إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / السِّير الذاتية للشخصيات الواردة في كتاب "مقاتل من الصحراء" / السِّير الذاتية للشخصيات، في العراق









ماو تسي تونج Mao Tse-tung

سيرة ذاتية

عبدالكريم قاسم[1]

(1332 ـ 1382هـ = 1914 ـ 1963م)

 

 

ولد في منطقة ريفية قريبة من بغداد عام (1332 هـ / 1914م)، من أب عربي وأم كردية، في أسرة فقيرة. أكمل تعليمه الابتدائي والمتوسط والثانوي في بغداد، والتحق بالأكاديمية العسكرية في بغداد عام 1932، وبعد تخرجه التحق بالجيش، وشغل فيه مناصب كثيرة في أماكن متفرقة، جعلته يعقد صلات مع عدد كبير من أفراد الجيش العراقي. كما التحق بكلية الأركان عام (1940 ـ 1941)، وأُرسل بعد ذلك في بعثة تعليمية عسكرية إلى إنجلترا، فالتحق بمدرسة كبار الضباط فيها عام 1950، ثم شارك في حرب فلسطين عام 1948.

ورُقِّي بعد ذلك، حتى أصبح آمر لواء المشاة التاسع عشر، التابع للفرقة الثالثة، بالجيش العراقي، وكان قد مُنح نوط الخدمة الفعلية عام 1935، ونوط الشجاعة عام 1945. انضم إلى تنظيم، أُطلق عليه الضباط الأحرار العراقيون، وانتخب عام 1957، بحكم رتبته وأقدميته، رئيساً للجنة العليا للتنظيم.

تأثر بالأفكار والآراء السياسية، لجماعة (بكر صدقي)، قائد انقلاب 1936، التي تشدد على الوحدة الوطنية بين الأكراد والعرب. كما تأثر كثيراً بشخصية مصطفى كمال أتاتورك، والتغييرات التي أحدثها في تركيا. وقد حاول أن يطبق هذه التغييرات والأفكار، عندما تسلم زمام السلطة في العراق، في 14 (تموز) يوليه 1958، وأكد بعض رفاقه، منذ عام 1956، أنه اعتنق الشيوعية، بل أكد نيكيتا خروشوف، رئيس الاتحاد السوفيتي، أن عبدالكريم قاسم كان منتسباً إلى الحزب الشيوعي العراقي، قبل أحداث ثورة 1958 بأربعة أعوام.

وأكد الدكتور جابر عمر، وزير التربية في الوزارة الأولى للثورة، أن عبدالكريم قاسم كان على علاقة وطيدة بالإنجليز، ولا يقبل مطلقاً المساس بمصالحهم في العراق. وأنه كان حريصاً على ولائه لهم، وتجلى ذلك في حضوره الحفل، الذي أقيم في السفارة البريطانية، في وداع السير مايكل رايت، الذي عقد حلف بغداد، مع الحكومة الملكية السابقة، والمخطط لسياسة العراق مع نوري السعيد.

وذكر العقيد فاضل عباس المهداوي، أنه كان لعبدالكريم قاسم، قبل الثورة، جار قريب منه، هو من كبار جواسيس الإنجليز، وكان عبدالكريم على صلة وثيقة بهذا الجاسوس. وأكد المقدم الركن جاسم العزاوي أن عبدالكريم قاسم، كان كلما اجتمع بالسفير البريطاني، في مقرّه بوزارة الدفاع، طلب من الجميع مغادرة الغرفة؛ ليظل بمفرده مع السفير البريطاني.

أشرف بالتعاون مع زميله عبدالسلام محمد عارف، على التخطيط والتنفيذ لثورة (تموز) يوليه 1958، التي قضت على النظام الملكي، وكانت تقارير الأمن، قبل الثورة، تذكر اسم عبدالكريم قاسم ضمن المتآمرين، الذين يخططون للانقلاب على الحكم في العراق، ويقال إن نوري السعيد استدعاه، في عام 1957، وسأله مداعباً: لماذا تريد أن تتخلًّص منا ياكرومي؟ فامتقع لونه، ولكنه تمالك أعصابه وقال: يعزُّ عليَّ أن أسمع منك هذا الكلام ياباشا، وطلقة واحدة من يدك أخف وقعاً من تلك التهمة. وأصبح عبدالكريم قاسم ـ بعد نجاح الثورة ـ قائداً عاماًّ للقوات المسلحة، ورئيساً للوزراء، ووزيراً للدفاع. وإلى جانبه مجلس أسماه "مجلس السيادة"، إلاّ أنّ السلطة الفعلية كانت في يد عبدالكريم قاسم. وعندما بدأ الصراع بين التيارات العقائدية والسياسية، في صيف عام 1958، لتحديد النظام الجمهوري الجديد وهويته، استغلت الفئات المعادية للوحدة مع الجمهورية العربية المتحدة (مصر وسورية)، وفي مقدمتها الحزب الشيوعي العراقي، غموض اتجاهات عبدالكريم قاسم، وحبه للسيطرة، وأذكت الطموح الشخصي عنده؛ رافعة شعار "ماكو زعيم إلاّ عبدالكريم، جمهورية لا إقليم".

وقد أدى التشجيع الشيوعي والإقليمي له إلى الاصطدام بحزب البعث العربي الاشتراكي، والعناصر القومية في الجيش، فأبعد حليفهم، نائبه عبدالسلام محمد عارف من مركز السلطة، بعد أن وصل إليه تقرير من السفارة البريطانية، أنه تأكد لديها أن عبدالسلام محمد عارف، يدبر خطة لقلب نظام الحكم، وطرد عبدالكريم قاسم من رئاسة الوزارة. ثم أحال عبدالسلام محمد عارف إلى المحاكمة بعد شهور قليلة من نجاح الثورة، ونكل بكل خصومه من خلال محكمة الثورة، التي كانت تسمى محكمة الشعب، وعرفت بـ"محكمة المهداوي" الشهيرة. وقد جُمع ما دار فيها من مداولات، في كتاب من 17 مجلداً. اتهمت المحكمة الكثيرين ممن دعتهم "المتآمرين على سلامة الوطن"، وفيهم كثير من خيار القوم، وقضت عليهم بأحكام منها الإعدام، وكان ممن شملهم هذا الحكم عبدالسلام محمد عارف، إلاّ أن عبدالكريم قاسم اكتفى بسجنه، وأُطلق سراحه بعد أربع سنوات.

وفي (آذار) مارس 1959، وقع تذمر عسكري في الموصل، بقيادة عبدالوهاب الشواف، وبمؤازرة الجمهورية العربية المتحدة، وتمكن عبدالكريم قاسم من قمعه، والتنكيل بالمتظاهرين، والمؤيدين لحركة الشواف. كذلك تعرض عبدالكريم قاسم، لحادث اغتيال على يد مجموعة من الشباب البعثيين، ونجا منه بأعجوبة.

وكانت وسائل الإعلام، التي سيطر عليها الشيوعيون، تكيل المديح لعبدالكريم قاسم، وتصفه بصفات خيالية، وتذكي في نفسه الغرور، والإعجاب بالنفس، بل أطلقت عليه من الأسماء والألقاب ما بلغ نحو خمسة وخمسين.

وكان عبدالكريم قاسم، يجيد اللعب على كل التيارات، ويلجأ إلى سياسة "فرِّق تسد"، عن طريق الدسّ، وتفتيت القوى، وتحريض البعض على الآخر، وعدم التورع عن الافتراء، وإلقاء التهم جزافاً ضد خصومه، ولهذا أطلق البعض عليه لقب قاسم العراق، بمعنى الذي قسمها وفتت قواها. كان كثيراً ما يقرأ كتاب "الأمير" لمكيافيللي، ويعجب بالمبدأ الأساسي فيه: "الغاية تبرر الوسيلة".

وأطلق عبدالكريم قاسم يد الشيوعيين في العراق، فانتشر القتل والتعذيب، ونُصبت المشانق في الأماكن العامة، وامتلأت السجون. ولم يمر العراق في تاريخه الحديث، بمثل تجارب العنف، التي مر بها في عهد عبدالكريم قاسم؛ ونتيجة لذلك، سادت الفوضى البلاد، وعمت الاغتيالات. وتغاضت حكومة عبدالكريم قاسم، عن صحف الحزب الشيوعي، التي كانت تثير الناس وتُجمّل لهم أعمال العنف، التي انتشرت في عهده، مثل مجزرة كركوك، التي حدثت في 14 (تموز) يوليه 1959، ومجزرة الموصل، التي أعقبتها، وأثار الشيوعيون الشغب، وحاولوا الاستيلاء على الحكم، وانحازت حكومة قاسم نحو الكتلة الشرقية، وأقامت علاقات خاصة مع روسيا، وسائر الدول الشيوعية.

وفي السياسة الداخلية، أعلنت حكومة قاسم سياسة شاملة لبناء العراق اقتصادياًّ وعسكرياًّ، بدأت بتنفيذ بعض مشروعاتها الإعمارية، في المجالين الصناعي والزراعي، فقد أعلن قانون الإصلاح الزراعي في (أيلول) سبتمبر 1958، والقانون الرقم (80) الخاص بتقليص مساحة الامتياز لشركة نفط العراق بنسبة 90 %، في (كانون الأول) ديسمبر 1961. واستطاعت الحكومة أن تحقق في المجال العسكري بعض النجاح، بعد أن تسلمت القواعد الحربية من بريطانيا.

تصالح مع الأكراد، وسمح للزعيم الكردي مصطفى البارزاني بالعودة إلى العراق، وخصص له راتباً، ومقرّ إقامة في قصر من قصور الملك الهاشمي، وأطلق يدهم في العمل الكردي.

غير أن الفوضى، التي سادت، وعدم الثقة بين المواطنين، وغيرها من الأسباب، تضافرت جميعاً لوقف أي تقدم ملموس داخل العراق. ولم يتمتع الشعب العراقي، في عهد عبدالكريم قاسم، بحكم القانون، أو بنمو المؤسسات الدستورية والشعبية.

تميزت سياسة عبدالكريم قاسم العربية بالانعزال، ونتيجة لذلك، لم يجد له بين العرب ظهيراً، عندما أعلن، عام 1961، أن الكويت جزء من العراق، ولم تجد تهديداته بضمها، طريقها إلى التنفيذ الفعلي.

وفي يناير 1963، رُقي عبد الكريم قاسم إلى رتبة فريق، وبعد شهر واحد من ترقيته، استطاعت الفئات، التي تضررت من نظام حكمه، ومن سيطرة الحزب الشيوعي ـ بقيادة حزب البعث العراقي، أن تطيح بعبدالكربم قاسم وبحكومته، ونُصِّب عبدالسلام محمد عارف رئيساً للدولة في 8 (شباط) فبراير 1963، وأُعدم عبدالكريم قاسم في بغداد، رمياً بالرصاص مع مجموعة من أعوانه في 9 (شباط) فبراير 1963.



[1] عصمت السعيد ، نوري السعيد. رجل الدولة والإنسان، لندن، 1992، ص 218ـ 219. ـ خير الدين الزركلي، "الأعلام قاموس تراجم لأشهر الرجال والنساء من العرب والمستعربين والمستشرقين"، دار العلم للملايين، بيروت، ط 2، 1989، مج 4، ص 54. ـ أحمد فوزي، "قصة عبدالكريم قاسم كاملة"، الشركة العربية للطباعة والنشر، القاهرة، 1963، ص 200. ـ ناصر الدين النشاشيبي، "حفنة رمال"، دار الموعد للطباعة والنشر، بيروت، 1965، ص 285. ـ إبراهيم كبة، `هذا طريق 14 تموز`، دار الطليعة، بيروت، 1969، ص 17. ـ الموسوعة العربية العالمية، ط2، 1999، مج 16، ص 104.