إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

           



اتفاقية التضامن العربي بين الأردن والسعودية وسورية ومصر
المصدر: " المشاريع الوحدوية العربية 1913 - 1989، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، ط 2، 1990، ص 302 - 309 ".

ومنذ ذلك الحين سارت بريطانيا ومعها فرنسا وربيبتهما إسرائيل من مكيدة إلى مكيدة ومن عدوان إلى عدوان وانتهوا بالهجوم الأثيم على مصر مستهدفين اعادة الاستعمار إلى البلاد العربية جميعها. هذا بعد ان فشل الهجوم الغادر على مصر بفضل الله وبفضل التآزر العربي وبطولات بورسعيد وتدخل الأمم الحرة، أصبح الجو ملائما للمباشرة فورا لإقامة الاتحاد. فلا يجوز ان نتلهي بالأقوال فلنعمل حالا لوضع شكل الاتحاد ورسم خطوطه ونباشر بتوحيد القوى السياسية والعسكرية والاقتصادية وجعل الدول العربية المتحررة دولة واحدة تستطيع الصمود أمام هجوم جديد.

فإذا انتظرنا كما قال أحد العظماء ان ينبثق التنظيم النهائي للوحدة العربية من قلوب وعقول الشعوب العربية للمباشرة بتحقيق الاتحاد واعتقدنا بأن انتظارنا يوقف الأعداء عن مهاجمتنا نكون مفرطين بحقوق أمتنا. فالعدو لا يرحم ولا ينام ولا يحسب حسابا الا للقوة وللاتحاد الحقيقي الذي سيكون سداً منيعاً أمام هجماته واعتقد ان مصر العزيزة يجب ان تكون العامل الأول بين شقيقاتها العربيات لتنظيم هذا الاتحاد واخراجه لحيز الوجود.

ولقد سمعت من يقول ان مصر لم تظهر في الأيام الأخيرة متجاوبة تماماً مع رغبة سوريا والأردن الشديدة للاتحاد. ويعلل هذه البادرة إلى ان مصر لا تريد ان تبرر اتهامات الأعداء بانها تحمل ميولا استيلائية فان هذه المفتريات لا تستحق الا الإهمال واني اعتقد جازماً ان مصر ليست أقل احتياجا من البلاد العربية الأخرى للاتحاد رغم اتساع رقعتها وكثرة نفوسها وعظيم امكانياتها ذلك ان موضع مصر الجغرافي ووجودها بين القسمين العربيين الواسعين الشاسعين من افريقيا وآسيا تفرض عليها - شاءت أم أبت ان تحمل مشعل القومية العربية عالياً وان تنير طريق المجد والسؤدد لبني قومها. لقد اثبتت الأحداث الأخيرة ان القومية العربية هي عدة مصر وذخيرتها وانها كانت ولم تزل لحمتها وسداها وان اهمالها تكون كارثة عليها وعلى العالم العربي. وعلى كل حال لم تأت فرصة موآتية وضرورة ملحة لتنفيذ الاتحاد مثل هذه الأيام التي نحتاج فيها - بعد خذلان الأعداء - إلى تنشيط حياتنا القومية وخلق نسق جديد في موجوديتنا السياسية.

فانه غير منكر ان أكثرية الحكومات المشتركة في مؤتمر باندونغ دون ان يكون بيننا أي معاهدة مكتوبة تؤيدنا وتؤازرنا مادة ومعنى فيما إذا وقع علينا هجوم جديد كما أيدتنا وآزرتنا في الاعتداء الغربي الأخير على مصر العزيزة.

<10>