إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



(تابع) بيان الدكتور جون ديفيز مدير وكالة إغاثة اللاجئين في مؤتمر اللاجئين العالمي في جنيف
"ملف وثائق فلسطين من عام 1950 إلى 1969، وزارة الإرشاد القومي، ج 2، ص 1239 - 1247"

         الفكرة الخاطئة الثالثة: إنه كان بالإمكان حل مشكلة اللاجئين منذ زمن بعيد لولا تآمر السياسيين العرب المجردين عن المبادئ الذين سعوا لإبقاء اللاجئين عاطلين عن العمل وإن هؤلاء لا يمثلون الرأي العام. أما ملاحظاتي الخاصة فهي أن السياسيين العرب يسلكون كما يسلك السياسيون في أي مكان آخر من العالم تقريبا من حيث أنهم متنبهون لشعور شعبهم وفي رأيي أن الناطقين العرب في بياناتهم أمام الجمعية العامة وسواها يعبرون بدقة عن الشعور العميق والآمال الكامنة في قلوب الشعب الذي يمثلونه وبتعبير صريح إن عقدة شعورهم هو رفضهم قبول إسرائـيل كجزء دائم من الشرق الأوسط. وإن اتصالاتي الواسعة في الشرق الأوسط مضاف إليها الآراء العديدة التي تبادلتها مع أشخاص غيرهم ممن لهم مثل هذه الاتصالات تقنعني أن هذا هو ما يشعر به بالفعل الشعب العربي بكامله لا المليون لاجئ فلسطيني فحسب. وإن هذا الموقف الذي تسنده وتقويه المشاعر العميقة هو الموقف الذي يشعر به السياسيون وينعكس في بياناتهم وتصرفاتهم.

         ويقابل هذا الشعور من جانب الشعب العربي تصميم من جانب الشعب اليهودي في إسرائيل على الدفاع عن بلاده ضد جميع الاحتمالات وكما يقال غالبا "وظهره للبحر".

         والوضع كما أراه هو أن الشعور الأساسي لكلا الشعبين فيما يختص بالقضية الفلسطينية، لا أهواء السياسيين، هو الذي حال ولا يزال يحول دون الوصول إلى حل سياسي للمشكلة الفلسطينية. وإنه لمن الأهمية بمكان أن هذا التمييز بين مشاعر الشعوب وأهواء الساسة يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار عندما يحاول المرء تقدير احتمال التوصل إلى حل للمشكلة في المستقبل القريب. وإن عمق هذه المشاعر وشمولها هو ما جعلني أقدم في تقريري السنوي إلى الجمعية العامة على التحذير ضد إظهار تفاؤل سابق لأوانه فيما يختص بإيجاد حل سريع للمشكلة.

         الفكرة الخاطئة الرابعة - تتصل هذه الفكرة اتصالا وثيقا بالفكرة الخاطئة الثالثة - ومفادها أنه لو أمكن التوصل إلى حل سياسي بين إسرائيل وجاراتها العربيات عن طريق التفاوض فإن مشكلة اللاجئين ستحل. إن هذا بعيد عن الحقيقة وسوف يبعد عنها أكثر فأكثر مع مرور السنين، وقد سبق لي أن أوضحت إن السبب الأساسي في أن السواد الأعظم من اللاجئين أصبحوا عند نشوء المشكلة معتمدين على الصدقات الدولية هو أنهم كانوا متقدمين في السن أو معتلى الصحة إلى حد لا يستطيعون معه العمل أو لأنهم كانوا من فئات العمال (أي المزارعين أو العمال غير الماهرين) الذين كانت تفيض بأمثالهم البلدان التي احتشدوا فيها. وموجز القول أنهم أصبحوا معتمدين على الإغاثة لأنهم لم يكونوا حائزين على القابلية للعمل ضمن النظام الاقتصادي الذي كان نائما في هذه البلدان المضيفة. ومما زاد في تعقيد معضلتهم هو أنه ليس هناك بلد في العالم اليوم في حاجة إلى المهارات المحدودة التي يملكونها، وعلاوة على ذلك فإن الوضع يزداد تعقدا مع مرور السنين لأن تقدم الوسائل التكنولوجية في مجموع أنحاء العالم تخفف الحاجة النسبية للمزارعين والعمال الماهرين كجزء من مجموع العناصر التي تتكون منها القوى العاملة.

         أما صفوف اللاجئين الأصليين الذين وجدوا أنفسهم غير قابلين للعمل ضمن الجو الاقتصادي الذي كان سائدا في البلدان المضيفة في عام 1948 فقد اتسعت

<3>