إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



(تابع) التقرير السياسي الأساسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين
المصدر: "الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1968، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 4، ص 653 - 671"

والجديد في البلاد العربية وفي منطقة الشرق الأوسط، يدعمها الاستعمار ويطلق يدها - طبقا للمخططات الإمبريالية - للإسهام في قمع حركة التحرر الوطني العربية التي تهدد مصالحه الامبريالية في البلاد العربية. وعلى المراقب ان يلاحظ ارتباط "الوعد بتهويد فلسطين" بظاهرة الغزو الاستعماري لفلسطين والبلاد العربية، وعليه ان يراقب دور إسرائيل والصهيونية منذ الهزيمة وحتى الآن في الاستجابة لمخططات الامبريالية الموضوعة للشرق الأوسط لتصفية الأنظمة الوطنية وحركة التحرر الوطني في المنطقة لصالح الثورة المضادة.

         وإسرائيل تمثل مجتمعا ديناميكيا له أطماعه الأرضية التوسعية في المنطقة بالإضافة إلى فلسطين، وهو مجتمع متقدم علميا وتكنيا على بلادنا المتخلفة، مما يضع البلاد العربية موضع أطماعه وأحلامه التوسعية. كما ان الارتباط العضوي بين إسرائيل والامبريالية الاميركية خاصة، يفترض بالضرورة الوطنية والقومية الارتباط العضوي بين حركة التحرر الوطني الفلسطينية والعربية لمجابهة الخطر المشترك، هذا فضلا عن كون فلسطين جزءا من البلاد العربية ومصيرها مرتبط بمصير البلاد العربية.

         مع كل هذا قفز اليمين الرجعي الفلسطيني عن حقائق التاريخ الفلسطيني وطرح شعار "عدم التدخل بالأوضاع العربية" بصيغة مطلقة وترجم هذا الشعار في حيز الممارسة اليومية إلى مؤامرة صمت كاملة على مواقف الأوضاع العربية المتخاذلة تجاه القضية الفلسطينية في المرحلة الراهنة. وبكل مرارة فقد انساقت كافة فصائل المقاومة بما فيها الجبهة الشعبية وراء هذا الشعار الديماغوجي الرجعي والمشبوه وتحول شعار "عدم التدخل بالأوضاع العربية" على يد كافة فصائل حركة المقاومة طيلة الفترة الماضية منذ حزيران (يونيو) وحتى الآن، إلى "عدم التدخل بالمواقف العربية التي تمس القضية الفلسطينية". فلم يقف أي فصيل من فصائل حركة المقاومة حتى الآن وقفة محاكمة نقدية لهزيمة حزيران (يونيو) ومسؤولية الأوضاع العربية في الوصول إلى هذه النتيجة بعد اعداد عشرين عاما من أجل تحرير فلسطين. ولم يقف أي فصيل حتى الآن باسم شعار "عدم التدخل بالأوضاع العربية" ليحاكم علنا، وأمام الجماهير الفلسطينية، كل ما يجري ويتخذ من مواقف عربية تجاه قضية فلسطين وقرار مجلس الأمن. ومن سخريات القدر ان يقف "الحاج أمين الحسيني" الذي باع ثورة سنة 36 ببيان من الملوك والرؤساء العرب لينتقد علنا تصريحات عربية مسؤولة إلى صحيفة لوموند الفرنسية في أيار (مايو) 68 حول قرار مجلس الأمن، بينما تقف حركة المقاومة بكافة فصائلها (بما فيها الجبهة الشعبية) صامتة تجاه هذه التطورات في الوقت الذي تواجه فيه قضية فلسطين بمأزق تاريخي يتهددها بالتصفية.

         وهكذا، وبالوقائع الملموسة، تحول الشعار الديماغوجى "عام التدخل بالأوضاع العربية" الذي طرحه اليمين الرجعي الفلسطيني وانساقت وراءه كل فصائل حركة المقاومة، تحولا موضوعيا وعمليا إلى "عدم التدخل بالشؤون الفلسطينية".

         ان الجبهة الشعبية تقف علنا لتدين "هذا الشعار بالمضامين التي مورس بها طيلة الخمسة عشر شهرا الماضية"، وهي بهذا تدين وتنقد علنا خطأ ممارستها لهذا الشعار وتحذر كافة الفصائل الوطنية الشريفة من حركة المقاومة، من خطر الانسياق وراء مثل هذه الشعارات الديماغوجية على القضية الفلسطينية في المرحلة الراهنة.

         ان حركة المقاومة، ليست مطالبة بأن تنوب عن حركة التحرر الوطني في هذا القطر أو ذاك للنضال من أجل حل معضلات التحرر الوطني والثورة الوطنية الديمقراطية المعادية للاستعمار والصهيونية وكافة القوى العربية المتحالفة مع الامبريالية. ولكن حركة المقاومة مطالبة، يوميا، بأن تضع "موقف الدول العربية والأوضاع العربية من القضية الفلسطينية موضع المحاكمة النقدية الملموسة العلنية أمام الجماهير، كما أنها مطالبة ان تضع مسؤولية الأوضاع العربية تجاه القضية الفلسطينية موضح المحاكمة النقدية العلنية"، وأية عملية صمت تجاه كل ما يمس القضية الفلسطينية لهذه الدولة العربية أو تلك هي مؤامرة صمت على قضية فلسطين ترتكبها حركة المقاومة - بوعي أو بدون وعي فليس هذا هو المهم.

         ان على حركة المقاومة، وبالتحديد على فصائلها الوطنية الشريفة، ان تضع شعار "عدم التدخل بالأوضاع العربية" في موقفه الصحيح "بالتدخل بكل ما يمس قضية فلسطين من طرف الأوضاع

<11>