إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



(تابع) رسالة الرئيس بورقيبة الى الرئيس عبد الناصر حول قضية فلسطين
"الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1965، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 1، ص 185 - 188"

       فخلطوا عمدا أو غفلة بين الغاية والوسيلة وحملوا الاجتهاد في استنباط الوسائل محمل التخلي عن الهدف أو التنكر له.
       ولئن كان ما قلته يغاير ما ألفه الكثيرون من جعجعة لفظية لا طائل من ورائها، فان المسؤلين العرب عامة والمسؤولين المصريين بوجه اخص على علم من حقائق الامور. واعتقادي ان الشخصيات الرسمية التي تسرعت الى ابداء الاستنكار انما فعلت ذلك بغير مرضاة الجمهورية العربية المتحدة وذلك لاسباب داخلية لا تغرب عن احد.
       لذا اعتبر من المفيد ان اخاطبكم انتم مباشرة. وسأتوخى نفس الصراحة التي عهدتموها فيّ سواء في مباحثاتنا الخاصة او في الخطب التي صدعت بها على رؤوس الملأ في شتى المناسبات.
       ونحن جميعا متفقون على انه من المستحيل في الظروف الراهنة ان تشن الدول العربية حرباً على اسرائيل لتحرير فلسطين وارجاعها الى اهلها واصحابها. واذكركم في هذا الصدد بمداولات اجتماعي القاهرة والاسكندرية. ولست اعتقد ان في تأكيد ذلك افشاء لسر ما.
       ويتعذر على الدول العربية القيام بأي عملية هجومية في الوقت الحاضر لسببين: اولهما أنها غير متأهبة لمواجهة الحرب، ولا قابلة لمبدأ تسلل عصابات المقاومين من ابناء فلسطين، والثاني أن الوضع الدولي يحول ايضا دون ذلك لاجماع الشقين الغربي والشرقي في الامم المتحدة على المحافظة على السلم واستعدادهما لردع اي محاولة تهدف الى تغيير الوضع الحالي بالعنف في هذه المنطقة.
       وليس هناك في الوقت الحاضر ما يحمل على الامل بأن الحالة سوف تتغير في امد معقول يمكن التكهن به، بينما تزداد تكاليف التسلح وطأة على الدول العربية فتحد من قدرتها على النمو واكتساب الاسباب الحقيقية للقوة والمناعة.
       وكثيرا ما تناولت هذا الموضوع مع عدد من المسؤولين في المشرق العربي، فكانوا دوما يجيبون بأن اكبر حسرة في نفوسهم اصرار العرب على التمسك بمواقف سلبية تجاه الحلول التي عرضتها عليهم منظمة الامم المتحدة.
       ولقد قلتم لي بلسانكم خلال محادثة لنا عن ذلك انكم أثرتم موجة من الغضب لما صرحتم اثناء مؤتمر باندونج بأن ما عرضته الامم المتحدة سنة 1948 يمكن اعتباره حلا مرضيا فأجبتكم بأني مستعد لاتخاذ مواقف جريئة في هذا الصدد واضفت مازحا:
(وآمل ان لا تهاجمني عندئذ ابواق اذاعة القاهرة وصوت العرب).
       وان الخطة التي اقترحتها في اريحة والقدس ولبنان، ثم شرحتها ووضعتها في تصريحات متوالية، لا تختلف في الجوهر عن الموقف الذي أعلنتم عنه سنة 1955. وقد تقدمت بهذه

<2>