إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



(تابع) بيان الهيئة العربية العليا لفلسطين بمناسبة 15 آيار
"الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1965، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت مج 1، ص 224 - 226"

ساعدت الدول الاستعمارية المؤيدة للصهيونية، على فرض الهدنتين الأولى والثانية، ثم على عقد اتفاقيات رودس ومن ثم إبرام بروتوكول لوزان، كل ذلك أدى إلى انهيار كيان الشعب الفلسطيني وقيام كيان صهيوني على أنقاضه لم يلبث ان اصبح دولة عضوا في الأمم المتحدة لها من المقومات وأسباب القوة والمنعة ما اخذت تهدد بها الدول العربية مجتمعة، دون خشية أو وجل.
        ومن المؤسف حقا، أن تستمر السياسة العربية الرسمية، في السير على هذه الخطة، في معالجة القضية الفلسطينية بعدما ظهر فشلها وعقمها وما نتج عنها من وخيم العواقب ، متجاهلة المطالب الحقيقية للشعب الفلسطيني، وضاربة عرض الحائط بمطالبته المستمرة باطلاق يده لتنظيم صفوفه ضمن كيان شعبي سليم وقادر على الوقوف في وجه التحدي الصهيوني، وعلى التصدي للمؤامرات الرامية الى تصفية قضيته لصالح الصهيونية والاستعمار وأن تصر في عام 1964، بعد ستة عشر عاما من الكارثة، على فرض كيان فلسطيني خال من محتواه النضالي، ومجرد من قواعده الشعبية، وعاجز عن مجابهة المؤامرات والدسائس  التي تحيق بالقضية الفلسطينية.
        وقد كان هذا الأسلوب المتخاذل، جديرا بأن يطمع الأعداء فينا، ويحمل بعض المسؤولين من بني قومنا على إعلان رأيهم بقبول قرارات الأمم المتحدة الخاصة بتقسيم فلسطين وتدويل مدينة القدس ومنطقتها، بل وبمناداة بعضهم بمفاوضة الصهيونيين الغزاة على أساس هذه القرارات.
        ومن المؤلم أن تتردى القضية الفلسطينية نتيجة هذه السياسة المتخاذلة، في هذا الدرك الأسفل من الانحدار بطرحها في المحافل الدولية على أساس المطالبة بتنفيذ قرارات الأمم المتحدة، على حين تنطوي تلك القرارات على الاعتراف بقيام الدولة اليهودية في صميم فلسطين  وعلى قيام اتحاد اقتصادي بين العرب والصهيونيين وفي ذلك ما فيه من الخطر على البقية الباقية من أرض فلسطين بل على الوطن العربي نفسه، لأنه يؤدي إلى فرض السيطرة الاقتصادية الصهيونية والاستعمارية على العالم العربي.
        ولا يخفى ان الأسباب التي حملت الدول العربية على رفض التقسيم عام 1947، وهي  قومية وسياسية واقتصادية، ما تزال قائمة، بل هي اليوم أقوى وأشد منها منذ صدور قرار التقسيم، بعدما ظهر من استفحال الخطر الصهيوني وغرور الصهيونيين واتساع نطاق مطامعهم التي لا حد لها، مما اكد تأكيدا قاطعا ان اغتصاب فلسطين ليس الا المرحلة الأولى من مراحل المخطط الصهيوني الذي يشمل الرقعة العربية الواقعة ما بين النيل والفرات التي يسميها الصهيونيون (المجال الحيوي لدولة اسرائيل الكبرى).

<2>