان التصريح مبادرة الرئيس السادات، متهماً إياها بأنها تشجع سياسة التوسع الإسرائيلية، وتمزق الصفوف العربية، وتضعف التأييد الدولي للقضية الفلسطينية.

وقد زار الرئيس الأسد، في يناير 1980، الرياض، حيث صرح بأنه ليس من الممكن أن تتعاون سورية والولايات المتحدة الأمريكية، مادامت واشنطن تزود إسرائيل بأسلحة عسكرية وعتاد حربي حديث، تضرب به الفلسطينيين.

وقد تدهورت العلاقات، تماماً، بين دمشق وواشنطن، بعد الغزو الإسرائيلي للبنان، في يونيه 1982. وازدادت سوءاً، حينما استخدمت مندوبة الولايات المتحدة الأمريكية، في 8 يونيه 1982، حق النقض، ضد قرار، يفرض إجراءات ملائمة على إسرائيل إذا لم تتوقف عن عملياتها العسكرية، في غضون ست ساعات؛ وإذا لم تسحب قواتها من لبنان، من دون شروط.

إلا أن العلاقات السورية ـ الأمريكية، اتخذت منحى مختلفاً تماماً، بعد مشاركة القوات السورية في قوات التحالف على العراق، بعد غزوه الكويت، عام 1990؛  إذ كان يهم الولايات المتحدة الأمريكية، أن تشارك فيه  قوات عربية.

وفي إطار جهود كلتا الدولتَين، من أجل تفعيل عملية السلام، كان لقاء الرئيس الأسد" نظيره الأمريكي، كلينتون، في جنيف، في يناير 1994؛ ثم زيارة الأخير دمشق، في أكتوبر من العام نفسه.

كذلك رعت واشنطن مباحثات "واي بلانتيشن"، بين سورية وإسرائيل. وتطالب دمشق الولايات المتحدة الأمريكية بالضغط على إسرائيل، لكي تستأنف المفاوضات في عملية السلام، على أساس ما انتهت إليه سورية في مفاوضاتها حكومة العمل (رابين – بيريز)، التي وافقت على إعادة هضبة الجولان إليها، في إطار اتفاقية سلام. وقد أعلنت سورية، حينذاك، وما زالت تعلن استعدادها لتنفيذ استحقاقات السلام كاملة، إذا ما انسحبت إسرائيل إلى حدود 4 يونيه 1967.

وقد رفع اسم سورية من لائحة الدول المنتجة للمخدرات، التي تُعِدها وزارة الخارجية الأمريكية؛ إلا أنه ما زال في لائحة الدول الراعية للإرهاب، طبقاً لتقرير الخارجية الأمريكية، التي تطالب دمشق بعدم إيواء الإرهابيين ومساعدتهم. كما أن من أبرز نقاط الخلاف بين سورية والولايات المتحدة الأمريكية، هو اتهام أولاهما بعدم احترامها لحقوق الإنسان.




[1] الاستخبارات الجوية في سورية منفصلة تماماً عن الاستخبارات الحربية، وتقدم تقاريرها إلى الرئيس مباشرة.

[2] هذه الجبهة أعلن عن الشروع في تأسيسها عقب زيارة الرئيس للقدس في نوفمبر1977، وعقد مؤتمرها التأسيسي في ديسمبر 1977بمدينة طرابلس ليبيا ، وأنسحب العراق من هذا المؤتمر، ولم تتحقق أي فعالية لهذه الجبهة والتي كانت تضم (سورية والعراق وليبيا ومنظمة التحرير الفلسطينية).

[3] تعتبر مسألة السيطرة على الساحل الشمالي لبحيرة طبرية، هي الأساس التي تسعي إليه إسرائيل من أجل ضمان السيطرة على موارد المياه من البحيرة، وهو ما لا تقبله سورية، وكانت هذه النقطة بالذات نقطة خلاف أدت إلى عدم التوصل إلى سلام.