إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

           



(تابع) تقرير عن حالة حقوق الإنسان في العراق أعده المقرر الخاص للجنة حقوق الإنسان
المعني بحالة حقوق الإنسان في العراق (مقتطف)  
"الأمم المتحدة، سلسلة الكتب الزرقاء، مج 9، ص 823 - 832"  

          8 -   وفي الجزء السادس من التقرير الحالي، يقدم المقرر الخاص تقريرا بشأن الاستفتاء الذي أجري في العراق في 15 تشرين الأول/ أكتوبر 1995. ويطبق المقرر الخاص في تحليله المعايير الدولية لحقوق الإنسان التي انضم إليها العراق اختيارا في مجال الحقوق المدنية والسياسية.

          9 -   وفضلا عن الأمور التي يرد تناولها أدناه، يلاحظ مرة أخرى أنه لا توجد حتى الآن أي علامات تحسن في الحالة العامة لحقوق الإنسان في العراق. وستقدم تفاصيل هذا التقييم الشامل لحالة حقوق الإنسان في العراق، مع مراعاة التطورات الجارية في تقرير المقرر الخاص إلى لجنة حقوق الإنسان في دورتها الثانية والخمسين.

ثانيا -   قرارا مجلس قيادة الثورة رقم 61 و 64

          10 -   في 28 تموز/ يوليه 1995، أحالت حكومة العراق، من خلال مذكرة شفوية موجهة من بعثتها الدائمة في جنيف، إلى المقررين الخاصين المعنيين والفرق العاملة التابعة للجنة حقوق الإنسان، نص قرار مجلس قيادة الثورة رقم 61 المؤرخ 22 تموز/ يوليه 1995 الذي "يعفي السجناء والمحتجزين العراقيين عما تبقى من أحكامهم وتخفيض أحكام الإعدام إلى عقوبة السجن المؤبد والعفو عن المعاقبين بقطع اليد وصوان الأذن". وطبقا لمذكرة ثانية مؤرخة 2 آب/ أغسطس 1995 وموجهة إلى مركز حقوق الإنسان من البعثة الدائمة لجمهورية العراق لدى مكتب الأمم المتحدة في جنيف، أحالت حكومة العراق نص قرار مجلس قيادة الثورة رقم 64 (الذي يحمل توقيع صدام حسين كرئيس للمجلس وينفذ من 30 تموز/ يوليه 1995)، ذُكر أنه "يعفي عفوا عاما العراقيين الموجودين خارج وداخل العراق من العقوبات المفروضة عليهم إثر إدانتهم لأسباب سياسية". ويستنسخ النصان الكاملان للقرارين 61 و 64 في مرفق التقرير المرحلي الأول للمقرر الخاص (E/CN.4/1996/12 ).

          11 -   ويتيح القراران فرصة كبيرة للتعسف وسوء المعاملة على أيدي الأشخاص المتحيزين بلا شك. فعلى سبيل المثال، تشترط الفقرة ثانيا من القرار رقم 61 أن تخفيضات الأحكام لا تنطبق إلا في الحالات التي يقدم فيها ذوو الأشخاص المسجونين "تعهدا بضمان حسن السلوك" و "إلا إذا أيد ذلك التعهد عضو في حزب البعث العربي الاشتراكي". وبالمثل، تمنح الفقرة سادسا ميزة للشخص الذي "فهم المنهج الثوري" في حين أن الفقرة ثامنا، الفقرة الفرعية 3، تشترط فعلا للإعفاء من قرارات البتر المنطبقة توبة الشخص. فعلى سبيل المثال، ومن حيث ما تتطلبه عادة إقامة نظام العدل الجنائي المستقل والنزيه، يمكن للمرء أن يتساءل عن الأساس الذي سيستند إليه قيام أعضاء في حزب البعث العربي الاشتراكي بدور حاسم في هذا الصدد.

          12 -   وإذا درست بدقة الشروط والاستثناءات العديدة الواردة في القرارين، لا بد من إدراك أن أعدادا كبيرة من الأشخاص الذين يتناولهم القراران ظاهريا لن يستفيدوا منهما في الواقع. فعلى سبيل المثال، ينطبق القراران على الأشخاص "المدانين" أو "المحكومين" فقط، على ما يفترض بالمدلول القضائي الرسمي بعد إجراءات وأحكام محاكمة. إلا أن هناك أعدادا كبيرة من الأشخاص الذين لا يزالون محتجزين في العراق ويخضعون للعقاب، دون أن تكون قد صدرت بحقهم إدانات أو أحكام رسمية أو مناسبة. وهؤلاء الأشخاص لن يستفيدوا من القرارين.

          13 -   وهناك جانب آخر يحد من أثر القرار رقم 64، وهو أنه ينطبق صراحة على "المواطنين" و "العراقيين" فقط وليس على أي شخص أدين بارتكاب الجريمة بصرف النظر عن الجنسية. وهكذا فإن تطبيق الفقرتين ثانيا وثالثا من القرار هو تطبيق تمييزي نظرا لأنهما تستثنيان غير الرعايا، في حين أن الحكومة جردت مئات الآلاف من الأشخاص من جنسيتهم "العراقية" بأن أكدت أنهم من "نسب فارسي".

          14 -   وفيما يتعلق بالاستثناءات الصريحة الموجودة في القرارين، يستثنى الأشخاص الذين أدينوا "بالتجسس" من تطبيق القرارين. وهذا الاستثناء هام بوجه خاص لأن هناك عددا كبيرا جدا من القوانين العراقية التي تشير إلى "التجسس" ولأن الجريمة تنطبق على مجموعة متنوعة جدا من السلوك.

          15 -   وأخيرا، هناك عيوب واضحة في القرار رقم 61 فيما يتعلق باستمرار آثار القرارات التي تنص على البتر والوسم. فعلى وجه التحديد، تنص الفقرة ثالثا من القرار رقم 61 على إعفاء المحكوم بعقوبة قطع اليد من هذه العقوبة إذا أمضى مدة سنتين في التوقيف أو الحجز؛ ومن المفترض أن يخضع الأشخاص الذين أمضوا أقل من سنتين لعقوبة البتر هذه، التي تنطبق عادة لدى الإدانة. وبالإضافة إلى ذلك، لما كانت الفقرة الفرعية 3 من الفقرة ثامنا لا تعفي بالفعل من عقوبة قطع صوان الأذن إلا الشخص الذي سلم نفسه "نادما"، فمن المفترض أن يخضع أولئك الذين يرفضون إعلان ذلك لتلك العقوبة اللاإنسانية والمهينة.

          16 -   إن أهم سياق لتحليل قراري العفو الأخيرين هو النظام القانوني والسياسي العام السائد في العراق. كما أن وجود العديد من القوانين العراقية القمعية هو الذي يمنع بالضبط حرية التفكير والإعلام والتعبير وتكوين الجمعيات والتجمع خوفا من الاعتقال والسجن وغير ذلك من العقوبات. ولن تتأثر حالة القمع هذه بقراري العفو الأخيرين. فما دامت سلطات الاعتقال والاحتجاز والسجن التعسفي قائمة، فإن "قرارات العفو" لن تولد إلا القليل من الثقة. وهذا الأمر صحيح بوجه خاص فيما يتعلق بالجرائم "السياسية"، في الوقت الذي ما زالت فيه قرارات مثل القرار رقم 840 المؤرخ 4 تشرين الثاني/ نوفمبر 1986 تخضع الأشخاص الذين ينتقدون أو يهينون الرئيس وحزب البعث ومؤسسات الحكومة لحكم الإعدام، وما دام أعضاء حزب البعث لا يعاقبون على أي ضرر يلحقونه بالممتلكات أو الأشخاص (بما في ذلك الموت) أثناء ملاحقتهم لمعارضي الحكومة. وببساطة، ما دام حكم القانون غير موجود فعلا في العراق، لن تكون هناك ثقة كبيرة في مصداقية قرارات "العفو".

          17 -   ولهذا السبب، دعا المقرر الخاص في السابق إلى إلغاء القوانين التعسفية مثل القوانين التي تنشئ جريمة "إهانة"

<2>