إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



(تابع) التقرير السياسي الأساسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين
المصدر: "الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1968 ، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 4، ص 653 - 671"

حزيران (يونيو). وانتظرت الجماهير الفلسطينية والعربية منها ان تشق طريقا جديدا لحركة التحرر الوطني الفلسطينية خاصة، والعربية عامة، بدءا من وضع تجربة حركة التحرر الوطني الفلسطينية على امتداد تاريخها الحديث موضع المحاكمة النقدية الصارمة، مرورا بنكبة 48، وهزيمة 67، واستخلاص القوانين، الأساسية منها، وانتهاء بممارسة سياسة وطنية جذرية في كافة مواقفها الفلسطينية وفيما يمس القضية الفلسطينية عربيا ودوليا.

         فهل تحركت قوى المقاومة على هذا الطريق الجديد؟ وهل مثلت وضعا وطنيا جذريا متجاوزا الأوضاع الفلسطينية والعربية التي أعطت حزيران (يونيو)؟

         ان التحليل الملموس لممارسة حركة المقاومة السياسية والمسلحة اليومية، كفيل بتقديم الأجوبة الملموسة، والكشف عن الآفاق الموضوعية والعملية لحركة المقاومة الراهنة.

         في حيز الممارسة اليومية وعلى امتداد الخمسة عشر شهرا التالية على حزيران (يونيو) 67، تمثل الخط السياسي العام لحركة المقاومة بالخطوط الأساسية الآتية:

أولا - في اطار العلاقات العربية:
         طرحت حركة المقاومة بكافة فصائلها شعار "عدم التدخل في الأوضاع العربية"، فكيف ترجمت حركة المقاومة هذا الشعار من الواضح أنه ليس مطلوبا من حركة المقاومة الفلسطينية ان تنوب عن حركة التحرر الوطني في كل قطر عربي، في نضالها لحل معضلات التحرر الوطني والثورة الوطنية الديمقراطية في هذا القطر أو ذاك، لوضع هذه الأقطار على طريق تعبئة وتجنيد كافة الطاقات المادية والبشرية والثقافية ضمن برنامج "الحرب الثورية المسلحة" ضد إسرائيل والامبريالية وكافة القوى العربية المتحالفة مع الاستعمار، والدخول في حرب طويلة الأمد للتفوق على التفوق العلمي والتكني الإسرائيلي - الامبريالي. ان هذه مسألة تخص حركة التحرر الوطني في كل قطر عربي.

         ولكن من الواضح ايضا ان شعار "عدم التدخل في الأوضاع العربية" شعار ذو حدين، فكما انه يعني عدم الإنابة عن حركة التحرر الوطني العربية في حل معضلات التحرر الوطني لبلدانها، فهو يعني، في الوقت ذاته، ان على حركة المقاومة الفلسطينية التدخل بكل ما يمس القضية الفلسطينية في سياسات الأنظمة "والأوضاع العربية"، وإلا تحول هذا الشعار في التحليل الأخير إلى شعار "عدم تدخل حركة المقاومة الفلسطينية في الشؤون الفلسطينية ذاتها". فالقضية الفلسطينية لا يمكن فصلها عن الأوضاع العربية بإرادة ذاتية لهذا الفصيل أو ذاك من فصائل حركة المقاومة، وأية محاولة من هذا القبيل هي عمليه قفز مشبوهة عن حقائق التاريخ الفلسطيني القديم والوسيط والحديث. والتاريخ المعاصر بالتحديد يكشف بوضوح كامل العلاقة الجدلية اليومية بين تطورات القضية الفلسطينية والتطورات العربية وارتباطاتها الدولية، ويكفي للتذكير ان ثورة سنة 36 صفيت بقرار ونداء من الملوك والرؤساء العرب وبموافقة القيادات الفلسطينية الإقطاعية - البورجوازية، وان جملة الأوضاع الفلسطينية والعربية هي التي قررت مصير فلسطين وشعبها سنة 48. كما ان الأوضاع العربية ذاتها هي التي أعطت هزيمة حزيران (يونيو) وأصبحت "فلسطين محتلة من البحر إلى النهر" على يديها.

         وبعد حزيران (يونيو) 67 أخذت الأوضاع العربية - في مواجهة الهجمة الامبريالية الصهيونية - بخط البحث عن "تسوية سياسية للقضية الفلسطينية" عبر قرار مجلس الأمن التصفوي. ويوميا تتأكد العلاقة الجديدة بين "الأوضاع العربية" و"القضية الفلسطينية".

         ان اليمين الرجعي الفلسطيني الذي طرح غداة هزيمة حزيران (يونيو) شعار "عدم التدخل في الأوضاع العربية" فصل، فصلا تعسفيا مشبوها، بين الأوضاع العربية وتطورات القضية الفلسطينية. وهو عندما يحاول التشبه "بالتجربة الجزائرية" ينسى أو يتناسى، الخصائص الذاتية والموضوعية المختلفة جذريا للقضية الفلسطينية وارتباطها اليومي بالتطورات المحيطة بفلسطين، وبالسياسات الامبريالية في الشرق الأوسط. كما ان هذا اليمين الرجعي يقفز، عن سابق تصميم، عن "خصوصية إسرائيل" واختلافها عن كافة الوان الاستعمار القديم والجديد.

         فإسرائيل تمثل رأس جسر وقاعدة للاستعمار القديم

<10>