إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

           



مؤتمر فلسطين - (تابع) خطاب الدكتور فاضل الجمالي (العراق) بتاريخ 12 سبتمبر 1946
"ملف وثائق فلسطين من عام 637 إلى عام 1949، وزارة الارشاد القومي، ج 1، ص 807 - 811"

2 -

وثمة نقطة هامة جدا لابد من حسمها مرة واحدة والى الأبد الا وهى ان فلسطين بلد خلو من كل جاذبية وسحر. فهى جزء يسير من أمة لها طاقتها الطبيعية والمادية. وليس هنالك شىء غامض يتعلق بطاقتها ومقدرتها كما أنها لا تنطوى على أية مقدرة أو قوى خارقة للعادة. وهى ككل بلد آخر غيرها، يقطنها شعب من الشعوب. أما كونها تضم بين ربوعها الاماكن المقدسة للأديان الثلاثة العظمى فأمر لا يضيف شيئا جديدا لطاقتها الطبيعية، كما أنه ليس جديرا بأن يثير المشاكل والتعقيدات السياسية. أما الدافع الوهمى الذى يحمل الصهيونيين على المطالبة بفلسطين، فهو خرافة ليس الا، وينبغى استئصالها بتاتا، فالصهيونية أولا وقبل كل شىء، ليست حركة دينية وانما هي فكرة سياسية عارضة. ولو أننا قبلنا ثانيا سابقة الصلات والعلاقات الوهمية والخرافية ببلاد الشعوب الاخرى. فقد نجد أنفسنا مواجهين بقضية جديدة تثير النزاع في مختلف بلاد المعمورة، ذلك أن أية أمة معتدية قد يسعها أن تختلق صلات وهمية خرافية ببلاد شعب أخر. ومن ثم فانه يبدو لى أن المشكلة الفلسطينية حقيقة بأن تعالج استنادا الى الأسس والقواعد الطبيعية والانسانية، بدون أى تقدير للمسائل الخرافية (المثيولوجية).

3 -

ويبدو لى أن أساس كل المتاعب القائمة في فلسطين ينحصر في طبيعة الصهيونية السياسية. ذلك أن الصهيونية السياسية حركة عدوانية. ونحن لا نعرف لأهدافها ومطامعها حدودا. وان فكرتها الأساسية المشتملة على العنصرية والدين والقومية، لتلتقي في كثير مع الفكرة الأساسية للنازية. فنفس الفكرة القائلة بالشعب المختار، وأرض الميعاد، لا تختلف كثيرا عن المبدأ النازى. " الشعب المختار " لعله أرض الميعاد..؟ أية أرض.؟ أى أرض تلك هى الأرض الموعودة..؟ أهي جزء من فلسطين..؟ أهي كل فلسطين؟ أهي فلسطين وشرق الأردن؟ أهى فلسطين وشرق الاردن ومصر وسوريا ولبنان والعراق؟ هذه هى الأسئلة التى أجيب عنها باجابات مختلفة ونحن نعرف جيدا. ان الصهيونيين ليسوا من الغباء والحمق بحيث ينفقون الملايين بل مئات الملايين من الجنيهات، من أجل بلاد قاحلة ضيقة. لقد وفدوا إليها في الواقع وهم يحملون بين جوانبهم مطامع واسعة، ترمى الى السيطرة، اقتصاديا على الأقل، على العالم العربي بأسره. بل علي الشرق الأوسط جميعه والأمر المحقق ان العرب لا يستطيعون أن يبدو عدم الاكتراث بمثل هذه النوايا العدوانية.

       ولقد أثبت الصهيونيون بخططهم التي اصطنعوها: انهم أعظم شرا ووبالا من النازيين. وذلك أنهم يستخدمون وسائل في التسلل واقتناص الشعوب وانتزاع أراضيها وتجارتها، مما لم يحاول النازيون قط تطبيقه وهم في وسائلهم القتالة وفي أعمالهم الارهابية لا يقلون مقدرة وكفاءة عن النازيين ان لم يبزوهم. والمسألة التى أحب أن أطرها على الحكومة البريطانية هى أن العرب يواجهون خطرا وبيلا. فهم يواجهون غزوا عاما، لأن الصهيونيين لا يقومون بشىء أقل من غزو فلسطين. وهذا الغزو العدواني يجب أن يعلم أمره قاطبة كما يجب أن

<2>