إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

       



بيان القيادة القطرية لحزب البعث العربي ومجلس قيادة الثورة العراقي حول اشتراك العراق في الحرب
المصدر: "الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1973، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 9، ط 1، ص 409 - 410"

بيان القيادة القومية والقيادة القطرية لحزب البعث العربي
الاشتراكي ومجلس قيادة الثورة العراقي، حول اشتراك العراق
في الحرب ووقف إطلاق النار

بغداد، 29/ 10/1973

 

(الثورة بغداد، 30/10/1973)

         ايها المواطنون،
         يا جماهير الامة العربية،
         في السادس من تشرين الاول [اكتوبر] 1973، سمعنا بنبأ اندلاع القتال ضد العدو الصهيوني من الاذاعات. وعلى الفور، عقد اجتماع مشترك للقيادتين القومية والقطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي ومجلس قيادة الثورة، كما عقد اجتماع طارىء للجنة العليا للجبهة الوطنية والقومية التقدمية ولمجلس الوزراء، واتخذ قرار بالمشاركة في المعركة بكل طاقات القطر العراقي العسكرية، والاقتصادية، والسياسية.

         وعندما اتخذنا قرار المشاركة الشاملة في المعركة، لم تغب عن اذهاننا التقديرات الدقيقة التي سبق ان اعلناها واكدناها امام الجماهير، وفي الاجتماعات العربية الرسمية. وانطلقنا، في قرارنا هذا، من ان نشوب القتال ضد العدو الصهيوني، وبصرف النظر عن تقديراتنا حول ما سبقه من مقدمات وما رسم له من آفاق، يستلزم مشاركة العراق الفعالة والشاملة فيه. ولم نغفل، في حينه، أن هناك جهات عربية وظروف دولية تسعى للوصول الى ما يسمى بـ "حل سلمي" بهذا الشكل او ذاك، بل اننا اخذنا هذا الاحتمال بالحسبان، وقررنا دخول المعركة آملين ان نعطي لها، بقدر ما نستطيع، ابعادها القومية التحررية التي ناضلت من اجلها امتنا اكثر من ربع قرن، وقدمت لها الشهداء والتضحيات الغالية.

         ولقد أكدنا، اثناء خوض غمار القتال، أن معركة التحرر العربي لا يمكن ان تكون طويلة وصعبة وباهظة التكاليف، وأنها تحتاج الى أكبر حشد وتنظيم لطاقات الامة العربية بأسرها، والى مواقف جذرية ضد الامبريالية ومصالحها، والى بناء سليم للجبهات الداخلية في كل قطر، والى عمل عربي موحد ذي طبيعة وحدوية وأبعاد وحدوية.

         وكنا نأمل ونطمح، في أثناء المعركة، أن نسير بهذا الاتجاه التحرري القومي الشامل والجذري، ومع اننا لم نكن نغفل الحقائق الموضوعية في الصراع بيننا وبين العدو، وحقائق الوضع الدولي واحتمالاته، فاننا كنا واثقين اشد الثقة من أن احتضان الجماهير العربية للمعركة وإسنادها لها بكل طاقاتها الهائلة وما تفرزه المعركة من امكانات وقوى جديدة، سواء ما يصدر عن الجماهير وقواها التحررية أم يصدر نتيجة الضغط الشعبي على الانظمة ونتيجة استمرار المعركة، يمكن ان يغير الكثير من الظروف، ويتيح امكانات غير محدودة للاستمرار في المعركة بالشكل الذي يكرس ابعادها القومية التحررية بأعمق شكل، ويحقق انتصاراً حاسماً واكيداً على العدو الصهيوني وعلى حليفته وسيدته الامبريالية، وفي مقدمتها الامبريالية الاميركية. ولم نبن تقديراتنا تلك على الآمال فحسب، وانما بنيناها على الواقع الملموس الذي أسفرت عنه المعركة منذ أيامها الاولى. فلقد حدثت، في طول الساحة العربية، نهضة سريعة شاملة، وتدفقت على ساحة المعركة امكانات لم تكن محسوبة من قبل، وأبدت الجماهير والمقاتلون العرب الشجعان من الصبر. والتحمل والتضحية ما كان يؤمن بالفعل مستلزمات الصمود والاستمرار في المعركة حتى نهاياتها الحاسمة.

         لقد دخلنا المعركة بهذه الروح، وبهذا اليقين، ولكننا، وكما سمعنا بنبأ بدء القتال من الاذاعات، سمعنا بنبأ ايقافه من الاذاعات ايضاً.

         وبعد ان وافقت حكومة مصر وسورية على قرار مجلس الامن ووقف اطلاق النار، ذلك القرار الذي رفضناه لانه لا يضمن، في تقديرنا، حقوق امتنا في ارضها المغتصبة، وبخاصة حقوق شعب فلسطين العربي في ارضه، فاننا نجد ان مهمة قواتنا المسلحة التي ارسلت الى الجبهتين الشمالية والغربية قد توقفت، ولم يعد لها في الجبهتين من واجب قومي قتالي تؤديه، اضافة الى ما يثيره تواجد قواتنا المسلحة هناك من مسائل عسكرية وامنية دقيقة وخطيرة، لذا تقرر سحب قواتنا المسلحة المتواجدة في الجبهتين لتعود الى تأدية واجبها الوطني في حماية استقلال الوطن، وفي بناء المجتمع الثوري الجديد، وفي التهيؤ لتأدية واجبها القومي من جديد عندما تتوفر لها الظروف الملائمة.

         ايها المواطنون، ان ابناءكم، جنود العراق الشجعان، ادوا واجبهم القومي بشرف وامانة ونكران الذات، وقاتلوا بصبر وكفاءة وهمة عالية وثقة وطيدة بالقضية التي يقاتلون من اجلها وبحتمية انتصار هذه القضية. ولقد شهد بشجاعتهم واستبسالهم الاعداء قبل الاصدقاء. لقد رفع هؤلاء الرجال، الاحياء منهم والذين استشهدوا في ساحات

<1>