إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



(تابع) البيان الذي وجهه الرئيس الحبيب بورقيبة إلى مؤتمر القمة العربي الثالث
المصدر: "الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1965، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 1، ص 484 - 491"

         فقد كانت النقطة الأولى التي ركزت عليها كلامي ان الوضع بفلسطين يشبه إلى حد بعيد أوضاع البلاد المستعمرة، وانه ينبغي توخي الطرائق الكفاحية التي نجحت في تلك البلاد. وهي تعتمد الدوام في المضايقة والشغب وحرب العصابات في الداخل، وفي الخارج (تهدف إلى عزل العدو في الميدان الدولي وإظهاره لدى الرأي العام العالمي بما يكره ان يظهر به، وفضح كل ما يرتكبه من شنائع، حتى تتألب الدنيا عليه تدريجيا، وحتى يضطر حلفاؤه إلى الابتعاد عن مناصرته شيئا فشيئاً).
         وبينت ان هذا العمل ينبغي ان يقوم به الفلسطينيون أنفسهم من الداخل، وان واجب الدول العربية المجاورة ان تقوم بنفس الدور الذي اضطلعت به تونس والمغرب طيلة حرب الجزائر، وان تتحمل المشاق والمخاطر التي سوف تنجر لها من ذلك.
          وألقيت اذ ذاك السؤالين التاليين:
         - هل الشعب الفلسطيني مستعد للقيام بدوره الرئيسي في هذه المعركة باعتباره صاحب الحق الأول الذي وقع الاعتداء عليه مباشرة؟
         - وهل الدول العربية مستعدة لتحمل مسؤولياتها في مناصرة كفاح الشعب الفلسطيني، كلفها ذلك ما كلفها.
          أما النقطة الثانية التي وجهت إليها الاهتمام وشرحتها بأمثلة مقتبسة من كفاح شعوب  مختلفة، فهي تتعلق بطريقة الوصول إلى الحل النهائي فبينت ان الإصرار على الظفر  بالحل الكامل دفعة واحدة عندما يتعذر ذلك لاسباب قاهرة ليس بطريقة موصلة، بل لها نتائج وخيمة على القضية نفسها، وعلى المجتمعات المشغولة بتلك القضية.
         وتبسطت في تحليل الطريقة الثورية التي هي مسيرة نحو الهدف طويلة المدى وتعتمد على تمييز صحيح للمراحل التي لا بد من قطعها لبلوغ الهدف النهائي، اذ الحل المنقوص الإيجابي الثوري هو الذي يساعد على الإمعان في التقدم، ويزيد في طاقات الكفاح، فينبغي أن لا يشتبه على المكافحين بالحل المغشوش الذي يعرقل السير ويوصد الأبواب. وهي طريقة مستوحاة من الخطط الحربية التي تعمد إلى استغلال الوسائل التكتيكية لتحسين المواقف الاستراتيجية.
         أما النقطة الثالثة التي نبهت إلى خطورتها في مثل هذا الكفاح فهي خاصة بما يجب ان يجتمع في القائد من خصال أدبية تمكنه من ممارسة القيادة على وجهها الصحيح، وذلك بان يقدم على تحمل مسؤولية الاختيار، وعلى الجهر برأيه ولو كان مصادما للشعور السائد في الجماهير، وأن يصبر على الأذى والمكروه في سبيل ما يعتقد انه الحق.

<4>