إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

           



(تابع) 3 - نص خطاب الدكتور/ محمد صلاح الدين (باشا) وزير الخارجية ورئيس وفد مصر لدى الدورة السادسة
للجمعية العامة للأمم المتحدة الذي ألقاه أمام الجمعية العامة في باريس يوم 16 نوفمبر 1951
"وزارة الخارجية المصرية، القضية المصرية 1882 - 1954، المطبعة الأميرية بالقاهرة 1955، ص 693 - 703"

        إن السياسة التى اتبعتها بعض الدول التي لاتزال غارقة فى خططها الرجعية البالية فى هذه المسألة وفى غيرها من مسائل الشرق الأوسط. هى سياسة تظهر بجلاء أن هذه الدول تقول شيئا وتفعل غيره، وأنها تتحدث بلغة السلام وتعمل عن قصد أو غير قصد على تهديد السلام.

        ومن الواضح أننا لا نستطيع أن نجعل من منطقة الشرق الأوسط أو من غيرها من المناطق مناطق قوة واستعداد إذا انتفت الثقة من نفوس أهلها. فإذا أنكر حقهم، وضن عليهم بزمالة جدية كريمة فى بناء صرح السلام والمحافظة عليه.

        لقد عقد المصريون وجيرانهم فى الشرق الأوسط عزمهم على أن يرفضوا فى عزة و إلحاح أى وضع دون وضح الزمالة والمساواة التامة فى السيادة مع جميع شعوب الأرض. هذا هو حقنا وهو واجب الأداء. ونحن نصر وسنصر دواما على أن تكون هذه الزمالة حقيقية لا مجرد ألفاظ. ويحق لنا أن ننتظر أن تنفذ نصوص الميثاق الخاصة بالمساواة بين الأمم صغيرها وكبيرها، وأن تتحول إلى حقائق إنشائية نابضة بالحياة. وهذه المساواة فى السيادة، وهذا السلم نفسه يتطلب أوثق تعاون ممكن فى بناء صرح الأمن الدولى ودفع العدوان وضمان الحرية للانسان. وجدير بنا فى هذا كله أن نذكر على الدوام أنه لاقوة لقوم حرموا أسباب القوة وأنكر عليهم الحق، ولا استقرار للسلام إذا ظل الأقوياء مستمسكين بسياسة الطمع والجشع والتسلط والاعتداء.

        لقد كان المستطاع أن يتسرب الكثير من الضوء والتفاؤل إلى هذه الصورة القاتمة التى رسمتها لكم، وأن تنقلب مصادر القلق والاضطراب مصادر للأمن والاطمئنان. باحترام الجميع لتعهداتهم التى نص عليها ميثاق الأمم المتحدة، وبعدول بعض الدول عن التشبث بسياسة الغلبة والسيطرة. وهى سياسة العصور البائدة.

        فى مكنتنا أن نتعاون جميعا لبناء صرح السلام. وفى مقدورنا أن ندفع خطر العدوان ونتقى شره. وفى استطاعتنا أن نعيش مطمئنين فى ظلال قوة الحق فخورين بموقفنا فى إجراء العدل والدفاع عن حريات الشعوب. أفلا تستحق كل هذه الثمرات الطيبة أن نجهد لها؟ ما من ريب فى ذلك، ولكنى لا أجد مشجعا على هذا الحلم الجميل من الحوادث الجسام المؤلمة التى تجرى الآن وأنا أتحدث إليكم فى هذا المجتمع الدولى العظيم.

<3>