إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / منشآت مدنية وعسكرية / ميدان وايت ساندز للرماية واختبار الصواريخ White Sands Missile Range، الولايات المتحدة الأمريكية









1

1. لمحة تاريخية

كانت منطقة وايت ساندز تستخدم لرعي الأبقار والماعز في الفترة التي سبقت الحرب العالمية الثانية. كما كانت الجبال التي تطلّ عليها ميدانًا للتنقيب عن المعادن. وقبل ذلك بكثير، في أيّام الاستعمار الأسباني، كان المهاجرون يقصدون البحيرات المنتشرة عبر المنطقة لاستخراج الملح من قاعها.

حتى إذا جاءت الحرب العالمية الثانية، والتفتت الأنظار إلى برامج تطوير الصواريخ التي كانت تجريها ألمانيا، أدرك جهاز تطوير المعدات الحربية في الجيش الأمريكي U. S. Army Ordnance Corps أهميّة الصواريخ، وخطورة الدور الذي يمكن أن تلعبه في أي مواجهات عسكرية. فتمّ بذلك وضع برامج لتمويل أبحاث هدفها تطوير أساليب التحكم في الصواريخ وتوجيهها. وأُنشئ ميدان الرماية بوايت ساندز في 9 يوليو 1945م ليكون قاعدة للتجارب، يتمّ فيها تطوير تكنولوجيا الصواريخ والأسلحة الصاروخية.

وحال إنشاء ميدان الرماية، بدأ العمل حثيثًا من أجل بناء منصّة لإطلاق الصواريخ يتمّ فيها اختبار تلك التكنولوجيا. وبالفعل، تم يوم 26 سبتمبر 1945م إطلاق صاروخ تجريبي صغير من تلك المنصّة بغرض اختبار مدى ملاءمة المنصّة لبرج الإطلاق. وكانت تلك أوّل تجربة حيّة تُنفّذ على ميدان وايت ساندز. وفي 11 أكتوبر من العام نفسه، أُجريت تجربة إطلاق ثانية لصاروخ من نوع WAC Corporal  يدفعه محرك، وأسفرت التجربة عن ارتفاع الصاروخ إلى مسافة بلغت 43 ميلاً.

وعقبت تلك سلسلة من التجارب الأخرى تركّزت على الصواريخ الألمانية من نوع V-2؛ كما أُجريت تجارب لتطوير أنواع أخرى من الصواريخ، مثل صواريخ "نايك" Nike، و"فايكنج" Viking، و"كوربورال" Corporal، و"لانس" Lance، بالإضافة إلى نظام إطلاق الصواريخ المتعددة Multiple Launch Rockett System.

ولأهمية تلك التجارب الرائدة من الناحية التاريخية، أُدرج الموقع الذي أجريت فيه ضمن المعالم التاريخية الوطنية في الولايات المتحدة، بدءاً من أكتوبر 1985م، وأصبح معروفًا تحت اسم Launch Complex 33.

وهناك موقع آخر قرب الحدود الشمالية لميدان وايت ساندز، تحوّل هو أيضا إلى واحدٍ من المعالم التاريخية الوطنية في الولايات المتحدة، ويُعرف باسم "موقع ترينيتي" Trinity Site. وفيه تم تفجير أول قنبلة ذرّية في العالم يوم 16 يوليو 1945م، معلنة بذلك دخول الإنسانية في عصر الذرّة. وهو مفتوح للزيارات العامة يوم السبت الأوّل من شهرَيْ أبريل وأكتوبر من كل عام. ومن ضمن المعالم التي يقصدها جمهور الزائرين في هذا الموقع كذلك المنزل الريفي المعروف باسم منزل ماكدونالد the Mc Donald Ranch House الذي تم فيه تجميع عناصر البلوتونيوم التي شكلت قلب القنبلة الذرية الأولى في العالَم.

وعلاوة على ذلك، فإنّ ميدان وايت ساندز، بسلسلة الجبال والبحيرات التي تتخلّله، موطن فريد للحياة الفطرية ترتع فيه أنواع شتّى من الحيوانات البرية، مثل بقر الوحش الإفريقي، والخرفان الصحراوية ذات القرون الكبيرة، والوعول الأمريكية ذات القرون الشائكة، والأسود الأمريكية أو حيوانات الكوجر، والنسور الذهبية، وأنواع كثيرة من الأفاعي أو الثعابين ذات الجلاجل.

ومنذ عام 1960م، نشأت بعض المناطق العمرانية في الأطراف الشمالية والغربية لميدان وايت ساندز. إلاّ أنّ هناك اتفاقًا بين إدارة ميدان الرماية وسكان تلك المناطق على إخلائها في عدة مناسبات كل عام لإجراء تجارب على بعض من أنواع الصواريخ الحديثة الطويلة المدى.

وفي الوقت ذاته، أقامت إدارة ميدان وايت ساندز لنفسها منشآت أخرى مساندة في مناطق أخرى من ولاية نيومكسيكو New Mexico، وولاية آيداهو Idaho، وولاية يوتاه Utah، تجري فيها تجارب لإطلاق الصواريخ الطويلة المدى. وفي ميدان وايت ساندز أخيرا مواقع مناسبة كمهابط بديلة يُمكن أن تستخدمها المكوكات الفضائية الأمريكية  في نهاية كل رحلة من رحلاتها. فبعد مهمته الثالثة في الفضاء، هبط المكّوك Columbia يوم 30 مارس 1982 على مدرّج نورثروب The Northrup Strip التابع لميدان وايت ساندز، والذي تحوّل إلى مركز رئيسيّ يتدرّب فيه ربّانو المكوكات الفضائية على عمليات الهبوط بمركباتهم.