إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
  

91 ـ ابن الهيثم (965م ـ 1039م)

هو الحسن بن الحسن كنيته أبو علي. ولد في البصرة عام 965م وعمل فيها فترات متقطعة زار خلالها الأهواز وبغداد، ثم فضل ترك الوظيفة والتفرغ للدرس والتأليف. وحدث أن نقل عن لسانه إلى الحاكم بأمر الله الفاطمي أنه قال: "لو كنت في مصر لعملت بنيلها عملاً يحصل النفع في كل حالة من حالاته من زيادة ونقصان"، فاستقدمه الحاكم بأمر الله وأجزل له العطاء، وكلفه دراسة مجرى النيل. فقام ابن الهيثم مع فرقة هندسية يتبع مجرى النيل حتى وصل إلى مكان معروف بالجنادلي بالقرب من خزان

أسوان اليوم، حيث ينحدر النهر بشدة. وقضى هناك شهراً، ثم لما وجد، بعد الدراسة، أن المصريين القدماء سبقوه إلى ما يفكر به، وأن الإمكانات العلمية المتوافرة قليلة لتطوير ذلك، رجع إلى الحاكم واعتذر منه، فعذره الحاكم واستمر في إكرامه. ثم انعزل ابن الهيثم في الجامع الأزهر يؤلف وينسخ حتى توفاه الله.

كانت الحركة الفكرية، في عصر ابن الهيثم، ناشطة، فكثرت الترجمات العلمية إلى العربية. وقد درس ابن الهيثم ما حصل عليه من كتب الأقدمين، وعمد إلى تلخيصها وشرحها، فتعددت مقالاته ومصنفاته حتى بلغت حوالي ثلاثة وأربعين كتاباً في الفلسفة والعلوم، وخمسة وعشرين في الرياضيات والعلم التطبيقي، فضلاً عن كتاب في الطب لخص فيه ثلاثين كتاباً لجالينوس. لكن أشهر كتاب له هو "المناظر".

ويضم كتاب المناظر لابن الهيثم سبع مقالات، هي:

1. في كيفية الإبصار بالجملة.

2. المعاني التي يدركها البصر وعللها وكيفية إدراكها.

3. أغلاط البصر في ما يدركه على استقامة وعللها.

4. كيفية إدراك البصر بالانعكاس عن الأجسام الصقيلة.

5. مواضع الخيالات.

6. أغلاط البصر في ما يدركه بالانعكاس وعللها.

7. كيفية إدراك البصر بالانعطاف من وراء الأجسام المشفة، المخالفة الشفيف لشفيف الهواء.

أهم آراء ابن الهيثم في علم البصريات

كان المعتقد أن الإبصار يتم بخروج عناصر من العين أو شعاع على شكل مخروطي، يصب على الشيء المرئي ليحدث الإبصار. أما ابن الهيثم فقد قال إن الإشعاع ـ أو الضوء ـ نوعان، يصدر إحداهما عن الأجسام المضيئة بنفسها كالشمس والنار، ونوع عريض يعكس ضوء غيره كالقمر والمرآة، وقال إن الأشياء تعكس النور وتصيب العين فيحدث الأبصار، وإلاّ فلماذا لا ترى العين ـ وهي سليمة ـ في الظلام؟! ودرس ابن الهيثم نفوذ الضوء فقال إنه لا ينفذ في الأجسام الكثيفة بل في الأجسام الشفيفة، لذلك هو ينعكس عن الأجسام الصقيلة، وتحدث هنا على الانعطاف أو الانكسار أي: Refraction، وتنبه "لسرعة الضوء" دون تحديده.

وأراد ابن الهيثم أن يحسم حقيقة الإبصار، فأستقرأ الموجودات، وجرب وبحث وقال: "لعلنا بهذه الطرق إلى الحق، الذي يثلج الصدور ونصل بالتدريج والتلطيف إلى الغاية التي معها يقع اليقين، ولكننا نجتهد بقدر ما لنا من القوة الإنسانية". ومن تجاربه الرائدة أنه أتى بوعاء زجاجي كبير فيه حليب، ووضعه في غرفة مظلمة كثر فيها الغبار، ثم أدخل إلى الغرفة شعاعاً من الضوء عبر ثقب صغير، فتبين له أنه إذا وضع وعاء الحليب في طريق الشعاع انكسر الشعاع عند سطح السائل ومال نحو القعر، متخذاً طريقاً أقصر مما لو كان الوعاء مليئاً بالهواء، وكان من السهل رؤية الشعاع في الغبار، وفي الحليب. كما أنه استطاع وصف أجزاء العين وطبقاتها بالتجربة، لتبيان عملها في نقل صور المرئيات إلى الدماغ. وقد أصاب في وصف العين تماماً ونقلت عنه تسميات أقسامها إلى اللغات الأجنبية.

وفي تاريخ علم البصريات مسألة عرفت ـ ولم تزل ـ بمسألة ابن الهيثم، أهتم لها علماء كبار شرحوها وانتقدوها، وقد تفننوا فيها متناولين بعض أوجهها، هي مسألة الانعكاس عن سطح مرآة كروية مقعرة. ومع أن العلماء زادوا فيها وبسطوها، لكنها لم تزل تحمل إلى اليوم أسم: مسألة ابن الهيثم.

منهج ابن الهيثم علمي، عملي، فقد كان رياضياً وفيلسوف محيطاً بالعلوم الطبيعية، يستطيع التخّيل، وتنظيم البحوث والتجربة معاً. وكانت مؤلفاته مبوبة تحوي المصطلحات العلمية المحددة. أسلوبه العلمي الواضح صار نموذجاً للعلماء. وأحاطته بالعلوم وأبحاثه لم تكن أبداً نفعية لنفسه، بل صدرت عن محب للعلوم راغب في المعرفة ونشرها. كان يسعى وراء الحقيقة، متجرداً، مستعيناً بالاستقراء والقياس، وهي الأساليب العلمية التي يمكن أن توصله إلى أهدافه.

لم ينل ابن الهيثم شهرة كبيرة في الشرق لإنجازاته العلمية، ربما لقلة من استفاد منها. وقد عُرف أكثر بأخباره المروية في التطيب وبمغامراته السياسية، وربما عرف بعض الشهرة أيام الحاكم بأمر الله ثم قضى عليها انعزاله. أما في الغرب، فقد عرفوا قيمته منذ القرن الثالث عشر، ونقلوا عنه معجبين ومؤكدين عبقريته في العلوم البصرية. فقد تأثر به وكتب عنه فيتلو في رسالته عن الضوء، وكذلك بايكون في بحوثه الفلسفية والعلمية، وكثيرون وردت أسماؤهم وكتبهم في الموسوعات العالمية. وقد ترجمت كتب ابن الهيثم إلى اللغات: العبرية والأسبانية والإيطالية واللاتينية والإنجليزية والفرنسية، مرات عديدة.

لقد كان ابن الهيثم من أكبر العلماء في الشرق وفي الغرب، باعتراف الجميع، "وعلم البصريات وصل إلى أعلى درجة في التقدم بفضله وليس غريباً أن يكون الفلكي العظيم كيبلر قد أخذ عنه ما توصلإليه من اكتشافات في علم البصريات، خاصة ما يتعلق بتكسير الأشعة الضوئية في الجو، كما أكد ذلك العالم الفرنسي لوتيرفياردو".

من مؤلفاته

ـ كتاب المناظر.

ـ كتاب الجامع في أصول الحساب.

ـ مقالة في بركار الدوائر العظام.

ـ مقالة في خواص المثلث من جهة العمود.

ـ مقالة في الضوء.

ـ كتاب صورة الكسوف.

ـ سمت القبلة بالحساب.

ـ كتاب في هيئة العالم.