إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



(تابع) حركة المقاومة الإسلامية (حماس) (مذكرة تعريفية).
المصدر: خالد الحروب "حماس الفكر والممارسة السياسية"، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، ط 2، 1997، ص 308- 317.

محاصرة بيروت أكبر إهانة تتعرض لها الأمة بعد حرب 1967، رغم الصمود التاريخي للمقاومة الفلسطينية فيها، إذ تم حصار عاصمة عربية لمدة ثلاثة أشهر دون أي رد فعل عربي حقيقي، وقد نتج عن ذلك إضعاف منظمة التحرير الفلسطينية وخروجها من لبنان، وعلى أثر ذلك الخروج ازدادت الاتجاهات التسووية داخل المنظمة، ورافق ذلك خلافات وانشقاقات على خلفيات المواقف والطروحات، وقد تضمنت طروحات التسوية التنازل عن أخطر شرطين مما تعاهدت على رفضهما جماهير الشعب الفلسطيني منذ بدايات جهاده اتساقاً مع تاريخه الطويل منذ الفتح العمري وللآن، وهما:
         - الاعتراف بالكيان الصهيوني وشرعيته،
         - والتنازل له عن جزء من فلسطين، بل عن الجزء الأكبر منها. وفي مثل هذه الظروف التي لقيت استجابة من منظمة التحرير الفلسطينية، تراجعت استراتيجية الكفاح المسلح، كما تراجع الاهتمام العربي بقضية فلسطين، وأصبحت مدرجة على جدول أعمال المؤتمرات والاجتماعات كسائر القضايا الروتينية، وكانت كل دولة من الدول العربية تعمل بمفردها على تكريس مفهوم القطرية بنَفَس فئوي بشكل مقصود أو غير مقصود وذلك من خلال التركيز على "الهوية الشخصية الكيانية" وترسيخ المفاهيم المتعلقة بها.

         وبعد نشوب الحرب العراقية- الإيرانية تحول الاهتمام إليها طوال عقد الثمانينات تقريباً، وأصبحت قضية فلسطين هامشية بشكل كبير، وبموازاة ذلك كانت سياسة الكيان الصهيوني تزداد صلفاً وغروراً بتشجيع ومؤازرة من الولايات المتحدة الاميركية التي وقعت معه معاهدة التعاون الاستراتيجي في عام 1981 الذي تم فيه أيضاً إعلان ضم الجولان وتدمير المفاعل النووي العراقي.

         ووصل الاستهتار الصهيوني بالقدرة العربية أَوْجَه عام 1982، عندما اجتاحت قواته جنوب لبنان وحاصرت عاصمته وقصفتها طوال أشهر، وما تلا ذلك من مجازر فظيعة في مخيمات صبرا وشاتيلا ذهب ضحيتها المئات من الشعب الفلسطيني، كانت المفارقة الغريبة في ذلك العام هي انعقاد مؤتمر القمة العربي في فاس في آيلول/ سبتمبر من نفس العام والتي جاءت كنوع من الاستجابة غير المباشرة لمشروع ريغان للسلام عام 1981 والذي رفض أية حلول تتضمن أي شكل من أشكال الدولة الفلسطينية المستقلة!! وتضمنت قرارات القمة واحدة من أخطر الانعطافات الرسمية الجماعية العلنية على مستوى الأمة، وهي الاعتراف الضمني بحق دولة "إسرائيل" في الوجود، كما تضمنت القرارات الدعوة إلى إنشاء صيغة كونفدرالية مميزة بين الأردن وفلسطين، وأخذت تلك الدعوة مجرى البحث بين الطرفين الذي انتهى باتفاق شباط [فبراير]، 1985 والذي تم إلغاؤه لاحقاً.

         وفيما كانت السياسة العربية تتخبط في أوهام الأمل الذي عقدته على الإدارات الاميركية المتعاقبة، كان التطرف الصهيوني يأخذ مداه بإحكام أحزاب اليمين لقبضتها

<2>