إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



(تابع) تقرير اللجنة الملكية لفلسطين 7 يوليو سنة 1937
"ملف وثائق فلسطين من عام 637 إلى عام 1949، وزارة الارشاد القومي،ج 1، ص 599 - 627"

الجلى أن وجود هذه الأقليات هو أعظم العقبات التى تقف في سبيل تنفيذ مشروع التقسيم تنفيذا مقرونا بالسهولة والنجاح فاذا أريد أن تكون هذه التسوية تسوية نهائية لا شائبة فيها وجب أن تجابه هذه المشكلة بجرأة وأن تعالج بحزم وهى تدعو الى ابداء أقصى حد من الحنكة السياسية من قبل جميع ذوى الشأن.

        وإننا نجد سابقة لتبادل السكان فيما تم بين اليونان والاتراك عقب الحرب اليونانية التركية سنة 1922. فقد عقدت الحكومتان اليونانية والتركية ميثاقا يقضى بنقل الرعايا اليونان الذين ينتمون للمذهب الأرثوذكسى ويقيمون في تركيا إلى بلاد اليونان وبنقل الرعايا الأتراك من المسلمين المقيمين فى بلاد اليونان الى تركيا على أن يتم هذا النقل جبرا وتحت اشراف عصبة الأمم. وقد كان عدد الذين تناولهم هذا النقل كبيرا اذ أن عدد الذين نقلوا على هذه الصورة لم يقل عن 1.300.000 نسمة من اليونان و400.000 نسمة تقريبا من الأتراك. غير أن ما بذل من الحزم والنشاط في تنفيذ هذه المهمة أدى الى اتمام عملية الاستبدال بكاملها في نحو ثمانية عشر شهرا من ربيع سنة 1923 ولقد كانت النتيجة التى أسفر عنها هذا الاستبدال مبرورة للجرأة التى أبداها رجال السياسة من اليونان والأتراك.

        ولقد كانت الأقليات من اليونان والاتراك قبل اجراء هذا الاستبدال مصدرا دائما للتهيج والقلق. أما الآن فقد أصبحت العلاقات القائمة بين اليونان والأتراك على درجة من الود والصداقة لم يسبق لها أن سادت بين البلدين فيما مضى.

        وقد حدث عندئذ ان كان في شمال اليونان أرض زراعية فائضة عن الحاجة ميسورة لإسكان الرعايا اليونان الذين نزحوا عن تركيا أو في الامكان تهيئتها لذلك الغرض عاجلا. أما فلسطين فليس فيها مثل تلك الأراضى فى الوقت الحاضر.

        فهناك ضمن الحدود المقترحة للدولة اليهودية مجال متسع لاسكان اليهود الذين يقيمون الآن في المنطقة العربية أو من الممكن فسح هذا المجال لهم في القريب العاجل غير أن المشكلة الكبرى تدور حول العرب الذين يتناولهم النقل والذين يفوق عددهم عدد اليهود كثيرا. فبينما يمكن إسكان البعض من هؤلاء العرب في الأراضي التى يخليها اليهود فلا مندوحة عن ايجاد أرض أوسع كثيرا لاسكانهم جميعها. والمعلومات الميسورة لدينا تحدو بنا الى الأمل بأن القيام بمشاريع كبيرة للرى وخزن المياه وتعمير شرق الأردن وبئر السبع ووادى الأردن (الغور) قد يسفر عن اسكان عدد يفوق كثيرا عدد السكان الموجودين الآن في هذه المناطق.

        ولذلك ينبغي فحص هذه المناطق وتقدير ما يمكن أن يجرى فيها من مشاريع الرى والعمران بالسرعة الممكنة. فاذا ظهر بنتيجة هذا الفحص أن في الامكان توفر مساحات واسعة من الأراضى لاسكان العرب المقيمين في المنطقة اليهودية فعندئذ يبذل أقصى ما يمكن من الجهد للوصول الى اتفاق بشأن تبادل الأراضى والسكان. وبالنظر للتنافر القائم الآن بين العنصرين ولما يعود به تضييق مجال الاحتكاك بينهما في المستقبل من الفائدة الجلية للطرفين يؤمل أن يبدى الزعماء العرب واليهود ما أبداه الاتراك واليونان من الحنكة السياسية السامية وأن يتخذوا قرارا جريئا كالقرار الذى اتخذه هؤلاء.

<24>