إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



(تابع) بيان الخطة السياسية الصادرة من حكومة جلالته في 17 مايو 1939
"ملف وثائق فلسطين من عام 637 إلى عام 1949، وزارة الارشاد القومي، ج 1، ص 717 - 726"

السياسي فان ذلك عامل يجب ألا يغفل ومع انه ليس من الصعب أن يقال في معرض الجدل بان ذلك العدد الكبير من المهاجرين اليهود الذين دخلوا البلاد حتى الآن قد استوعبتهم البلاد من الناحية الاقتصادية فإن المخاوف التى تساور العرب من ان هذه الهجرة المتدفقة ستستمر الى مالا نهاية له حتى يصبح السكان اليهود في وضع يمكنهم من السيطرة عليهم. وقد اسفرت عن نتائج عظيمة الخطورة لليهود وللعرب على السواء والسلام ورفاة فلسطين. فما هذه الاضطرابات المفجعة التى وقعت خلال السنوات الثلاث الماضية إلا آخر وأثبت مظهر برزت فيه تلك المخاوف العظيمة التى تساور العرب.

        أن الاساليب التى سلكها الارهابيون العرب ضد مواطنيهم من العرب وضد اليهود على السواء يجب أن يقابل بالاستنكار المطلق، غير انه لا يمكن الانكار ان الخوف من استمرار الهجرة اليهودية استمرارا لا نهاية له منتشر انتشارا واسعا بين السكان العرب وان هذا الخوف هو الذى هيأ السبيل لوقوع الاضطرابات التى صدمت تقدم البلاد الاقتصادى صدمة عنيفة واستنزفت خزينة فلسطين وجعلت الناس غير مطمئنين على أرواحهم وأموالهم وخلقت بين السكان العرب واليهود مرارة يؤسف لحدوثها بين مواطنى بلاد واحدة. ولو استمرت الهجرة في هذه الظروف الى الحد الأعلى الذى تسمح به قدرة البلاد الاقتصادية على الاستيعاب بقطع النظر عن سائر الاعتبارات الأخرى لأدى ذلك الى تخليد عداوة قاتلة بين الشعبين ولأمكن أن تصبح الحالة في فلسطين عندئذ مصدرا دائما للاحتكاك بين جميع شعوب الشرق الادنى والأوسط. وحكومة جلالته لا يسعها أن تأخذ بالرأى القائل إن الالتزامات المترتبة عليها بموجب صك الانتداب أو أن العقل الراجح والعدالة تقضى عليها بتجاهل هذه الظروف لدى وضع سياستها بشأن الهجرة.

        لقد كان من رأى اللجنة الملكية أن ادماج سياسة تصريح بلفور بنظام الانتداب ينطوى على الاعتقاد بامكان التغلب على موقف العرب العدائي من ذلك التصريح عاجلا أم آجلا. ولقد كانت الحكومات البريطانية منذ صدور تصريح بلفور تأمل أن ترضي السكان العرب مع مرور الزمن عن اطراد نمو الوطن القومي اليهودى بعد أن يدركوا الفوائد التي سيجنونها من الاستيطان والعمران اليهـودي في فلسطين. ولكن هذا الأمل لم يتحقق. وأصبح على حكومة جلالته الآن أن تختار بين سياستين: فهى:

1 -

اما أن تعمل على توسيع الوطن القومي توسيعا لا نهاية له عن طريق الهجرة ضد رغبات سكان البلاد من العرب التى اعربوا عنها بكل شدة.

أو:

2 -

أن تسمح بزيادة توسع الوطن القومي عن طريق الهجرة اذا كان العرب على استعداد للقبول بتلك الهجرة ولكن ليس بدون ذلك.

        أما السياسة الاولى فمؤداها الحكم بالقوة وهي بقطع النظر عن الاعتبارات الاخرى تخالف في رأى حكومة جلالته روح المادة الثانية والعشرين من ميثاق عصبة الأمم كل المخالفة كما انها تناقض أيضا الالتزامات الصريحة المترتبة عليها نحو العرب بموجب صك الانتداب على فلسطين. أضف الى هذا ان العلاقات بين العرب واليهود في فلسطين لا بد لها أن تبنى عاجلا أم آجلا على أساس تبادل التسامح والنية الطيبة فسلام الوطن القومي اليهودي نفسه وتقدمه يتطلب ذلك. ولذلك قررت حكومة جلالته

<7>