إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

           



( تابع ) الدورة العادية الحادية والعشرون لمجلس وزراء منظمة الوحدة الأفريقية في أديس أبابا 17 - 24 مايو 1973
المصدر: " قرارات وتوصيات وبيانات منظمة الوحدة الأفريقية 1963 - 1983، وزارة الخارجية، جمهورية مصر العربية ، ط 1985، ص 250 - 272 "

التى تؤثر في السلام والأمن والتقدم وتقرير المصير في العالم.

         وفيما يتعلق بمشكلات تصفية الاستعمار - أولينا منذ قيام منظمتنا اهتماما خاصا لتحرير أفريقيا بأسرها. وبعد عشر سنوات وفي الوقت الذي نقف فيه على مشارف عقد جديد لا يسع المرء الا أن يدرك أن البلدان الأفريقية تعرضت طوال العشر سنوات الماضية - بل وما زالت تتعرض- لأبشع أنواع الاستعمار والعنصرية وأبغض أشكال القمع. وفي هذه المناسبة التاريخية نؤكد من جديد التزامنا الكامل والصريح بمواصلة النضال ضد السيطرة الاستعمارية والعنصرية على القارة فما زال هذا يشكل أعظم تحد للوحدة الأفريقية.

         تبنينا هذه السياسة عام 1963 استجابة للأمانى المشروعة والعميقة لشعوبنا وأن هذه السياسة لا تعتبر مجرد مشاركة عاطفية أساسها المصالح وأمرا فرضته علينا الظروف بقدر ما هي نابعة من الادراك للمصير المشترك لكل شعوب القارة الأفريقية. فالانتصارات التي حققها النضال المسلح الذي تشنه الشعوب التي ما زالت تخضع للسيطرة الاستعمارية والعنصرية يمثل في واقع الأمر عاملا من أهم العوامل في دعم استقلال الدول الأفريقية كما أن الانتصارات التى أحرزتها هذه الدول سوف تؤدى فضلا عن تعزيز استقلالها الى ضمان استمرار مسيرة النضال التحررى.

         أثناء العقد الذى انقضى سجلت منظمة الوحدة الأفريقية بارتياح نيل بعض الدول استقلالها. أما في البلدان التى ما زالت تخضع للسيطرة الاستعمارية والعنصرية والقمع مثل أنجولا وغينيا بيساو وجزر الرأس الأخضر وموزامبيق وجنوب أفريقيا وناميبيا وروديسيا وجزر الكومورو وساحل الصومال المسمى بالفرنسي ( جيبوتى ) والصحارى المسماه بالأسبانية وسيشيل وجزر ساوتومى وبرنسيب، فقد أجبر العدو بقوة السلاح على التخلى عن مناطق شاسعة يجرى الآن تنظيم الحياة فيها من جديد على أسس كريمة.

         اننا نعرب عن عميق ارتياحنا لاقامة تنظيمات سياسية واجتماعية واقتصادية وادارية جديدة في هذه المناطق المحررة الواسعة التى أصبحت نتيجة النصر العسكرى تدلل على السيادة التى تمارسها الحركات التى تقود النضال في هذه البلدان.

         وسواء في المنظمات الدولية أو على مستوى الرأي العام العالمي فقد استطاعت عدالة قضية التحرير الوطني والنجاح الذى تم احرازه التغلب على عناد وتحدى الدول الاستعمارية. ولقد اتضح ذلك من خلال تأكيد شرعية الكفاح المسلح الذى تشنه حركات التحرير بالاعتراف بهذه الحركات كممثلة حقيقية لشعوبها المناضلة.

         ولكن في الوقت الذى يتقدم فيه النضال المسلح يتضح يوما بعد يوم أن المعونات الضخمة التى يقدمها حلفاء الاستعمار والعنصرية - خاصة بعض الدول الأعضاء في حلف الأطلنطى - هي وحدها التى تمكن الأنظمة العنصرية الخسيسة للبرتغال وجنوب أفريقيا وروديسيا من مواصلة سيطرتها البغيضة.

         وهذه المساعدات المتعددة الجوانب هى التى تشكل الآن أكبر عقبة تعترض سبيل الاستقلال.

         ورغم هذه المعونات الهائلة فإن الأنظمة الاستعمارية والعنصرية غير قادرة على صد التيار الجارف للكفاح من أجل التحرير الوطني، وتضطر هذه الأنظمة الى اللجوء إلى المناورات والإقدام على محاولات لاشاعة الفرقة بين صفوف الشعوب المستعمرة ومن أبرز هذه المحاولات اقامة البانتوستانات وأفرقة الحرب.

         ان هذه الأنظمة تلجأ نتيجة الذعر الذى استولى عليها الى أعمال الابادة وعمليات القصف الشامل للمناطق المحررة وإلى استخدام المواد الكيمائية الضارة والمبيدة للمحاصيل الزراعية، واعتقال آلاف الأشخاص في معسكرات الاعتقال والاغتيالات السياسية وتدبير العدوان العسكري والاقتصادى ضد البلدان الأفريقية المتاخمة للاقاليم المناضلة.

         وعلى مستوى المحافل الدولية وخاصة الأمم المتحدة نجد أن الدول الضالعة في استغلال موارد البلدان المغلوبة على أمرها هى ذاتها المسئولة عن فشل الأمم المتحدة في العمل على تطبيق قراراتها ومقرراتها.

         ورغم ما تتعرض له شعوبنا من الاعتداءات الكثيرة ما زلنا مؤمنين بالنصر النهائي في النضال. وايمانا منا بمبادئنا وضعنا اعلان لوزاكا الذى أوضحنا فيه أهدافنا وفلسفتنا السياسية من أجل قيام عهد يرفرف عليه بحق الوئام بين الأجناس والعدالة الاجتماعية وترسيخ كرامة الانسان واحترامه في أفريقيا، ولقد قبلت الأمم المتحدة موقفنا هذا.

         وقمنا بارسال بعثات نوايا حسنة بغية التأثير في الدول العظمى التى تساند عدونا لكى تقطع معوناتها الى هذه الأنظمة التى تمارس الاستعمار والفصل العنصرى البغيض.

         وازاء عناد وصلافة الأنظمة الاستعمارية والعنصرية من جهة وتواطؤ بعض دول الغرب من جهة أخرى، انتهينا الى أن السبيل الوحيد أمامنا لتحرير بقية القارة يتمثل في تكثيف النضال المسلح الذى تشنه حركات التحرير، كما أكدنا من قبل بوضوح في اعلان مقديشيو.

         ومن ثم فاننا نؤمن اليوم أكثر من أي وقت مضى بأن النضال المسلح هو الأسلوب الرئيسي الذى ينبغى أن

<12>