إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



(تابع) بيان المجلس العام للجبهة العربية المشاركة في الثورة الفلسطينية حول اعمال دورته الثانية
المصدر: "الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1974، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 10، ط 1، ص 485 - 490"

استطاعت الثورة ان توسع دائرة اصدقائها، وان تعزز من تحالفاتها مع كل القوى المناصرة للنضال العربي والفلسطيني.
لقد خاضت الثورة الفلسطينية اوسع معركة سياسية ودبلوماسية من اجل محاصرة العدو وعزله وانتزاع اوسع اعتراف عالمي بمنظمة التحرير وبالحقوق القومية للشعب الفلسطيني. ولعل اهم ما في هذه المعركة انها وضعت العمل الدبلوماسي في اطاره الثوري الصحيح بصفته متلازماً مع النضال الشعبي والمسلح على ارض الوطن ويصب في خدمة تطوير هذا النضال وتصعيده.

         لقد دخلت الثورة مؤتمر الرباط وهي مسلحة بانجازاتها وبالدعم العربي والدولي الحليف، فاستطاعت ان تصل الى قرارات القمة العربية التي كرست نهائياً كون منظمة التحرير هي الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني، وخلقت الاجواء الصحية لبعث التضامن العربي على اسس وطنية اكثر رسوخاً. وكان دخول الثورة الفلسطينية الى الامم المتحدة واعتلاؤها - ممثلة بالاخ ياسر عرفات - أرفع منبر دولي دليلا على الوزن العالمي الكبير الذي بدأت تتمتع به قضية الشعب الفلسطيني، وترجمة لعملية التحول التي ما تزال جارية في ميزان القوى العالمي لصالح حركة التحرر والتقدم والثورة.

         وجاء قرار الامم المتحدة حول قضية فلسطين، واكتساب منظمة التحرير صفة العضوية المراقبة في الهيئة الدولية، ممارسة عملية من الثورة لبرنامج النقاط العشر الذي أكد ان قضية الشعب الفلسطيني هي قضية تحرر وطني وليست قضية لاجئين.

الاستفتاء التاريخي في انتفاضة الاراضي المحتلة

         ان قرار الرباط، وبعده قرار الامم المتحدة، يشكلان تتويجاً لمرحلة طويلة ومضنية من الصراع الشعبي والمسلح والسياسي ضد الحلول المنفردة والتصفوية المعادية، ومن اجل تكريس الاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني وشرعية نضاله، وضمان التفاف واسع حول أهدافه في دحر المحتلين، وبناء سلطته الوطنية المستقلة على أرضه المحررة على طريق انجاز هدفه العظيم في إقامة الدولة الديمقراطية فوق كاهل التراب الفلسطيني. لكن هذه الانتصارات السياسية الضخمة ليست نهاية المطاف.

         فلقد جاءت الانتفاضة العظيمة التي رافقت وأعقبت عرض قضية فلسطين في الامم المتحدة، لتشكل نوعاً من الاستفتاء التاريخي، شاركت فيه كل فئات الشعب وقواه الوطنية داخل الوطن الفلسطيني المحتل، حيث سارت الالوف في اضخم تظاهرات صدامية منذ قيام الاحتلال، ترفع صوتها دعماً لمنظمة التحرير ومن اجل الاستقلال الوطني. وتحت قيادة الجبهة الوطنية الفلسطينية، ذراع منظمة التحرير في الارض المحتلة، تطورت الانتفاضة الى اضراب عام ومجابهة لقوات الاحتلال من الجماهير العزلاء كدلالة على تصاعد المستوى النضالي وتنامي ورسوخ الوحدة الوطنية حول منظمة التحرير الفلسطينية وبرنامجها. هكذا شكلت الانتفاضة الشعبية الرائعة دليلا قاطاً على ان منظمة التحرير هي اطار يحتوي الشعب الفلسطيني بكامله، وان قيادتها تحظى بثقة وتأييد الشعب كله. وسقطت امام العالم مزاعم العدو عن افتقاد الشعب الفلسطيني لوحدة القيادة والاهداف والبرنامج النضالي، ومراهناته حول امكانية انقسام الشعب الفلسطيني.

احتمال انفجار الصراع من جديد

         على قاعدة هذه الانجازات التي حققتها القوى الوطنية العربية، وفي مقدمتها الثورة الفلسطينية، على صعيد ردع واحباط الخطط الاميركية الصهيونية الهادفة اغتيال نتائج حرب تشرين [ الاول ] (اكتوبر) وفرض الحلول الاميركية التصفوية على المنطقة، تواجه الامة العربية اليوم احتمالات انفجار الصراع مع العدو الصهيوني وسنده الاميركي من جديد على كل الجبهات العسكرية والاقتصادية والسياسية وبشكل لم تكن حرب اكتوب [ تشرين الاول] الاخيرة سوى نموذج مصغر له.

         ان أزمة العدو تتعمق وتزداد حدة نتيجة للاوضاع التي خلفتها الحرب ولتصاعد الكفاح الفلسطيني المسلح داخل الارض المحتلة. كما ينتشر ويزداد الاحساس بالعزلة داخل الكيان الصهيوني مع تزايد المكاسب السياسية للثورة على الصعيدين العربي والدولي، وانتشار نفوذها بشكل ملحوظ ومؤثر. وهنا، لا بد من التأكيد على ان الطبيعة العدوانية للحركة الصهيونية لا تجد لها مخرجاً من أزماتها إلا بالمزيد من الحروب لحماية كيانها والمحافظة على المواقع الجديدة التي استلبتها وتوسيعها على حساب الامة العربية ومن اجل منع الايديولوجية والممارسة الصهيونية من الاحتضار وتأمين استمرارها اطول زمن ممكن. وفي الظرف الراهن، تبدو استعدادات العدو العسكرية واضحة تماماً، ولا تخفي قيادته دعوتها للحرب الخامسة. كما ان العدو لم يعد يخفي تصميمه على عدم الانسحاب الكامل من الاراضي العربية المحتلة ورفضه المطلق التسليم بحقوق الشعب الفلسطيني الوطنية. وهو في ذلك كله يستند الى الدعم غير المحدود الذي يلقاه من الامبريالية الاميركية.

         وهنا، يتأكد، مرة أخرى، اللقاء الفعلي بين اسرائيل والولايات المتحدة على موقف العداء المشترك لحركة التحرر الوطني العربية. فبينما تواصل اسرائيل استعداداتها العسكرية المحمومة، تمضي اميركا في تصعيد ضغوطها لتخفيض اسعار النفط ورفع انتاجه، وتعمل في الوقت نفسه على رفع اسعار المواد الغذائية والصناعية الرئيسية على الصعيد العالمي في محاولة لاستخدامها كأداة ضغط ضد البلدان الفقيرة والنامية. وضمن هذا الاطار، فان تشجيع الامبريالية الاميركية

<3>