إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


       



(تابع) رسالة الرئيس بورقيبة الى الرئيس عبد الناصر حول قضية فلسطين
"الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1965، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 1، ص 185 - 188"

        وهي لا تختلف عن جوهرها عن الموقف الذي عبرتم عنه باقتضاب في تصريحاتكم الاخيرة الى مجلة (ريالتي) ووكالة (اوبرا موندي) اذ قلتم ما معناه ان العرب راضون بما طالب به الأفارقة والاسيويون سنة 1955 من رجوع الى مقررات الأمم المتحدة في خصوص قضية فلسطين.
        فأين الخلاف بيننا اذن؟ ألسنا متفقين من صلب القضية؟ ألسنا على رأي واحد في خصوص عدم نجاعة الحرب في الظروف الراهنة - مع تأكيد تضامن تونس مع شقيقاتها في حالة نشوب حرب مع اسرائيل، وذلك طبقا لما تعهدنا به في نطاق الدفاع المشترك وضمن هيئة القيادة العربية الموحدة.

         ألسنا نرى معا ضرورة الاخذ بسياسة المراحل في استرجاع الوطن السليب؟ وذلك على غرار ما فعلته كافة الشعوب العربية في استرجاع سيادتها، لا أستثني منها شعبا واحدا، لا مشرقا ولا مغربا.
        واني لأتذكر اني قلت في خطابي الى الملوك والرؤساء مجتمعين بالقاهرة ان الكفاح يقتضي احيانا من المسؤولين ان يغامروا بسمعتهم وماضيهم، فيجابهوا غضب الجماهير في سبيل حلول جريئة لا تظهر نجاعتها للعيان الا بعد مدة.
        ولقد كرست حياتي كلها للكفاح من اجل الحرية والعدالة لا بالنسبة الى تونس فقط بل في صالح الأمة العربية جمعاء. واني مستعد للمغامرة من جديد في سبيلها رغم الحملات المستعرة والتهجمات السخيفة التي تهدف الى تضليل الرأي العام العربي باستعمال لغة الشتم والندب بدل التروي واعمال العقل واجراء الحوار النزيه.
        واني لمستعد لذلك، وان أدى الأمر الى القطيعة مع بعض الاشقاء الذين يعز علينا التخالف معهم، ولكن التخلي عن الحق أشق على نفوسنا وأعصم.
        ولقد عرفت تونس محنة القطيعة من قبل، وواجهتها بصبر وجلد. ولم يغير ذلك من وفائها لعروبتها ولم ينل من إيمانها بنفسها ولم يزعزع ثقتها بمصيرها.
        وان كانت القضية - وهو ما نأمل - ناشئة عن مجرد سوء التفاهم ولا تشوبها النوايا، فإني مستعد لعقد اجتماع معكم في التاريخ والمكان اللذين يمكن الاتفاق عليهما قصد توضيح الموقف وحماية الوحدة العربية من التصدع وتعزيزا للطاقة العربية على بناء الكرامة والحرية والمناعة وفقنا الله جميعا الى ما فيه الخير والرشد.
         وتقبلوا تحياتي الخالصة مشفوعة بعبارات التقدير الاخوي.

 

الحبيب بورقيبة
رئيس الجمهورية التونسية


<4>