المقدمة

تُعَدّ مدرسة فورت بلس، هي المركز الرئيسي لأنشطة الدفاع الجوي الأمريكي وتدريباته، والميدان الأساسي لتدريب قادته. يتولى قيادتها والإشراف عليها نخبة من أكفأ القادة العسكريين.

وهي تقع في ولاية تكساس Texas، بالقرب من الحدود المكسيكية، في مدينة إلباسو El Paso. بدأ الاهتمام بهذا  الموقع، منذ 27 ديسمبر 1846، حينما كُلِّف الكولونيل ألكسندر دانيفان Alexander W. Doniphan، على رأس مجموعة من الجنود الأمريكيين المتطوعين، بمطاردة مجموعات من قطّاع الطرق الهنود، الذين كانوا يشنون الغارات المتواصلة، ويُعمِلون السلب والنهب، على صفوف القوات، الأمريكية والمكسيكية، أثناء الحرب المكسيكية.

وقد لفت نظر دانيفان ورجاله، ما يتميز به موقع المنطقة، من انتشار الحدائق والبساتين، وخصوبة الأرض، ووفرة المياه، إلى جانب الطيبة، التي تميَّز بها أهل المنطقة، والترحاب والكرم، اللذَين عاملوا بهما القوات الأمريكية.

وفي نوفمبر 1847، تمكن فصيل أمريكي، يتولى قيادته الميجور بنيامين بيل Benjamin Beall، من عبور جبال هويكو Hueco، وعسكر في بونس دى ليونز رانش  Ponce de Leon's Ranch، التي هي الآن إلباسو. ولم يكن ثمة عناء يُذكر، في إقامة حامية ثابتة هناك، كانت هي نواة إنشاء فورت بلس.

في 7 نوفمبر 1848، أصدرت وزارة الحرب الأمريكية الأمر العام، الرقم (58)، الخاص بتنظيم إنشاء قاعدة عسكرية في إلباسو. وفي سبتمبر 1849، بدأ وصول ست سرايا، من الكتيبة الثالثة المشاة، بقيادة الميجور جيفرسون فان هورن Jefferson Van Horne. وتمركزت سريتان، ومعهما بطارية مدفعية في سان إليزاريو San Elizario؛ بينما تمركزت السرايا الأربع في ما يسمى، الآن، وسط مدينة إلباسو Downtown El Paso.

أُقيم المركز في كونس رانش Coons Ranch، وظل قائماً هناك، حتى عام 1851. وكان يعرف بـ "معسكر إلباسو" Post El Paso، ثم أصبح مهجوراً بعد ذلك.

في تلك الأثناء، أُقيمت سلسلة من المواقع العسكرية، بين سانتافي Santa Fe وسان أنطونيو San Antonio. وانتقلت حامية إلباسو من المنطقة، إلى فورت فيلمور  Fort Fillmore، على بعد ثمانية أميال جنوب شرق لاس كروسيس Las Cruces، في نيومكسيكو.

وقد انتهز قطّاع الطرق الهنود، تلك الفرصة، فاستأنفوا غاراتهم؛ مما استدعى إعادة إنشاء حامية عسكرية، في إلباسو، عام 1853، باسم " معسكر إلباسو ". وظل يُعرف بهذا الاسم، حتى 8 مارس 1854، عندما أُطلق عليه اسم فورت بلس تكريماً للمحارب القديم، وليم واللاس سميث بلس William Wallace Smith Bliss، الذي شارك في الحرب الهندية، في فلوريدا Florida، وتولى، كذلك، وظيفة السكرتير الخاص للرئيس زاخاري تيلورZachary Taylor. وتوفي عام 1853، وعن عمر يناهز 38 عاماً.

1. وأصبحت فورت بلس، منذ ذلك الوقت، منطقة عسكرية مرموقة. وبدأت تكتسب شهرتها الكبيرة، وزوِّدَت بوسائل الترفيه المختلفة، وبما يكفل الحياة الاجتماعية للضباط، والمقيمين بها، والمسجلين فيها.

2. وفي هذه الأثناء شاركت قوات فورت بلس في التصدي لهجمات الهنود وغاراتهم، قبيل الحرب الأهلية الأمريكية، التي شهدت، بدورها، نخبة من أكفأ ضباط فورت بلس، مثل جيمس لونجستريت James Langstreet، وجورج بيكيت George Pickett.

3. ففي عام 1856، أُرسلت كتيبة فرسان إلى سان إليزاريو San Elizario، للتصدي لغارات الهنود. واشترك عام 1857، المشاة والفرسان، في حملة عسكرية، ضد الهنود. وفي هذا العام نفسه، شهدت فورت بلس مرور قطار الإبل الشهير، عبر إلباسو، في الطريق من معسكر فردي Verde، في تكساس إلى فورت تيجون Fort Tejon، في كاليفورنيا.

4. وقد أدت فورت بلس كذلك دوراً مهماً في الحرب الأهلية. في 31 مارس 1861، سُلِّمت جميع المواقع العسكرية، في تكساس، بما فيها فورت بلس، إلى اتحاد الولايات الأمريكية الإحدى عشرة، التي انفصلت عن الولايات المتحدة الأمريكية، عام 1860 ـ 1861، تنفيذاً لأمر اللواء ديفيد تويجز David E. Twiggs، قائد تكساس.

5. وقد أدت فورت بلس دورها، كمركز قيادة للعمليات الهجومية، التي شنتها القوات الكونفيدرالية على منطقة ميسيلاّ فالي Mesilla Valley، حتى وصلت قوات الفرسان التابعة لقوات اتحاد الولايات الأمريكية، من كاليفورنيا، بقيادة الكولونيل كارلتون J.H.Carleton،إلى المنطقة، في 20 أغسطس 1862، وطردت الوحدات الكونفيدرالية، التي عمدت، أثناء انسحابها، إلى إشعال النيران في مباني فورت بلس، ونهب مخازنها.

6. وبانتهاء الحرب الأهلية، استعاد الجيش الأمريكي فورت بلس، في 16 أكتوبر 1865، وتمركزت فيها الكتيبة الخامسة المشاة. وإزاء تآكل الأراضي حولها، الناجم عن فيضان نهر ريو جراندي Rio Grande، ولا سيما في فبراير 1868، نقلت فورت بلس إلى موقع جديد، تبلغ مساحته 300 فدان، يبعد نحو ثلاثة أميال، شرق الموقع القديم. ولكنه لم يكن بأفضل منه. وظلت فورت بلس تنقل من موقع إلى آخر، حتى انتهى بها المطاف إلى لا نوريا ميسا La Noria Mesa، وهي منطقة، رملية شاسعة، وتطل على الوادي، المؤدي إلى شمال شرق إلباسو.

شمل الموقع الجديد مبنًى إدارياً؛ وغرفتَين للطعام؛ وثكنتَين للجنود؛ وساحة ضخمة، في الجانب الشرقي، للعرض العسكري؛ إلى جانب ثلاث غرف للمطالعة؛ ومخازن؛ ونقطة حراسة؛ وموقف للسيارات، في الجانب الغربي. ولا يزال معظم هذه المباني مستخدماً، إلى اليوم. ومع بدايات القرن العشرين، استقرت فورت بلس، وبدأ الموقع يتسع وينمو، ليشمل مجموعة من مراكز القيادة، ومبنى ضخماً رائعاً، ذا طرق جديدة، ومداخل جيدة.

1. تداولت الموقع حاميات عدة. فوصلته، في أكتوبر 1893، كتيبة من اللواء 18 المشاة، بقيادة النقيب وليم ماكلاجلين William H. Mclaughlin. ولكنها غادرته أثناء الحرب الأمريكية ـ الأسبانية، عام 1898، عدة أشهر، تاركة إياه في يد ملازم أول، وقس وطبيب، وخمسة من أفراد وحدة الفرسان.

2. وفي 9 مارس 1916، هاجم الثائر المكسيكي، بانشو فيلاّ Pancho Villa، مدينة نيو مكسيكو، وأباد حاميتها من الكتيبة 13 الفرسان. فصدرت الأوامر إلى الفريق جون بيرشينج John J. Pershing، في فورت بلس، بالثأر من بانشو فيلاّ. وبعد ستة أيام، قاد قواته، عبْر الحدود، في حرب شرسة، استمرت أحد عشر شهراً، وانتهت في فبراير 1917.

3. وفي عام 1919، استبدلت الكتيبة الثامنة الفرسان، بالكتيبة الخامسة الفرسان، في فورت بلس. كما رحلت عنها كل من الكتيبة 11، والكتيبة 13 الفرسان. وتولى قيادة فورت بلس، من 1919 إلى 1925، اللواء روبرت هوزي Robert I. Howze، الذي حاز وسام الشرف، لبسالته في مواجهة الهنود. وقد نهض بتنظيم الكتيبة الأولى الفرسان، التي تعد كتيبة جيش نظامية ناشطة، في 12 سبتمبر 1921.

4. تمركزت الكتيبتان، الأولى والخامسة الفرسان، من اللواء الأول الفرسان، في كامب مارفا Camp Marfa، وفورت كلارك Fort Clark.أما باقي الكتيبة، وكتيبة مراكز القيادة، والقوات الخاصة، واللواء الثاني فرسان، والكتيبتان السابعة والثامنة الفرسان، والكتيبة 82 مدفعية الميدان، والسرية الثامنة المهندسين الفرسان، والسرية الأولى الطبية، والكتيبة الأولى العربات المدرعة، والكتيبة الأولى الإشارة، وكتيبة قوافل محمولة Division Pack Trains، فقد تمركزت في فورت بلس.

5. مع دخول الولايات المتحدة الأمريكية الحرب العالمية الأولى، تولت كتيبة الفرسان الاحتياطية حراسة فورت بلس، التي أصبحت ميداناً لتدريب أفراد، سرعان ما يأخذون أماكنهم في الصفوف الأمامية. وقد ذاعت شهرة فورت بلس، ليس بسبب إعدادها لوحدات أعلى تدريباً، وأفضل تنظيماً فحسب، ولكن لأن كثيراً من القادة تلقوا تدريبهم فيها، كذلك، ومن ثم، كانت تسمى، أحياناً، " ميدان تدريب القادة ". لقد تخرج أربعة من رؤساء الأركان في فورت بلس، هم: هوج سكوت Hugh L. Scott، وبيتون مارش Peyton C. March، وجون بيرشينج John J. Pershing، وجون ليونارد هينز John Leonard Hines. ويُعزى جانب كبير من نجاح بيرشينج في فرنسا، إلى الدروس والتدريبات الجادة، التي تلقاها أثناء قيادته للحملة التأديبية، في المكسيك، ضد بانشو فيلاّ.

6. في نهاية الحرب العالمية الأولى، أصبحت فورت بلس، هي المركز الرئيسي لقوات الدفاع عن الحدود. وصدرت الأوامر بإعادة تجهيزها، لتشمل أربعة مراكز، لإيواء الطائرات.

7. وفي عام 1926، أُعيد إعداد الميدان وتوسعته، ليمتد إلى قاعدة بيجس للقوات الجوية Biggs Air Force Base، التي سميت بهذا الاسم، تكريماً للطيار جيمس بستر بيجس  James Buster Biggs، الذي قُتل في فرنسا، أثناء الحرب العالمية الأولى.

8. وقد أضيف إلى فورت بلس، عقب الحرب العالمية الأولى، مستشفى وليم بيومنت William Beaumant العام، الذي يُعد واحداً من أروع المستشفيات العسكرية، في الجنوب الغربي.

9. في عام 1929، وأثناء الثورة، التي قادها الفريق خوسيه إسكوبار Jose Escobar، نُشرت وحدات الفرسان الأمريكية، إلى دوجلاس Douglas، في أريزونا Arizona، لحماية الحدود. قاتلت القوات المكسيكية في شوارع جواريز Juarez، وظلت القذائف تنهال، عبر الحدود، على إلباسو، إلى أن ذهب قائد فورت بلس، الفريق جورج موسيلي George Moseley، إلى جواريز، واستحث قائد القوات الفيدرالية على تسليم المدينة. ودخلت القوات المكسيكية إلى فورت بلس، وظلت هناك شهراً، قبل أن تعود إلى المكسيك.