إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



(تابع) واقعة قبر داود عليه السلام
"ملف وثائق فلسطين من عام 637 إلى عام 1949، وزارة الارشاد القومي، ج 1، ص 29 - 32"

هدم القبة

         فلما كان يوم السبت ثانى شهر رجب توجه شيخ الاسلام النجمى بن جماعة ودقماق النائب وأزيك الخاصكى والقضاة والخاص والعام الى دير صهيون وجلسوا بداخل القبة التى أحدثها النصارى وتكلموا فى أمرها. فتحرر من أمرها ان النصارى أنهوا ان بقرب دير صهيون قبرا يسمى القبر المنسى، وانه يقصد للزيارة وان مرادهم البناء عليه، واثبتوا محضرا ان هذا المكان هو القبر المنسى، فبنوا القبة المذكورة اعتمادا على أن القبر المنسى تحتها.

         فلما جلس العلماء والقضاة للتحرير تبين الامر بخلاف ما أنهوه لمقتضى ان القبر المنسى فى موضع آخر بالقرب من القبة فى حاكورة هناك وأمره مجهول لا يعلم ما هو. وان المدفون به حيث كان مسلما فلا مدخل للنصارى فى البناء عليه وتحرر ان محل القبة المذكورة انما هو المكان الذى نزعم النصارى انه مقام السيدة مريم عليها السلام، وقد بنيت القبة المذكورة على صفة الكنائس وبها هيكل الى جهة الشرق فلما اتضح ذلك أقيمت البينة عند القاضى بدر الدين الحمامى الشافعى ان القبة المذكورة محدثة فى دار الاسلام وان المتولى لبنائها رئيس دير صهيون ورجل آخر من النصارى بسعيهما فى ذلك وحضرا بالمجلس وسألهما القاضى عن ذلك فاعترفا ببنائها وانهما هما المتسببان فى ذلك فألزمها بهدمها ونفذ له بقية القضاة الأربعة ما صدر منه من الالزام بالهدم

         وأما القبر الذى يقال ان به قبر داود عليه السلام فتحرر من أمره انه كان قديما بأيدى النصارى وحصل فيه نزاع كثير من المسلمين فى الزمن السالف من نحو مائة سنة، ورفع أمره الى الملوك السالفة، منهم الملك المؤيد شيخ والاشراف برسباى وغيرهما، وكتبت مراسيم شريفة فى أمره وكثر النزاع فى الزمن السالف بين المسلمين والنصارى بسببه، وكان تارة يأخذه المسلمون وتارة يسترجعه النصارى. ولم يزل أمره فى تخبط الى زمن الملك الظاهر جقمق رحمة الله عليه، فرفع أمره اليه وكان من أمره ما تقدم شرحه فى ترجمته سنة ست وخمسين وثمانمائة، واستقر قبر داود من ذلك التاريخ بأيدى المسلمين بمرسوم الملك الظاهرجقمق وبنى به قبلة الى جهة الكعبة المشرفة، وبالقبو المذكور محراب موجه الى جهة صخرة بيت المقدس وبه صفة قبر يقال انه قبر داود عليه السلام. وولى النظر عليه الشيخ يعقوب الرومى الحنفى عالم الحنفية بالقدس الشريف، وكتب له مربعات حسبة من الملك الاشرف اينال والملك الظاهر خشقدم بمرتب يصرف للمكان المذكور، واستمر بأيدى المسلمين الى عصرنا من غير منازع، وتحرر أمر ذلك على الصفة المذكورة ولم يتبين للنصارى ما يقتضى استحقاقهم له ولا ما يسوغ انتزاعه من المسلمين.

         فعند ذلك جلس شيخ الاسلام والقضاة والاعيان بالقبو المذكور وقرأوا القرآن وذكروا الله تعالى ومدح النبى صلى الله عليه وسلم وكان يوما مشهودا أعز الله فيه

<3>