إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

           



مؤتمر فلسطين - (تابع) خطاب سمير باشا الرفاعي ( المملكة الأردنية الهاشمية) بتاريخ 12 سبتمتر1946
"ملف وثائق فلسطين من عام 637 إلى عام 1949، وزارة الإرشاد القومي، ج1، ص819 - 829"

4 - الانتداب والوصاية.
5 - مشروع التقسيم الجديد.

      ولقد كنت حاولت فى القسم الاول من بيانى أن أظهر فى كثير من الاقتضاب وأن أدلل على أن الوطن القومى اليهودى قد برز من ثنايا فكرة شديدة الغموض التمعت فى أذهان الأشخاص الذين بدأوا القول بها فى الماضى استنادا الى حقيقة تهدف الى انشاء دولة يهودية فى أذهان الاشخاص الذين ينادون بها فى الوقت الحاضر وكان الفريق الاول الذى نادى بذلك فى عام 1917 هو الحكومة البريطانية، كما كان الفريق الثانى هو نفس هذه الحكومة التى نادت به فى عام 1946 ونحن جميعا ندرك أن نظرية التطور تستند الى عنصر التغير الدائم. وطالما استمرت التجربة ووجدت الغذاء والتشجيع، فهى لا تقف ولن تقف.

الاضطهاد:

      أذكر فيما يتعلق بموضوع الاضطهاد، قصة أود أن أسردها، والأرجح أن رفاقى العرب، أو بعضهم على الأقل يعرفونها، ولعل رفاقنا البريطانيين يجدونها باعثة على شيء من التسلية.

      كان يوجد فى غابر الأيام حاكم اسمه "قراقوش" . كان ذلك الحاكم طاغية له منطقه الخاص هو كان يفهم العدالة على صورة ممعنة فى الغرابة. كانت تصرفاته شاذة حقا. بيد أنه كان يراها سليمة صحيحة طالما كانت تتسق مع عقليته وأهدافه. وقد حدث فى مناسبة من المناسبات أن جاءه رجل فشكا اليه قائلا انه تعارك مع رجل آخر، وقد أسفر ذلك العراك عن فقدانه حبة عينه اليسرى. واستصرخ الرجل قراقوش راجيا تحقيق العدالة وايقاع العقوبة العادلة بالمتهم المعتدى وعندما جيء بالمتهم ومثل أمام قراقوش طلب اليه أن يدفع عن نفسه التهمة. فقال الرجل أنه مذنب و اعترف بأنه - عن غير قصد منه - قد أصاب حبة عين الرجل اليسرى أثناء العراك ثم طلب الصفح والغفران، وأصدر قراقوش حكمه، مستهديا بالقاعدة الذهبية القائلة "العين بالعين والسن بالسن". وذكر قراقوش أنه يجب على المدعى أن يصيب حبة عين المتهم بنفس الطريقة التى أصيب بها. وهكذا كان الأمر الصادر بتحقيق العدالة. غير أن المتهم ناشد قراقوش أن يسمح له بتقديم بيان دفاعى أخير فحقق له قراقوش مبتغاه. وقد أعلن المتهم فى بيانه أنه يحترف النسيج. وانه فى حاجة ماسة الى بصر عينيه الاثنتين كى يكسب قوته وانه لا يستطيع بحال أن يفقد احداهما. ولكنه قال ان جارا من جيرانه يحترف الصيد، وأن الصياد يقفل على الدوام عينه اليسرى  عندما يسدد بندقيته نحو الهدف وهذا الصياد لا يحتاج فى أداء حرفته الى بصر عينه اليسرى، وعندئذ رأى أن العدالة سوف تتحقق على صورة أفضل لو نفذ الحكم في جاره ذلك الصياد البريء، لا أن ينفذ فيه هو، وهو النساج المذنب. ولقد مال قراقوش الى المنطق القوى الذى اشتمل عليه طلب الدفاع وكان له أثره فى ذهنه. فرأى انها فكرة منطقية عادلة للغاية. ومن ثم أمر بقلع عين الصياد اليسرى وهكذا حسمت القضية.

<4>