إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

       



برقية الرئيس الليبي معمر القذافي إلى الرئيس أنور السادات حول التطورات الراهنة
المصدر: "الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1973، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 9، ط 1، ص 444 - 445"

برقية الرئيس معمر القذافي، رئيس مجلس قيادة الثورة
الليبي، إلى الرئيس انور السادات، رئيس جمهورية مصر
العربية، حول التطورات الراهنة.

طرابلس

 

(الفجر الجديد، طرابس، 17/11/1973)

         سيادة الرئيس - محمد انور السادات،
         سيدي الرئيس،
         لقد كنت عظيما عندما حملت أثقال جمال عبد الناصر وخاطبتنا في تلك الساعات الحزينة وقلت: ان الامة العربية في حاجة اليوم لوقفة شجاعة لتحقيق النصر. وكنت عظيماً ايضاً عندما تحملت المسؤولية واصدرت قرار الهجوم لتحرير الارض، وهذا كله ليس مستغرباً من جانبي انا شخصياً الذى درست بكل امعان قصة ثورة 23 يوليو [تموز] الرائدة، وأعرف كيف كنت انت جندياً شجاعاً من جنودها، أذكر المغامرة الوطنية مع جواسيس الالمان ابلر وساند، وأذكر المغامرة الوطنية مع الطائرة الالمانية وعزيز المصري وحادث تعطل السيارة، أذكر المغامرة الوطنية مع حسن البنا، وأذكر ايضاً مخاطر اغتيال امين عثمان. وأذكر تجريدك من رتبتك العسكرية في شهر رمضان وانت في الصحراء الغربية، وسجنك في سجن الاجانب، وهروبك من السجن لمواصلة الكفاح بكل وسيلة ولو بقيادة شاحنة متزملا بلثام. سيدي الرئيس: انت واثق من نفسك، ولك تجارب تاريخية حافلة بالدروس وقد اتخذت كل قراراتك ومبادراتك بثقة وانفراد، بما فيها حرب 73 وسلام 73 حتى ولو كانت خرقاً للمادة 14 فقرة (ب) من دستور اتحاد الجمهوريات العربية المستفتى عليه من قبل 40 مليون مواطن.

         وأنا ايضاً، يا سيدي الرئيس، اثق بأنك قادر على معالجة المواقف التي تواجهك (مباشرة).

         وحيث انني لا أملك الشرعية في المشاركة السياسية في شؤون مصر أو سورية الا من خلال دستور اتحاد الجمهوريات العربية ومجلس رئاسة الاتحاد، وبما ان هذا الدستور لم يراع اطلاقاً في كافة اختصاصات الاتحاد الا من جانب الجمهورية العربية الليبية ومجلس رئاسة الاتحاد، وبما أن قرارات الحرب والسلام اتخذت خلافاً له وفي غيبة المجلس المذكور، فانني والحال هكذا أحس أني اخاطبك كمواطن عربي من شمال افريقيا، اعبر عن مشاعر ملايين المواطنين العرب وأقول:
         ان اقتحام القنال وخط بارليف في الشمال والجنوب قد شرف الامة العربية قبل ان يكون تشريفاً لمصر، واجتياح الجولان في بداية القتال كان دليلا أكيداً على قدرة الجندي العربي وشجاعته في مواجهة عدوه ولو كان هذا العدو مسلحاً بعصاة موسى في اليسار وقنابل نيكسون في اليمين.

         ذلك امر لا يستحق تأكيداً ولم تقم الحرب لتبرهن عليه، بل قامت الحرب لتحرير الارض التي احتلت عام 1967م.

         اننا، يا سيدي الرئيس، فقدنا ارضاً جديدة في هذه الحرب على الجبهتين، ولكننا الحقنا خسائر فادحة بالعدو في الارواح والسلاح، واتخذنا قرار الهجوم لاول مرة وقاتلنا ببسالة، وقبلنا ايقاف اطلاق النار واتحنا به فرصة للعدو عوض كل ما خسره من سلاح وبشر، واعترفنا مبدئياً باسرائيل ، وقبلنا المفاوضات المباشرة وصولا بالطبع الى الصلح معها، هذه اشياء اصبحت واضحة للعالم كله. وهي حقيقة واقعة لانها اصبحت فعلا ماضيا ومبنياً للمعلوم ولو انه لا محل له من الاعراب في لغة الشعب العربي.

         اذا كنا، يا سيدي الرئيس، قاتلنا من اجل استرجاع الارض التي احتلت عام 67 م فها قد قبلنا ايقاف القتال دون ان نحررها، واذا كنا قاتلنا فقط من أجل استرجاع الكرامة فها قد قبلنا بتلطيخها على الكيلو 101. ارجو ان نعرف، يا سيدي الرئيس، (القيمة) من وراء هذا كله، قيمة قرار الحرب وقيمة آلاف الشهداء، قيمة اشتراك الامة العربية كلها في المعركة، قيمة النفط، قيمة السلاح، قيمة الرجال، وأخيراً قيمة الحياة نفسها.

         سيدي الرئيس: انا آخر من بقي ويبقى واثقاً فيك عندما يشكك فيك الآخرون، وأنا وشعبك في الجمهورية العربية الليبية آخر من بقي ويبقى معك عندما يتركك الآخرون، ولكني انا اول من يصدقك عندما يصدقك الآخرون عملا بسنة رسول الله (ص) الذي قال: أنصر أخاك ظالماً او مظلوماً قيل كيف يا رسول الله؟ قال ما معناه: اذا كان ظالماً نهيته، واذا كان مظلوماً زكيته. وقوله عليه الصلاة والسلام: أخاك من صدقك لا من صدقك.

         سيدي الرئيس: انا اختلف مع الآخرين الذين يستنكرون تحركك السياسي الحر، ويعيبون على اعادة العلاقات الدبلوماسية مع أميركا أو غيرها، أو زيارة كيسنجر، لانني لا أفرق حتى في الاسم بين كيسنجر وكوسيغين. ولا أفقد اعصابي عندما ينتزع العدو الضفة الغربية للقنال ولا حتى اذا سقطت القاهرة ولا عندما اضافوا بالقوة ارضاً

<1>