إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
  

259 ـ حليمة السعدية

هي حليمة بنت أبي ذويب عبد الله بن الحارس، من بني سعد بن بكر، من هوازن، وزوجها أبو كبشة الحارث بن عبد العزّى، من بني سعد بن بكر أيضاً. ومنازلهم بادية الحديبية بالقرب من مكة. وكانت عادة أهل مكة أن يسترضعوا أولادهم في البادية ليشبوا أقوى أبداناً وأفصح ألسنة. وكانت المرضعات يقدمن إلى مكة من البادية ويفضلن من كان أبوه حياً ليزيد من إكرامهن. وقدمت حليمة السعدية مع قومها يلتمسن الرضاع من أبناء مكة، فرجعت صواحباتها بأبناء مكة، ولم تجد هي أحد ترضعه سوى اليتيم محمداً صلى الله عليه وسلم، وقالت حليمة: "قدت في سنة شهباء ( أي جدباء ) على إتان لي ومعي صبيّ لنا، وشارف ( أي ناقة )، فقدمنا مكة، فوالله ما علمت منا امرأة إلا وقد عُرض عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فتأباه. إذا قيل أنه يتيم الأب، فوالله ما بقي من صواحبي امرأة إلا أخذت رضيعاً غيره، فلما لم أجد غيره قلت لزوجي إني لأكره أن أرجع من بين صاحباتي وليس معي رضيع، لأنطلقن إلى ذلك اليتيم فلآخذنه" فأخذته حليمة ووجدت بركته في شارفها، وثديها، وآل بيتها، وأغنامها، وأرضها التي كانت تعاني من الجدب.
كان رسول الله يرتضع من ثديها الأيمن ويترك ثديها الأيسر لأخيه من الرضاع أُنيسه. ونشأ رسول الله في بادية بني سعد كأفضل ما يشب الغلمان. ولكن حليمة ارتاعت عندما وصفت لها ابنتها جذامة ( الشيماء ) حادثة شق الصدر وخافت على الغلام أن يصيبه مكروه، فأعادته إلى أمه. ثم إن حليمة افتقدت الرسول محمداً، وافتقدت بركته، وأصابها من اللوعة والشوق إليه ما دفعها إلى الذهاب إلى أمه مرة أخرى لتحتمله، فأذنت لها بأخذه لما رأته من حُسن رعاية حليمة به ونموه المتكامل السريع.
وقد أرضعته حليمة بلبان ابنها أُنيسه، وكانت الشيماء تحتضنه وتلعب معه وتذهب به إلى المرعى. وقد أرضعت حليمة السعدية بالإضافة إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم، حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه، سيد الشهداء وعم النبي المجتبى، وأخو النبي من الرضاعة. كما أرضعت حليمة أيضاً أبا سفيان بن الحارث بن عبد المطلب، ابن عم النبي، وكان شديد العداوة للنبي، إلا إنه أسلم يوم فتح مكة وحسن إسلامه. وهو من الشعراء الشجعان.
وإخوان النبي من رضاعة حليمة السعدية: كبشة، وأُنيسه، والشيماء ( جذامة )، أولاد الحارث بن عبد العزّي بن رفاعة السعدي زوج حليمة. وكانت قريش في معاداتها للنبي تدعوه بابن أبي كبشة.
وذكر أهل التاريخ والسير أن حليمة قدمت إلى مكة بعد أن تزوج النبي خديجة بعد أن أصابتها سنة وجدب، فأعطتها خديجة أربعين شاة، واختلف في إسلامها، فمنهم من قال أنها ماتت في بادية بني سعد، ومنهم من قال أنها قدمت المدينة هي وزوجها وابنتها الشيماء فأسلموا.