إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

       



تصريح للسيد صدام حسين حول موقف العراق من السياسة النفطية العربية الراهنة
المصدر: "الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1973، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 9، ط 1، ص 533 - 535"

تصريح صحافي خاص للسيد صدام حسين، نائب أمين سر
القيادة القطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي ونائب رئيس
مجلس قيادة الثورة العراقي، حول موقف العراق من السياسة
النفطية العربية الراهنة.

بغداد

 

(الثورة ، بغداد، 20/12/1973)

         ان الاوساط الرجعية الحاكمة والمعروفة بارتباطاتها بأميركا والمصالح الاحتكارية الاميركية، كانت ترفض، باستمرار، شعار استخدام النفط سلاحا في المعركة القومية ضد العدوان الصهيوني - الامبريالي. وقد رفضت كل المقترحات والمشاريع الجادة التي تقدم بها العراق على الصعيدين الرسمي والشعبي العربي، تلك المشاريع التي بنيت على اسس قومية وعلمية رصينة بحيث تحقق الاهداف المرجوة منها على افضل وجه.

         وعندما نشبت الحرب في 6 تشرين الاول [اكتوبر] 1973، لم تحرك تلك الاوساط ساكناً، ولم تتخذ اي اجراء في ميدان النفط. ولكن بعد ان اقدم العراق على تأميم حصة اميركا في شركة نفط البصرة في 7 تشرين الاول [اكتوبر] ، ومع تصاعد المعركة ضد العدو، وتصاعد المطالبة الشعبية الشاملة والملحة بضرب المصالح الاميركية في المنطقة، وبعد اكثر من عشرة ايام على الحرب، بدأت تلك الاوساط تتخذ سلسلة من الاجراءات في ميدان النفط ، كان اهمها قطع النفط عن اميركا وهولندا وتخفيض الانتاج العام.

         ان قطع النفط عن اميركا وهولندا اجراء صحيح، وان كنا نعتبره اجراء ضعيفاً وغير كاف للضغط على اميركا وردعها عن مساندة العدو، غير ان سياسة تخفيض الانتاج وبصورة عامة، اضرت بدول اخرى اكثر ما اضرت بأميركا، امر مختلف تماماً وقد ادت الى نتائج تتناقض مع الغايات المعلنة لها.

         ان تخفيض الانتاج بالشكل الذى رتبته الاوساط الرجعية العربية ونجحت في اشراك اوساط عربية اخرى فيه يعني، عملياً، حرمان دول اوروبا الغربية واليابان من حاجتها من النفط ويسبب لها ازمة اقتصادية صعبة جداً.

         ولو قارنا بين الاثر الذي احدثه قرار قطع النفط عن اميركا، وبين الاثر الذي يحدثه تخفيض الانتاج في اوروبا واليابان، لظهر جلياً ان الضرر الاكبر يصيب اوروبا واليابان، وليس اميركا. وهذا خطأ سياسي كبير، اذا كان الغرض من هذه السياسة هو احداث ظروف مناسبة للعرب في صراعهم العادل مع العدو الصهيوني. فعلى الرغم من ان لاوروبا الغربية وزنها المهم في الضغط على العدو، ومع الحاجة الشديدة الى وقوفها موقفاً صريحاً وعادلا من القضية العربية المشروعة، فان اوروبا الغربية ليست هي الجهة الاقوى التي تساند العدوان الصهيوني وتمكنه من الاستمرار في احتلال الارض العربية، وتحدي القيم والمشاعر الانسانية. ان الجهة التي تفعل ذلك معروفة، وهي اميركا التي تساند العدو مساندة مطلقة بالسلاح والمال والدعم السياسي، والامر الطبيعي، هو ان نوجه سلاح النفط الى اميركا ومن يقف في صفها، وليس الى دول واطراف اخرى.

         ان الاوساط الموالية لاميركا والصهيونية تحاول استغلال هذا الوضع بأبشع الصور، وعلى نطاق واسع، للاساءة الى الموقف العربي، والى القضية العربية العادلة بتصويرها العرب ينتقمون من الدول والشعوب بدون مبرر منطقي، ولا يكترثون بحاجاتها الاساسية ويستخدمون ثرواتهم بشكل ابتزازي.

         واذا كنا حريصين على قضيتنا، وهي من اعدل القضايا في العالم، وحريصين على كسب تأييد الشعوب لنا، فان علينا ان لا نقدم اي مبرر واية ذريعة لاعدائنا لتشويه موقفنا بهذا الشكل.

         خلال السنوات الماضية، وبفضل المنهج السياسي المستقل الذي اتبعه الجنرال ديغول، بدأت اوروبا الغربية تتجه، تدريجياً، نحو الاستقلال النسبي عن الموقف الاميركي في جوانب كثيرة، ومنها الموقف من القضية العربية. وهذا التطور، ومهما اختلفت الآراء والتقديرات حوله، هو لصالح العرب.

         ويفترض في العرب السعي، بكل السبل، لتطوير هذا الموقف وبناء علاقا ت عربية - اوروبية قائمة على اساس المساواة والاحترام المتبادل والمنفعة المشتركة.

         غير ان الاجراءات الاخيرة التي اتخذتها بعض الحكومات العربية لا تخدم هذا الهدف، بل على العكس، فهي تضر به اضراراً فادحاً.

         وعلينا ان نكون صريحين تماما، ونقول: من الذي يستفيد من هذه السياسة؟!

<1>