إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

           



(تابع) خطاب السيد ياسر عرفات، رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة
المصدر: "الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1974، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 10، ط 1، ص 438 - 446"

          وما زالت دول آسيا وافريقيا واميركا اللاتينية تواجه اعتداءات ضارية على نضالها من اجل تغيير النظام الاقتصادي العالمي الحالي، بنظام اقتصادي عالمي جديد اكثر معقولية ومنطقية. وقد عبرت هذه البلدان عن ذلك في مؤتمر المواد الاولية والتنمية، حيث لا بد من ان يوضع حد لعمليات النهب والاستغلال وامتصاص ثروات الشعوب الفقيرة وعرقلة جهودها من اجل التنمية والسيطرة على ثرواتها ورفع الحيف عن اسعار موادها الاولية.

          وكذلك، فان هذه الدول ما زالت تواجه عراقيل امام مطالبها العادلة المعبر عنها في مؤتمر البحار في كراكاس، ومؤتمر السكان، ومؤتمر التغذية. ولا بد للهيئة الدولية من ان تقف بحزم الى جانب النضال من اجل إحداث تغييرات جذرية في النظام الاقتصادي العالمي، لان ذلك وحده يتيح للشعوب المتخلفة امكانية التقدم بسرعة. ولا بد لهذه الهيئة من ان تقف بحزم ضد القوى التي تحاول تحميل مسؤولية التضخم المالي على كاهل البلدان النامية، خاصة البلدان المنتجة للبترول، وان تشجب التهديدات التي تتعرض لها هذه البلدان بسبب مطالبها العادلة.

          سيدي الرئيس،
          ما زال السباق على التسلح على أشده في العالم، الامر الذي يهدد العالم بضياع ثرواته وتبديد جهوده على هذا السباق، فضلا عن إبقائه في خطر انفجارات مسلحة خطيرة. ان الحد من السباق على التسلح، وصولا الى تدمير الاسلحة النووية وتخصيص ما يصرف من مبالغ طائلة على مجالات التقنيات العسكرية في ميدان تقدم العلوم وزيادة الانتاج وتحقيق الرفاه للعالم، هذا ما تتوقع الشعوب ان تعمل هيئة الامم المتحدة باتجاهه. وما زال الاضطراب علي أشده في منطقتنا، فالكيان الصهيوني متشبث بالاراضي العربية التي احتلها، ويتابع عدوانه علينا، بجانب استعداداته العسكرية المحمومة لشن حرب عدوانية جديدة ستكون الخامسة من سلسلة حروبه العدوانية. ولنا ان نتحسب مع ما يصدر من اشارات عنه من ان تكون حرباً نووية تحمل الفناء والدمار.

          سيدي الرئيس،
          ان العالم بحاجة الى أقصى الجهود من اجل تحقيق مطامحه في السلم والحرية والعدل والمساواة والتنمية، وفي مكافحة الاستعمار والامبريالية والاستعمار الجديد والعنصرية بكافة اشكالها، بما فيها الصهيونية، لان هذا هو الطريق الوحيد لتحقيق آمال الشعوب كافة، بما في ذلك شعوب الدول التي تعارض هذا الطريق. انه طريق لتكريس مبادئ ميثاق هيئة الامم المتحدة، والاعلان العالمي لحقوق الانسان. اما بقاء الوضع الحالي فلن يفعل اكثر من ان يبقي العالم معرضاً لاخطر الصراعات المسلحة، للكوارث الاقتصادية والانسانية والطبيعية.

          سيدي الرئيس،
          رغم هذا الوضع المتأزم الذي يسود العالم، ورغم ما في عالمنا من قوى ظلام وتأخر، فان عالمنا اليوم يعيش اياماً مجيدة. انه يشهد انهيار العالم القديم، عالم الاستعمار والامبريالية والاستعمار الجديد والعنصرية، بكافة اشكالها، وأبرزها الصهيونية، ويشهد الاتجاه التاريخي العظيم لشعوب العالم نحو انبثاق عالم جديد تنتصر فيه القضايا العادلة، واننا واثقون من انتصار هذه القضايا.

          سيدي الرئيس،
          ان قضية فلسطين تدخل كجزء هام بين القضايا العادلة التي تناضل في سبيلها الشعوب التي تعاني الاستعمار ،والاضطهاد. واذا كانت الفرصة قد اتيحت لي ان اعرضها امامكم، فانني لن أنسى ان مثل هذه الفرصة يجب ان تتاح لكل حركات التحرر المناضلة ضد العنصرية والاستعمار. ولهذا، فانني باسم هؤلاء المناضلين من اجل الحرية وحق الشعوب في تقرير مصيرها، أدعوكم لان تعيروا قضاياهم، كما قضيتنا، من همومكم واهتمامكم الاولوية ذاتها، مما يشكل مرتكزاً اساسياً لحماية السلم في العالم وتكريس عالم جديد تعيش الشعوب في ظلاله بعيداً عن الاضطهاد والظلم والخوف والاستغلال. ولهذا، فانني سأعرض قضيتنا ضمن هذا الاطار، وفي سبيل هذا الهدف.

          واننا، حين نتكلم من على هذا المنبر الدولي، فان ذلك تعبير في حد ذاته، عن ايماننا بالنضال السياسي والدبلوماسي، مجال معزز لنضالنا المسلح، وتعبير عن تقديرنا للدور الذي من الممكن للامم المتحدة ان تقوم به في حل المشكلات العالمية، بعد ان تغيرت بنيتها في صالح اماني الشعوب وفي حل مشكلتنا التي تتحمل فيها هذه المؤسسة الدولية مسؤولية خاصة.

          ان شعبنا يتكلم وهو يتطلع الى المستقبل اكثر مما هو مقيد بمآسي الماضي واغلال الحاضر. واذا كنا، ونحن نتحدث عن الحاضر نعود الى الماضي، فلاننا نريد ان نوضح بداية الطريق الذي نشقه الى المستقبل المشرق مع كل شعوب العالم عامة، وحركات التحرر خاصة. واذا كنا نعود الى جذور قضيتنا، فلانه ما زال بين الحاضرين هنا من يحتل بيوتنا، ويرتع في حقولنا، ويقطف ثمار اشجارنا، ويدعي اننا أشباح لا وجود لها ولا تراث ولا مستقبل. ولان هنالك من كان يتصور، والى وقت قريب، وربما حتى الآن، أن مشكلتنا هي مشكلة لاجئين، او ان مشكلة الشرق الاوسط هى مشكلة خلاف على حدود بين الدول العربية وبين الكيان الصهيوني، او يتصور ان شعبنا يدعي حقوقاً ليست له ويقاتل دونما سبب معقول ومشروع إلا الرغبة في

<2>