إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / منشآت مدنية وعسكرية / ميناء ينبع التجاري، المملكة العربية السعودية





عدد البواخر الواصلة
حمولة البواخر الواصلة
المواد الغذائية الواصلة
الأسمنت الوارد
مواد الإنشاء الواردة
حجم المعدات الواردة
حجم البضائع العامة الواردة

المملكة العربية السعودية



مراحل تاريخ ميناء ينبع

ثانياً: مراحل تاريخ ميناء ينبع

من ظهور فرضة[1] (ينبع) في عهد الرومان 24 ق.م، وإلى وقتنا الحاضر تذبذبت أهمية الميناء بين البروز والاضمحلال تبعًا للعوامل والظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية. وتندر المصادر التاريخية التي تعيننا على معرفة النشأة الأولى لميناء ينبع والموانئ على الساحل الغربي من البحر الأحمر؛ إذ يوجد في بعض المصادر التاريخية، والجغرافية إشارات موجزة، توحي بأن الكثير من الفرضات القديمة قد اندثر في مواضع الموانئ الحالية، والبعض الآخر مجاور لها، والقليل منها بقي له آثار متفرقة نلقي الضوء على وجودها في العصور السابقة،

ويمكن تقسيم تاريخ ميناء ينبع إلى خمسة مراحل تاريخية تعاقبت على عمر الميناء على النحو التالي:

1. المرحلة الأولى: قبل الإسلام

كان اسم ميناء ينبع قديمًا هو نيرا NERA، إذ نقل جواد علي عن فورستر أن كلمة نيرا اليونانية تعني ينبع في العربية، وأن الميناء، الذي أبحر منه الرومان إلى مصر بعد عودة حملتهم العسكرية الفاشلة على بلاد اليمن هو ميناء أكرا EGRA، أو نيكرا NEGRA، أو نيرا NERA، بحسب اختلاف القراءات، هي ينبع الفرضه الشهيرة، ولذلك تعني كلمة NERA KOME في العربية (مدينة ينبع).

في إثر ظهور الرومان قوة عسكرية، وفي حوض البحر الأحمر، ارتبط تاريخهم بالساحل عن طريق الحملة العسكرية المشهورة في عهد الإمبراطور أغسطس في عام 24 ق . م، الذي هدف إلى الاستيلاء على تجارة القوافل العربية، وطريقها، وعلى بلاد اليمن. وقد ترتب على قيام هذه الحملة بروز أهم فرضتين على ساحل البحر الأحمر خلال الربع الأخير من القرن الأول قبل الميلاد، وقد استخدمت الفرضه الأولى، وهي لوكي كومه للدخول إلى الجزيرة، ثم عادت هذه الحملة بعد إخفاقها من الفرضة البحرية الثانية التي يعتقد أنها إجرا Egra، أو نيجرا Negra، أو نيرا Nera، وهي ينبع الحالية.

وقد لعبت هذه المنطقة دورًا كبيرًا في فترة ما قبل الإسلام في الحياة الاقتصادية والسياسية حين استخدمت الميناء القوى الشمالية (الرومان)، الطامعة في السيطرة على جنوب الجزيرة العربية.

ويذكر روبرت ماثيو وشركاه، أن وجود الأودية في المنطقة التي استخدمت كطرق اتصال بالمناطق المجاورة، جعلها تمثل حلقة اتصال كانت تقوم بتموين السفن التي تعمل لملء المستودعات الكبيرة في السويس بثروات الشرق، وإلى جانب ذلك كان يتم تموين السفن بالطعام والماء في نيرا؛ (ينبع).

وخلال القرون الخمسة الأولى قبل ظهور الإسلام أصيبت الفرضات الشمالية على ساحل البحر الأحمر بشيء من الجمود والركود والتدهور؛ بسبب تدهور الأحوال الاقتصادية، والسياسية، في ذلك الوقت، وتغلغل النفوذ الفارسي في اليمن، وانتقال مركز الثقل السياسي إلى العرب الشماليين في العراق والشام.

2. المرحلة الثانية: ميناء ينبع في العصور الإسلامية حتى مطلع القرن العشرين

عندما استقر الإسلام في المدينة المنورة في عهد الرسول r أصبحت المدينة قاعدة له، وعاد المسلمون المهاجرون، الذين شاركوا في الهجرة الثانية إلى الحبشة في سفينتين إلى ميناء (فرضه) الجار، ومن ثم إلى المدينة، وكان المسلمون على صلات قوية ببلاد الحبشة، فوقع اختيارهم على فرضة الجار.

ويقع الجار في المكان المعروف الآن باسم (الرايس)، غرب بلدة بدر، وكان الماء العذب ينقل إليه من بدر، ويرى بعض الباحثين أن الجار يقع إلى الشمال من الرايس في مكان ميناء (البريكة)، الذي لا يزال مستعملاً. ولعل اختيار فرضه الجار واتخاذه ميناءً للمدينة المنورة يعود إلى عامل قرب موقعه من المدينة، إذ لا يبعد عنها سوى 170 كم، مقابل 250 كم لينبع، وقد كان لفارق المسافة أهمية في ذلك الحين.

لقد اهتم الخلفاء الراشدون بفرضه الجار ـ الميناء الطبيعي للمدينة المنورة ـ، وخاصة بعد فتح مصر عندما أصدر أمير المؤمنين عمر بن الخطاب t أمره إلى واليه في مصر عمرو بن العاص بأن يرسل القمح المصري إلى المدينة المنورة بواسطة البحر الأحمر عن طريق فرضه الجار، إذ أنشأ مخزنين لتخزين شحنات عشرين سفينة من القمح. وعلى إثر ذلك اشتهر الميناء ردحًا من الزمن، إذ يذكر الجاسر، أنه منذ عهد عمر بن الخطاب أصبح ميناء الجار من أعظم موانئ الحجاز شهرة، حتى أن البحر الأحمر قد عرف في بعض الأوقات باسم بحر الجار، كما أصبح جغرافيو القرن الثالث الهجري لا يذكرون غيره في مصادرهم.

لقد استمر ميناء الجار خلال القرن الرابع الهجري يقوم بدوره كميناء للاستيراد التجاري، إذ تفرغ فيه السفن الآتية من مصر، وبلاد الحبشة، واليمن، والصين، وإلى جانب الوظيفة التجارية مارس الميناء الوظيفة الدينية من خلال استقبال الحجاج القادمين للحج، أو للزيارة في ذلك الوقت.

لقد كان هذا التطور والازدهار وتبوء هذه المكانة لميناء الجار أثره السلبي على ميناء ينبع، إذا قل شأنه نظرًا لمنافسة ميناء الجار الأقرب للمدينة المنورة من ميناء ينبع .

لكن هذه الحال لم تدوم طويلاً، فبدأ نجم ميناء الجار يأفل ، إذ يذكر الجاسر أنه بدأ شأن ميناء الجار يقل ويضعف نتيجة اختلال نظام الأمن في الحجاز، بضعف الحكم آنذاك، فتسلطت الأعراب على ميناء الجار بالنهب والسلب، وقتل أهله، وفي أواخر القرن السادس الهجري أخذ أمر الجار يضمحل، وصار حجاج مصر والغرب يأتون بحرًا من عيذاب إلى ميناء جدة .

هذه الحال التي آل إليها ميناء الجار، جعلت الحياة تعود إلى ميناء ينبع، فيذكر أمين، أن حالة ميناء الجار تدهورت، وشلت حركته الوظيفية عن خدمة التجارة والملاحة البحرية في الوقت، الذي بدأ ميناء ينبع يقوى ويزدهر، نتيجة لعودة طريق الحج البري. إذ تأثر هذا الطريق بالغزو الصليبي على بلاد الشام .

لما عاد ميناء ينبع إلى الازدهار رافق ذلك اهتمام الأيوبيين به، إذ كانوا يسيطرون على الحرمين. فيذكر الجاسر أنه بعد زوال الخطر الصليبي جعل الأيوبيون ينبع الميناء الرئيس للمدينة المنورة، فجعلوه من الموانئ الرئيسة، والميناء الثاني في الحجاز بعد جدة ، فكانوا يرسلون السفن التي تحمل ما يحتاج إليه الحجاج، وما يريدون توزيعه على الفقراء من أهل المدينة، وغيرهم عن طريق ميناء ينبع.

يذكر أورقنجي، إننا إذا كنا قد اعتبرنا أوائل القرن السابع الهجري (الثالث عشر الميلادي) كبداية نهاية الجار، وتوقفه عن خدمة التجارة البحرية، فإن ذلك يتفق مع شهرة ينبع، وليس ظهورها كمرفأ؛ لأن ظهورها واستخدامها يعود إلى أيام عودة الحملة الرومانية عن طريقها من بلاد اليمن إلى مصر.

أما الرويثي، فإنه يؤرخ لشهرة ميناء ينبع في عام 621هـ، إذ يذكر أن استخدام ينبع كفرضة بحرية اشتهرت على الساحل يؤرخ له منذ عام 621هـ، عندما أخذت ينبع تمارس وظيفتها في خدمة الظهير، وتلعب دورًا مؤثرًا في حياته الاقتصادية.

والفرضه القديمة لينبع هي خليج مائي، يمثل المرسى الطبيعي للسفن. وبالتالي فإن البواخر لا تستطيع الوصول إلى الساحل، بل يتم إرساؤها في المياه العميقة التي تبعد عن الفرضه 150 مترًا، في حين تقوم القوارب الصغيرة في خدمة الانتقال بين البواخر والساحل.

لقد كان هناك بعض الإصلاحات، والتوسعات لميناء ينبع، وذلك من قبل الدول التي تعاقبت على حكم منطقة الحجاز، فيذكر الجاسر أنه في أوائل عهد الجراكسة حكام مصر والشام، والحرمين، ازدادت ينبع قوة، وذلك لقيام بعض حكامها بالعناية بالحرمين الشريفين، بالإنشاء والتعمير، مما جعل فرضة ينبع تستقبل الكثير من السفن التي تحمل المواد الغذائية للمدنية المنورة. في حين يذكر الرويثي، أن الدولة الجركسية قامت بالإشراف على الميناء وإجراء بعض الإصلاحات الممثلة في بناء رصيف من الحجر بجوار الساحل. وكان دافعهم من وراء ذلك إستراتيجيًا هو أن من يسيطر على ينبع، يسيطر على المدينة المنورة قاعدة الإسلام الأولى.

لم يدم الحال طويلاً، فقد تعرض الميناء للتخريب، وذلك حينما ضعفت دولة الجراكسة فتأثر الميناء من جراء ذلك الضعف، فيذكر الجاسر، أنه في أول القرن العاشر الهجري؛ (السادس عشر الميلادي) اختل الأمن في الحجاز لضعف الدولة الجركسية ، فانتشرت الفوضى في كل أرجاء الحجاز، فكان من جراء ذلك أن شمل الفساد منطقة ينبع مما كان سببًا في تخريب مدينة ينبع الميناء.

لقد حصل من بعد ذلك الضعف في الميناء قوة، فما أن جاءت الدولة العثمانية حتى نهض ميناء ينبع مرة أخرى، وعادت له أهميته في خدمة المدينة، وتقديم الدعم لاقتصاد الحجاز.

فيذكر أورقنجي، أنه في أوائل العهد العثماني عادت أهمية الميناء وتحسنت أحواله؛ نتيجة لاهتمام الدولة العثمانية بطريق الحجاز البري، وقيام بعض السلاطين المتقدمين في الدولة التركية كالسلطان سليمان القانوني 926هـ ـ 974هـ (1519م ـ 1566م)، بإصلاحات واسعة في كل من مكة والمدينة ، كما تقرر إرسال المواد الغذائية إلى سكان المدينتين، وما تحتاجه قوافل الحجاج ، فكان قسم كبير من المعونات يُرسل بحرًا من السويس، ومن الطور إلى مينائي جدة وينبع، وقد أورد الجاسر، أن ما كان يخص المدينة المنورة في ذلك يُرسل عن طريق ميناء ينبع، لهذا أمر السلطان سليمان القانوني بإصلاح ميناء ينبع وتوسيعه، وبناء أماكن لتخزين تلك المعونات من الحبوب، حتى تنقل إلى المدينة، أو تمر قوافل الحجاج عائدة من المدينة، أو ذاهبة إليها لتأخذ حاجتها منها.

أما في عهد السلطان مراد، عام 984هـ، فيذكر الجاسر أنه جرى توسيع الميناء، وأصلح الساحل، ورصف رصفًا محكمًا، وبني الرصيف من الحجارة، وكان بطول خمسين ذراعًا، وعرض أربعة عشر ذراعًا. وذلك لزيادة رسو عدد من السفن الصغيرة.

ويرى الرويثي، أن أهم الأسباب التي دفعت العثمانيين للاهتمام بوضع الميناء، هي:

أ. الرغبة في السيطرة على الميناء؛ لأهميته الإستراتيجية من إذ قربه من المدينة المنورة، وقربه من طريق الحج القديم، الذي يمر إلى الشرق منه.

ب. اهتمام العثمانيين بإصلاح وتطور المدينة ومسجدها عمرانيًّا، إضافة إلى توفير احتياجاتها الاقتصادية.

ولقد حافظ ميناء ينبع على مكانته في القرون التالية، إذ كانت السفن ترسو فيه حاملة ما قررته الدولة العثمانية لسكان المدينة من مساعدات اقتصادية، ولوازم إنشائية للمسجد النبوي، وما يحتاج إليه ركب الحج المصري، الذي كان يأتي عن طريق البر، والذي بدوره يمر على مقربة من الميناء.

ويورد الأستاذ أورقنجي، نقلاً عن الشيخ حمد الجاسر في كتابه بلاد ينبع، لمحات تاريخية جغرافية، أن المصادر التاريخية التي تحت أيدينا لا تسعفنا بمعلومات مفصلة عن حالة الميناء وتطوره، وخاصة خلال القرنين الثاني عشر، والثالث عشر الهجري. إلاّ أننا ندرك من الإشارات الموجزة، والمذكورة في بعض الكتب أن ينبع أصبحت تتصف بالاستيطان الدائم في جميع شهور السنة، فقد مر بها الرحالة عبدالغني النابلسي في مطلع القرن الثاني عشر الهجري، ولم يذكر شيئًا يمكن قوله عن نمو وتطور مينائها... وفي مطلع القرن الثالث عشر الهجري، عندما عزم محمد علي باشا، والي مصر على غزو بلاد العرب، كان أول ما اتجه إليه هو إصلاح ميناء ينبع، إذ أمر بإقامة عدد من المباني الحكومية، والمستودعات، فانتعشت الحركة العمرانية في ينبع، ولكن في نهاية القرن الثالث عشر الهجري، بدأ شأن الميناء يتدهور لاختلال أمر الدولة التركية، وضعف نفوذها على المنطقة، حتى آل الأمر إلى انقطاع طريق الحج البري، الذي يمر على مقربة من الميناء، فتدهورت حالة ينبع الاقتصادية، والتي كانت كثيرًا ما تقوم على قدوم الحجاج إليها، حتى أصبحت قرية صغيرة.

3. المرحلة الثالثة: من 1351هـ – 1400هـ/ 1932م - 1980م

بقي حال ميناء ينبع متدهورًا حتى الربع الثالث من القرن الرابع عشر الهجري، إذ تعرض للإهمال مما أدى إلى اضمحلال أهميته، وضعف شأنه أكثر من ذي قبل، حتى غدا فاقد الأهمية الاقتصادية؛ لما جاوره لاسيما للمدينة المنورة.

ويرجع الرويثي، ذلك إلى جملة من الأسباب أهمها:

أ. الصراع السياسي، الذي مرت به المنطقة خلال الربع الأول من القرن الرابع عشر الهجري، بين القوى المحلية الحاكمة في أقاليم شبه الجزيرة العربية المختلفة، والذي كانت تشعل ناره وتستغله القوى الخارجية، ممثلة في الأتراك، الذين كانت لهم السيادة على معظم هذه الأقاليم، والإنجليز الباحثين عن موطئ قدم. وكان من نتاج هذا الصراع تدهور البلاد، أمنيًّا واقتصاديًّا، إلى جانب فقدان السلطة المسؤولة. إلاّ أن النتيجة النهائية التي تمخض عنها هذا الصراع هو انتصار السعوديين، وتغيير الخريطة السياسية للمنطقة، وذلك بتوحيد أقاليم شبه الجزيرة العربية، وقيام المملكة العربية السعودية عام 1351هـ (1932م) .

ب. على الرغم من قيام الدولة الجديدة، والذي صاحبه انتشار الأمن والاستقرار، فإن مواردها الاقتصادية المحدودة لم تساعدها على القيام بأية مشروعات في أجزائها المترامية الأطراف، وذلك خلال السنوات الأولى التي تلت توحيدها. وحتى بعد ظهور البترول عام 1938م، فلم تظهر إشارة على التطور الاقتصادي والاجتماعي إلاّ في أوائل الستينيات من القرن العشرين الميلادي.

ج. إن الاهتمام بميناء جدة، دون غيره من موانئ البلاد، أوجد نوعًا من الاهتمام، والعناية الخاصة التي ترتب عليها أن أخذت جدة أهمية الموانئ الأخرى، وخاصة ميناء ينبع، إذ أصبحت جدة بذلك بوابة الحرمين (مكة ـ المدينة) بصفة خاصة، وبوابة السعودية بصفة عامة.

د. رافق اكتشاف حقول البترول في المنطقة الشرقية ظهور مدن جديدة تموج بالحركة والنشاط الاقتصادي ، في الوقت، الذي ساد فيه الجمود الاقتصادي أجزاء أخرى من البلاد، والذي كان له أثر كبير في جذب أعداد كبيرة من المهاجرين للعمل بالمنطقة الشرقية، وكان من بين هؤلاء أعداد كبيرة من سكان ينبع، الذين كانت وجهة هجرتهم إما هذه المدن أو جدة أو الرياض.

إن أهم الموانئ في المملكة العربية السعودية التي ظهرت بعد توحيد البلاد هما جدة والدمام. وكلاهما أدخلا في مشروعات التوسعة منذ عام 1375هـ (1955م)، كما أن هناك موانئ في جازان، وينبع، والخبر، والقنفذة، ويُعدّ ميناء ينبع مفتاح التجارة إلى المدينة المنورة، وما جاورها من القرى، وقد زادت أهميته ابتداء من عام 1376هـ (1956م)، بعد إضافة تحسينات متواضعة عليه.

ولقد ظل ميناء ينبع محدود الأهمية، ولم يطرأ عليه تطور ذي بال، وفضلاً عن تدهورها، فإن سكان ينبع قاموا بالهجرة إلى مدن المملكة الأخرى سعيًا في طلب الرزق.

ويذكر الدكتور الرويثي، أن بداية تطور الميناء في عام 1381هـ (1961م)، إذ دخلت ينبع مرحلة جديدة من التغير الاقتصادي، والاجتماعي. فانطلاقًا من سياسة تطوير الموانئ في المملكة، وإيجاد موانئ على ساحل البحر الأحمر، مساندة لميناء جدة؛ ولأهمية الموقع بالنسبة للمدينة المنورة، والمنطقة الشمالية الغربية، بدئ في تنفيذ برنامج لتطوير ميناء ينبع.

وكان هذا البرنامج على النحو الآتي:

الخطة الأولى

الجزء الجنوبي من مدينة ينبع

على مقربة من المدينة، إذ يقع الميناء بدئ في إرساء قواعد الميناء الحديث لينبع عام 1381هـ (1961م)، وذلك ببناء رصيفين من الأسمنت عند الزاوية اليمنى من الساحل، ويبلغ طول الرصيف الأول 170 مترًا، والآخر 210 أمتار، ويصل عمق المياه إلى 10 أمتار عند المد العالي، و9 أمتار عندما تنخفض المياه، وهذا يعني أن السفن تستطيع الرسو مهما كانت أحوال المد والجزر. وقد زود الميناء في مرحلة التوسعة الأولى بالتجهيزات التالية:

أ. إقامة مبني لتجمع الحجاج القادمين عن طريق الميناء، وآخر لإدارة الميناء ومجمل مساحتهما 16.200 متر مربع.

ب. مستودع للشحن والتفريغ العابر، تابع للرصيف الشمالي مساحته 9.900 م2.

ج. مخازن مفتوحة إجمالي مساحتها 56.000 م2.

د. وإلى جانب ذلك تم تزويد الميناء بالآلات المساعدة التي تتمثل في ثماني رافعات حمولة 3 طن ، على مسافة 6 أمتار، وكذلك رافعتين حمولة الأولى 35 طنًّا، والأخرى 50 طنًّا، وإلى جانب ذلك عشر شوكات رافعة حمولة 2 طن.

وتدعيمًا لحركة الميناء، وتنشطيها، وضعت الجهات المختصة سياسة خاصة للميناء دون موانئ المملكة الأخرى، تمثلت في إعفاء بعض البضائع التي تدخل المملكة عن طريق ينبع من الضرائب والرسوم الجمركية، وكان الغرض من هذه السياسة هو تخفيف الضغط عن ميناء جدة من ناحية، وبعث الحركة والنشاط في ميناء ينبع من ناحية أخرى. ولقد ترتب على هذه التوسعة والسياسة الجمركية الخاصة بالميناء عدة نتائج من أهمها:

(1) الميناء قادرًا على استقبال السفن، التي لا تزيد حمولتها على 20 ألف طن، وإن كان معدل حمولة السفن التي تستعمل الميناء، يتراوح ما بين 10 آلاف و 16 ألف طن.

(2) بدأ الميناء يظهر في إحصائيات حركة النقل البحري في المملكة منذ عام 1381هـ (1961م)، وازدادت حركة الميناء الممثلة في عملية التفريغ، خاصة عام 1386هـ (1966م)، إذ انتهت تجهيزات المرحلة الأولى لتطوير الميناء.

ويورد فوزي أورقنجي، نمو الحركة في ميناء ينبع خلال الفترة ما بين 1381هـ ـ1390هـ (1961م-1970م). (اُنظر جدول نمو الحركة في ميناء ينبع خلال الفترة ما بين 1381هـ ـ1390هـ (1961م ـ1970م)) ويستنتج من الجدول عدة أمور، منها:

أ. التغير الكبير، الذي طرأ على حركة الميناء، وخاصة بعد تجهيزات المرحلة الأولى لتطويره، إذ بلغ عدد السفن القادمة إلى الميناء عام 1386هـ (1966م)، 75 سفينة، مقابل 24 سفينة في عام 1381هـ (1961م).

ب. زيادة حجم الواردات في عام 1386هـ (1966م) بمقدار 122468 طنًّا، عما كانت عليه عام 1381هـ (1961م)، فسجلت نسبة الزيادة خلال الفترة بين 1381هـ ـ 1386هـ حوالي 213.5% ، أي بزيادة سنوية قدرها 42.7%.

ج. مقدرة الميناء لاستقبال السفن ذات الحمولة الكبيرة نسبيًّا، وذلك بزيادة حجم الواردات، وقلة عدد السفن، فقد استقبل الميناء 229 سفينة في عام 1387هـ، وكان حجم الواردات التي أفرغتها 192479 طنًّا، فأنخفض عدد السفن إلى 183 سفينة في عام 1389هـ، بينما زاد حجم الواردات إلى حوالي 381349 طنًّا.

ويشير الرويثي، إلى أن نسبة الزيادة في أعداد السفن خلال الفترة نفسها بحوالي 667%، وفي البضائع المفرغة 946%، وهذا مؤشر على التحسينات والتجهيزات، والتسهيلات التي خص بها الميناء ، وبمقارنة حركة الميناء خلال تلك الفترة، بما كان عليه الوضع في مينائي جدة والدمام، يتبين أنه لا يزال دونهما بكثير، ويردّ هذا إلى عدة أسباب من أهمها:

(1) النقص في التسهيلات.

(2) إغلاق قناة السويس عام 1967م.

(3) الاعتماد على مينائي جدة والدمام دون غيرهما، لتوافر التسهيلات الاقتصادية فيهما من بنوك وملحقيات تجارية عالمية. مما لا يتوافر في ميناء ينبع.

وقد يرجع ذلك، أيضًا، لأسباب أخرى تتصل باتجاهات حركة الصادرات والواردات إلى الدولة غالبًا، إذ لا يزيد نصيب ميناء ينبع في حركة النقل البحري على 15% في المتوسط من جملتها العامة في المملكة.

وهكذا استمر ميناء ينبع يستقبل السفن محملة بمختلف البضائع، مثله في ذلك مثل باقي موانئ المملكة العربية السعودية، إذ كانت تؤدي دورها وفقًا لاحتياجات البلد من الواردات، واستقبال الحجاج، ولكنها بعد عام 1395هـ (1975م)، وبسبب النهضة الشاملة التي عمت البلاد بعد الطفرة الاقتصادية، وترتب على ذلك زيادة حجم الواردات لتلبية احتياجات التجهيزات الأساسية التي كانت قد بدأت تتحول إلى واقع ملموس بعد نهاية خطة التنمية الأولى 1390هـ ـ 1395هـ، وبداية خطة التنمية الثانية 1395هـ ـ1400هـ، فقد كان وضع الموانئ في رمضان 1396هـ (قبل إنشاء المؤسسة العامة للموانئ)، (اُنظر جدول حركة موانئ المملكة العربية السعودية في شهر رمضان 1396هـ)، وقد كتب (يوجين كاستيل)، عن الازدحام في ميناء جدة (في خريف 1976م)، يقول:

"على الرغم من الحاجة الماسة للبضائع الواردة عن طريق الميناء؛ لمواجهة حركة البناء والتشييد المزدهرة، فإن مدة انتظار السفينة وتفريغها التي لها الأولوية القصوى في التفريغ تصل إلى أربعين يومًا".

وكان من الأمور المألوفة أن تنتظر السفينة من شهرين ونصف إلى ثلاثة أشهر، وفي بعض الحالات كانت مدة انتظار السفن في الميناء تصل إلى خمسة، أو ستة شهور.

ومن خلال (جدول حركة موانئ المملكة العربية السعودية في شهر رمضان 1396هـ) يتضح أن ميناء ينبع على الرغم من صغره إلاّ أنه في شهر رمضان 1396هـ كانت هناك 19 سفينة تنتظر دورها لتقوم بتفريغ 178790 طنًّا. أي أن هناك ازدحاماً شديداً، وفترة طويلة لانتظار تفريغ حمولة السفن.

ويورد الدكتور الرويثي، أن المتوسط الشهري للسفن التي كانت تصل إلى ميناء ينبع 7 سفن، تحمل حوالي 60 ألف طن شهريًّا في الوقت الذي كانت فيه طاقة الميناء لا تزيد على 52 ألف طن شهريًّا، مما يجعل البضائع الواصلة للميناء تزيد على حجم طاقته بحوالي 8 آلاف طن، أي بزيادة نسبتها 15% عن الطاقة الاستيعابية للميناء. ونتج عن هذا الوضع، الذي ساد ميناء ينبع والموانئ السعودية الأخرى نتائج سلبية، مثل انتظار السفن لفترة طويلة قد تزيد على الشهرين، وتعرض الاقتصاد الوطني لخسائر مادية نتيجة رسوم التأخير في التفريغ.

وتذكر المؤسسة العامة للموانئ، أن التكاليف المالية المباشرة لأزمة الموانئ على الاقتصاد الوطني في عام 1396هـ قد قدرت بحوالي 2 بليون ريال (مع احتساب أجور الشحن الإضافية التي فرضت على البضائع من قبل أصحاب السفن، واحتساب التكاليف المرتفعة للتفريغ في عرض البحر).

وكان هذا الوضع كفيلاً بأن تهتم الجهات المختصة للإسراع في تطوير الموانئ، وزيادة كفاءتها، وقدرتها الاستيعابية. ففي غرة شهر رجب 1397هـ (يونيه 1977م)، تم دمج الموانئ الرئيسة في المملكة العربية السعودية، تحت الرئاسة الموحدة للمؤسسة العامة للموانئ. (اُنظر جدول تطور الحركة في ميناء ينبع خلال الفترة 1396 هـ ـ 1400 هـ /1975 ـ 1980م)

وقد أنيط بهذه المؤسسة مسؤوليات تشغيل وتحديث الموانئ، والإشراف على سياستها، واستحدث لها منصب رئيس المؤسسة العامة للموانئ، ورئيس مجلس الإدارة، بمرتبة وزير، يتصل مباشرة برئيس مجلس الوزراء.

وقد اتخذت المؤسسة العامة للموانئ في سبيل القضاء على أزمة الموانئ إجراءات فورية، وجذرية، استهدفت بصفة أساسية:

أ. زيادة إنتاجية الموانئ عن طريق التوسع في إدخال أساليب التفريغ الفنية الحديثة.

ب. تشجيع الشحن على بواخر (الرو ـ رو) والحاويات.

ج. إدخال تعديلات أساسية على إجراءات الموانئ ولوائحها، وقد قدرت التكاليف المالية المباشرة لأزمة الموانئ على الاقتصاد الوطني عام 1396هـ (مع احتساب أجور الشحن الإضافية التي فرضت على البضائع من قبل أصحاب السفن، واحتساب التكاليف المرتفعة للتفريغ في عرض البحر)، بحوالي 2 بليون ريال (ألفي مليون ريال).

ونتيجة لسياسة المؤسسة العامة للموانئ فقد نجحت في فك الاختناق، الذي كانت تعانيه الموانئ، خلال فترة وجيزة تقدر بحوالي ستة شهور. وكان اتخاذ القرار الفوري، عاملًا رئيسًا في إيقاف خطر زيادة التضخم الاقتصادي الواضح خلال الفترة المبكرة من خطة التنمية الثانية (1395هـ ـ 1400هـ) الموافق (1976م ـ 1980م)، ولم يكن ذلك ممكنًا إلاّ عن طريق التسهيلات المتطورة والسريعة، وبرنامج الترشيد العملي.

ويمكن إبراز ملامح التطور الأولي من خلال المقارنة في نسب التطورات في موانئ المملكة خلال عامين فقط، وهما 1396/1397هـ ـ 1976م ـ 1977م.

وقد تحققت نتائج بارزة من خلال سلسلة الإجراءات التي بدأتها المؤسسة العامة للموانئ وذلك لمواجهة احتياجات الضغط على الموانئ، وأهم هذه الإجراءات هي:

(1) تنفيذ خطط التوسع في الموانئ باستكمال إنشاء الأرصفة الجديدة، والتجهيزات الأساسية، والمرافق اللازمة في طاقة الموانئ الرئيسة.

(2) تحديث أساليب المناولة للبضائع، وتوحيد وسائلها.

(3) كمال خطوات العمل بفكرة الأرصفة، والتجهيزات المتخصصة.

(4) كمال شبكة الاتصالات الحديثة الداخلية والخارجية.

(5) استحداث الأساليب الإدارية المتبعة في جميع الأعمال داخل الموانئ، والتدريب المستمر لرفع كفاءة العاملين.

(6) الاستمرار في إصدار الأنظمة الكفيلة بتيسير العمل وتنظيمه وفقًا لمبادئ محددة وواضحة.

وتُعدُّ الطاقة الإنتاجية للأرصفة ، أكثر أهمية للمتعاملين مع الموانئ من العدد الفعلي للأرصفة، وقد نجحت المؤسسة العامة للموانئ في تحقيق الهدف، الذي وضعته، لرفع طاقة التفريغ اليومية للرصيف الواحد إلى ألف طن وزني، وتم تجاوز هذا الرقم أحيانًا.

ويرجع الفضل في ذلك إلى التركيز على استخدام المعدات الحديثة بصورة فعالة. وتشير الأرقام الخاصة بمعدات الموانئ، والواردة في سياق هذا البحث إلى مدى ما أنفق لتوفير الآلات والمعدات الحديثة لمناولة البضائع، بما يضمن خفض تكلفة التفريغ، والإسهام بشكل إيجابي في تدفق السلع المختلفة إلى الأسواق المحلية، وخدمة الاقتصاد الوطني.

وقد كانت ظاهرة تعدد نوعية المعدات المستخدمة في مناولة البضائع مشكلة تعاني منها موانئ المملكة العربية السعودية، إذ على سبيل المثال كانت الرافعات الشوكية المستخدمة في ميناء جدة الإسلامي من إنتاج ثماني شركات مختلفة، مما اقتضى توفير قطع غيار وميكانيكيين لخمسة وعشرين صنفًا من الرافعات الشوكية، وينطبق هذا على العديد من الأصناف الأخرى من معدات الموانئ.

وبتطبيق سياسة توحيد المعدات، تحققت نتائج إيجابية، ظهرت بشكل خاص في تبسيط إجراءات المشتريات، وتسهيل تدريب مشغلي المعدات، وإجراء الصيانة، وزيادة فعالية التدريب، وتوفير المرونة في استخدام الفنيين، وتخفيض المخزون من قطع الغيار، وتأمين صيانة أسرع للآلات والمعدات.

وقد حرصت المؤسسة على إلزام الشاحنين برص البضائع على طبليات، أو تخزينها في وحدات سهلة المناولة، وأدى ذلك إلى اختصار وقت تفريغ السفن، وتقليل الأضرار بالبضائع إلى أدنى حد.

وفتح السبيل إلى الاستخدام الكامل للمعدات الجديدة لمناولة البضائع، فارتفعت بذلك إنتاجية العمل.

وقد شجعت المؤسسة أصحاب البضائع على تسلم بضائعهم بأسلوب التسليم المباشر، الذي يتمثل في قيام أصحاب البضائع بتوفير عدد كاف من الشاحنات لتسلم بضائعهم من السفن مباشرة دون مناولة إضافية إلى الرصيف، مما أدى إلى خفض تكاليف المناولة إلى النصف.

وقد قامت المؤسسة بتجميع عمليات المناولة المكملة لعمليات التفريغ، وقضت على الازدواجية المبددة، أو عدم التنسيق الراجع إلى وجود عدة شركات تعمل مستقلة، فأدى أسلوب العمل المتكامل إلى جعل مقاول الشحن والتفريغ مسئولاً عن جميع مراحل العمل بدءًا من تفريغ البضائع من السفينة، وانتهاءً بتسليمها إلى وسائل نقل أصحابها عن طريق الرصيف أو المستودع، وهذا يجعل جهود مقاول الشحن والتفريغ في منافسة المقاولين الآخرين لا تتوقف بعد الفوز في العطاء، وإنما تستثمر للمحافظة على كفاءته بإشراف المؤسسة العامة للموانئ.

لقد تزامنت مجهودات المؤسسة العامة للموانئ مع تطوير لميناء ينبع، فقد بدأ تنفيذ الخطة الثانية لتطوير الميناء في عام 1396هـ/1976م، والتي استندت على الأسس التالية:

الخطة الثانية

أ. زيادة عدد الأرصفة

لقد ظل الميناء يعتمد على رصيفين في أداء وظيفته منذ عام 1386هـ وحتى عام 1398هـ (1966م ـ 1978م )، بعد ذلك أي في النصف الأول من عام 1398هـ تم بناء رصيفين أي بزيادة قدرها 100% مما كانت عليه سابقًا. ولكن وجد أنها غير كافية لمواجهة النمو والتطور الذي أخذت تشهده المنطقة فدعمت بخمسة أرصفة أخرى حتى عام 1400هـ/1980م. (اُنظر جدول نمو الأرصفة وأطوالها في ميناء ينبع خلال الفترة 66/1978م ـ 1978/1980م)

وقد نتج عن زيادة عدد الأرصفة زيادة في عدد أطوالها، إذ زادت على مدى 14 سنة بمقدار 1566 مترًا، وهذه الزيادة تحققت في عامي 1398هـ ـ1400هـ (1978م ـ 1980م). وقد ساعد على إنجاز هذا التوسع وجود الجبهة المائية الفسيحة للميناء التي تمكنه من التوسع ، وخاصة في الأجزاء الجنوبية، التي بدئ فيها بإقامة أرصفة الميناء البترولي التابع لمنطقة ينبع الصناعية.

وتوجد في جميع الأرصفة التي أنشئت في الميناء شمعات رباط، ذات قوة تحمل 100 طن، إلى جانب إمكاناتها لاستقبال السفن التي لا يزيد غاطسها على 10.3 متر، وحدد هذا الغاطس لسلامة الميناء والبواخر.

ونتيجة لوجود هذا العدد من الأرصفة أصبحت طاقة الميناء تقدر بنحو 2.7 مليون طن سنويًّا في عام 1400هـ/1980م، أي بمعدل 4700 طن يوميًّا – مقابل 1.6 مليون طن سنويًّا في عام 1398هـ/1978م.

ب. التخصص في الأرصفة

يوجد في ميناء ينبع 9 أرصفة ، منها 8 أرصفة للبضائع العامة، والآخر خصص للأسمنت، وذلك توفيرًا للوقت، ورغبة في مساعدة المستوردين في توفير احتياجاتهم من الأسمنت لسد حاجة البلاد من هذه المادة.

فالرصيف الذي خصص للأسمنت هو رصيف الرقم 3 بطول 160 مترًا، وعمق 12 مترًا لاستقبال سفن الأسمنت السائب، وعلى مقربة منه أنشئت محطة لتفريغ الأسمنت السائب وتعبئته، وتُعدّ من أكبر المحطات حجمًا، والأولى من نوعها في الشرق الأوسط، وبلغت تكاليف إنشائها مائة مليون ريال. وبدئ في تنفيذها عام 1397هـ/ 1977م، وانتهى العمل في ذي القعدة 1398هـ (أكتوبر 1978م). وتتكون من صومعتين تتسع كل واحدة منهما لنحو 20 ألف طن، ويتم تفريغ الأسمنت عن طريق أنابيب شفط محملة على أبراج ترتفع تدريجيًّا حتى أعلى منسوب لصوامع المحطة. ومعدل التفريغ من السفن للصومعة 500 طن / ساعة، وتقوم بتعبئة 2000 كيس / ساعة، وتبلغ طاقتها الإنتاجية 750 ألف طن معبأ وسائب سنويًّا، وتقوم شركة أسمنت ينبع بتشغيل المحطة.

ج. الممر الملاحي

تم تطهير الممر الملاحي من العوائق والصخور المرجانية مما جعله سهلاً ومهيأ لمرور أكبر السفن، فقد أصبح طوله 1800 متر، وعرضه 200 متر، وعمق المياه 12 مترًا، وحوض قطر الدوران 350 مترًا.

د. المخازن والمستودعات

تم توفير ساحات مكشوفة مسفلتة لتخزين البضائع، تبلغ مساحتها الكلية 467 ألف م2، وسبعة مستودعات مساحتها الكلية حوالي 43 ألف متر مربع، بالإضافة إلى مستودع كبير جدًّا بلغت مساحته 34.2 ألف متر مربع، يساعد في تخزين أكبر كمية من المواد الغذائية، وبذلك ترتفع المساحة الإجمالية للمخازن والمستودعات إلى نحو 544 ألف متر مربع.

هـ. صالة استقبال الحجاج

تم بناء صالة استقبال الحجاج عام 1398هـ، وهؤلاء الحجيج يفدون إلى المملكة العربية السعودية بحرًا عن طريق الميناء، وهم في معظمهم من مصر وشمال أفريقيا، وتقع صالة الحجاج تلك إلى الشرق من ينبع، وتبلغ مساحتها أكثر من 11 ألف متر مربع، وتضم 144 عنبرًا سعة كل منها 30 حاجًّا، ومزودة بمطعمين سعة كل منهما 500 حاج.

إضافة إلى ذلك تم تجهيز الميناء بالقاطرات، والوحدات العائمة، وتم رفع قدرة الميناء الاستيعابية من خلال تطبيق أسلوب العمل المستمر في التفريغ والتحميل طوال 24 ساعة يوميًّا. وعلى مدار العام، بما في ذلك الإجازات.

4. المرحلة الرابعة: 1400هـ ـ 1420هـ/ 1980م ـ 2000م

زاد تطور الميناء من الناحية الحضرية، إذ أدخل فيه مكافحة التلوث البيئي، وزود بسفن تعمل على مراقبة الميناء والحفاظ عليه من التلوث.

لقد بقي عدد الأرصفة تسعة كما في المرحلة السابقة، ولكن الميناء أصبح في بداية هذه المرحلة يستقبل السفن التي وصل عددها إلى 380 باخرة في عام 1403هـ/ 1983م. ويُعدّ هذا العام هو عام الذروة بالنسبة لتلك المرحلة، حتى أنه بلغ الوزن الطني لحمولة البواخر من البضائع الواصلة ـ والتي تم تفريغها في الميناء خلال هذا العام (1403هـ) ـ حوالي 3.13 مليون طن.

في عام 1403هـ، بدأت تظهر إحصائيات واردات ميناء الملك فهد الصناعي وصادراته بينبع، وذلك في   إحصاءات المؤسسة العامة للمواني، وأصبحت صادراته ووارداته تزداد سنــة بعـد أخرى، كل ذلك كان على حساب الحركة التجارية لميناء ينبع التجاري، الذي بدأت تتناقص أعداد البواخــر الواصلـة إليه. إذ نقص عددها حوالي (100) باخرة في عام 1404هـ/ 1984م، وتوالى تناقص أعداد البواخر الواصلة إلى ميناء ينبع حتى وصل عددها إلى 32 باخرة في عام 1419هـ/ 1999م. وكان يقابل ذلك تناقص في الوزن الطني لحمولة البواخــر الواصلة لميناء ينبع، إذ بلغت نصف طن في عام 1419هـ بعد أن كانت أكثر من ثلاثة ملايين طن في عام 1403هـ/ 1983م. (اُنظر جدول أعداد البواخر وحمولتها بالوزن الطني في ميناء ينبع وحمولتها خلال الأعوام 1402ـ 1406هـ (1982ـ 1999)) و(جدول عدد وأنواع البواخر الواصلة إلى ميناء ينبع التجاري وحمولتها خلال الأعوام 1402 ـ 1406هـ (1982  ـ 1986م)) و(جدول عدد وأنواع البواخر الواصلة إلى ميناء ينبع التجاري وحمولتها خلال الأعوام 1407 ـ 1412هـ (1987 ـ 1992م)) و(جدول عدد وأنواع البواخر الواصلة إلى ميناء ينبع التجاري وحمولتها بالطن الوزني خلال الأعوام 1413 ـ  1419هـ (1993 ـ 1999م)) و(جدول بيان بالبضائع التي تمت مناولتها خلال السنوات 1397 ـ 1402هـ (1977 ـ 1982م) (بالطن المتري) في ميناء ينبع التجاري) و(جدول بيان بالبضائع التي تمت مناولتها خلال السنوات 1403 ـ 1411هـ (1983 ـ 1991م) (بالطن المتري) في ميناء ينبع التجاري) و(جدول بيان بالبضائع التي تمت مناولتها خلال السنوات 1412 ـ 1419هـ (1992 ـ 1999م) (بالطن المتري) في ميناء ينبع التجاري) و(جدول أعداد المواشي التي تمت مناولتها لميناء ينبع التجاري خلال الأعوام من 1397 ـ 1419هـ (1977 ـ 1999م)) و(جدول أعداد السيارات التي تمت مناولتها لميناء ينبع التجاري خلال الأعوام من 1397 ـ 1419هـ (1977 ـ 1999م)) و(جدول الواردات والصادرات من البضائع لميناء ينبع خلال السنوات من عام 1402 ـ 1419هـ (1982 ـ 1999م))



[1] الفرضه: المكان الطبيعي الملائم لرسو السفن.