إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

           



مؤتمر فلسطين-(تابع) خطاب سمير باشا الرفاعي ( المملكة الأردنية الهاشمية) بتاريخ 12 سبتمبر1946
"ملف وثائق فلسطين من عام 637 إلى عام 1949، وزارة الإرشاد القومي ج 1، ص 819 - 829"

يؤثر في حقوق الأهالي من غير اليهود لا ولا أتحدى الوثيقة بأسرها من ناحية مواجهتها بما سبقها من وعود بذلت للعرب، لا ولا حتى أود أن أناقش سلامة حق الحكومة البريطانية أو أية حكومة أخرى في افتئاتها على مبادئ تقرير المصير. كل هذه الموضوعات قد فحصت ودرست على صورة وافية منذ أكثر من خمس وعشرين سنة حتى يومنا هذا، كما حققت وكتبت عنها التقارير بواسطة لجان وهيئات عديدة حتى أن الحقائق لم تعد خافية وأصبحت ماثلة الآن في أذهان كل من يهمهم الأمر. ومع ذلك فإني أرغب في أن أوجه اهتمام المؤتمر إلى أمرين يبدوان على أهمية رئيسية في محادثاتنا الحالية، ويتصلان اتصالا مباشرا بالنقط التي سأعالجها أخيرا في هذا البيان.

       أما الأمر الأول فهو الطابع المزدوج لتصريح بلفور الذي أغفل التزامه دائما أبدا كما أنه لم يوجه اهتماما رئيسيا إلي حقوق العرب حين تطبيق أية خطة تشجع على تشييد الوطن القومي لليهود، وذلك على الرغم من أن فلسطين بلد عربي، وأن العرب كانوا على الدوام يؤلفون غالبية أهلها. أما الأمر الثاني فهو الوعد بأن ينظر بعين التقدير إلى إنشاء وطن قومي لليهود وهذا الوعد لم يعن ولا يمكن أن يفسر بأنه يعنى تحويل فلسطين إلى دولة يهودية، أو إقامة دولة يهودية في أي جزء من البلاد.

       وهذان العاملان الرئيسيان في الموضوع الذي نبحثه الآن، قد استعرضا أكثر من مرة في تقارير لجان التحقيق وفي البيانات الرسمية عن فلسطين. والواقع أن تعبير "الوطن القومي" لم يكن واضحا في معناه وهدفه وفي نتيجته المنتظرة، حتى في عقول الأشخاص الذين ابتدعوه. وقد أفضى اللورد بلفور نفسه في نوفمبر سنة 1927 بالعبارة الآتية :

       "ليس في وسعي أن أظن أن هذه التجربة هي تجربة عظيمة لأن شيئا كهذا لم يحاوله أحد في العالم منذ الأزل، ولأنه مجرد خرافة" وقد سماها اللورد بلفور "تجربة كبيرة" ونعتها بقوله عنها: "إنها مجرد خرافة" لم يسبق لها مثيل. وفي مناسبة أخرى كان اللورد أكثر صراحة فوصفها بقوله أنها "مجازفة".

       ثم قال اللورد متسائلا: " لست أنكر أن هذا الأمر مخاطرة، أفليس لنا أبدا أن نتعرض للمجازفات؟ ".

       وقد صرحت لجنة التحقيق الإنجليزية الأمريكية مرة أخرى - وهي اللجنة التي اعتبرها العرب هيئة متحيزة تحيزا غير لائق لليهود - فقالت في تقريرها: أن تعبير "الوطن القومي" يعتبر افتئاتا على القانون الدولي. وإذا كان لي أن أعلق على هذه النقطة بوجه خاص، ففي وسعي فقط أن أقول إن أي ذهن حساس معقول يرى أن المضي في تجربة أو مخاطرة - ولنستخدم هنا تعبير اللورد بلفور- ينبغي أن يوجه إليه اعتبار واهتمام أكثر مما وجه فعلا فيما يتعلق بالحالة التي نواجهها.

       ومهما تكن القضية فالحقائق لا تزال تؤكد أن الروح غير السليم لهذا النص قد أسفر عن إيجاد نظريات متعارضة وتفسيرات مختلفة، يواجهها كل فرد من زاوية تناسب مصالحه وتوائمها على أحسن وجه، إلى أن رأت الحكومة البريطانية، التي عهد إليها بالانتداب وتكفلت بمسئولية تنفيذه، أنه من الضروري إزالة كافة الشكوك فيما يتصل بأغراض الانتداب الحقيقية، التي تضمنها وعد بلفور، ولذلك اتخذت خطة نهائية على النحو الذي بينه الكتاب الأبيض لعام 1939، ولسوء الحظ ظلت هذه

<2>