إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / السِّير الذاتية للشخصيات الواردة في كتاب "مقاتل من الصحراء" / السِّير الذاتية للشخصيات، في إيران









ماو تسي تونج Mao Tse-tung

سيرة ذاتية

آية الله الخميني

(1900 ـ 1989م)[1]

عالم وزعيم ديني مسلم وسياسي إيراني

 

 

الاسم الحقيقي للخميني هو، روح الله بن السيد مصطفى بن السيد أحمد الموسوي ، كما يطلق عليه "آية الله روح الله". و"آية الله" تعني إشارة أو علامة من الله. ويعد هذا اللقب أعلى المراتب الدينية في المذهب الشيعي.

ولد آية الله الخميني في 17 مايو 1900م، في خومين، وهي بلدة تقع جنوبي طهران. وغير اسم عائلته إلى الخميني. وكان أبوه قد قُتل ضحية خلاف بين بعض أمراء الأسرة الحاكمة في إيران، ولم يكن روح الله قد تجاوز ستة أشهر من عمره. أكمل الخميني دراسته في سن التاسعة عشرة، ثم ذهب إلى (أراك) حيث تتلمذ لكلِّ من آية الله محسن أراكي وآية الله عبدالكريم حائري. ثم ذهب إلى قم عام 1921. وهناك ساعد على إنشاء مركز الدراسات والبحث العلمي، الديني والمذهبي، وقد تزوج عام 1927، وأنجب ثلاث بنات، وابنين هما مصطفى وأحمد. وقد توفى مصطفى على أثر حادث غامض، في العراق، عام 1977. وقد حصل الخميني على درجة الاجتهاد من قمّ، في الفلسفة وأُسُس الفقه الإسلامي. وكان من أوائل كتبه كتاب "كشف الأسرار"، الذي أفتى بعدم طاعة الحاكم الدكتاتور. كما هاجم فيه علماء السلطان.

في العشرينيات من القرن العشرين، عمل مدرساً للفلسفة الإسلامية والقانون. وحصل على لقب "آية الله". وفي مطلع الستينيات، أصبح الخميني الرمز الأكبر للشيعة في إيران، وفي يونيه 1963م، اعتقلته السلطات الإيرانية، لمعارضته شاه إيران محمد رضا بهلوي، ثم أفرج عنه، وحددت إقامته بمنزله، ثمانية أشهر. وفي عام 1964م نُفي الخميني خارج إيران إلى تركيا ثم العراق. فعاش في العراق 14 عاماً، ثم في فرنسا عاماً واحداً حيث شكل مجلساً لقيادة الثورة ضد الشاه، وتزعم من منفاه الفرنسي، الانتفاضة الشعبية الإيرانية، فحدثت مظاهرات قمّ الدامية، ومظاهرات تبريز، التي انتهت بمذبحة، أكرهت الشاه محمد رضا بهلوي على مغادرة الوطن في مطلع فبراير 1979م، وعاد الخميني إلى طهران في الشهر نفسه، بعد أن أعلن نجاح الثورة الإسلامية، في 11 فبراير 1979. وصار الخميني الرمز الديني السياسي لإيران منذ ذلك الوقت، وتولى قيادة البلاد في ظروف داخلية ودولية صعبة. وحول الخميني إيران إلى جمهورية إسلامية، وأعلن تطبيق بعض الحدود الشرعية مثل حد شرب الخمر. وطالبت إيران بتسليم الشاه لمحاكمته.

بعد الثورة أسس مجلس ثوري عينه الخميني، لتنفيذ سياسات الحكومة الجديدة. فقدمت الحكومة الجديدة المئات من المسؤولين في نظام حكم الشّاه إلى محاكم ثورية، ونفذت فيهم حكم الإعدام. وحظرت الأحزاب السياسية المعارضة.

وفي نوفمبر 1979م، احتل بعض الثوار الإيرانيين السفارة الأمريكية في طهران، واحتجزوا بداخلها عدداً من الأمريكيين معظمهم من العاملين بها، وطالبوا بتسليم شاة إيران الذي كان يعالج بإحدى مستشفيات الولايات المتحدة الأمريكية، لمحاكمته مقابل إفراجهم عن الرهائن، وأيد آية الله الخميني الثوار في مطالبهم، فَكُلِّفَت وحدات من القوات الأمريكية لإطلاق سراح الرهائن المحتجزين بالسفارة، إلا أن الخطة الأمريكية فشلت، وظل الرهائن بأيدي الثوار، إلا أن الشاه مات في مصر، في يوليه 1980م، وأطلق سراح الرهائن في يناير 1981م، بعد أن ظلوا محتجزين لمدة 444 يوماً.

خاضت إيران أثناء حكم الخميني حرباً طويلة مع جارتها العراق، أثر نزاع على الحدود وخلافات أخرى، وبدأت هذه الحرب في 22 سبتمبر 1980م، واستمرت حوالي 8 سنوات إلى أن توقفت في 20 أغسطس 1988م، وراح ضحيتها مليون قتيل من الطرفين.

توفى آية الله الخميني في 3 يونيه 1989م. بعد عملية جراحية أجريت له قبل أحد عشر يوماً من وفاته، لوقف نزف في جهازه الهضمي. ومع إعلان وفاة الخميني، أُعلن الحداد الرسمي، لمدة أربعين يوماً، وتعطيل الدوائر الرسمية في إيران، لمدة أسبوع. وقد عقد مجلس الخبراء، برئاسة آية الله مشكيني، اجتماعاً طارئاً، في 4 يونيه 1989، اختار خلاله سيد علي خامنه إي بأغلبية ثلثي الأصوات خلفاً للخميني، واختار كبار القادة الدينيين في إيران علي خامنه إي ليخلف آية الله الخميني مرشداً عاماً للثورة، واُختير هاشمي رفسنجاني- الذي كان رئيساً للبرلمان- رئيساً جديداً لإيران.

وآية الله الخميني فضلاً عن كونه قائد الثورة الإسلامية ومؤسس الجمهورية الإسلامية في إيران فهو فقيه شيعي وعالم ديني ومفكر فيلسوف، إلا أن فلسفته من النوع القائم على الاستنباط من المقدمات النقلية والنصوص الثابتة فهو لا يقدم فلسفة جديدة بقدر ما يقدم بلورة حديثة لأفكار دينية ومذهبية لها جانب عملي، وآية الله الخميني شأنه شأن أي مفكر آخر يتدرج بفكره صعوداً أو عمقاً حيث بدأ مناهضاً للعلماء الذين استسلموا للسلطان وأصبحوا يصدرون أحكامهم وفق هواه أو تبريراً لتصرفاته مؤكداً أنهم أخطر على الإسلام من أي عدوان فإذا انحرف العالم أمكن أن تنحرف مع انحرافه أمة[2]. ولأن مسؤولية العلماء تختلف عن سائر الناس في حجمها وثقلها فقد ذهب إلى تكفير هذا الصنف من العلماء استناداً إلى قوله تعالى: ]إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ[ (النساء: الآية 17)[3]. لذلك اتجه الخميني لإصلاح المجامع العلمية الدينية فكرياً وأخلاقياً[4]. مؤكداً أن العلماء هم ورثة الأنبياء وينبغي أن يعدو أنفسهم لتحمل مسؤولية إقامة حكومة إسلامية تمهد لحكومة إمام الزمان[5].  ودعا العلماء إلى الاستفادة من المناسبات الدينية والمذهبية وخاصة المناسبات الحزينة مثل عاشوراء في الدعوة إلى هذه الحكومة والقيام بنشاط يسمح بإقامة أنواع من المعاملات التي تقوم على الربا والرشوة والفساد تعطل تنفيذ النظام السياسي الإسلامي[6].

وقد استطاع الخميني بلورة فكرة ولاية الفقيه في شكل نظرية قابلة للتطبيق وجعلها أساس حكم الجمهورية الإسلامية في إيران.

وقد أقام الخميني معطيات النظرية على ثلاثة أسس ليست موضع اختلاف، الأول أن الإسلام دين متميز بأحكامه الدنيوية فضلاً عن أحكامه الدينية، والثاني: أن الإسلام دين جهاد وكفاح وسعي دائب لخير الدنيا والآخرة، والثالث: تباين الصورة التي تعرض للإسلام مع حقيقة الإسلام. وقد خرج الخميني من هذه الأسس إلى ضرورات واجبة على المسلمين، هي: ضرورة وجود حكومة إسلامية لتنفيذ أحكام الإسلام الدينية والدنيوية، وضرورة وحدة العالم الإسلامي باعتبار أن المسلمين أمة واحدة ولا يتسنى هذا إلا من خلال قيام حكومة إسلامية.

وقد استدل آية الله الخميني على ضرورة قيادة الفقيه لهذه الحكومة بعدد من المحاور هي:

  1. إثبات حق الفقيه في الحكم بالأدلة القرآنية والأحاديث النبوية وأحاديث أئمة الشيعة وروايات الثقاة من علماء الشيعة.
  2. طبيعة ولاية الفقيه حيث أن هذه الولاية اعتبارية تكون لأي فرد لائق يتمتع بالعلم والعدل والتدبير لإدارة المجتمع ويلزم طاعته من جانب جميع الناس باعتبار الصلاحيات السياسية والإدارية والتنظيمية والتنفيذية التي له بالقدر الذي كان للرسول وللأئمة في شؤون الحكم والإدارة.
  3. نوع الحكومة الإسلامية فهي ليست واحدة من نظم الحكومات الموجودة في العالم وهي ليست استبدادية ولا مطلقة بل مشروطة، وهي ليست نيابية بالمعنى المتعارف عليه وفقاً لرأي الأغلبية بل بمعنى أن المسؤولين فيها مقيدون بأحكام الإسلام وقوانينه، لذلك فالحكومة الإسلامية حكومة قانون إلهي على الناس.
  4. مزايا ولاية الفقيه فولاية الفقيه ليست تشريفاً له بل تكليفاً لذلك فهي ليست سلطة وتتطلب مواصفات خاصة وصفات عامة للحاكم.
  5. التمهيد لقيام حكومة إمام الزمان المهدي المنتظر[7].

تركزت معارضة آية الله الخميني لنظام الشاه في ثلاث نقاط أعلنها في البرقية التي أرسلها إلى الشاه قبل أن يصدر الأمر بنفيه خارج إيران، وهي: ضرورة تعديل قانون الإصلاح الزراعي، معارضة تحرير المرأة حسب الأسلوب المتبع في الغرب، معارضة التحالف مع الصهيونية وقطع العلاقات مع إسرائيل، وتبين أشرطة التسجيل التي كان يرسلها إلى إيران من منفاه تمسكه بهذه النقاط فضلاً عن المطالبة بإعطاء علماء الدين الشيعة حقهم في إبداء الرأي لدى السلطة الحاكمة في القوانين التي تصدرها، ولكن يبدو أن الأحداث المتعاقبة في إيران قد أدت بالخميني إلى تطوير موقفه فأخذ يبلور أفكاره حول الحكومة الإسلامية من خلال ولاية الفقيه، كما بذل جهده في محاولة دمج فكرة الثورة مع فكرة ولاية الفقيه لإعطائها قوة عملية دافعة.

سعى الخميني إلى تصنيف أهل العالم إلى صنفين، أحدهما مستكبر والآخر مستضعف مؤكداً أن المستكبرين مترفون وفاسدون ومفسدون وأنهم يكدسون الأموال ويستغلون المستضعفين وينبهون ثرواتهم، وقد عد الدول الكبرى والحكومات العميلة لها من المستكبرين في حين جعل الشعوب والدول النامية والفقيرة من المستضعفين، وقد أدت به ظروف الحرب العراقية ـ الإيرانية إلى تعميق العداء بين المستكبرين والمستضعفين فأفتى بتكفير المستكبرين وضرورة محاربتهم[8].

ما زالت أفكار الخميني تلهم قادة النظام الحاكم في إيران وما زالت نظريته موضع التطبيق وإن كان التعديل يتم بين الحين والحين وفقاً لمقتضيات الظروف الدولية خاصة في مجال السياسة الخارجية.

يؤكد الخميني على أن ثورته إسلامية قبل أن تكون إيرانية وهي ثورة للمستضعفين في جميع أنحاء العالم قبل أن تكون متعلقة بمنطقة خاصة، وأن ماهية الثورة ليست اقتصادية محضة أو سياسية محضة أو أيديولوجية وعقائدية محضة وإنما إسلامية تنضوي تحتها كل هذه العوامل، وهي مقدمة لثورة المهدي[9].

أحدث آية الله الخميني تحولاً في الشعر الفارسي المعاصر من خلال الأشعار التي نظمها خلال منفاه ومزج فيها بين التصوف والحماسة فظهر في هذه الأشعار من المعاني ما يمكن تسميته بتصوف الثوار فهو ليس زهداً خالصاً كما أنه ليس حماسة خالصة، وقال النقاد في تحليلهم لهذه الأشعار إن العرفان هو المحور الأساسي لشخصية الخميني وأنه أحدث ثورة من خلال هذا المحور وحماسته انعكاس لعرفانه، فقد حرك القلوب بالعرفان والمعنويات ووجهها للمقاومة والثورة[10].

وقد قلد كثير من الشعراء المعاصرين أشعاره واتجه بشعره هذا الاتجاه حتى أصبح تصوف الثوار ظاهرة أدبية واضحة في الشعر الفارسي المعاصر.

عندما توفي آية الله الخميني بكاه جميع أفراد الشعب الإيراني وجميع الشيعة في العالم، وقد رثاه كل شعراء إيران بأشعار عبروا فيها عن شعورهم نحوه كما وصفوا فيها خصاله ومقومات شخصيته وجملة إنجازاته، يقول الشاعر "عبدالرحيم سعيدي راد" في رثائه ما ترجمته: "مضى ذلك المعنى العميق للمصير، مضى ذلك التعبير الجميل عن الجنة، مضى ذلك التفسير لمعنى سيف عليu مضى ذلك المفهوم لتكبير عليu "[11].

 



[1] الموسوعة العربية العالمية، ط2، 1999، ج10، ص165 - موسوعة المورد، مج6، ص51.

[2] روح الله الخميني: الجهاد الأكبر ـ الترجمة العربية للدكتور حسن حنفي ـ القاهرة ـ ص39.

[3] روح الله الخميني: الجهاد الأكبر ـ الترجمة العربية للدكتور حسن حنفي ـ القاهرة ـ ص41.

[4] روح الله الخميني: حكومت إسلامي ـ طبع طهران ـ ص164.

[5] روح الله الخميني: حكومت إسلامي ـ طبع طهران ـ ص150.

[6] روح الله الخميني: حكومت إسلامي ـ طبع طهران ـ ص30.

[7] راجع كتاب حكومت إسلامي لآية الله الخميني ـ طبع طهران.

[8] رسالة الخميني إلى وفد المؤتمر الإسلامي للمصالحة بين العراق وإيران ـ صحيفة جمهوري إسلامي بتاريخ 2/3/1981م.

[9] صحيفة إطلاعات بتاريخ 25/11/1979م.

[10] صحيفة إطلاعات بتاريخ 23/11/1979م.

[11]'صحيفة جمهوري إسلامي بتاريخ 8/6/1993م.