إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



(تابع) بيان الهيئة العربية العليا لفلسطين حول القضية الفلسطينية ومسألة العلاقات بين العرب وألمانيا
"ملف وثائق فلسطين من عام 1950 إلى 1969، وزارة الإرشاد القومي، ج 2، ص 1331 - 1334"

         والشعب العربي الفلسطيني ينظر إلى مثل هذه التصريحات والمحاولات بعين الريبة، ويستنكرها ويؤكد بصورة قاطعة استمساكه بميثاقه الوطني الذي وضعه بمحض إرادته، وصان أهدافه بدمائه الزكية وتضحياته الغالية، طيلة سني جهاده المرير وثوراته العديدة، وهو لا يفرط في مبادئه وحقوقه أو يقبل أي حل يعرض لقضيته لا يحقق أهدافه. وهذا الشعب الذي صمد في وجه محاولات الأعداء والعملاء في الماضي لحل القضية عن طريق المساومات وأنصاف الحلول، لن يضلله ما تتستر خلفه المحاولات والاتجاهات الأخيرة ولن يخدعه ما ظهر على مسرح قضية فلسطين من تضليل سياسي، وسيظل متمسكا بأهدافه ومطالبه وميثاقه الوطني، وسيواصل كفاحه، مهما طال الأمد، وتعاظمت الصعوبات والتضحيات، حتى يتحقق له النصر المبين.

2 - العرب وألمانيا الغربية:
         لقد تعرضت العلاقات العربية- الألمانية في الأيام الأخيرة لأزمة عنيفة، شغلت العالم العربي قاطبة. والهيئة العربية تؤكد أن هذه الأزمة ليست بنت ساعتها، بل تعود في نشأتها وتطوراتها إلى خطة اللين والمهادنة التي اتبعتها السياسة العربية الرسمية خلال الإثنى عشر عاما المنصرمة في تعاملها مع الجمهورية الألمانية الاتحادية وعلاقاتها بحكومات هذه الدولة الضالعة مع الصهيونية والاستعمار.

         إن حكومة الجمهورية الألمانية الاتحادية عقدت في شهر أيلول من عام 1952 اتفاقية التعويضات المعروفة مع اليهود، ونظرا لما تلحقه هذه الاتفاقية بالعرب من أذى وضرر وما تنطوي عليه من أخطار عظيمة على مصالحهم ولا سيما قضيتهم الفلسطينية فقد بادرت الهيئة العربية بالاحتجاج على المساعي المبذولة لعقد هذه الاتفاقية واستنكارها وسعت لإحباطها قبل عقدها حينما شاع خبر المفاوضات بشأن التعويضات وسارعت بإرسال أول مذكرة بشأنها إلى كونراد اديناور مستشار المانيا الغربية في ذلك الحين كما أجرت اتصالات سريعة مع الدول العربية وجامعتها والدول الإسلامية وقدمت لها مذكرات بتاريخ 7 يونيو 1962، وكذلك إلى السكرتير العام للأمم المتحدة وأهابت بها لاتخاذ الإجراءات اللازمة لحمل المانيا الغربية على العدول عنها. واستجابت الدول العربية حينئذ لنداء الهيئة وعقدت جامعة الدول العربية جلسة خاصة واحتجت الدول العربية على هذه الاتفاقية وطالبت ألمانيا بإلغائها وأنذرتها بالمقاطعة السياسية والاقتصادية إذا هي حاولت تنفيذها. وأيد الشعب العربي حكوماته في موقفها، وساندها بقوة. إزاء ذلك حاولت ألمانيا التراجع عن الاتفاقية، ولكن ما بذل من جهود دولية ومساع خارجية ولا سيما من الولايات المتحدة الأمريكية وما لازمها من ضغط وتوجيه وإغراء أدى إلى تراجع العرب عن موقفهم، والعدول عن قراراتهم. فاندفعت ألمانيا الغربية في تنفيذ اتفاقية التعويضات المذكورة دون أن تقع من العرب معارضة أو مقاومة حقيقية، متخذة من خطة اللين والمهادنة التي اتبعتها السياسة العربية الرسمية وسيلة إلى ذلك، ثم لم تلبث أن أقدمت على عقد سلسلة جديدة من اتفاقيات التعويضات مع اليهود، أدت إلى انهمار سيل لا ينقطع من المساعدات الألمانية تجاوزت مبلغ مليون مارك يوميا.

         وفي الحين الذي واصلت الهيئة العربية جهودها لمنع اتفاقيات التعويضات لم تبادر السياسة العربية الرسمية إلى اتخاذ أي إجراء وقائي ضد هذا الأذى العظيم تلحقه حكومة ألمانيا الغربية بالوطن العربي وقضية فلسطين. بل حدث ما هو أدهى

<2>