إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



(تابع) بيان المجلس العام للجبهة العربية المشاركة في الثورة الفلسطينية حول اعمال دورته الثانية
المصدر:" الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1974، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 10، ط1، ص 485 - 490"

لاسرائيل في إعدادها الحربي والعدواني، انما يأتي في امتداد سياسة توسيع النفوذ والمصالح الاميركية والنفطية في هذا الجزء من العالم. ولا تقف الولايات المتحدة عند هذا الحد، بل ان الصوت الاميركي يرتفع منذ مدة في وجه بلدان النفط العربي التي تجرأت على اتخاذ بعض الاجراءات الهادفة الى استعمال النفط سلاحا في المعركة مع اسرائيل وحلفائها، يرتفع هذا الصوت الاميركي مهدداً وملوحاً بالغزو العسكري المباشر لمنابع النفط، كما تتزايد الضغوط الاقتصادية والسياسية، ليس فقط من اجل حماية المصالح الاميركية في المنطقة بل كذلك من اجل توسيع اطارها حتى تشمل بلداناً اخرى واسواقاً جديدة.

          وتجد الولايات المتحدة في الدور الذي تلعبه ايران في المنطقة عوناً لها على تنفيذ سياستها هذه. فمن ناحية اولى، تساهم ايران في إبقاء مظلة سيطرة الاحتكارات والسياسة الاميركية مرفوعة فوق منطقة الخليج واجزاء اخرى من الجزيرة العربية وثروتها النفطية الهائلة؛ ومن ناحية ثانية، تؤدي السياسة الايرانية - من خلال افتعال الصدامات مع العراق - وظيفة إشغال وحجز طاقات وطنية عربية هامة ومنعها من توجيه كل اهتمامها للمساهمة في الصراع الصراع المصيري مع العدو الصهيوني وحليفه الاميركي.

          ان مجمل الظروف والاوضاع المشار اليها تدفع اسرائيل الى التحضير المحموم لحرب خامسة قريبة بدعم من الولايات المتحدة، في سبيل إحداث تغيير كبير في ميزان القوى الراهن لصالحها، يكسبها المزيد من القدرة على الضغط من اجل فرض ما عجزت عن فرضه حتى الآن من حلول تصفوية، مع التهديد الوقح باستخدام الاسلحة الذرية في المواجهة المقبلة.

          في ضوء هذه الحقائق جميعاً، وفي اطار المساهمة في دفع الوضع العربي نحو مستوى من التعبئة اكثر تقدماً لمواجهة مسؤوليات الحرب الخامسة التي باتت اكثر من مجرد احتمال، وكي تتمكن الجبهة العربية المشاركة في الثورة الفلسطينية من القيام بالدور الذي كان في اساس تشكيلها، فان المجلس العام للجبهة، المنعقد في الجزائر ما بين 20 و 22 كانون الاول (ديسمبر) 1974، يقرر ما يلي:

اولا: في اطار الوضع العربي العام

          ان مسؤولية الاعداد الجدي لمجابهة خطط العدو المباشرة ومتطلبات الصراع الطويل معه، تفرض على جميع القوى المشاركة في الجبهة تصعيد نضالها من اجل:
          1 - رفع درجة الاستعداد العسكري للقوى القتالية العربية، وتطوير اشكال التنسيق والوحدة فيما بينها. وفي هذا المجال، فان توحيد جبهة قوى ودول المواجهة المباشرة مع اسرائيل تطلب احياء الجبهة الشرقية كضرورة حتمية لا بديل لها ولا غنى عنها، مع ما يفترضه ذلك من توفير شروط قيام هذه الجبهة، ونجاحها، واستمرارها.
          ان توفير أعلى درجات التنسيق بين القوى القتالية في سورية والعراق ومنظمة التحرير الفلسطينية، في هذه الجبهة الشرقية، يشكل عاملا رئيسياً مساعداً على تطبيق ما اتخذته قمة الرباط من قرارات بالنسبة للوضع القائم في الساحة الاردنية، وبشكل يعيد للثورة الفلسطينية قدرتها الكاملة على المشاركة في التصدي لاسرائيل انطلاقاً من هذه الساحة.

          2 - استخدام النفط العربي سلاحاً في المعركة مع اسرائيل وحلفائها، وفي طليعتهم الولايات المتحدة الاميركية.
          ان استكمال تحرير النفط العربي والسيطرة عليه، انطلاقاً من تأميمه، هو، دون شك، مفتاح تسخيره لصالح حركة التحرر الوطني العربية في صراعها مع الصهيونية والامبريالية. لكن الضغط على القوى الحليفة لاسرائيل بواسطة سلاح النفط، ليس كل الخطة المطلوبة، بل لا بد من تنظيم استعمال عائداته وفائض الاموال منه لصالح تدعيم القدرة العسكرية والاقتصادية لدول المواجهة، ولصالح تنفيذ برنامج تنمية اقتصادية عربية شاملة. وفي هذا المجال، لا بد من التنويه بالدعوة التي وجهها الرئيس هواري بومدين الى الدول العربية المنتجة للنفط كي تعقد مؤتمر قمة يعالج هذا الموضوع الهام، وكذلك بدعوته الى مؤتمر قمة يناقش ويخطط مسائل البناء الاقتصادي العربي المشترك. كما ان استعمال سلاح النفط كعنصر حيوي لدعم النضال الوطني العربي، يتطلب توظيفه من اجل ترسيخ علاقة المصير المشترك التي تربط العرب بمجمل شعوب العالم الثالث التي وقفت الى جانب الحق العربي وناصرته، ومن اجل زيادة امكانات الصمود لدى هذه الشعوب في مواجهة الاستغلال الذي يتعرض له والسيطرة الاستعمارية التي تعاني منها. ان اتخاذ اجراءات، مثل تقديم العون المباشر الى بعض شعوب العالم الثالث، وتأسيس مصرف عالمي للقروض المالية برأسمال يقتطع من عائدات النفط وفوائضه، وانتهاج سياسة نفطية خاصة تجاه العالم الثالث تمكنه من استعادة بعض تكاليف النفط الذي يحصل عليه، ان ذلك يشكل بعض ما هو مطلوب لتوطيد التضامن النضالي بين العرب وبين الشعوب التي تشاركهم مواجهة السيطرة الامبريالية وبؤرتها العدوانية في المنطقة العربية: اسرائيل.

          ان بروز العرب على المسرح الدولي كشعب معني بما تعانيه شعوب العالم، التي أفقرها الاستعمار، من معضلات التخلف والحرمان والاستغلال، من شأنه ان يكتل حول النضال الوطني العربي ضد الصهيونية والامبريالية، قوى هائلة في مواجهة التحديات الحضارية المشتركة. ان هذه الحقيقة هي التي تفسر، الى حد بعيد، الاثر الايجابي الكبير الذي أحدثته مبادرة الجزائر على لسان الرئيس هواري

<4>