إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / السِّير الذاتية للشخصيات الواردة في كتاب "مقاتل من الصحراء" / السِّير الذاتية للشخصيات، في الولايات المتحدة الأمريكية









ماو تسي تونج Mao Tse-tung

سيرة ذاتية

جورجي آن جاير

Georgie Anne Geyer

 

أولاً: بيانات عامة:

جورجي آن جاير Georgie Anne Geyer.

الاسم بالكامل        :

جاير Geyer .

اسم العائلة          :

مدينة شيكاغو، بولاية إلينوي Chicago, Illinois ، 2 أبريل 1935.

مكان وتاريخ الميلاد :

أمريكية.

الجنسية             :

غير متزوجة (إلى الآن).

الحالة الاجتماعية    :

 روبرت جورج، وجورجي هازل (جيرفين) جاير

Robert George & Georgie Hazal (Gervens) Geyer.

الأُسرة/ أبواها هما  :

صحفية، صاحبة عمود خاص في يونيفرسال برس سنديكيت،Universal Press Syndicate.

الوظيفة               :

ثانياً: المؤهلات العلمية:

1.  درجة البكالوريوس في العلوم، من جامعة نورث وسترن Northwestern ، عام 1956.

2.  بعثة علمية إلى جامعة فيينا Vienna ، بالنمسا، عام 1956 ـ 1957.

3.  درجة الدكتوراه الفخرية في الأدب، من كلية ليك فورست Lake Forest ، بولاية إلينوي، عام 1980.

4.  درجة الدكتوراه الفخرية في الأدب من جامعة شيكاغو ستيت Chicago State ، عام 1984.

5.  درجة الدكتوراه الفخرية في الأدب من كلية مونتين سنت جوزيف Mt. St. Joseph ، عام 1986.

6.  درجة الدكتوراه الفخرية في الأدب كلية القديسة ماري بنوتردام Mary's of Notre Dame ، عام 1986.

7.  درجة الدكتوراه الفخرية في الأدب من كلية ويلسون Wilson ، عام 1987.

8.  درجة الدكتوراه الفخرية في الأدب من من كلية لينفيلد Linfield ، عام 1987.

9.  درجة الدكتوراه الفخرية في الأدب من كلية St. Mary of theWoods ، عام 1989.

10. درجة الدكتوراه الفخرية في الأدب من جامعة إندبلس Indpls ، عام 1991.

11. درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم والدراسات الإنسانية، من U.S.C ، عام 1991.

12. درجة الدكتوراه الفخرية في الأدب من كلية كولبي سوير Colby - Sawyer ، عام 1992.

13. درجة الدكتوراه الفخرية في الأدب من كلية فرانكلين Franklin ، عام 1992.

14. درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم والدراسات الإنسانية، من كلية روكهرست Rochkhurst اليسوعية، بولاية كنساس Kansas ، عام 1992.

15. درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم والدراسات الإنسانية، من كلية سبرنج هِل Spring Hill ، عام 1993.

ثالثاً: الوظائف التي شغلتها والمهام التي كُلفت بها:

1.  عام 1958، مراسلة ساوث تاون إيكونومست Southtown Economist ، في شيكاغو.

2.  عام 1959 ـ 1960، مراسلة أخبار المجتمع، في الديلي نيوز Daily News ، في شيكاغو.

3.  عام 1960 ـ 1964، مراسلة أخبار التنازل عن الممتلكات العامة، في الديلي نيوز، بشيكاغو.

4.  عام 1964 ـ 1967، مراسلة أخبار أمريكا اللاتينية، في الديلي نيوز، بشيكاغو.

5.  عام 1967 ـ 1975، مراسلة وكاتبة عمود، في الديلي نيوز، بشيكاغو.

6.  عام 1975 ـ 1980، كاتبة عمود ينشر في عدة أماكن في وقت واحد، في لوس أنجلوس تايمز سينديكيت Los Angeles TimesSyndicate .

7.  1977 ، أستاذة مادة الصحافة في ليلى سبنسر Lyle M. Spencer ، في جامعة سيراكيوز Syracuse .

8.  1981 ، كاتبة عمود ينشر في عدة جهات في وقت واحد، في يونيفرسال برس سيندكيت.

9.  معلقة على الأخبار اليومية في PBS' Washington Week in Review ، ولها برنامجها الشهير، الذي كانت توجه فيه الأسئلة لضيوفها في صورة مناظرات تليفزيونية، في انتخابات الرئاسة، في أكتوبر 1984.

10. 1981 ـ 1982، مديرة إدارية لمشروع حكومي لمعهد أسبن Aspen Institute ، في أمريكا اللاتينية.

11. معلقة ومشاركة في تقديم برنامج صوت أمريكا على الـ BBC .

12. أرسلتها وكالة الاتصالات الدولية في ثلاث جولات حول العالم، لإلقاء محاضرات عن الصحافة الأمريكية، في كل من: نيجيريا، وزامبيا، وتنزانيا، والصومال، عام 1979، والفلبين، وإندونيسيا، عام 1981. وأيسلندا، والنرويج، وبلجيكا، والبرتغال، عام 1982.

13. مراسلة لهيئة فولبرايت Fulbright ، في برنامجها للبعثات العلمية، في العيد السنوي الأربعين، في نيوزلندا، عام 1987.

14. ففي أعوام 1982 ـ 1983، و1992، ألقت كثيراً من المحاضرات في حفلات التخرج، في كليات، وجامعات عديدة، من بينها: جامعة ولاية كارولينا Carolina ، وكلية روكهرست Rockhurst، ومعهد St. Mary's Notre Dame ، وزميلة محاضرة في Annenburg Washington.

رابعاً: ملاحظات عامة:

1.  تُعَدّ جورجي آن جاير كاتبة متميزة، وصاحبة عمود شهير، توزع اليونيفيرسال برس سيندكيت كتاباتها. وهي مؤلفة غزيرة الإنتاج، فإضافة إلى عمودها اليومي، ومقالاتها المتميزة، كتبت عدة كتب، أحدثها كتاب "Americans No More" ، ويتضمن نقداً لسياسة الهجرة الأمريكية.

2.  تميزت آراؤها في الأمور السياسية بالسمة المحافظة، بوجه عام.

3.  شاركت جاير، مع عدد كبير من الصحفيين، في تغطية حرب الخليج، من المملكة العربية السعودية، وقد أجرت مقابلة خاصة مع الأمير خالد بن سلطان، وكتبت عموداً شهيراً في 12 أكتوبر 1990، بعنوان: "Khaled Assesses the Crisis" ، أي: "خالد يُقَيِّم الأزمة". ثم تلته بآخر للتعليق على كتاب الأمير خالد: "مقاتل من الصحراء"

4.  في 28 مايو 1995، نشرت عموداً بعنوان: "Gulf War OffersValuable Model in Leadership" أي: "حرب الخليج تقدم نموذجاً مهماً للقيادة".

خامساً: أهم مؤلفاتها:

1.  "The New Latins" ، أي "اللاتين الجدد"، عام 1970.

2.  "The New 100 Years War" ، أي "حرب المائة عام الجديدة"، عام 1972.

3.  "The Young Russians" أي "الروس الجدد"، عام 1976.

4.  كتاب سيرة ذاتية بعنوان: Buying the Night Flight"" (شراء تذكرة طيران ليلية)، وقد حصل على جائزة وينتال Weintal، من جامعة تاون، وجائزة شيكاغو فاوند Chicago Found للآداب عام 1984.

5.  " Guerilla Prine, The Untold Story of Fidel Castro " ، أي: "أمير حرب العصابات، القصة غير المعروفة عن فيدل كاسترو".

6.  "Waiting for Winter to End, An Extraordinary JourneyThrough South Central Asia" أي: "الانتظار حتى نهاية الشتاء، رحلة خاصة عبر جنوب وسط آسيا"، عام 1994.

7.  "American No More: The Death of Citizenship" (ضياع الأمريكيين ووأد المواطنة)، عام 1996.

سادساً: مقابلات بارزة:

* أجرت جاير عدة مقابلات مع زعماء بارزين في العالم، وقد نُشرت تفاصيل هذه المقابلات، منها مقابلات مع كل من: أنور السادات ورونالد ريجان، وجورج بوش، والأمير سيهانوك أمير كمبوديا، وياسر عرفات، والملك حسين، ملك الأردن، والرئيس معمر القذافي، وآية الله الخميني، والسلطان قابوس، سلطان عُمان، والرئيس جوان بيرون Juan Peron ، رئيس الأرجنتين، وسياد بري Siad Barre ، رئيس الصومال، ومونو كويفستو Mauno Koivisto ، رئيس وزراء فنلندا، وجيرزي أوربان Jerzy Urban ، وجانوس أونيسكيويتز Janusz Onyszkiewicz ، وإدوارد سياجا Edward Seaga ، رئيس وزراء جامايكا، وغيرهم.

*  وقد حققت سبقاً صحفياً بإجراء أول مقابلة مع والتر راوف Walter Rauff ، ثاني أخطر رجل، مطلوب القبض عليه، من قيادات النازية، بعد أن عثرت عليه في تييرا دل فويجو Tierra Del Fuego ، شيلي، عام 1966، وتمكنت من مقابلة زعيم الدومينيكان، جوان بوسك Juan Bosch ، في مخبأه في بورتريكو، أثناء ثورة الدومنيكان، عام 1965.

*  من الطريف أنها تعرَّضت للاعتقال، على أيدي الفلسطينيين عام 1973، متهمين إياها بأنها جاسوسة، كما تعرَّضت للسجن في أنجولا، بسبب كتاباتها عن الحكومة الثورية عام 1976.

سابعاً: نشاطها الاجتماعي، وعضوية مؤسسات بارزة:

حصلت جاير على عضوية مؤسسات بارزة، منها:

1.  المعهد الدولي لصحافيي المجتمع Soc. Prof. Journalists, Inst. International

2.  المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية لمؤلفي ميدلاند Midland Authors, Internat. Inst. Strategic Studies

3.  المعهد الدولي للنفسية السياسية International Soc. Polit . Psychology

4.  المنظمة النسائية لحرية الصحافة Women's Inst. For Freedom of Press

5.  معهد واشنطن للعلاقات الخارجية، بشيكاغو Washington Inst., Chgo. Fgn. Rels.

6.  نادي جريديرون Gridiron Club .

7.  نادي كوزموس Cosmos .

8.  نادي ترافرن Travern Club .

9.  نادي سكان كليف Cliff Dwellers Club ( عضوية شرفية).

ثامناً: الجوائز التي حصلت عليها:

1.  جائزة نقابة الصحفيين الأمريكيين Am. Newspaper Guild ، (الجائزة الأولى)، عام 1962.

2.  جائزة رابطة الناشرين الصحفيين Press Editors Assn ., ، (الجائزة الثانية) عام 1962.

3.  جائزة لأحسن موضوع عن أمريكا اللاتينية، من نادي الصحافة الخارجية Overseas Press Club، عام 1966.

4.  جائزة الاستحقاق من جامعة نورث ويسترن North Western ، عام 1968.

5.  جائزة هيدلاينز، ثيتا، سيجما، فاي، القومية Headliner Thata Sigma. Phi، عام 1968.

6.  جائزة ماريا مورز كابوت Maria Moors Cabot من جامعة كولومبيا Columbia عام 1970.

7.  جائزة هنا سولومون Hannah Solomon ، من المجلس القومي لليهوديات Nat. Council Jewish Women ، عام 1973.

8.  جائزة المرأة (للمرة الثانية) Woman's Award ، من Spl. Events Commn . ، عام 1975.

9.  جائزة Winter Park, Fla من كلية Woodrow Wilson Fellow Rollins عام 1982 .

10. جائزة Presdl. Citation ، من الجامعة الأمريكية، عام 1985.

11. جائزة الزمالة المتميزة مورتار Disting. Fellow Mortar ، عام 1982.

12. جائزة Fellow Annenberg Washington Program ، من واشنطن عام 1982 ـ 1983.

13. جائزة Alumni من جامعة نورث وسترن، عام 1991.

14. جائزة زمالة أساتذة المجتمع الصحفيين عام 1992.

تاسعاً: لمحات عن آن جاير:

تقول آن: "لم أقبل، أي تهاون قط، في أي مبدأ أخلاقي. إنني أعتقد، بصدق، أن نساء جيلي، يمكنهن إضفاء عنصراً جديداً، على الحياة الأمريكية العامة. إن كل ما نجحتُ في إنجازه، ما كان ليتحقق، لولا محاسبة نفسي، وتحليل سلوكياتها، بعمق. إنه كفاح متواصل، يصحبه، غالباً، رضى شخصي، أو تراجع، وهو ما أشعر أنه يضيف قوة داخلية للمرأة.

قدمت جي جي جاير Gee Gee Geyer ، على مدار أكثر من 30 عاماً (17 منها في يونيفيرسال برس سيندكيت) تعليقات مميزة عديدة، عن الشؤون الخارجية. ومع استقرارها في واشنطن العاصمة، ألفت كتباً عن أمريكا اللاتينية، وروسيا، والشرق الأوسط. وحصلت على العديد من الجوائز بسبب تميزها الصحفي. واشتهرت كمعلقة بارزة على البرنامج التليفزيوني الشعبيWashington Week in Review" " كما نشرت لها مؤسسةLittle Browm and Co . ، كتابها الشهير، الذي يتناول السيرة الذاتية لفيدل كاسترو، بعنوان: "Guerilla Prince" (أمير حرب العصابات). وقد نشرت مؤسسة Andrews and McMeel ، نسخة بغلاف ورقي من هذا الكتاب، في يونيه 1993.

تبذل جاير، أقصى جهدها، لتقديم تحليلات عميقة، في تقاريرها. وتركز، كذلك، في ما وراء الأحداث، وما تحت السطح، وتتعمق في دراسة الأسباب الأساسية للثورات، والمتغيرات السياسية. وهذا العمق في كتابة التقارير لا يأتي بسهولة، بل تعاني جاير وتجتاز الصعاب. فقد تعرضت للمخاطر عند قصف مطار ماناجوا Managua ؛ ووصلها تهديد بالقتل من جماعة الموت، التي تسمى White Hand في جواتيمالا. وقد سُجنت، ذات مرة، في أنجولا، بسبب كتاب أصدرته عن الثورات هناك.

تميزت جاير بدقتها البالغة، وبُعد نظرها، طوال تاريخها: فكانت أول من تكهن بحركات التمرد في أمريكا اللاتينية، في الستينيات؛ وألفت كتاباً، عام 1975، تنبأـ فيه بأن جيل ميخائيل جورباتشوف، هو الجيل الذي سيسعى إلى إعادة التقارب مع الغرب، وإحداث تغييرات في نظام بلادهم؛ وفي صيف 1973، أخبرت وزير خارجية إسرائيل أن مصر على وشك الهجوم على إسرائيل (وبالفعل شنت مصر هجومها في أكتوبر).

كانت جاير أول أجنبية تلتقي الرئيس العراقي، صدام حسين، وكان ذلك في عام 1973، وفيدل كاسترو، مما أكسبها تميزاً واحتراماً، بين زملاءها.

على الرغم من أن تقاريرها، غالباً، ما تتناول موضوعات تتعلق بالحروب أو والصراعات الأهلية، إلا أن جاير تحرص دائماً على رؤيتها كامرأة. تظهر كتاباتها حول الشؤون المحلية، والخارجية، ثلاث مرات أسبوعياً، في أكثر من 100 صحيفة، تنتشر في كافة أرجاء الولايات المتحدة الأمريكية.

أصبحت جاير في الفترة الأخيرة، عضواً في (نادي جريديريون) Gridiron Club ، و(نادي شيكاغو لمشاهير الصحفيين) Chicago Journalism Half of Fame ، و(مجتمع الصحفيين المحترفين Society of Professional Journalists ، وتسلمت جائزة Alumni من جامعة نورث ويسترن".

عاشراً: جاير تتكلم عن نفسها :

لخصت جاير فلسفتها الخاصة، وآراءها، التي كوَّنتها، خلال سنوات طوال من المقابلات، والتقارير الصحفية، في حديثٍ مطوَّل، ألقته في المنتدى الاستراتيجي القومي National Strategy Forum ، في الرابع من ديسمبر 1996، بعنوان: "الديكتاتوريون، والديموقراطيون، والديماجوجيون Dictators , Democrats, and Demagogues".

وكان أهم ما جاء في حديثها:

"ما هو الشيء المشترك، الذي يجمع بين كل من ياسر عرفات، وأنور السادات، والملك حسين، ومعمر القذافي، وآية الله الخميني؟ لقد قابلتهم جميعاً مراسلة اليونيفيرسال برس سيندكيت، جورجي آن جاير.

"أتذكَّر، عندما كانت أمي الحبيبة لا تزال على قيد الحياة. كنت كلما عدت من شيكاغو، سألتني: "مع من أجريت المقابلة هذه المرة؟ فأقول، مثلاً: "مع القذافي، أو الخميني، أو كاسترو، أو عرفات". فتجفل من إجابتي هذه، وتقول: "كما تعلمين، أنا لا أحب أن أتدخل في شؤونك، ولكنني، لا أوافق على أن تصاحبي هؤلاء". (ضحك).

"كما تعلمون، إنني من الطرف الجنوبي لشيكاغو، حيث وُلدتُ، ونشأتُ، وكذلك أمهاتنا. وأنا، دائماً، أولي ثقة كبرى بفهم أمهاتنا للسياسة الخارجية، لأن أمهاتنا، وإن كن سيدات من الطراز الأول، فإنهن كن واقعيات إلى أبعد الحدود"

كن يقلن لنا: "هناك كثير من الرجال الرائعين، وهم مثل آباءكن، وإخوانكن، ولكن هناك، كذلك، رجال أشرار".

أنني أهتم بأخبار الديكتاتورية، وقد وجدت نفسي أُجري مقابلات مع شخصيات مثل، كاسترو والخميني، وجوان بيرون، قبل وفاته في الأرجنتين. وبدأت ابحث ما يشترك فيه، هؤلاء الديكتاتوريون ذووا الجاذبية الخاصة، ممن قابلتهم، ومن قرأت عنهم، لا سيما عندما كتبت كتاب أمير العصابات Guerilla Prince، عن حياة فيدل كاسترو. وجدت أنهم يشتركون في كثيرٍ من الأمور المهمة. فهم حريصون على البُعد عن الناس، والأعمال غير العادية، فلا يمكن أن ترى أياً منهم يربط حذاءه، مثلاً، كما إنهم لا يدفعون ثمناً لأي شيء، فلا تخرج الأموال من أيديهم أبداً.

لقد غطيت أحداثاً بارزة في العالم، أولاً، بعملي مع الـ Chicago Daily News ، ثم في العشرين سنة الأخيرة، في عمودي الخاص في يونيفيرسال برس سيندكيت. رأيت كثيراً من الأشياء العجيبة حقاً. ولكن العالم، الذي كنت أعمل فيه، من 1964 فصاعداً، خارج الولايات المتحدة، لم نكن نعرف ماذا سيحد بعد ذلك، فيه.

في أحد أيام عام 1987، أجريت مقابلة، بينت لنا بدقة، الطريق الذي كان العالم ماضياً إليه. كانت تلك المقابلة، في ديسمبر 1987، في الأسبوع الذي التقى فيه ريجان، الرئيس الروسي جورباتشوف، في واشنطن. لقد دامت لقاءاتهما، طوال الأسبوع، وكان هناك نحو خمسة آلاف صحفي، من كافة أنحاء العالم، وأنا حتى لم أتصل بالبيت الأبيض، ولم أتقدم بطلب، لأنني أكره مناظر تلك الحشود.

وحوالي الساعة العاشرة من صباح يوم الاثنين، وكنت في شقتي أزاول بعض الأعمال، جاءتني مكالمة، وقالوا: "البيت الأبيض معكِ". فقلت: "أهلاً، بالبيت الأبيض"، هذا ما قلته، فماذا تقول إمرأة، شابة، جاءت من الطرف الجنوبي؟!

قالوا: "نريد أن تحضري في الساعة الثانية يوم الأربعاء، لإجراء مقابلة. فقلت: "هذا أمر جيد". وفكرت ملياّ، ثم سألت: "مع من ستكون المقابلة؟". فقالوا: "مع الرئيس ريجان. إذ سيلتقي أربعة من كُتاب، الأعمدة".

ذهبت إلى هناك في الساعة الواحدة والنصف، وكنت متوترة تماماً، وكان هناك ثلاث رجال غيري، أعرفهم جيداً، فهم أصدقاء حميمين لي. بادروني بقولهم: "جي جي، ما تقولين في سبب اختيارنا نحن؟". وعليَّ أن أتوقف هنا، وأقول أنني أظن أن الأمر كان أكثر بساطة، بالنسبة لي، لكوني امرأة. لأنني لم أكن أتعجب من سبب اختياري.

وهكذا، في الساعة الثانية تماماً، دخلنا لمقابلة الرئيس رونالد ريجان، الذي خرج إلينا، وبدا أمامنا شيئاً أسطورياً. لقد كان رشيقاً، يرتدي حُلَّة (بذلة)، أنيقة، جميلة. أقصد، لقد بدا شيئاً على قمة العالم، وكما تعلمون كان في الرابعة والتسعين، عندئذٍ. (ضحك).

وعلى الفور، نظرت، متأملة، إلى منبت شعره، لم يكن شعره مصبوغاً، وكان شعري أنا مصبوغاً (ضحك). ثم جلسنا. ولمدة خمس دقائق، تقريباً، خلال المقابلة، التي استغرقت نحو نصف الساعة، قال له أحد زملائي: "الآن، سيادة الرئيس، إنك تلتقي ميخائيل جورباتشوف، هنا، أي أن لديك إمبراطورية الشر، هنا، فماذا أنت فاعل بها؟". قال ريجان: "لا، لا، إنكم لا تفهموا الأمر، نحن الآن أصدقاء، ولا عداء بعد اليوم. فكما تعرفون، لم يعودوا يؤمنون بعالم واحد تحكمه الماركسية". وأخذ يردد هذا الكلام الغريب. وأخذنا ننظر إلى بعضنا بعضاً، وقلنا: "لا، إنه لا يقصد ذلك، إن الرب يباركه، ولكنه ظل يردد مثل هذه العبارات.

وعلى مدى خمس دقائق أخرى، عندما قال له زميل آخر: "الآن، سيدي الرئيس، ماذا ستفعلون مع الروس مستقبلاً؟". وتكررت العبارات نفسها. قال ريجان: "كلا، كلا، إنكم لا تفهمون ما يجري، لقد انتهى ذلك. لقد انتهى ذلك تماماً. إنهم لم يعودوا يؤمنون بعالم واحد تحكمه الماركسية".

وعندئذٍ شعرنا بشيء من القلق. وأعقب ذلك خمس دقائق أخرى، وجهت إليه فيها سؤالاً مماثلاً، فقال الرئيس: "كلا، جورجي آن، لقد كان هذا في الماضي، أما الآن، فهناك وضع جديد، إنهم لم يعودوا يؤمنون بعالم واحد تحكمه الماركسية!!".

حسناً، أيها السيدات والسادة، عندما خرجت من المكتب البيضاوي، في ذلك اليوم، قلت لأحد الصحفيين الآخرين: "إن لدى شعوراً رهيباً، إننا سمعنا النهاية فقط، إنه إعلان نهاية الحرب الباردة، وبالفعل، كان الأمر كذلك. ويمكنكم متابعة هذا الأمر. فيمكن القول أنه بدأ في عام 1985، عندما جاء جورباتشوف، إلى السلطة وبدأ في إحداث التغيير في روسيا، ويمكنكم أن تقولوا عند سقوط جدار برلين في 1989، أو تفكك الاتحاد السوفيتي رسميا عام 1991. ولكن أيها السيدات والسادة، في أسبوع من أسابيع ديسمبر 1987، كدت أختنق من شدة الانفعال. لأن كل شيء أقوم بتغطيته، بل كل شيء نعيشه، كان له علاقة بالحرب الباردة، ذلك الصراع الرهيب الطويل، أيديولوجياً، وعسكرياً، وسياسياً، واقتصادياً. في كل مكان، أذهب إليه، في أنجولا، أو في فيتنام، أو في السلفادور، أو في الشرق الأوسط، كنا نخوض فصولاً من الحرب الباردة. فكان هذا يثيرني بشدة؛ أن تُرسم حياتنا طبقاً لمقتضيات هذه الحرب. وكتبت ذلك بصورة مباشرة، بالفعل. وقلت "إن يوم الخميس شهد إعلان الرئيس ريجان نهاية الحرب الباردة". ويجب أن أقول، أن زملائي الصحفيين الثلاثة الرجال، لم يفعلوا ذلك. (ضحك).

ولكن، أيها السيدات والسادة، لماذا أحدثكم هنا، وأذكر نهاية الحرب الباردة، ونحن في معرض الحديث عن موت المواطنة الأمريكية. حسناً، لأنني أعتقد أن هذا يهمنا، ويهم ما نحن بصدده هذه الأيام. إننا في مأزق غريب، تتعرض له بلادنا العظيمة. لقد أصبحنا بلداً متميزاً، بارزاً في هذا العالم، بصورة لم يسبق لها مثيل. نحن الآن أكبر قوة عسكرية في العالم، ونظرياتنا الاقتصادية يتلقاها العالم بأسره، بالترحيب، والديموقراطية، التي تمثلها حكومتنا، تتفوق على مثيلاتها في أرجاء العالم.

عندما جاء ألكسندر ليبيد Alexander Lebed ، إلى واشنطن، منذ أسبوعين، كان من الأشياء التي تركت لدي انطباعاً عنه، هو أنه استهل حديثه إلى مجموعة منا عن العلاقات الخارجية، بقوله: "لقد عشنا، سنوات طوالاً، في حرب باردة، وقد كسبتم الحرب". ومرة أخرى، تأكد ظني، فلم يدر بخلدي أنني سأسمع مسؤولاً روسياً يقول ذلك، وبهذا الوضوح. وقد تناولت ذلك، في عمودي الخاص، ولا أذكر العبارات بدقة، ولكنه قال: "لقد كنتم أطول نفساً، لقد كنتم الشعب الأكثر مدنية". وظل يكرر هذا المعنى في كلامه، طول الوقت.

ومن ثمَّ، أيها السيدات والسادة، فإننا في هذا المأزق، لأننا الدولة الأعظم، في العالم، لقد كسبنا هذه الحرب الطويلة، التي أعتقد أن كثيرين من الأمريكيين لم يدركوا تعقيداتها. لقد كسبنا، دون أن نذهب إلى حرب أكبر، خارج بلادنا، باستثناء فيتنام. ومع هذا، إننا نجد اليوم، أن حالة من عدم الرضا تسود في أمريكا، حتى أننا لا ندري إلى أين نحن ذاهبون، بعد ذلك، ولا ندري ما هي قِيَمُنا الخاصة.

قد يقول بعض الزملاء: "إننا نفتقد الحرب الباردة الآن، فليس لدينا عدو". وأنا لا أوافق على هذا، قط. لأنكم إذا استرجعتم صفحات التاريخ، ستجدون أنه عندما تؤدي الدول، أو الإمبراطوريات عملها الخلاق، بإتقان، تكون، عندئذٍ، أعظم قوة ونفوذاً. أنا لست في حاجة إلى عدو ليجعلني أستيقظ، وأكتب ما أريده في عمودي في الصباح. ومن ثم، فإنني أعتقد أن الحرب الباردة قد أنهكتنا، وكذلك أوروبا، والروس، وغيرهم كثيرين. ولكنني أعتقد، كذلك، أننا تركنا، على المستوى الداخلي، أشياءً تهمنا جميعاً كأمريكيين.

قبل أن آتي إلى هنا مباشرة، كنت أستمع إلى الإذاعة، وسمعت صديقنا القديم مارفين زونيس Marvin Zonis، الأستاذ بجامعة شيكاغو، يتحدث عن أشياء تشبه ما أقول لكم، عن قيمنا الخاصة، وكيف أنهكتنا الحرب الباردة. وهكذا، أيها السيدات والسادة، إن ما تكوَّن لديَّ، خلال تغطيتي أحداثاً عديدة، في كافة أنحاء العالم، هو أن المواطنة في أمريكا قد ماتت. حسناً، إن كثيرين من أصدقائي يسألون: كيف تقولين هذا، وأنت مراسلة عالمية، يُفترض أن ذهبت إلى أماكن عدة، خارج أمريكا، حيث كثير من الأماكن التافهة، والعديد من الحمقى؟"

إنني أدرك هذا، ولكنني، بعد التجوال في العالم، وأحداثه، بدأت اُنظر إلى حدودنا، وإلى مشاكلنا، هنا، بالداخل، وجعلت من ذلك وظيفتي، أو مهمتي الأساسية. ثم بدأت اُنظر إلى تأثيرات تحركات الجموع الحاشدة، في كل أنحاء العالم. وبدأت أتسأل، هل دول العالم مقبلة، الآن، على تقرير من ينتمي إلى هذا العالم المتحضر، ومن ينتمي إلى غيره؟ ولماذا؟. ثم بدأت اُنظر إلى المواطَنة، وقلت، فلننظر إلى الجانب الإيجابي، ولا ننظر إلى الجانب السلبي. وقد أوضحت تصوراتي، وتحليلاتي، في كتابي Americans No More.

دعوني أطرح عليكم، أولاً، صورة أشمل لما شعرت به، ولما رصدتُه، في هذا الشأن، لقد وجدت أننا أخذنا نفقد قيمنا، ومبادئنا الأساسية كمجتمع. والآن، هذا ليس أمراً جديداً عليكم، بل إن كثيراً من الناس يرددونه. وهذا واين بنيت Wayne Bennett يؤكد ذلك، ويكرره، في واشنطن، طوال الوقت. ولكنني، لست مستعدة الآن، لأوضح الطريقة، التي يمكننا بها التخلص من ذلك. وتذكروا، أيها السيدات والسادة، أن المبادئ الأمريكية، في هذه اللحظة، سائدة في العالم. وأود أن أذكر أنني مدعوة للمشاركة في مؤتمرات عن التعليم المدني في تشيكوسلوفاكيا، وموسكو، وجنوب شرق آسيا، وأود، كذلك، أن أذكركم بأننا لا ندرِّس المدنيات (أو الانتماء الوطني)، أو التاريخ الأمريكي في مدارسنا، ولأولادنا. وهذا جانب واحد، ضمن عدة جوانب أخرى كثيرة.

فمن ناحية، لدينا أناس يؤمنون بالاقتصاد العالمي (أو عولمة الاقتصاد) وهم يمثلون الاتجاه اليميني. يقولون إننا لسنا مواطنين نتبع دولة بعينها، إن هذا أمر قد انتهى، وإنما نحن الآن نتبع اقتصاداً عالمياً، والمواطنون ليسوا أكثر من مستهلكين، ولا أكثر من ذلك. وأصحاب هذا الاعتقاد هم الصفوة، وهم الذين عليهم أن يدافعوا عن قيمنا، ويبرزونها. ومن ناحية أخرى، لدينا المثقفون، متنوعو الثقافات، الذين يريدون، حقاً، تغيير هذا البلد، ويعملون على تغييره بالفعل. يتخيلون عالماً مفتتاً إلى مجموعات، تمثل اتجاهات معينة، بعضها عِرقي، وبعضها ديني، وبعضها عنصري، وهي الاتجاهات التي أردت أن أستبعدها تماماً عن هذا البلد، وظننت أننا كنا نحاربها باتجاهات وحقوق مدنية، تنادي بحرية المرأة، وغيرها. والذين يمثلون هذه الاتجاهات شبه ماركسيين، لهم فلسفتهم التي يبثونها في جامعاتنا، وفي كثير من حياتنا العامة. وفي الواقع، كما تعرفون، بدأت المحكمة العليا، اليوم، جلسات استماع، وقد كتبت عن هذا الموضوع في عمودي بالأمس.

وهكذا، لدينا أقصى اليمين، وأقصى اليسار. وأقصى اليسار يمثله مجموعات مصالح ضخمة، مجموعات نشطة تستثمرها شركات عملاقة، ومؤسسات ضخمة، مثل مؤسسة فورد، التي تقدم لهم عشرات الملايين من الدولارات. وهذه المجموعات تتجاهل الأساليب الديموقراطية، وتحدِث تغييرات في المحاكم. ولقد تعرضت لهذا الأمر، تفصيلياً، في كتابي.

وأصل الآن إلى مسألة المواطنة، واختبار مدى وجودها، والمواطنة كمسألة مدنية. دعوني أقدم لكم، أيها السيدات والسادة، السؤال 86 عن اختبار الموطنة. إن هذه الاختبارات، مجرد خدعة في أيامنا هذه، ليست إلا خدعة. وقد قلت هذا الكلام لمدير "شؤون الهجرة" INS ، ويمكنني أن أثبت ذلك، دون أدنى شبهة من الشك. فيأتي سؤال أو سؤالان مثل: ما هو الكابيتول في الولايات المتحدة الأمريكية، أو من هو أول رئيس؟ وهكذا، ولا شيء آخر يجعلهم يؤمنون، أو يتفهمون مبادئ هذا البلد.

أما السؤال 86 فهو يقول: أذكر ثلاث مبررات تجعلك مواطناً أمريكياً؟. ثلاث مبررات فقط. من فضلكم لا تحدثوني عن جيفرسون Jefferson ، أو عن ماديسون Madison ، أو عن لينكولن Lincoln ، لأن الإجابات الثلاث المتوقعة لهذا السؤال هي، بالتأكيد: للحصول على وظيفة فيدرالية، وللحصول على جواز سفر إلى الخارج، ولأجلب أقاربي ليعيشوا معي هنا. وهذا مطابق تماماً لعملية المواطنة بكاملها؛ الاستفادة، الاستفادة، الاستفادة.

هذا ما يمكن أن نقدمه لك، فماذا يمكنك أن تطلب أكثر من ذلك. إنني لا ألقي باللوم على المهاجرين، بل هو خطأنا نحن، لأننا أهملنا كل مبدأ من مبادئ هذا البلد.

هناك أشياء كثيرة غير هذا، أيها السيدات والسادة. لقد كنا نحرم الاحتفاظ بجنسيتين، في آن واحد، وكنا نحرم على الأمريكيين العمل في جيوش أجنبية، في وظائف تقل كثيراً عن رؤساء دول. والآن، لدينا رئيس وزراء صربيا، وكان لدينا، قبل ذلك، قائد جيش استونيا Estonia ، وهو قائد أمريكي، وهذه الأنواع من الالتزامات المتشابكة، هي الشيء المألوف الآن.

لدينا الآن مواطن لا يدلي بصوته، وهو الشيء الذي يسبب صدمة حقيقية للأمريكيين. قد تقولون لي: "إنك حمقاء يا جورجي آن، فلكل مواطن حق التصويت". وأنتم على حق. ولكن هذا لا يعني أنهم يمتنعون عن التصويت، بل هم يصوتون، ولكن من الذي يصوت؟ لقد أجرت القناة الأولى في تليفزيون شيكاغو، عام 1982، سلسلة تحقيقات أظهرت أن كل ما عليك هو أن تحصل على بطاقة دخول مكتبة، ثم تحصل على رخصة قيادة. ولك أن تحصل على بطاقة انتخاب، حتى دون أن تتكلم الإنجليزية. مع أن اللغة هي التي تميز الشعوب طوال التاريخ. لا بدّ أن تعلموا أن الذين يدلون بأصواتهم، في جميع أنحاء البلاد، غير شرعيين. لقد أجرى باحث من لوس أنجلوس دراسة، منذ ثمان سنوات، كشفت أن 20 % من أعضاء الكونجرس قد نجحوا بأصوات غير المواطنين.

وفي هذا العام، وقد انتهيت من تأليف الكتاب في أول مارس الماضي، وضمنته بحثاً مطولاً يثبت أن إدارة شؤون الهجرة كانت تدفع بالكثير من المواطنين الجدد، ممن ليس لديهم تعليم مدني، وأغلبهـم لا يحسن اللغة، وقد بلغت أعدادهم 1.3 مليون في هذا العام مقابل 300 ألف في العام الماضي.

وتقول الإحصائيات الصادرة عن مكتب نائب الرئيس أن 11 ألف مواطن جديد دُفعوا إلى الخدمة العسكرية، في أغسطس. كيف حصلوا على شهادات الجنسية من السجلات المدنية، وكيف يحصلون على الكروت الخضراء Green Cards ؟ لقد كانت فضيحة كبرى في واشنطن. وقد بيَّنت تفاصيل ذلك في كتابي.

والآن، أيها السيدات والسادة، إنَّ تغاضينا عن مبادئنا المتعلقة بالجنسية، وتحديد مبادئ وطننا مشكلة كبرى. وهذا ليس أمراً مرهقاً. إنها الأمور السياسية هي التي يوافق عليها الناخبون. وأنتم تتقبلون النتائج، وتؤدون واجباتكم، وتخدمون البلاد في زمن الحرب، أو السلم. إنها ليست مبادئ مرهقة، أو تحتاج إلى عناء كبير. وليست هناك مبادئ تقول أنكم لا تستطيعون أن تحتفظوا بدينكم، ولغتكم، وثقافاتكم. إنني من الطرف الجنوبي، كل جار يختلف عن جاره الآخر، وكل كنيسة تختلف عن الأخرى.

أيها السيدات والسادة، كيف نمضي، ونتحرك إلى العالم الأكبر. دعوني فقط أحدد نقاطاً معينة تبين أين نحن من باقي العالم. وهي نقاط تأتي بعد نهاية الحرب الباردة، وفقدان مبادئ في السياسة الأمريكية. دعونا نبدأ بروسيا ذاتها، وهو أمر له أهميته. لقد مرت روسيا بعملية مماثلة، ولكنها أكثر مأسوية، وأكثر حدة. فقد الروس، مع نهاية الحرب الباردة، مبادئهم القيادية. إنهم كان، كما تعلمون، مركز الأرثوذكسية، ومركز الشيوعية، التي كانوا يظنون أنها ستنقذ العالم، وتقوده. والآن، إنهم لم يعودوا يؤمنون بشيء. لقد زرت روسيا ثلاث مرات في العام الماضي، وكم يشعر الناس هناك بالإحباط الشديد. إنهم ينطلقون الآن إلى ما يسمونه المجموعات، وهي المجموعات التي تحكم روسيا.

ومن هذه المجموعات، مجموعة احتكار النفط والغاز‍ وقد تحول تشيرنوميردين Chernomyrdin ، رئيس الوزراء، من وزيرٍ للنفط والغاز، إلى صاحب شركات النفط والغاز. وكل شيء هناك صار للبيع، كل شيء. والذي يملك المال، المافيا، أو كبار الوزراء والمسؤولين. وقد فعل الوزراء أشياءً تشبه أسهم الشركات. ولم يدفعوا لهم حقوقهم منذ ستة أشهر، وكانت النتيجة الطبيعية، بيع أصحاب الأسهم أسهمهم للوزراء. وهذا ما جعل تيشرنوميردين الآن، صاحب شركات النفط والغاز، وواحداً من أغنى الأغنياء في العالم. ثم هناك داشا Dacha ، التي خرج منها يلتسين. لقد كان لدى يلتسن 40 ألف رجل، وميليشيا قوية في الداشا، محاطة بأناس مثل الجنرال كورجيت كورزاكوف Korget Korzhakov ، قائد الاستخبارات KGB. سألت سفيرنا هناك، توم بيكيرنج Tom Pickkring ، في يونيه الماضي: "كم عدد الجنود الموجودين حول موسكو؟". قال: "نحو 50 ألفاً". وهكذا ترون أن الذي حدث هو انهيار على المستوى العسكري.

وسألت الجنرال ألكسندر ليبيد، وقد حضرت جلستين له، وأنا أحب هذا الرجل كثيراً، فهو لطيف جداً، ويحب المزاح الساخر، أذكر ذات مرة، أنهم سألوه عن الدعم في روسيا، ففكر قليلاً، ثم قال لهم: "إن قطعة الجبن المجانية الوحيدة هي قطعة الجبن الموجودة في مصيدة الفئران. (ضحك). وأذكر مرة أخرى، أن جاء إليه مجموعة من رجال يلتسين، في أول يوم لاختياره رئيساً لمجلس الأمن الروسي، وقالوا له: "إن الرئيس يلتسين يريدك نائباً له، وتتولى مسؤولية قوات الأمن كلها، مثل الجيش، والشرطة، والمخابرات". فرد ليبيد قائلاً: "إن نائباً بهذه السلطة ليس في حاجة إلى رئيس". أقول، سألته، وهو في واشنطن، عقب قوله أن الروس خسروا الحرب الباردة، وهو القول الذي لم أسمعه من أي روسي غيره، قلت له: "جنرال ليبيد، هل ترى أن ثمة تهديد تتعرض له العسكرية الروسية من جانب هذه الميليشيات المتعددة؟"، دُهش من السؤال، ولم يكن يريد، بالفعل، أن يجيب عليه، لأنه، بالطبع كان لا بدّ أن يقول: "العسكرية تتهاوى، لم يتقاض أفرادها أجورهم، لم يعودوا يلقون الاحترام المطلوب، إنهم يشعرون باليأس، بل ويشعرون بالجوع". وهو ما قاله بالفعل. وكان هذا هو السؤال المهم الذي وُجه إليه. والآن، ماذا يحدث في روسيا؟ أيها السيدات والسادة، سنوات وسنوات، ويظهر جيل جديد، وتزداد معدلات الجرائم، وتستولى المافيا على الاقتصاد بجميع مستوياته، وهذا أمر مخيف حقاً.

والصين، كذلك، وضعها مخيف، ولا توجد مؤشرات عن عملية تحرر من جانبها. أما أمريكا اللاتينية، وإنني أرى شيئاً يحدث هناك يشد انتباهي بالفعل، فهناك أشياء كثيرة جيدة تحدث. لقد أحدثوا تغييراً حقيقياً، وأصبحوا على درجة كبيرة من الديموقراطية، باستثناء منطقة واحدة، تثير مخاوفي، وهي كولومبيا، يليها المكسيك، على حدودنا.

بالنسبة لكولومبيا، تتردى الأحوال فيها لتصل إلى قيام اتحاد بين العصابات اليسارية المتشددة، القديمة، عصابات تشبه عصابات كاسترو، وبرزت كجماعات تحمي تجارة المخدرات. وأي شخص يسافر إلى كولومبيا، هذا الشتاء، يقول إن كولومبيا تتفكك، المؤسسة العسكرية تتفكك، شركات البترول تؤجر مجموعات من الجيش لحماية خطوط أنابيبها. وتجدون، أيها السيدات والسادة، وضعاً مماثلاً، وقد يكون أسوأ في المكسيك.

أمّا الشرق الأوسط، وهو يتعامل الآن مع عملية السلام، وكما تعرفون، فإنني قد غطيت أحداث الشرق الأوسط من 1969 فصاعداً. ولم أكن أتوقع قط أن أرى أشياء تحدث بهذا الشكل. فالآن، يوجد في الشرق الأوسط عودة إلى الوراء واضحة جداً. وهو أمر محزن جداً، وكما تعرفون، لقد كنت في إسرائيل منذ حوالي عام ونصف، وكان الأمر مختلفاً، فلأول مرة كان بالإمكان رؤية إسرائيل كدولة تتعايش بين دول الشرق الأوسط. كان رئيس الوزراء، إسحاق رابين لا يزال على قيد الحياة، وذهب إلى القاهرة، والتقى كلاً من مبارك، والملك حسين، وعرفات. وأقول، لأول مرة، أمكن رؤية إسرائيل بين تلك الدول، وهو الحلم الذي كان، دائماً، يراود الصهاينة.

أمّا بالنسبة لأفريقيا والبوسنة، وأنا أحب أن أقارن بينهما، لأن الأوضاع في كل منهما تتأثر بالقضايا العرقية. وتوصف حرب البوسنة، أبرز مثال لنهاية الحرب الباردة، بأنها حرب عِرقية، وكذلك الحرب في رواندا. ولكن، أيها السيدات والسادة، إن الحرب، في المنطقتين، ليست عرقية، وإنما هي حرب من أجل السلطة من جانب أشخاص أشرار، وبالغي السوء، مثل سلوبودان ميلوسوفيتش في صربيا، ورئيس رواندا السابق. ويمكنني أن أثبت لكم، دون أدنى الشك، إذا سمح الوقت، أن حرب البوسنة، وحرب رواندا، وكل الحروب العِرقية الأخرى في آسيا، وفي القوقاز، قد حاكتها، ورسمت خطوطها، مؤامرات دبَّر لها هؤلاء السفلة، الجالسون على القمة.

هذا أمر مهم جداً، لأنه يعني أن الحروب العرقية يمكن تحاشيها، وأنها لا تنشب عشوائياً. إنها ليست من تدبير الرب، فهي ليست أمواج يسببها المد والجزر، وليست براكين أو زلازل. إنها مثل قضية موت الوطنية، التي تمت بشكل متعمد، في هذا البلد، ليس من جانب أناس أشرار، وإنما من جانب أناس لديهم جداول عمل تختلف، بالتأكيد، عن جداول عملي. ومن ثم، ما دام أنها تتم عن عمد، فيمكن التخلي عنها، وتركها.

أيها السيدات والسادة، في الختام، لا بد أن نعي أننا نعيش لحظات مهمة جداً. فلست متشائمة ولست متفائلة، لأنني لم أكن أحلم، أن ينتصر هذا البلد، في حياتنا، على ديكتاتوريتين: ألمانيا النازية، والاتحاد السوفيتي الشيوعي، ويخرج قائداً للعالم، ويحقق حلم آبائنا المؤسسين. ولكن يجب أن لا نكون مثل الإمبراطوريات الأخرى، التي برزت، ثم فقدت مبادئها، فانهارت. ولهذا ألفت كتابي، وضمنته مشاعري هذه.

والآن، وقبل تلقي الأسئلة، أود أن أُشير إلى إنني، منذ نحو عام، كنت أتناول العشاء، في بروكسل، مع دبلوماسي بلجيكي قديم، كان يشغل رئيس مجلس حلف شمال الأطلسي، وكان صديقاً حميماً لتشرشل. قلت له: "أندريا، هل قال لك تشرشل شيئاً، من قبيل الحكمة، لم يذكره في كتابه؟" قال: "نعم، في إحدى الليالي كنا نتحدث عن أفضل الأشياء وأسوأها، فقال تشرشل: "أندريا، إن أسوأ الأشياء هو مهارة الضعيف، أما أفضلها فهو شجاعة القوى". وهناك شيء آخر ذكره تشرشل عن الشجاعة، عندما قال: "الشجاعة هي أهم قيمة، لأنها تضمن جميع الأمور الباقية".

وفي النهاية، أيها السيدات والسادة، هناك عبارة رائعة قالها جون راسكين Jihn Ruskin ، حبيب الكُتاب والمؤلفين، هي: "الكتاب الذي يستحق القراءة، يستحق الشراء".

 

خالد يُقَيِّم الأزمة

Khalid Assesses the Crisis

الواشنطن تايمز ـ الجمعة 12 أكتوبر 1990

صفحة F13

الرياض، المملكة العربية السعودية،

"إن الانتصار مؤكد، قبل أن نبدأ، لأن صدام حسين يواجه العالم بأسره. وبغض النظر عن الخسائر، فإن النتيجة النهائية يعلمها الجميع. وعلى الرغم من ذلك، قد تكون النتائج إيجابية، وقد تؤدي إلى آثار سلبية، إذا لم نحلل ديانة كل طرف، وثقافته، ونُقيّمهما". كانت هذه كلمات الأمير خالد بن سلطان، الفريق السعودي، صلب المراس، المفعم بالحيوية والنشاط، الذي قاد القوات "المتحالفة" في أزمة العراق. قال هذه الكلمات، بعد تفكيرٍ عميق، ثم توقف قليلاً، ليقدم تحليلاً موجزاً، من المؤكد أنه فريد في سجلات الحروب. ثم أضاف: "لا يقلقني الانتصار، الآن، ولكن ما يقلقني، هو حجم الخسائر الكبير، التي مُني بها الجانب العراقي".

إنه بشخصيته الحيوية، وبنيانه القوي، يشبه بعض قوى الطبيعة التي لا تُوقف، ولكن هذا الأمير المقاتل يعي جيداً، المشاكل، غير المسبوقة، التي قد تواجهها حكومة بلاده، إذا نشبت الحرب. فمن ناحية، لديه قوات أمريكية، وأوروبية، وعربية، وغيرها، وهو أمر يثير القلق. فالحساسيات المفرطة، في المجتمع السعودي المسلم، ينبغي حمايتها من المغرمين بالانتقادات الدينية، في الداخل، ومن خطر فوضوية الأعداء العرب المتعصبين، في الخارج. ومن ناحية أخرى، فإن هذا الرجل، الذي تخرج في أكاديمية ساندهيرست Sandhurst البريطانية، منذ 24 عاماً، وعلى خلاف معظم القادة العسكريين، الذين عرفهم التاريخ، يشعر بقلق غير عادي، بسبب كثرة عدد الموتى، في صفوف عدوه. ومرد ذلك أن السعوديين يوقنون بأن غالبية الشعب العراقي لا تؤيد صدام، فعلاً، ومن ثمّ، فهم ضحايا الديكتاتور العراقي الغاشم.

في مكتب أحد جنوده، وهو من المكاتب الفسيحة، الجذابة، الرمادية اللون، التي تخص الجيش السعودي، في قلب مدينة الرياض، كانت المقابلة النادرة والشاملة، مع الأمير خالد، التي أوجز خلالها أفكاره عن الحتمية المأسوية، للأزمة..

بدأ هذا الرجل القوي الجسم، المفعم بالعاطفة، يشير إلى آبار النفط في المنطقة الشرقية، للمملكة العربية السعودية، بقوله: "سواء أشاء الناس، أم أبوا، فإن المنطقة الشرقية هي، مركز الثقل العالمي، من الوجهة الاقتصادية. وإذا فكّرنا في المائة سنة القادمة، نجد أن الاقتصاد سيكون الأساس. فلن يكون وجود لحلف شمال الأطلسي NATO، ولن تبقى حرب باردة! وهكذا، فإن استقرار الاقتصاد يعني استقرار العالم بأسره". وأشار إلى أنه لم يكن أحد مستعداً لغزو صدام للكويت، في 2 أغسطس، ولا لرد الفعل الفوري، من جانب الملك فهد، عاهل المملكة العربية السعودية، وقال: "لقد كان هذا هو أكبر خطأ في حسابات صدام، وأرى أن الإجراء الذي اتخذه الملك فهد قد جنَّب العالم حرباً عالمية ثالثة".

ولكن ماذا عن "مشكلة" الصحافة الكبرى: الترتيب الأساسي في القيادة العسكرية المشتركة، أو القيادتين، أو ماذا يدور في هذا المبنى، بين الأمير خالد وبين الجنرال الأمريكي نورمان شوارتزكوف، في هذا الشأن، وماذا عن الموقف الدفاعي، الذي وُضعا معاَ فيه؟ تُعدّ القيادة، من الناحية النظرية، قيادة مشتركة، ولكن بما أن الجميع، هنا، في المملكة العربية السعودية، يُطلق على الأمير خالد لقب "قائد القوات المشتركة".

قال الأمير، وهو يضحك، ملء شدقيه، رداً على هذه النقطة: "الرجلان الوحيدان، اللذان لا يشغلهما هذا الموضوع، هما الجنرال شوارتزكوف، وأنا".

ولأن كثيراً من قضايا القيادة تدور حول الحساسيات القومية لكل طرف، ولأن كل جانب عازم على الانتظار، لساعات طوال، حتى يقرر ماهية القيادة النهائية، وفي يد من تكون، فقد قررت عدم الخوض في هذا الأمر الآن.

أمّا ما يبدو واضحاً، لا لبس فيه، للجميع، هو أن القائدين ماضيان في طريقهما، بشكل جيد. إذ أن هناك كثير من السمات التي تجمع بينهما، فكلاهما ضخم البنيان، وكلاهما، بطبيعته، مفعم الحيوية والنشاط. وكلاهما عسكري، من الطراز الأول، يستمتع بأداء ما يُلقى على عاتقه من مهامّ فجائية. وفي هذا الصدد، قال الأمير خالد، مازحاً: "إن شوارتزكوف يكبرني قليلاً في السن، فأنا في الحادية والأربعين من عمري، وهو في السادسة والخمسين، ولكنني أعتقد أن لدينا أسلوباً واحداً في التفكير، إلى حدٍّ ما، وإنني أُقر بأنني كنت قلقاً، مثلك، في شأن الأمر ككل. فإن أمامك رجلين، لا يعرف أحدهما الآخر، وتريدين منهما أن يخوضا حرباً معاً، جنباً إلى جنب! بل إننا نتعامل مع قواتنا بصورة متماثلة، تقريباً. وكلما قضينا وقتاً أطول معاً، كلما ازداد التقارب، والاتفاق، في الطريقة التي نفكر بها. وينبغي أن أثق به، فهو يُلزم العدد الهائل من القوات، الموجودة هنا، باحترام هائل لحضارتنا. أنا لست مسروراً بهذه المفاجأة فحسب، بل إنني أحمد الله، حقاً، على هذا ..". ثم قال فجأة، وعلامات التفاؤل تكسو وجهه: "من يدري، لعلنا نسطر، معاً، صفحات جديدة في تاريخ التكتيكات العسكرية".

لقد ظلت المملكة العربية السعودية، دولة محافظة، تحتفظ بأسرارها. وفي هذا الصدد، يقول الملك فهد، في معرض رفضه إجراء مقابلات صحفية: "إن بمقدوري أن أتحكم فيما لم أقله". ومع ذلك، وعلى الرغم من أن الأمير خالد لم يكشف إستراتيجيات جديدة، فإن الحقيقة التي أظهرتها هذه المقابلة بجلاء، قدر التغيرات الكبيرة. لقد أحدثت حالة الحرب انفتاحاً كبيراً، بسرعة يصعب قياسها. في 26 مايو 1995، في الصفحة الرقم A-25

فعلى سبيل المثال، عندما سألته، أثناء المقابلة: "هل تم الإسراع في جدول الحرب؟ فأجاب: "لا يمكنني إلا أن أبتسم، وأغيِّر الموضوع".

 

نُشر المقال التالي في Chicago Tribune

في 26 مايو 1995، في الصفحة الرقم A-25

وفي Tulsa World

في 8 مايو 1995

حرب الخليج تقدم نموذجاً مهماً في القيادة

جورجي آن جاير

واشنطن ـ

في خريف 1990، عندما بدأ شبح الحرب، يُخيِّم على منطقة الشرق الأوسط، رحلتُ إلى المملكة العربية السعودية. وهناك، في الرياض، كان من حسن حظي أن أُجري مقابلة صحفية مع القائد السعودي، الذي كان شريكاً في قيادة القوات المتحالفة، في حرب الخليج، الأمير خالد بن سلطان، الذي يُعَدّ واحداً من آلاف الأمراء في الأسرة المالكة السعودية، وهو قائد، ومفكر عسكري جذاب وجاد، في الوقت نفسه.

جلسنا في مكتبه، الذي يجمع بين الحداثة الفائقة، والبساطة الشديدة. وكان من الطبيعي أن أتوجه بالسؤال إلى هذا الرجل، الضخم البنية، الشديد المرح، عن "مشكلة القيادة". وعلى كلٍ، فإنه كان يشارك الجنرال الأمريكي نورمان شوارتزكوف هيكل قيادة فريد، هو "القيادة الموازية". فكان فالأمير خالد هو قائد القوات المشتركة، وشوارتزكوف قائد القوات الأمريكية.

ضحك الأمير، من قلبه، وأجاب قائلاً: "الرجلان الوحيدان، اللذان لا يشغلهما هذا الموضوع، هما شوارتزكوف وأنا". وأردف قائلاً، إنه كان يعي أن القوات الأمريكية تفوق، بأعدادها الهائلة، قوات دول التحالف الـ36 (كانت القوات الأمريكية تضم 550 ألفاً في مسرح الخليج)، وكان من الطبيعي أن يضطلع الأمريكيين بالنصيب الأكبر من القرارات القيادية.

ولكن، كما يقول الآن: "أردتُ أن يدرك شوارتزكوف ضرورة أن نؤكد للرأي العام السعودي والعربي أننا نسيطر على القوات الغربية التي وصلت إلى قلب العالم الإسلامي. ففي غياب سيطرة المملكة يبدو الأمر كأنه غزو مقنّع واحتلال غير مباشر، وانتهاك لقيمنا الإسلامية التي نعتز بها أكثر من أي شيء آخر. ومن هنا كان يُنظر إلى تعاوننا معاً، في الحرب ضد العراق، على أنه نموذج لبناء تحالف عسكري وسياسي"، كان ذلك منذ خمس سنوات، ولكن، الآن، ما هو رأي الأمير خالد في تلك الأحداث؟

بداية، يعتقد، أن شن حربٍ أسهل من تأليف كتاب. وقد قال، في معرض تدشين كتابه عن الحرب، "مقاتل من الصحراء"، في الولايات المتحدة الأمريكية، بابتسامته المعهودة: "لقد استغرقت الحرب البرية لتحرير الكويت مائة ساعة، أما كتابي فقد استغرق ثلاث سنوات. وإنني لسعيد أن اخترت طريق الجندية مساراً لحياتي". وقد قدم الأمير، كذلك، أفكاراً متعمقة، لمجموعة منا، في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية.

وعلى الرغم من نجاح حرب الخليج، إلا أن الأمير خالد لا يعتقد أن تكون نموذجاً لحرب أخرى، قد نخوض غمارها في المستقبل. وفي اقتناع تام، قال: "لا، لقد كانت حرباً فريدة من نوعها، تميزت بالتقنية العالية، والسرعة الفائقة، والأداء الرائع، شنتها قوة عظمى بأسلحة متطورة. ومن المستبعد جداً أن يكرر أي عدو، في المستقبل، أخطاء صدام، ومن ثم، ينبغي أن نكون حريصين على ألا نأخذ دروساً كثيرة من حرب الخليج".

ولا يزال مقتنعاً بأن "حرب التحالف"، التي واجهت صعوبات جمة، لا تُعدّ نموذجاً فعلياً، لأي حرب مستقبلية، ويقول: "لم يكن الأمر سهلاً، كما تبين لي بعد ذلك. كان لدينا اختلافات بسيطة مع الفرنسيين؛ وترددت القوات المصرية الخاصة في انفصالها عن باقي القوات".

وقد أعرب الأمير خالد عن قلقه، كذلك، من أن الولايات المتحدة الأمريكية ليست هي اليوم، كما كانت من قبل، فهي تخفض حجم قواتها بصورة بالغة السرعة، وتضع قواعد مشدَّدة "للمصالح القومية"، حتى إنها ليست متأكدة، بشكل كبير، أنها قد تخوض غمار حرب خليج أخرى في المستقبل". وأضاف الأمير قائلاً: "إننا نشعر بالامتنان العميق للمساعدة التي قدمتموها لنا على مدى السنوات الخمس الماضية، ولكننا ندرك الآن أن هناك حدوداً لما يمكن أن نتوقعه منكم".

ماذا كان يمكن فعله غير ذلك؟ إن الأمير خالد مقتنع أن أعضاء التحالف كان ينبغي أن لا يقبلوا بغير الاستسلام الكامل، ومن أعلى القيادات العراقية، ومن ثمّ، إذلالهم أمام شعوبهم. وهذا يوضح، بشكلٍ كبير، سبب اعتقاده، بأن قضايا الشرق الأقصى، بشكل عام، والخليج بشكل خاص، لم تنته بعد، وأن المنطقة معرضة لنشوب أي نوع من الصراع.

"مع احترامنا لجميع الاعتبارات، فإنني أعتقد أن حرب الخليج تعد نموذجاً فريداً، ومهماً، ينبغي الاستفادة به، على الرغم من الاختلافات الواضحة والجذرية في أنواع الصراع.

ففي الصومال، والبوسنة على سبيل المثال، يعود فشل الولايات المتحدة، في جزء كبيرٍ منه، إلى إخفاقها في اتخاذ قيادة صلبة، مما أربك القوات، وخلط بين المهام. وقناعتي الشخصية هي أن الأسلحة الحديثة المتطورة يمكن أن تحسم الحرب في البوسنة، بسهولة، إذا تولت الولايات المتحدة الأمريكية الأمر"، ولكننا لا نعتقد ذلك.

من المؤكد أن الأمير خالد مُحق في ذلك، وكنت أتمنى أن يكون مخطئاً.