إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



(تابع) رسالة الرئيس بورقيبة الى الرئيس عبد الناصر حول قضية فلسطين
"الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1965، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 1، ص 185 - 188"

الخطة نفسها في الخطاب الذي القيته في الاجتماع الأول لرؤساء الدول العربية بالقاهرة في جانفي من سنة 1964.
       وهي خطة لا تهدف الى الاستكانة وقبول انصاف الحلول كما يظن البعض، بل هي تهدف الى تحريك القضية بعد ان تجمدت وتعفنت وكاد الرأي العام العالمي أن ينساها واجمع اصدقاؤنا من العالم الثالث من الدول غير المنحازة على اعتبارها من القضايا المحفوظة.
        فمن أوكد واجباتنا انتشال القضية من هذا التدهور الذي وصلت اليه، وذلك بإرجاعها الى الحيز الذي تصبح فيه من شواغل الرأي العام العالمي.
       ومن أوكد واجباتنا ايضا أن نقرأ للخطة السياسية حسابها فلا نعول على القوة وحدها لانها كما اسلفنا لا تفضي الى نتيجة ايجابية فلا بد اذن من كسب الأنصار وتهيئة الرأي العام الدولي الى مساندتنا بصورة من الصور. لذلك اقترحت ان نعود الى قبول مقررات الأمم المتحدة في شأن ارجاع اللاجئين الى ديارهم وتخلي اسرائيل عن جانب هام من فلسطين المحتلة.
       وكنت اتوقع - والأيام اقامت الدليل على ذلك - ان اسرائيل لن تقبل الخضوع لمقررات الأمم المتحدة وانها بذلك، ومن حيث لا تريد، سوف تعزز موقفنا، اذ تظهر الدول العربية في نضالها من اجل فلسطين في موقف المدافع عن قرارات الأمم المتحدة المتعلق بمبادئها.
       وكنت واثقا - والأحداث قد أيدت ذلك - ان الدول الكبرى ستستنكر رفض اسرائيل الانصياع لمقررات الأمم المتحدة فيكسب العرب من ذلك بصورة غير مباشرة وتتزعزع الأركان التي يعتمد عليها الاستعمار الصهيوني نتيجة للتفرقة بين اسرائيل ومناصريها.
       ولا يخلو الحال من احد امرين: اما ان تقبل اسرائيل في النهاية مقررات المنظمة  الدولية - وهو الابعد - فتسمح برجوع اللاجئين وتتنازل عن قسم من الأرض المحتلة فتتغير بذلك المعطيات لصالح العرب وتظهر امكانيات جديدة من شأنها ان تؤدي الى الحل النهائي.
       واما - وهو الأقرب - ان تصر اسرائيل على الرفض. فيكون موقف العرب هو الأقوى حتى في صورة نشوب حرب بين الطرفين.
       ومهما يكن من امر فان المهم هو الخروج بالقضية من حالة الموات ودفعها الى الأمام واذ ذاك لا بد لها من التطور السريع نحو الوضع الذي يمكن حتما من بلوغ الحل النهائي، ما دامت قد دخلت في تيار الأحداث الحية واندفعت بقوة اندفاعها.
       فالخطة التي صدعت بها تهدف الى مضايقة اسرائيل وقلب الآية عليها وكسب عطف الرأي العام الدولي على قضيتنا.

<3>